التوتر في شبه القارة الهندية.. ينتقل من النووي إلى المياه

سلاح استراتيجي بيد الهند.. وباكستان تعتبر المحاولات بمثابة إعلان حرب

نهر رافي أحد الأنهر التي تمر من الهند وباكستان (غيتي)
نهر رافي أحد الأنهر التي تمر من الهند وباكستان (غيتي)
TT

التوتر في شبه القارة الهندية.. ينتقل من النووي إلى المياه

نهر رافي أحد الأنهر التي تمر من الهند وباكستان (غيتي)
نهر رافي أحد الأنهر التي تمر من الهند وباكستان (غيتي)

على ما يبدو، تتحرك دائرة العداء القائم بين الخصمين النوويين؛ الهند وباكستان، نحو الاتساع، لتتجاوز الخصومة العسكرية إلى التنافس على المياه. كان رئيس الوزراء الهندي، ناريندرا مودي، قد أثار المخاوف أخيرًا بحديثه عن أنه سيحول دون وصول «كل قطرة» من مياه نهر السند إلى باكستان، مما يعني إعادة النظر في معاهدة تنظيم التشارك في مياه نهر السند. وللمرة الأولى في تاريخها، اتخذت نيودلهي قرارًا باستكشاف مدى إمكانية استغلال مياه النهر سلاحًا استراتيجيًا في مواجهة إسلام آباد.
وفي تطور حديث، نظر إليه الكثيرون باعتباره مصدر تهديد لمعاهدة تنظيم التشارك بمياه نهر السند المبرمة عام 1960، أرجأت الهند اجتماع المفوضين المعنيين بمياه النهر، معللة ذلك برغبتها في مراجعة بنود الاتفاق. جدير بالذكر أن هذه الاجتماعات تجري بانتظام، حيث تجري مناقشة الشكاوى لدى كل دولة إزاء استغلال مياه النهر.
من ناحيتها، حذرت باكستان من أن مثل هذه المحاولات ستكون بمثابة إعلان حرب. وتخشى إسلام آباد من إمكانية إقدام نيودلهي على منعها من الحصول على مياه من نهر السند.
يذكر أن الدولتين تربطهما معاهدة تنظيم التشارك في مياه نهر السند، البالغ عمرها 56 عامًا، التي تضرب بجذورها في تاريخ تقسيم ما كان يعرف بالهند البريطانية. وقد انفصلت باكستان عن الهند عام 1947، باعتبارها أول جمهورية إسلامية بالمنطقة خلال حقبة ما بعد الاستعمار.
وردًا على الخطوة الهندية الأخيرة، لجأت باكستان إلى مجلس الأمن. وطلبت مليحة لودهي، المندوب الدائم لباكستان لدى الأمم المتحدة، من المجتمع الدولي، البقاء يقظًا تجاه أي مؤشرات قد تنبئ عن نية الهند الامتناع عن التشارك في مياه النهر.
في المقابل، بعثت الهند برسالة قوية مفادها أن الأمر لن تجري مناقشته داخل الأمم المتحدة، وإنما يجري التعامل معه تبعًا لآلية متفق عليها تتمثل في معاهدة تنظيم التشارك في مياه النهر.
وبالتزامن مع ذلك، تقدمت باكستان بطلب تحكيم قانوني ضد الهند، وهي ليست المرة الأولى التي تشرع باكستان في مثل هذه الإجراءات ضد جارتها. ومع هذا، تبقى هذه واحدة من الخطوات الأكثر إثارة للجدل في خضم علاقة طويلة ومحتدمة بين الجارتين حول موارد المياه. والواضح أن السعي لاستدعاء الوساطة الدولية يشكل عنصرًا في استراتيجية «حرب المياه» في مواجهة الهند.
تبعًا للمعاهدة الموقعة من البلدين، فإن أي خلافات تنشأ بين الأطراف الموقعة حول تفسير بنود المعاهدة تمكن تسويتها عبر واحدة من 3 سبل، وذلك من خلال تسوية جميع القضايا العالقة من جانب لجنة السند الدائمة، أو تسوية الخلافات باللجوء إلى خبير مستقل، أو بعرض الخلافات على محكمة التحكيم الدائمة في لاهاي.

معاهدة تنظيم التشارك بمياه نهر السند
كان البنك الدولي قد اضطلع بدور الوساطة في معاهدة تنظيم التشارك بمياه النهر، التي تتولى تنظيم كيفية تقسيم مياه النهر واستغلال روافده. وبجانب الهند وباكستان، يتشارك أيضًا في نهر السند البالغ حجمه 1.12 مليون كيلومتر مربع، أفغانستان والصين، وإن كان الجزء الأكبر من النهر يمر بالأراضي الهندية والباكستانية. وتعتمد باكستان بصورة شبه كاملة على مياه النهر لسد احتياجاتها. وتنص المعاهدة على تخصيص مياه 3 أنهار شرقية مرتبطة بنهر السند، وهي بيز ورافي وسوتليج، إلى الهند، بينما مياه 3 أنهار غربية، هي السند وتشيناب وجهلوم، توضع تحت سيطرة باكستان، وتقتصر قدرة الهند على استغلال مياه الأنهار الثلاثة الغربية، التي تتدفق عبر منطقتي جامو وكشمير المتنازع حولهما، على 20 في المائة.
يذكر أنه في سبتمبر (أيلول)، لجأت باكستان إلى البنك الدولي في خضم تهديدات هندية بإلغاء المعاهدة. والتقى النائب العام الباكستاني، أشتار أوساف علي، مسؤولين رفيعي المستوى من البنك الدولي، وسعوا إلى إنشاء محكمة تحكيم، مما يشكل الخطوة المنطقية التالية في إجراءات تسوية الخلافات المنصوص عليها في المعاهدة. وبمقدور خبير محايد أيضًا تحديد ما إذا كانت هناك قضايا خلافية تتجاوز الخلافات الفنية أم لا.
في إطار المعاهدة، يضطلع البنك الدولي بدور مهم في إنشاء محكمة تحكيم عبر تيسير عملية تعيين 3 قضاة. والمعروف أنه يوجد بصورة إجمالية 7 قضاة في محكمة التحكيم تعين كل دولة اثنين من المحكمين، بينما يتولى البنك الدولي تعيين الثلاثة الباقين.
من جهته، حث البنك كلاً من الهند وباكستان على الموافقة على اضطلاعه بدور الوساطة، في أعقاب إعلان الأولى أنها ستقاطع.
وحتى يومنا هذا، لا تزال الجارتان عالقتين في معارك قانونية في الوقت الذي يجري فيه بناء مزيد من السدود ومشروعات الطاقة داخل المنطقة الخاضعة للسيطرة الهندية من إقليم كشمير. داخل كشمير ذاتها، يطالب سياسيون وجماعات من مختلف أطياف المجتمع المدني بمراجعة المعاهدة، التي اتهموها بتقويض اقتصاد المنطقة.
من ناحيتها، تعتمد باكستان بشدة على الأنهار الغربية الثلاثة، خصوصًا السند الذي يسد قرابة 90 في المائة من احتياجات القطاع الزراعي بالبلاد للمياه. وحال توقف إمدادات المياه المقبلة من نهر السند إلى باكستان أو انخفاضها، فإن تداعيات ذلك على البلاد قد تكون كارثية. وعليه، فإن استغلال المياه سلاحًا قد يسفر عن مزيد من الأضرار بالنسبة للجانب الباكستاني عن كثير من الأنماط الأخرى من الحروب.
في هذا الصدد، قال براهما تشيلاني، مؤلف كتابي «المياه والسلام والحرب: مواجهة أزمة المياه العالمية»، و«المياه: ميدان القتال الجديد في آسيا»، الذي حصد جائزة برنارد شوورتز: «تعد هذه المعاهدة واحدة من أنجح اتفاقيات التشارك بالمياه على مستوى العالم، ذلك أنها حالت دون اندلاع صراع عنيف بين الهند وباكستان على مدار أكثر من 50 عامًا. وقد صمدت المعاهدة عبر سنوات تطبيقها لتقلبات كثيرة في العلاقات الهندية - الباكستانية، بما في ذلك 3 حروب، بجانب اشتباكات خفيفة. ومع هذا، هناك إجماع متزايد حول ضرورة تعديل المعاهدة، بحيث تستوعب قضايا جديدة مثل المياه الجوفية والتغييرات المناخية».
واستطرد موضحًا أنه رغم أن دور الوساطة في المعاهدة كان من نصيب البنك الدولي، فإن الولايات المتحدة هي من اضطلع بالدور الأكبر في خروجها إلى النور، بل ويرى أن استمرار المعاهدة عبر الحروب والأزمات الأخرى قد يشكل قصة النجاح الأميركية الحقيقية الوحيدة في جنوب آسيا، وستعمل واشنطن جاهدة على بذل كل ما بوسعها لدفع نيودلهي وإسلام آباد نحو العمل على الحيلولة دون انهيارها. من ناحية أخرى، أعرب الخبير المعني بشؤون المياه، أشوك سوين، عن اعتقاده أن إلغاء المعاهدة سيثير موجة تنديد دولية ضد الهند، بجانب احتمالات أن يقف البنك الدولي بكل ثقله وراء أي إجراء قانوني تتخذه باكستان ضد الهند. علاوة على ذلك، فإن تقليص الهند لتدفق النهر باتجاه باكستان من شأنه تراكم كميات ضخمة من المياه بشمال الهند، وهو خطوة خطيرة قد تسبب سيولاً بمدن كبرى في كشمير والبنجاب.
وبالنظر إلى هذه المخاطرة، اقترح بعض المحللين إقدام الهند على إجراء أقل راديكالية، ومن الأفضل أن يحمل صبغة قانونية للضغط على إسلام آباد؛ بناء سدود على الأنهار الغربية بحوض نهر السند.
المثير أن اثنين من الأنهار الستة الواقعة في حوض النهر، وهي السند وسوتليج، ينبعان من التبت. وفي سؤال لهم حول رد الفعل المحتمل لبكين حيال الإجراءات التي قد تتخذها نيودلهي، اكتفى مسؤولون هنود بتوضيح أن الصين غير موقعة على معاهدة تنظيم التشارك في مياه السند. إلا أن ثمة تقارير وردت بوسائل الإعلام الهندية أشارت إلى أن مسؤولين صينيين حذروا الجانب الهندي من أن أي هجوم ضد المعاهدة سيخلف تداعيات على الهند أيضًا. يذكر أن الصين تعكف حاليًا على بناء الممر الاقتصادي الصيني - الباكستاني، للوصول إلى ميناء غوادر، بحيث تتمكن من الوصول إلى البحر العربي مباشرة.



اتهام لرجل عرض علم «حزب الله» خلال مظاهرة مؤيدة لفلسطين

عناصر من «كتائب حزب الله» العراقية خلال مشاركتها في إحدى الفعاليات (أرشيفية - الشرق الأوسط)
عناصر من «كتائب حزب الله» العراقية خلال مشاركتها في إحدى الفعاليات (أرشيفية - الشرق الأوسط)
TT

اتهام لرجل عرض علم «حزب الله» خلال مظاهرة مؤيدة لفلسطين

عناصر من «كتائب حزب الله» العراقية خلال مشاركتها في إحدى الفعاليات (أرشيفية - الشرق الأوسط)
عناصر من «كتائب حزب الله» العراقية خلال مشاركتها في إحدى الفعاليات (أرشيفية - الشرق الأوسط)

وجهت الشرطة الفيدرالية الأسترالية اتهاماً لرجل يبلغ من العمر 36 عاماً بعرض رمز منظمة مصنفة «إرهابية» علناً، وذلك خلال مظاهرة في منطقة الأعمال المركزية بمدينة ملبورن في سبتمبر (أيلول) الماضي.

الرجل، المقيم في منطقة فيرنتري غولي، سيمثل أمام محكمة ملبورن الابتدائية في 6 مارس (آذار) المقبل؛ حيث يواجه عقوبة قد تصل إلى 12 شهراً من السجن إذا ثبتت إدانته، وفقاً لصحيفة «الغارديان».

جاءت المظاهرة ضمن فعاليات يوم وطني للعمل من أجل قطاع غزة، الذي نظمته شبكة الدعوة الفلسطينية الأسترالية في 29 سبتمبر الماضي، وشهد تنظيم مسيرات مماثلة في مختلف أنحاء البلاد احتجاجاً على التصعيد المتزايد للعنف في الشرق الأوسط.

وأطلقت الشرطة الفيدرالية الأسترالية بولاية فيكتوريا عملية تحقيق تحت اسم «أردفارنا»، عقب احتجاج ملبورن؛ حيث تلقت 9 شكاوى تتعلق بعرض رموز محظورة خلال المظاهرة.

ووفقاً للشرطة، تم التحقيق مع 13 شخصاً آخرين، مع توقع توجيه اتهامات إضافية قريباً. وصرح نيك ريد، قائد مكافحة الإرهاب، بأن أكثر من 1100 ساعة قُضيت في التحقيق، شملت مراجعة أدلة من كاميرات المراقبة وكاميرات الشرطة المحمولة، إضافة إلى مصادرة هواتف محمولة وقطعة ملابس تحتوي على رمز المنظمة المحظورة.

تأتي هذه الإجراءات بعد قرار الحكومة الفيدرالية الأسترالية في ديسمبر (كانون الأول) 2021 بتصنيف «حزب الله» منظمة إرهابية، ومع التشريعات الفيدرالية الجديدة التي دخلت حيز التنفيذ في يناير (كانون الثاني) 2024، التي تحظر عرض رموز النازيين وبعض المنظمات.

وقالت نائبة مفوض الأمن القومي، كريسي باريت، إن الادعاء يحتاج إلى إثبات أن الرمز المعروض مرتبط بمنظمة إرهابية وأنه قد يحرض على العنف أو الترهيب.

المظاهرة، التي استمرت في معظمها سلمية، جاءت بعد إعلان مقتل قائد «حزب الله» حسن نصر الله في غارة جوية إسرائيلية، وهو ما اعتبره العديد تصعيداً كبيراً في الصراع المستمر في الشرق الأوسط.

وفي وقت لاحق، نُظمت مظاهرات أخرى في سيدني وملبورن وبريزبين، وسط تحذيرات للمتظاهرين بعدم عرض رموز محظورة.