أزمة السكن في ألمانيا تدفع إلى رواج «البيوت المتحركة»

الشباب والعاملون أكثر قاطني العائمات والحاويات

خلال السنوات العشر الأخيرة تمكن فقط واحد من بين كل ثلاثة أشخاص من تحقيق حلمه وامتلاك شقة أو بيت
خلال السنوات العشر الأخيرة تمكن فقط واحد من بين كل ثلاثة أشخاص من تحقيق حلمه وامتلاك شقة أو بيت
TT

أزمة السكن في ألمانيا تدفع إلى رواج «البيوت المتحركة»

خلال السنوات العشر الأخيرة تمكن فقط واحد من بين كل ثلاثة أشخاص من تحقيق حلمه وامتلاك شقة أو بيت
خلال السنوات العشر الأخيرة تمكن فقط واحد من بين كل ثلاثة أشخاص من تحقيق حلمه وامتلاك شقة أو بيت

على الرغم من إدراج ألمانيا على لائحة البلدان الأغنى في العالم، فإن نسبة مالكي البيوت من السكان قليلة مقارنة مع إيطاليا الأقل غنى على سبيل المثال أو بعض البلدان الاسكندنافية، وتحتل ألمانيا حاليا المرتبة الخامسة في ذلك الشأن على المستوى الأوروبي.
فخلال السنوات العشر الأخيرة، تمكن فقط كل واحد من بين كل ثلاثة أشخاص من تحقيق حلمه وامتلاك شقة أو بيت، وساعد في ذلك تدني الفائدة المصرفية على القروض؛ مع أن الشروط المرتبطة بعقد القرض صعبة.
والفئة الأكثر إقبالا على الاقتراض لبناء أو امتلاك منزل عائلة أو شقة هم موظفو المؤسسات الحكومية والشركات الكبيرة، إلا أن غالبية هذه البيوت أو الشقق تكون في الضواحي، لأن الأسعار في داخل المدينة باهظة جدا.
ولقد استفاد البعض من تدني الأسعار في مناطق شاسعة على محيط المدن الكبيرة مثل العاصمة برلين، أو اشترى بيوتا متداعية في الأقاليم الشرقية ورممها أو أعاد بناءها.
إلا أن شروط القروض الصعبة لم تنجح في فتح شهية كثير من الفئات، مثل أصحاب المهن الحرة والعاملين في الشركات والمصانع المتوسطة والصغيرة، فسياسة العمل حاليا في ألمانيا لا تطمئن، لأن رب العمل يمكنه صرف عماله، حيث إن مئات الآلاف منهم يعملون بعقود عمل قصيرة الأمد أو تتجدد سنويا. وعليه، فإذا ما لم يتمكن المقترض من تسديد أقساط قرض الشقة أو البيت لفترة معينة، فإن أول إجراء يتخذه المصرف أو المؤسسة المالية المقرضة هو مصادرة المنزل وعرضه في المزاد العلني بسعر يكون عادة أدنى مقارنة بالمبلغ الذي اقترضه، فيتعرض المقترض لخسارة كبيرة جدا.. فالمصرف يسترجع ما تبقى له من القرض، أما هو فقد يحصل على بعض المال حتى ولو كان قد سدد نسبة كبيرة من الدين.
وبعدها يتجه «المنكوب» في أمر بيته أو شقته إلى سوق العقارات للبحث عن مكان يؤويه وعائلته، وهنا يواجه مشكلة أخرى، فألمانيا لديها مشاريع لبناء مئات الآلاف من المساكن، لكنها مشاريع إما طويلة أو متوسطة المدى، والقليل منها سوف ينفذ على المدى القريب.
ولقد بلغ عدد الشقق السكنية في ألمانيا حتى عام 2015 نحو 42 مليون وحدة، وعدد المباني السكنية قرابة 80 ألفًا. لكن عدد المستأجرين أو الباحثين عن مسكن تعدى 40 مليون شخص، يضاف إليهم أكثر من 675 ألف لاجئ أتوا منذ عام 2011 وحتى اليوم إلى ألمانيا، وهم بحاجة إلى مساكن أيضًا عندما تقبل طلبات لجوئهم.
وتعتبر مدينة ميونيخ من المدن الأغلى ثمنا في القطاع العقاري، إن كان من حيث الإيجارات، أو أسعار الشقق أو المباني، أو أسعار الأراضي، فمتوسط ثمن المتر المربع في شقة بحي متوسط يتجاوز 7160 يورو (نحو 7600 دولار)، وبدل الإيجار لشقة لا تتعدى 42 مترا مربعا في الطابق الخامس ومن دون مصعد يصل إلى 750 يورو (ما يناهز 800 دولار) شهريا. كما يتجاوز سعر المتر المربع لشقة في ضواحي فرانكفورت مساحتها 50 مترا مربعا 6 آلاف يورو (نحو 6365 دولارًا)، وتكون مجهزة تجهيزا بسيطا وأحيانا من دون مصعد.
* النزوح سبب ارتفاع الإيجار
ولقد شهدت كل المدن الألمانية ما بين عام 1980 وعام 2015 ارتفاعا صاروخيا في بدل الإيجارات تجاوز 100 في المائة، وبعد الوحدة بين شطري ألمانيا تفاقم الوضع لنزوج مئات الآلاف من الأقاليم الشرقية إلى الغربية، فظهرت أزمة قلة المساكن.
وظلت العاصمة برلين تقاوم ارتفاع بدل الإيجارات وأسعار الأراضي إلى أن استسلمت لأصحاب العقارات والمباني، مما جعل الفترة الذهبية التي عاشتها بعد الوحدة في طي النسيان. واليوم فإن بدل إيجار شقة مساحتها 50 مترا مربعا قفز من 500 يورو (نحو 530 دولارًا) إلى 1000 يورو (1060 دولارًا) شهريا، وتوجد أحياء في برلين لا يمكن لموظف أو عامل عادي حتى التفكير في السكن فيها، مثل الحي الحكومي أو وسط برلين الذي يعرف باسم «برلين ميتي». والأمر ليس أفضل في مدن مثل دوسلدورف أو أسن أو كولونيا أو بون، فشقة لا تتعدى 40 مترا مربعا لا يقل بدل إيجارها عن 500 يورو شهريا، يضاف إليها الكهرباء ومصاريف جانبية أخرى.
هذا الوضع والتوقعات بمواصلة ارتفاع بدل الإيجار دفع بالكثيرين، وبالأخص الطلاب إلى التفكير أو اللجوء إلى المساكن المتنقلة، وهي فكرة بدأت قبل 15 سنة في مدن كبيرة مثل ميونيخ وفرانكفورت لكن القلة كانوا يخوضون هذه المغامرة، والفكرة توسعت اليوم وأصبح هناك شركات ومقاولون ومهندسون يقومون ببناء ما يسمى بـ«الميني» شقق، أو شقة صغيرة متنقلة مساحتها بضعة أمتار مربعة، تتوفر فيها كل وسائل الراحة والضروريات من المطبخ والسقيفة الصغيرة إلى المرحاض وحتى الحمام.
* السكن المتحرك
مع تزايد الإقبال على الشقق المتنقلة، أصبح التنافس كبيرًا بين الشركات والمقاولين لعرض الأفضل والأجمل والأحسن.. وبالطبع الأكثر تنافسية وجذبًا من حيث الأسعار. وهناك اليوم شقق بمساحة لا تقل عن العشرين مترا مربعا بسعر 15 إلى 30 ألف يورو (16 إلى 32 ألف دولار)، وتدخل ميدان المنافسة شركات نمساوية كثيرة، وهذا شجع سيدة الأعمال النمساوية تريزا شتاينغر وصديقها على «ركوب الموجة» وتأسيس مكتب عقارات في ألمانيا لبيع المنازل المتحركة، وساعدها في ذلك أنها مهندسة معمارية وصديقها خبير عقاري، وهي تختار للزبائن الأماكن المفضلة لتركيز البيت مع توفير كل مستلزماته كالكهرباء والتدفئة بواسطة الطاقة المتجددة التي تحتاج فقط إلى صفائح شمسية. كما تتوفر إمكانية الاتصالات عن طريق الهواتف النقالة، التي يمكن ربط عقدها بتوفير قنوات تلفزة.
وأغلب زبائن تريزا شتاينغر من الشباب الذين يرغبون في العيش وسط الطبيعة، أو ممن لا يمتلكون أموالا طائلة للإيجار، فيلجأون إلى القروض الصغيرة أو مساعدة من العائلة.
ولدى هذه الشركة اليوم منازل لها شرفة ونوافذ نصف حجرية مساحتها 2.5 متر X 6 أمتار، وحتى العشرة أمتار، لكنها ثابتة من دون أساسات، مع ارتفاع نحو النصف متر عن الأرض. ويترك الخيار للزبون لإدخال تعديلات على التقسيمات الداخلية أو فرش الشقة.
ولا يخشى ساكن مثل هذه البيوت أي نقص، فأعمدة الخطوط الكهربائية متوفرة في ألمانيا حتى بالقرب من الغابات، ومن يُرِد الاستقلال عن شركات الطاقة يمكنه استخدام لوحات ضوئية ووضع البطارية في أحد زوايا المنزل، فتطور هذه التقنية في ألمانيا جعل استخدامها سهلا للغاية.
إلا أن لارا مولر، الطالبة في جامعة كولونيا، لجأت إلى «حاوية» للسكن فيها حولتها إلى شقة صغيرة فيها كل لوازم العيش من الحمام وحتى زاوية النوم، وفي الصيف تستقبل أصحابها أمام باب الحاوية.
وكل ما يلزم لارا متوفر: فرن وتدفئة ومياه ساخنة تعمل بالبطارية، وماء للاستحمام يأتيها من خزان يحتوي على 650 لترا، كما أضافت إليه فلتر لماء الشرب، لكن عليها أن توجد في مكان فيه «وصلة» مع أحد المجاري الصحية من أجل التخلص من مياه الصرف، وتسكن اليوم بالقرب من تجمع سكني مما يجعلها غير معزولة.
وتبرر لورا هذه الخطوة بأن هناك أكثر من 80 ألف شخص في المدينة، والشقق المعروضة للإيجار بأسعار معقولة لا تتجاوز نحو 5 آلاف شقة. وهي من جانبها لا تستطيع دفع بدل إيجار مرتفع لأنها تحصل من والديها على 670 يورو شهريا (نحو 710 دولارات) فقط، وأجرة أصغر شقة تبلغ نحو 650 يورو.. لذا قررت العمل خلال الصيف وشراء حاوية حولتها إلى شقة مريحة، ووضعتها في مكان لا يبعد عن الجامعة سوى 40 دقيقة بالدراجة.
* السكن في العائمات
كما دفع ارتفاع أسعار الشقق البعض إلى السكن فوق الماء - أو بالقرب منها - في عوامات، مما جعل هذا القطاع في رواج متواصل. ففي برلين على سبيل المثال شركة «فاسر فيرك» المتخصصة ببناء عائمات لتكون إما مكاتب أو شقق عائمة، فالأسعار كما تقول مديرة التسويق أقل بكثير مما يدفعه الناس لشراء مساكن. فشقة عائمة مساحتها حتى الـ70 مترا مربعا من طابقين لا يتعدى سعرها 80 ألف يورو (نحو 85 ألف دولار).
والعائمات هي بيوت متينة تبنى من الخشب والحديد كما البيوت العادية، ويدخل الحجر في أماكن معينة. وهي مسطحة كي لا تتعرض لفقدان التوازن، رغم أن هذا نادر لأنها تكون على ضفاف البحيرات حيث المياه غير متحركة. وتطلي جدران العائمة من الداخل والخارج بطلاء السفن. ويعتمد في الإنارة والتدفئة والكهرباء والغاز على طريقتين: إما عبر مولد كهرباء أو عن طريق الطاقة الشمسية التي أصبحت منتشرة في ألمانيا.
والهندسة التي بينت بها المساكن العائمة تسمح بتمديد أنابيب ماء مع تنظيم ماء الصرف فيها بشكل لا يختلف عن البيوت العادية، وبواسطة مضخة يتم الاستفادة من مياه البحيرات، ولكل عائمة جسر قصير يتصل بالرصيف حيث تربط به.
* منازل عمودية
وضع المهندس المعماري كارل فولف في مدينة فريدريش هافن تصاميم منزله العمودي كي يبنى في فراغ بين عمارتين في شارع جانبي، سعيًا منه للاستفادة من كل سنتيمتر مربع. فارتفاع البيت سوف يكون 240 سنتيمترا، وعرضه 130 سنتيمترا. ورغم صغر مساحته، تتوفر فيه كل شروط الإقامة المريحة، فهو مؤلف من ثلاثة طوابق مفتوحة عموديا على بعضها البعض؛ الطابق الأرضي غرفة مطالعة ومطبخ، ثم سلم قصير إلى الطابق العلوي حيث غرفة النوم والحمام، وفوقه غرفة جلوس، ولا تغيب النوافذ عن التصميم.
وبهذا يريد المهندس الألماني مواكبة التطور الهندسي في اليابان لمواجهة قلة المساكن وارتفاع أسعارها. فأحد المهندسين اليابانيين بنى في ضاحية بطوكيو بيتا عموديا من الزجاج من طابقين بهدف دخول أكبر كمية من الضوء الطبيعي.
* من بيوت إجازة إلى مساكن ثابتة
ومع أن القانون الألماني لا يسمح بالسكن التام في بيوت متنقلة أو بيوت غير حجرية، لكن يوجد حاليا في ضاحية برلين وعلى ضفاف الأنهار أو بالقرب من الغابات تجمع لما يسمى بمساكن «الإجازة» أو نهاية الأسبوع، وهي بيوت صغيرة مبينة من الخشب وفيها كل الضروريات الحياتية.
ولقد تحولت هذه المساكن منذ سنوات إلى مساكن عادية، فالساكنة الألمانية بيتر لوب، وهي مدرسة متقاعدة، تسكن منذ أكثر من عشر سنوات في منزل كهذا مؤلف من طابقين، الأرضي فيه غرفة الطعام والمطبخ وغرفة الجلوس، وفي الطابق العلوي غرفة نوم جدرانها من زجاج وأيضًا الحمام.
كما حولت لوب الجداران إلى خزائن داخلية، وأمام البيت حديقة صغيرة تطل على منزل آخر تسكنه امرأة مسنة، وله نفس المواصفات تقريبا، وتبلغ مساحة المسكن نحو 54 مترا مربعا.
وتدفع لوب شهريا 150 يورو للكهرباء والماء والتدفئة التي تشغلها طوال الشتاء. ووصلت تكاليف تحويل السكن وشرائه من مالكه السابق إلى 30 ألف يورو، ويحتاج الخشب إلى صيانة مرة كل خمسة أعوام.
وفي هذا التجمع السكني يوجد أكثر من مائة منزل من نفس النموذج تقريبا، معظم ساكنيهم لا تتوفر لديهم الإمكانية لاستئجار شقة، ويشعرون بالراحة في وسط الطبيعة طالما أن خطوط الهاتف والكهرباء والغاز متوفرة.



تأثيرات «كورونا» تظهر على العقارات المصرية

سوق العقارات المصرية تأثرت بالمخاوف من انشار الفيروس
سوق العقارات المصرية تأثرت بالمخاوف من انشار الفيروس
TT

تأثيرات «كورونا» تظهر على العقارات المصرية

سوق العقارات المصرية تأثرت بالمخاوف من انشار الفيروس
سوق العقارات المصرية تأثرت بالمخاوف من انشار الفيروس

بعد الانتشار المتزايد لفيروس «كورونا المستجد» في معظم أنحاء العالم، يحذّر خبراء الاقتصاد من التداعيات السلبية التي يشهدها الاقتصاد العالمي خصوصاً بعد الإجراءات الاحترازية التي اتخذتها الدول ومن بينها إغلاق الحدود وتعليق الرحلات الجوية والبحرية، وهو ما امتد بدوره إلى قطاع العقارات في مصر، حيث تشهد السوق العقارية في البلاد حالياً تراجعاً في نسب المبيعات، بالإضافة إلى إلغاء فعاليات ومؤتمرات تسويقية عقارية.
ويؤكد مستثمرون عقاريون مصريون من بينهم المهندس ممدوح بدر الدين، رئيس مجلس إدارة شعبة الاستثمار العقاري بالاتحاد العام للغرف التجارية، أن «القطاعات الاقتصادية تشهد تباطؤاً وجموداً حاداً في الآونة الأخيرة، وهذا سيكون له تبعاته على سوق العقار»، ويقول لـ«الشرق الأوسط»: «أتوقع أن تخرج مصر من الأزمة سريعاً، وبأقل الخسائر نتيجة للإجراءات الاحترازية التي اتخذتها أخيراً للحد من انتشار المرض».
وشهدت سوق مبيعات العقارات في مصر «تراجعاً نسبياً منذ بداية أزمة كورونا»، وفق الخبير والمسوق العقاري محمود سامي، الذي قدّر «نسبة التراجع في مستويات البيع والشراء، بنسبة تتراوح من 20 إلى 30%، في بداية الأزمة، لتصل إلى 50% مع نهاية الأسبوع الماضي، مع اتخاذ مصر وعدد من الدول العربية إجراءات احترازية جريئة للحد من انتشار المرض».
ورغم أن مؤشرات الطلب على شراء العقارات التي تقاس وفق حجم الطلب على المواقع الإلكترونية المخصصة لبيع وشراء العقارات، لم تعكس هذا التراجع في شهر فبراير (شباط) الماضي، وفقاً لمؤشر موقع «عقار ماب» المتخصص في السوق العقارية، بعدما سجل ثبات مستوى الطلب على العقارات في شهري يناير (كانون الثاني) وفبراير الماضيين، لكن المؤشر أوضح أنه «كان هناك تزايد في الطلب في النصف الأول من شهر فبراير، إلا أن هذا التزايد تراجع في الأسبوعين الأخيرين ليستقر المؤشر عند نفس معدل الشهر السابق»، ولا توجد إحصائيات واضحة عن شهر مارس (آذار) الجاري، والذي تفاقمت فيه أزمة «كورونا».
وعكس ما يؤكده المسوق العقاري محمود سامي، من وجود تراجع في نسب مبيعات العقارات في مصر، يقول الدكتور ماجد عبد العظيم، أستاذ الاقتصاد والخبير العقاري، أن «السوق العقارية في مصر لم تتأثر حتى الآن بأزمة (كورونا)»، وأضاف لـ«الشرق الأوسط»: «لا يوجد ارتباط بين فيروس (كورونا) والعقارات، فمن يريد شراء شقة سيفعل ذلك»، مشيراً إلى أن «السوق العقارية المصرية تعاني من حالة ركود بدأت منذ نحو أربعة أشهر، وتظهر ملامحها في العروض التسويقية التي تقدمها شركات العقارات، ومن بينها زيادة عمولة المسوقين العقاريين، والإعلان عن تسهيلات في السداد تصل إلى عشر سنوات من دون مقدم، والدفعة الأولى بعد التسلم»، لافتاً إلى أن «حالة الركود هذه سببها الرئيسي زيادة المعروض، وارتفاع الأسعار بشكل مبالغ فيه».
ورغم أن العاملين في التسويق العقاري لا ينكرون وجود حالة ركود في السوق، فإنهم يرون أن المسألة تزايدت مع الخوف من انتشار «كورونا»، حتى حدث «انكماش في السوق العقارية»، على حد تعبير سامي الذي أوضح أن «شركات التسويق العقاري تأقلمت مع حالة الركود، ونفّذت عمليات إعادة هيكلة وتقليص لعدد الموظفين والمقرات»، مضيفاً: «ما نشهده الآن مختلف، فهناك حالة شلل لم نشهدها من قبل إلا مع ثورتي 30 يونيو (حزيران) 2013، و25 يناير 2011. وإن كان ما نشهده حالياً أكثر حدة، فهناك إلغاء لحجوزات ومواعيد معاينات للوحدات العقارية، وتأجيل لقرارات الشراء بشكل عام حتى انتهاء الأزمة واتضاح الرؤية».
ولا يقتصر تأثير انتشار «كورونا» على حركة البيع والشراء في قطاع العقارات، بل من المتوقع أن «ينعكس التأثير على اقتصاد الشركات العقارية واستثماراتها» حسب بدر الدين، الذي أشار إلى أن «قطاع النفط تأثر بصورة كبيرة خصوصاً بعد إصرار منظمة (أوبك) على عدم تقليل إنتاجها، ليهبط سعر البرميل إلى أقل من 30 دولاراً، ما سبب خسائر للمستثمرين والصناديق العالمية، وترتبت على ذلك انخفاضات في أسعار مواد البناء وبالتالي فإن أي مستثمر لديه مخزون من هذه السلع، سيحقق خسائر بلا شك».
وتماشياً مع قرارات الحكومة المصرية إلغاء التجمعات، تم تأجيل مؤتمر ومعرض «سيتي سكيب مصر للتسويق العقاري»، الذي يعده الخبراء أحد أكبر معارض التسويق العقاري في مصر، والذي كان من المقرر عقده في منتصف الشهر الجاري، لتكتفي الشركات العقارية بالعروض التسويقية التي تقدمها وتعلن عنها إلكترونياً أو تلفزيونياً.
والتأجيل يحمي شركات العقارات من خسائر متوقعة، نظراً لصعوبة حضور العملاء، مما سيؤثر بشكل سلبي على صورة القطاع العقاري، حسب بدر الدين.
ويخشى العاملون في السوق العقارية من استمرار الأزمة فترة طويلة، وهو ما سيؤدي إلى خسائر كبيرة في القطاع، قد تضطر الشركات إلى عمليات إعادة هيكلة وتخفيض عمالة -على حد تعبير سامي- الذي قال إن «الشركات تأقلمت مع انخفاض المبيعات خلال الشهور الماضية، لكن لو استمر الوضع الحالي لمدة شهر، فالمسألة ستكون صعبة وقد تؤدي إلى إغلاق شركات وتسريح موظفين، حيث ستحتاج كل شركة إلى تخفيض نفقاتها بنسبة 40% على الأقل».
ورغم تأكيدات عبد العظيم أنه لا يوجد تأثير لأزمة «كورونا» على السوق العقارية حتى الآن، فإنه يقول: «إذا تفاقمت أزمة (كورونا) فستكون لها تأثيرات على جوانب الحياة كافة، ومنها العقارات»، وهو ما يؤكده بدر الدين بقوله إن «العالم كله سيشهد تراجعاً في معدلات النمو الاقتصادي».