أكثر من 30 اتفاقية ووعود استثمارية كبرى تكلل «تونس 2020»

توقعات بتعهدات دولية تبلغ 14 مليار دولار.. وسوق الأسهم تستجيب بانتعاشة

المنصة الرئيسية خلال الجلسة الافتتاحية لمؤتمر الاستثمار التونسي أول من أمس (أ.ف.ب)
المنصة الرئيسية خلال الجلسة الافتتاحية لمؤتمر الاستثمار التونسي أول من أمس (أ.ف.ب)
TT

أكثر من 30 اتفاقية ووعود استثمارية كبرى تكلل «تونس 2020»

المنصة الرئيسية خلال الجلسة الافتتاحية لمؤتمر الاستثمار التونسي أول من أمس (أ.ف.ب)
المنصة الرئيسية خلال الجلسة الافتتاحية لمؤتمر الاستثمار التونسي أول من أمس (أ.ف.ب)

تمخض المنتدى الدولي للاستثمار «تونس 2020» الذي أنهى يوم أمس أشغاله في العاصمة التونسية، عن تلقي وعود باستثمارات لا تقل قيمتها عن 15 مليار دينار تونسي (نحو 8 مليارات دولار) في يومه الأول، فيما أبرمت نحو 30 اتفاقية متنوعة على هامش المنتدى، منها 6 اتفاقيات تمويل جديدة قيمتها في حدود 4 مليارات دولار، في اليوم الختامي.
وتتوقع السلطات التونسية أن تبلغ تعهدات مختلف الأطراف الداعمة للانتقال الاقتصادي في تونس على هامش المنتدى ما بين 30 إلى 35 مليار دينار تونسي (12 إلى 14 مليار دولار).
واعتبر روبرتو أزفيدو، المدير العام للمنظمة العالمية للتجارة، أن الاتفاقيات التي أبرمتها تونس خلال هذا المنتدى مهمة للغاية، نظرا لكونها موجهة لتمويل مشروعات حكومية وبخاصة الضخمة منها وذات القدرة التشغيلية العالية، مما سيعود لاحقا على الاقتصاد التونسي باستثمارات أجنبية تجد مناخا مناسبا للاستثمار.
وأبدى أزفيدو، خلال لقاء جمعه برئيس الحكومة التونسية يوسف الشاهد، استعداد المنظمة لدعم الاقتصاد التونسي «في هذه المرحلة التاريخية المهمة»، على حد تعبيره. وفي استجابة مباشرة للمناخ الإيجابي الذي شهدته تونس خلال اليوم الأول للمنتدى، افتتح مؤشر «توننداكس» الخاص ببورصة تونس معاملات أمس (الأربعاء) على ارتفاع بنسبة 0.06 في المائة، وقدر حجم مبادلات بنحو 1.591 مليون دينار تونسي.
ومن بين الاتفاقيات التي أبرمتها الحكومة التونسية على هامش المنتدى، اتفاقيات مع الصندوق السعودي للتنمية قيمتها 800 مليون دولار بشروط ميسرة ولمدة 20 سنة. ومع الصندوق العربي للإنماء الاقتصادي والاجتماعي بمبلغ 1.5 مليار دولار لمدة 30 سنة مع إمهال 7 سنوات.
وبالأمس، أعلن جاكوب كوستر، المدير الإقليمي بالبنك الأفريقي للتنمية، عن اختيار تونس لاحتضان مكتبه الإقليمي لدول المغرب العربي، ومنح الاقتصاد التونسي قرضا ماليا بقيمة 1.5 مليار يورو لمدة خمس سنوات. وكانت تونس تحتضن المقر الرئيسي للبنك الأفريقي للتنمية قبل عودته إلى كوت ديفوار، إثر انتهاء الحرب الأهلية في هذا البلد الأفريقي.
وأكد خميس الجهيناوي، وزير الشؤون الخارجية التونسية، الحرص على تهيئة الأسباب الكفيلة بتنفيذ الاتفاقيات الموقعة خلال هذا المنتدى، من خلال الاتفاق على إرساء آلية متابعة بالتنسيق مع الدول والأطراف الرئيسية الداعمة له، والتي ستجتمع مرتين سنويا، حتى لا تبقى تلك الوعود حبرا على ورق. وقدمت تونس للأطراف المشاركة في المنتدى 142 مشروعا، من بينها 82 مشروعا حكوميا (قطاع عام)، بقيمة 17.731 مليار يورو، وهي تشمل 20 نشاطا اقتصاديا حيويا بالنسبة للقطاع العام الحكومي.
وتطمح تونس من خلال الإصلاحات الاقتصادية التي اتخذتها إلى زيادة حجم الاستثمارات الخارجية بنسبة 80 في المائة في إطار مخطط التنمية الممتد بين 2016 و2020.
ووقعت تونس نحو 30 اتفاقية مع عدد من هياكل التمويل الأوروبية، تضم الاتحاد الأوروبي، والبنك الأوروبي للاستثمار، والبنك الألماني، والبنك الأوروبي لإعادة التعمير والتنمية، والوكالة الفرنسية للتنمية، وبذلك تكون قد نوَّعت من مصادر حصولها على التمويل الخارجي لعدد ضخم من مشروعات التنمية.
وبعد الدعم العربي، وبخاصة الخليجي، الذي ترجم خلال اليوم الأول من المنتدى الدولي للاستثمار في صورة تعهدات مالية بتمويل المشروعات، جاء الدور الأوروبي بعد تقديم وعود صريحة من قبل فرنسا وألمانيا أكبر الاقتصادات الأوروبية بدعم الاقتصاد التونسي.
وبلغت قيمة الهبة المقدمة من الاتحاد الأوروبي نحو 200 مليون يورو، والهبة المقدمة من الوكالة الفرنسية للتنمية 5 مليون يورو، فيما بلغت قيمة القرض من البنك الأوروبي لإعادة التعمير والتنمية 46.5 مليون يورو، وحصلت من البنك الألماني على مبلغ 105 مليون يورو.
ومن المنتظر أن تتمتع تونس بمساعدة من البنك الأوروبي للاستثمار تصل قيمتها إلى 2.5 مليار يورو، بداية من السنة المقبلة وحتى عام 2020.
وجاء في تفاصيل بعض الاتفاقيات الموقعة بين الطرفين أن الاتفاق الأول الذي تبلغ قيمته المالية 123 مليون يورو، يسدد على امتداد 30 سنة، وسيوجه على سبيل المثال نحو إنجاز مشروع جسر بنزرت (شمال تونس) وطريق سريع حضري بطول 9.5 كيلومتر، بما في ذلك جسر على امتداد كيلومترين لعبور البحيرة بنفس المدينة.
وتقضي إحدى الاتفاقيات بتمويل مشروع للحفاظ على جودة المياه في الساحل المتوسطي التونسي للحد من التلوث المنقول عبر المياه. في حين يتعلق اتفاق آخر بتعزيز الشبكة الكهربائية الحالية والسماح بإدماجها في شبكة إنتاج الكهرباء وتطوير الطاقات المتجددة، وتبلغ قيمته 5.46 مليون يورو، وستتمتع به الشركة التونسية للكهرباء والغاز، وهي شركة حكومية.
وفي السياق ذاته، قال فاضل عبد الكافي وزير التنمية والاستثمار والتعاون الدولي، إن لمياء الزريبي وزيرة المالية التونسية، والشاذلي العياري محافظ البنك المركزي التونسي، أجريا مفاوضات مع ممثلي الحكومة القطرية لتأجيل تسديد الوديعة والقرض اللذين قدمتهما لتونس سنتي 2012 و2013.
وحصلت تونس على وديعة من دولة قطر خلال سنة 2012 خصصت لدعم احتياطي البنك المركزي من العملة الأجنبية، وقرض قيمته تفوق مليار دينار تونسي (نحو 500 مليون دولار) تقرر إرجاعه بداية من السنة المقبلة.



من واحة الأحساء إلى المحميات الملكية... نموذج للسياحة المستدامة في السعودية

واحة الأحساء في السعودية (اليونسكو)
واحة الأحساء في السعودية (اليونسكو)
TT

من واحة الأحساء إلى المحميات الملكية... نموذج للسياحة المستدامة في السعودية

واحة الأحساء في السعودية (اليونسكو)
واحة الأحساء في السعودية (اليونسكو)

تعد السياحة المستدامة أحد المحاور الرئيسية في السعودية لتعزيز القطاع بما يتماشى مع «رؤية 2030»، وبفضل تنوعها الجغرافي والثقافي تعمل المملكة على إبراز مقوماتها السياحية بطريقة توازن بين التنمية الاقتصادية والحفاظ على البيئة والتراث.

يأتي «ملتقى السياحة السعودي 2025» بنسخته الثالثة، الذي أُقيم في العاصمة الرياض من 7 إلى 9 يناير (كانون الثاني) الجاري، كمنصة لتسليط الضوء على الجهود الوطنية في هذا المجال، وتعزيز تعاون القطاع الخاص، وجذب المستثمرين والسياح لتطوير القطاع.

وقد أتاح الملتقى الفرصة لإبراز ما تتمتع به مناطق المملكة كافة، وترويج السياحة الثقافية والبيئية، وجذب المستثمرين، وتعزيز التوازن بين العوائد الاقتصادية من السياحة والحفاظ على المناطق الثقافية والتاريخية، وحماية التنوع البيئي.

وعلى سبيل المثال، تعد الأحساء، المدرجة ضمن قائمة التراث العالمي لـ«اليونسكو»، ببساتين النخيل وينابيع المياه والتقاليد العريقة التي تعود لآلاف السنين، نموذجاً للسياحة الثقافية والطبيعية.

أما المحميات الطبيعية التي تشكل 16 في المائة من مساحة المملكة، فتُجسد رؤية المملكة في حماية الموارد الطبيعية وتحقيق التوازن بين التنمية الاقتصادية والحفاظ على البيئة.

جانب من «محمية الإمام عبد العزيز بن محمد» (واس)

«محمية الإمام عبد العزيز بن محمد»

في هذا السياق، أكد رئيس إدارة السياحة البيئية في «محمية الإمام عبد العزيز بن محمد»، المهندس عبد الرحمن فلمبان، في تصريح لـ«الشرق الأوسط»، أهمية منظومة المحميات الملكية التي تمثل حالياً 16 في المائة من مساحة المملكة، والتي تم إطلاقها بموجب أمر ملكي في عام 2018، مع تفعيل إطارها التنظيمي في 2021.

وتحدث فلمبان عن أهداف الهيئة الاستراتيجية التي ترتبط بـ«رؤية 2030»، بما في ذلك الحفاظ على الطبيعة وإعادة تنميتها من خلال إطلاق الحيوانات المهددة بالانقراض مثل المها العربي وغزال الريم، بالإضافة إلى دعم التنمية المجتمعية وتعزيز القاعدة الاقتصادية للمجتمعات المحلية عبر توفير وظائف التدريب وغيرها. ولفت إلى الدور الكبير الذي تلعبه السياحة البيئية في تحقيق هذه الأهداف، حيث تسعى الهيئة إلى تحسين تجربة الزوار من خلال تقليل التأثيرات السلبية على البيئة.

وأضاف أن المحمية تحتضن 14 مقدم خدمات من القطاع الخاص، يوفرون أكثر من 130 نوعاً من الأنشطة السياحية البيئية، مثل التخييم ورياضات المشي الجبلي وركوب الدراجات. وأشار إلى أن الموسم السياحي الذي يمتد من نوفمبر (تشرين الثاني) إلى مايو (أيار) يستقطب أكثر من نصف مليون زائر سنوياً.

وفيما يخص الأهداف المستقبلية، أشار فلمبان إلى أن «محمية الإمام عبد العزيز بن محمد» تستهدف جذب مليون زائر سنوياً بحلول 2030، وذلك ضمن رؤية المحميات الملكية التي تستهدف 2.3 مليون زائر سنوياً بحلول العام نفسه. وأضاف أن الهيئة تسعى لتحقيق التوازن البيئي من خلال دراسة آثار الأنشطة السياحية وتطبيق حلول مبتكرة للحفاظ على البيئة.

أما فيما يخص أهداف عام 2025، فأشار إلى أن المحمية تهدف إلى استقطاب 150 ألف زائر في نطاق المحميتين، بالإضافة إلى تفعيل أكثر من 300 وحدة تخييم بيئية، و9 أنواع من الأنشطة المتعلقة بالحياة الفطرية. كما تستهدف إطلاق عدد من الكائنات المهددة بالانقراض، وفقاً للقائمة الحمراء للاتحاد الدولي لشؤون الطبيعة.

هيئة تطوير الأحساء

بدوره، سلّط مدير قطاع السياحة والثقافة في هيئة تطوير الأحساء، عمر الملحم، الضوء لـ«الشرق الأوسط» على جهود وزارة السياحة بالتعاون مع هيئة السياحة في وضع خطط استراتيجية لبناء منظومة سياحية متكاملة. وأكد أن الأحساء تتمتع بميزة تنافسية بفضل تنوعها الجغرافي والطبيعي، بالإضافة إلى تنوع الأنشطة التي تقدمها على مدار العام، بدءاً من الأنشطة البحرية في فصل الصيف، وصولاً إلى الرحلات الصحراوية في الشتاء.

وأشار الملحم إلى أن إدراج الأحساء ضمن قائمة التراث الإنساني العالمي التابعة لـ«اليونسكو» يعزز من جاذبيتها العالمية، مما يُسهم في جذب السياح الأجانب إلى المواقع التاريخية والثقافية.

ورحَّب الملحم بجميع الشركات السعودية المتخصصة في السياحة التي تسعى إلى تنظيم جولات سياحية في الأحساء، مؤكداً أن الهيئة تستهدف جذب أكبر عدد من الشركات في هذا المجال.

كما أعلن عن قرب إطلاق أول مشروع لشركة «دان» في المملكة، التابعة لـ«صندوق الاستثمارات العامة»، والذي يتضمن نُزُلاً ريفية توفر تجربة بيئية وزراعية فريدة، حيث يمكنهم ليس فقط زيارة المزارع بل العيش فيها أيضاً.

وأشار إلى أن الأحساء منطقة يمتد تاريخها لأكثر من 6000 عام، وتضم بيوتاً وطرقاً تاريخية قديمة، إضافةً إلى وجود المزارع على طرق الوجهات السياحية، التي يصعب المساس بها تماشياً مع السياحة المستدامة.

يُذكر أنه يجمع بين الأحساء والمحميات الطبيعية هدف مشترك يتمثل في الحفاظ على الموارد الطبيعية والثقافية، مع تعزيز السياحة المستدامة بوصفها وسيلة لتحقيق التنمية الاقتصادية والاجتماعية. وكلاهما تمثل رمزاً للتوازن بين الماضي والحاضر، وتبرزان جهود المملكة في تقديم تجربة سياحية مسؤولة تُحافظ على التراث والبيئة.