انتقادات واسعة في اليمن لـ {حكومة} الانقلاب وولد الشيخ اعتبرها «عقبة أمام السلام»

الرئاسة تتهم المتمردين بتقويض الحوار.. وتدعو المجتمع الدولي لوضع حد لسياساتهم

يمني يحمل صورة للرئيس هادي خلال مسيرة مؤيدة للشرعية في عدن مطلع الشهر الحالي (غيتي)
يمني يحمل صورة للرئيس هادي خلال مسيرة مؤيدة للشرعية في عدن مطلع الشهر الحالي (غيتي)
TT

انتقادات واسعة في اليمن لـ {حكومة} الانقلاب وولد الشيخ اعتبرها «عقبة أمام السلام»

يمني يحمل صورة للرئيس هادي خلال مسيرة مؤيدة للشرعية في عدن مطلع الشهر الحالي (غيتي)
يمني يحمل صورة للرئيس هادي خلال مسيرة مؤيدة للشرعية في عدن مطلع الشهر الحالي (غيتي)

بينما اتهمت الرئاسة اليمنية أمس المتمردين الانقلابيين بتقويض أي فرصة للسلام في البلاد، إثر إعلانهم بشكل أحادي تشكيل ما سموه «حكومة إنقاذ وطني» في العاصمة صنعاء التي يسيطرون عليها منذ عامين، قال المبعوث الأممي لليمن إسماعيل ولد الشيخ إن تشكيل الحوثيين مع حلفائهم حكومة جديدة لا يساعد البلاد ويعد عقبة مثيرة للقلق أمام عملية السلام.
وقالت الرئاسة اليمنية في بيان نقلته وكالة الأنباء الرسمية «سبأ» إن «الخطوات التي أقدمت عليها ميليشيات الحوثي وصالح بإعلان ما سموه حكومة في صنعاء هو تأكيد جديد لشعبنا وللعالم بأن هذه القوى تعزز نهجها الانقلابي، وتدمر وتنهي أي خطوة ممكنة للحوار والسلام وتؤكد حقيقة أن هذه الميليشيات تضرب أي مسعى للسلم والاستقرار». وأوضحت الرئاسة أن «الانقلابيين ضربوا مساعي السلم والاستقرار، معلنين استمرارهم في نشر الفوضى والخراب ورعاية الإرهاب والسعي لتمزيق الوطن». واعتبرت أن الانقلابيين «جبلوا على صنع الدمار وتمزيق المجتمع وإشعال الحروب»، مشيرة إلى خطوة إعلانهم تشكيل حكومة في صنعاء تؤكد «زيف تعاطيهم مع دعوات الحل السلمي؛ إذ طالما تعاملوا مع كل مبادرات المجتمع الدولي باستخفاف واضح وكذب مستمر».
وكان «المجلس السياسي الأعلى» الذي شكله الانقلابيون في وقت سابق من العام الحالي، قد أعلن أول من أمس عن تشكيل ما سماه حكومة «إنقاذ وطني» برئاسة عبد العزيز بن حبتور، محافظ عدن السابق، وتضم 24 «وزيرًا». وجاء إعلان تشكيل هذه «الحكومة» تزامنًا مع الجولات المكوكية للمبعوث الأممي إسماعيل ولد الشيخ للمنطقة، ومحاولاتهم إقناع طرفي النزاع بالعودة إلى طاولة المفاوضات. وكان ولد الشيخ قد أعلن قبل يومين عزمه التوجه إلى عدن للقاء الرئيس هادي.
واتهمت الرئاسة اليمنية أطرافًا في المجتمع الدولي بتشجيع الحوثيين وصالح على خطوة تشكيل «حكومتهم». وقال بيان الرئاسة اليمنية: «لقد دعونا المجتمع الدولي ليتحمل مسؤولياته في تنفيذ قرارات الشرعية الدولية؛ كونها الخريطة الأسلم لعودة الاستقرار إلى اليمن، والذي لن يكون راسخًا إلا بزوال الانقلاب نهائيًا، وللأسف فإن التراخي والخطوات المتساهلة من قبل المجتمع الدولي قد أغرت الميليشيات الانقلابية وصوّرت لهم كأن هناك قبولاً دوليًا للانقلاب دفعهم لمزيد من الخطوات الانقلابية». وأشار البيان إلى أن تلك الخطوة تؤكد استمرار الحوثيين في عملية الانقلاب ونشر الفوضى. وأكد البيان ضرورة تكاتف الجهود الإقليمية والدولية لإنهاء الانقلاب بجدية أكبر، وتنفيذ قرارات الشرعية الدولية بشكل فاعل، وذلك عبر ترسيخ مؤسسات الدولة الشرعية، وإنهاء كل مظاهر الانقلاب.
وتعليقًا على تشكيل «حكومة» الانقلاب في صنعاء، قال المبعوث الأممي لليمن ولد الشيخ، في بيان إن إعلان جماعة أنصار الله (الحوثية) وحزب المؤتمر الشعبي العام عن تشكيل حكومة جديدة في صنعاء يمثل عقبة جديدة ومثيرة للقلق أمام عملية السلام ولا يخدم مصالح الشعب اليمني في هذه الأوقات الصعبة.
من جانبه، وصف نائب رئيس الوزراء وزير الخارجية اليمني عبد الملك المخلافي، الحكومة المعلن عنها من قبل الانقلابيين بـ«المولود الميت لعصابات تستهتر بالسلام والقرارات الأممية وجهود المجتمع الدولي من أجل إعادة الأمن والاستقرار». وطالب المخلافي في تغريدة له على «تويتر» مجلس التعاون الخليجي والجامعة العربية ومنظمة التعاون الإسلامي والأمم المتحدة ومجموعة الـ18 الراعية للسلام في اليمن، إلى إدانة هذا «الإجراء الانقلابي الجديد لميليشيات الحوثي وصالح».
بدوره، قال نائب وزير حقوق الإنسان اليمني، محمد عسكر، إن إعلان الانقلابيين عن حكومتهم يمثل تدشينا للموجة الثانية من الانقلاب في البلاد. وأضاف لـ«الشرق الأوسط» أن الانقلابيين «بإعلانهم عن حكومة، فإنهم يخطون خطوة أحادية الجانب، ضاربين عرض الحائط كل قرارات مجلس الأمن الدولي وخصوصًا القرار 2216، سعيًا منهم نحو شرعنة انقلابهم واغتصابهم للسلطة، وإفشالاً لجهود المبعوث الأممي الذي كلما اقترب بجهوده ذراعا للسلام ابتعد الانقلابيون بخطواتهم أحادية الجانب - ميلاً عنه». وطالب عسكر المجتمع الدولي بأن يضع حدًا لتصرفات الانقلابيين تجاه الجهود التي يبذلها المبعوث الأممي؛ و«إلا فإن الأزمة الإنسانية ستزداد سواء، ومساحة الفقر وانعدام الأمن الغذائي ستبلغ مستويات كارثية».
وكانت لخطوة إعلان تشكيل حكومة للانقلابيين ردود فعل واسعة على مواقع التواصل ولدى الرأي العام اليمني. وتفاوتت ردود فعل اليمنيين إزاء الخطوة بين السخرية من جهة ومطالبة السلطة الشرعية بوقف المشاورات التي ترعاها الأمم المتحدة، والتركيز على حسم المعركة عسكريًا من جهة أخرى. وقال يمنيون على مواقع التواصل إن الميليشيات الانقلابية لا تعرف إلا منطق القوة والحسم العسكري.
وأطلق بعض اليمنيين الكثير من النكات والطرائف السياسية على وزراء حكومة الانقلاب، بينها أن «وزير» الشباب والرياضة القيادي الحوثي حسن زيد ليست له أي خلفية في الرياضة. كما سخر بعضهم من تخصيص وزارة لشؤون مخرجات الحوار الوطني، وهي المقررات التي انقلب عليها الحوثي وصالح. ورأى آخرون أن حكومة الانقلابيين تضم وزارات «نفط ومالية وكهرباء ومياه وخارجية ودفاع ومغتربين ونقل»، بينما لا توجد للحكومة حقول نفط، أو بنك مركزي، أو كهرباء، ولا سفارة ولا طائرات أو مطارات.



حملة ابتزاز حوثية تستهدف كسارات وناقلات الحجارة

كسارة حجار أغلقها الحوثيون في إحدى مناطق سيطرتهم (فيسبوك)
كسارة حجار أغلقها الحوثيون في إحدى مناطق سيطرتهم (فيسبوك)
TT

حملة ابتزاز حوثية تستهدف كسارات وناقلات الحجارة

كسارة حجار أغلقها الحوثيون في إحدى مناطق سيطرتهم (فيسبوك)
كسارة حجار أغلقها الحوثيون في إحدى مناطق سيطرتهم (فيسبوك)

فرضت الجماعة الحوثية خلال الأيام الماضية إتاوات جديدة على مُلاك مناجم الحجارة وسائقي ناقلات الحصى المستخدم في الخرسانة المسلحة في العاصمة المختطفة صنعاء ومدن أخرى؛ ما تَسَبَّبَ أخيراً في ارتفاع أسعارها، وإلحاق أضرار في قطاع البناء والتشييد، وزيادة الأعباء على السكان.

وذكرت مصادر محلية في صنعاء لـ«الشرق الأوسط»، أن قيادات حوثية تُدير شؤون هيئة المساحة الجيولوجية والثروات المعدنية الخاضعة لسيطرة الجماعة، فرضت زيادة سعرية مفاجئة على ناقلات الحصى تتراوح ما بين 300 و330 دولاراً (ما بين 160 ألفاً و175 ألف ريال) لكل ناقلة.

ووصل إجمالي السعر الذي يُضطر مُلاك مناجم الحجارة وسائقو الناقلات إلى دفعه للجماعة إلى نحو 700 دولار (375 ألف ريال)، بعد أن كان يقدر سعرها سابقاً بنحو 375 دولاراً (200 ألف ريال)، حيث تفرض الجماعة سعراً ثابتاً للدولار بـ 530 ريالاً.

مالكو الكسارات في مناطق سيطرة الجماعة الحوثية يشتكون من الابتزاز والإتاوات (فيسبوك)

وتذهب الزيادة المفروضة، وفقاً للمصادر، لمصلحة أحد المشرفين الحوثيين، الذي يُكنى بـ«الجمل»، ويواصل منذ أيام شن مزيد من الحملات التعسفية ضد مُلاك كسارات وسائقي ناقلات بصنعاء وضواحيها، لإرغامهم تحت الضغط والترهيب على الالتزام بتعليمات الجماعة، وتسديد ما تقره عليهم من إتاوات.

واشتكى مُلاك كسارات وسائقو ناقلات في صنعاء لـ«الشرق الأوسط»، من حملات الابتزاز الحوثي لفرض الزيادة المفاجئة في أسعار بيع ونقل الخرسانة المستخدمة في البناء والتشييد، ما يزيد من أعبائهم ومعاناتهم.

وقال بعضهم إن الجماعة لم تكتفِ بذلك، لكنها فرضت إتاوات أخرى عليهم تحت أسماء متعددة منها تمويل تنظيم الفعاليات بما تسمى ذكرى قتلاها في الحرب، ورسوم نظافة وتنمية مجتمعية وأجور مشرفين في الجماعة بذريعة تنفيذ الرقابة والمتابعة والإشراف على السلامة البيئية.

وتحدث مالك كسارة، اشترط إخفاء اسمه، عن لجوئه وآخرين يعملون في ذلك القطاع، لتقديم عدة شكاوى لسلطة الانقلاب للمطالبة بوقف الإجراءات التعسفية المفروضة عليهم، لكن دون جدوى، وعدّ ذلك الاستهداف لهم ضمن مخطط حوثي تم الإعداد له مسبقاً.

الإتاوات الجديدة على الكسارة وناقلات الحصى تهدد بإلحاق أضرار جديدة بقطاع البناء (فيسبوك)

ويتهم مالك الكسارة، المشرف الحوثي (الجمل) بمواصلة ابتزازهم وتهديدهم بالتعسف والإغلاق، عبر إرسال عناصره برفقة سيارات محملة بالمسلحين لإجبارهم بالقوة على القبول بالتسعيرة الجديدة، كاشفاً عن تعرُّض عدد من سائقي الناقلات خلال الأيام الماضية للاختطاف، وإغلاق نحو 6 كسارات لإنتاج الحصى في صنعاء وضواحيها.

ويطالب مُلاك الكسارات الجهات الحقوقية المحلية والدولية بالتدخل لوقف التعسف الحوثي المفروض على العاملين بذلك القطاع الحيوي والذي يهدد بالقضاء على ما تبقى من قطاع البناء والتشييد الذي يحتضن عشرات الآلاف من العمال اليمنيين.

وسبق للجماعة الحوثية، أواخر العام قبل الفائت، فتح مكاتب جديدة تتبع هيئة المساحة الجيولوجية والثروات المعدنية الخاضعة لها، في أغلبية مناطق سيطرتها بغية التضييق على مُلاك الكسارات وسائقي ناقلات الحصى، ونهب أموالهم.

وأغلقت الجماعة الحوثية عبر حملة استهداف سابقة نحو 40 كسارة في محافظات صنعاء وعمران وحجة وإب والحديدة وذمار، بحجة مخالفة قانون المناجم، رغم أنها كانت تعمل منذ عقود وفق القوانين واللوائح المنظِّمة لهذا القطاع.

إتاوات جديدة فرضتها الجماعة الحوثية على ناقلات الحصى المستخدم في الخرسانة المسلحة (فيسبوك)

وسبق أن فرضت الجماعة في ديسمبر (كانون الأول) من العام قبل الماضي، على مُلاك المناجم في صنعاء وبقية المناطق رسوماً تقدر بـ 17 دولاراً (8900 ريال) على المتر الواحد المستخرج من الحصى، والذي كان يباع سابقاً بـ5 دولارات ونصف الدولار (2900 ريال) فقط.

وتفيد المعلومات بإقدامها، أخيراً، على مضاعفة الرسوم المفروضة على سائقي ناقلات الحصى، إذ ارتفعت قيمة الرسوم على الناقلة بحجم 16 متراً، من 181 دولاراً (64 ألف ريال)، إلى 240 دولاراً (128 ألف ريال)، في حين ارتفع سعر الحمولة ليصل إلى 750 دولاراً، (400 ألف ريال).