لماذا قُوبلت حكومة «الحوثي – صالح» بالرفض العربي ؟

لماذا قُوبلت حكومة «الحوثي – صالح» بالرفض العربي ؟
TT

لماذا قُوبلت حكومة «الحوثي – صالح» بالرفض العربي ؟

لماذا قُوبلت حكومة «الحوثي – صالح» بالرفض العربي ؟

عززت ميليشيا الحوثي والمخلوع صالح من نهجها الانقلابي بعد إعلانها تشكيل «حكومة الإنقاذ الوطني» في اليمن الذي أقره ما يسمى «المجلس السياسي الأعلى» خلال اجتماعه أمس (الإثنين)، مجددة التأكيد على عرقلتها أي جهود للتوصل إلى حل سياسي سلمي للأزمة اليمنية، ورفضها الانصياع للمجتمع الدولي وقراراته، جاء ذلك في الوقت الذي يقوم المبعوث الأممي لليمن إسماعيل ولد الشيخ بتحركات مكوكية من أجل استئناف الحوار بين طرفي النزاع.
وتعتبر حكومة الحوثي وصالح المكونة من 42 وزيرا باطلة، حيث أن حكومة الرئيس اليمني عبدربه منصور هادي هي الحكومة الشرعية دستوريا وقانونيا، وتحظى باعتراف الجامعة العربية ومنظمة التعاون الاسلامي والأمم المتحدة.
ويقول المبعوث الأممي إسماعيل ولد الشيخ أحمد إن "تشكيل الحوثيين حكومة جديدة يمثل عقبة جديدة أمام السلام ولا يخدم مصالح الشعب اليمني"، مضيفا "لا تزال هناك فرصة لإبعاد اليمن عن حافة الهاوية"، حاثا جميع الأطراف على إعادة الالتزام بوقف الاقتتال".
من جانبه، قال مصدر مسؤول في الرئاسة اليمنية، إن "الانقلابيون يؤكدون حقيقتهم في ضرب أي مسعى للسلم والاستقرار، واستمرارهم في غيهم بنشر الفوضى والخراب ورعاية الإرهاب والسعي لتمزيق البلاد"، مبينا أن "ما أقدموا عليه يؤكد للعالم ولكل من كان لا يزال ينظر بحسن نية لهذه الفئة المارقة أنها جبلت على صنع الدمار وتمزيق المجتمع وإشعال الحروب، حيث انكشف زيفهم في تعاطيهم مع دعوات الحل السلمي فلطالما تعاملت مع كل مبادرات المجتمع الدولي باستخفاف واضح وكذب مستمر، كما تعاملت مع شعبنا بكل حقد وانعدام لروح المسئولية".
وتؤكد الحكومة اليمنية الشرعية حرصها على تجنيب البلاد أي عنف واقتتال وتعاطيها مع كل دعوة للسلام بروح صادقة، داعية المجتمع الدولي لتحمل مسؤولياته في تنفيذ قرارات الشرعية الدولية كونها الخارطة الأسلم لعودة الاستقرار إلى اليمن والذي لن يكون راسخا إلا بزوال الانقلاب نهائيا، لافتة إلى أن "التراخي والتساهل من قبل المجتمع الدولي قد أغرى المليشيات وصوّر لهم وكأن هناك قبولا دوليا بالانقلاب دفعهم لمزيد من الخطوات الانقلابية".
وأضاف المصدر، حسب وكالة الأنباء اليمنية الرسمية، أن "الخطوة التي تمت تنهي كل جهود السلام التي حرص العالم معنا على بنائها، وتؤكد على ضرورة تكاتف الجهود الإقليمية والدولية لإنهاء الانقلاب بجدية أكبر وتنفيذ قرارات الشرعية الدولية بشكل فاعل".
وتوعّدت الحكومة الشرعية كل من اشترك في الخطوات الانقلابية المختلفة من الانضمام لما يسمى لجان أو مجالس أو حكومة بمتابعتهم قانونيا وعلى كافة الأصعدة، مضيفة "الإجراءات القانونية في حق المطلوبين للعدالة من الانقلابيين ومن وقف معهم ستتخذ بالفعل"، داعية كل المغرر بهم سرعة إعلان عدم تعاطيهم مع هذه الخطوات.
وفي السياق ذاته، أعربت دول الخليج عن رفضها واستنكارها إعلان الحوثي وصالح تشكيل حكومة، مؤكدة أن ذلك يبرهن بأن الميليشيات غير جادة في الدخول في المفاوضات السياسية، كما تسعى إلى تعطيل الجهود الحثيثة التي يقوم بها مبعوث الأمم المتحدة لوقف الحرب في اليمن وإعادة إحياء المفاوضات السياسية بموجب خارطة الطريق الأممية للتوصل إلى حل سياسي وفق المبادرة الخليجية ومخرجات الحوار الوطني وقرار مجلس الأمن رقم 2216".
وندد أمين عام الجامعة العربية أحمد أبو الغيط بما أُعلنته الميليشيات بتشكيل ما سُمي بحكومة إنقاذ وطني، واصفاً هذا الإجراء بأنه عار من الشرعية، ويمثل امتداداً للنهج الانقلابي الذي لا يريد الانقلابيون التخلي عنه، معتبرا أن "مثل هذه الخطوة تُعد تصعيداً يعكس عدم استعداد الحوثيين للتعاطي بشكل إيجابي ومسؤول مع جهود الوساطة الجارية حالياً، والتي يباشرها المبعوث الأممي"، مضيفاً أن "مثل هذه الخطوات تكشف بوضوح عن الطرف الذي يعرقل التوصل إلى حل سلمي للأزمة".
وأكد أبو الغيط أن "طريق الحل واضح للجميع، وأنه يمر عبر قرارات مجلس الأمن وعلى رأسها القرار 2216، إلى جانب المبادرة الخليجية وآليتها التنفيذية، ومخرجات الحوار الوطني الشامل"، مشيرا إلى أن "عدم الاعتراف بهذه المقررات كإطار متفق عليه للحل يطيل من أمد الأزمة ويزيد من تعقيدها"، مشدداً على أن "كل ما يتخذ من خطوات أو إجراءات للالتفاف على الشرعية اليمنية، ممثلة في الرئيس هادي وحكومته، ليس له أية قيمة قانونية أو سياسية".
وأدانت منظمة التعاون الإسلامي بشدة هذ الإعلان، مؤكدة رفضها التام لهذه الحكومة غير الشرعية التي يُشكل إعلانها خرقّاً لقرارات مجلس الأمن والجهود الإقليمية والدولية لإيجاد حل للأزمة اليمنية بالطرق السلمية وإنهاء معاناة الشعب اليمني واستتباب الأمن والاستقرار في البلاد.
وشدد الأمين العام للمنظمة الدكتور يوسف العثيمين على أن "المنظمة ملتزمة بدعم الحكومة الشرعية في اليمن برئاسة هادي"، حاثاً جميع الأطراف اليمنية إلى التجاوب الفعلي مع المبعوث الأممي، للوصول إلى حل توافقي للأزمة اليمنية، يرتكز على قرارات مجلس الأمن ذات الصلة والمبادرة الخليجية وآلياتها التنفيذية ومخرجات مؤتمر الحوار الوطني، محذرا من استمرار الميليشيات في تجاوزاتهم غير محسوبة العواقب وعرقلتهم لجهود الحل السلمي من خلال العمل على فرض سياسة الأمر الواقع بما يقوّض الشرعية المعترف بها دولياً، مُجدِداً موقف المنظمة الثابت والداعم لوحدة اليمن واستقراره وسلامة أراضيه.
من جانبه، قال وزير التربية والتعليم اليمني، الدكتور عبدالله لملس، إن "تشكيل الحكومة جاء في الوقت الضائع، وأن إعلانها في هذه الظروف هدفه المزايدة السياسية، ومحاولة لعب ورقة سياسية من أجل لفت الأنظار".
وعلّق المتحدث باسم الحكومة اليمنية راجح بادي، قائلا: «هذه هي الميليشيات التي قال وزير الخارجية الأميركي جون كيري والمبعوث الأممي ولد الشيخ إن وفدها التزم في مسقط بتنفيذ المبادرة أو الخريطة المقترحة للسلام». مضيفا أن "إعلان الحكومة من طرف الانقلابيين جاء ليؤكد أن هذه الميليشيات ليست ضد إرادة اليمنيين فحسب، وإنما تعدت ذلك للوقوف في وجه الإرادة الدولية".



الحوثيون يواجهون مخاوفهم من مصير الأسد بالقمع والتحشيد

طلاب في جامعة البيضاء أجبرتهم الجماعة الحوثية على المشاركة في فعاليات تعبوية (إعلام حوثي)
طلاب في جامعة البيضاء أجبرتهم الجماعة الحوثية على المشاركة في فعاليات تعبوية (إعلام حوثي)
TT

الحوثيون يواجهون مخاوفهم من مصير الأسد بالقمع والتحشيد

طلاب في جامعة البيضاء أجبرتهم الجماعة الحوثية على المشاركة في فعاليات تعبوية (إعلام حوثي)
طلاب في جامعة البيضاء أجبرتهم الجماعة الحوثية على المشاركة في فعاليات تعبوية (إعلام حوثي)

ضمن مخاوف الجماعة الحوثية من ارتدادات تطورات الأوضاع في سوريا على قوتها وتراجع نفوذ محور إيران في منطقة الشرق الأوسط؛ صعّدت الجماعة من ممارساتها بغرض تطييف المجتمع واستقطاب أتباع جدد ومنع اليمنيين من الاحتفال بسقوط نظام بشار الأسد.

واستهدفت الجماعة، حديثاً، موظفي مؤسسات عمومية وأخرى خاصة وأولياء أمور الطلاب بالأنشطة والفعاليات ضمن حملات التعبئة التي تنفذها لاستقطاب أتباع جدد، واختبار ولاء منتسبي مختلف القطاعات الخاضعة لها، كما أجبرت أعياناً قبليين على الالتزام برفد جبهاتها بالمقاتلين، ولجأت إلى تصعيد عسكري في محافظة تعز.

وكانت قوات الحكومة اليمنية أكدت، الخميس، إحباطها ثلاث محاولات تسلل لمقاتلي الجماعة الحوثية في جبهات محافظة تعز (جنوب غربي)، قتل خلالها اثنان من مسلحي الجماعة، وتزامنت مع قصف مواقع للجيش ومناطق سكنية بالطيران المسير، ورد الجيش على تلك الهجمات باستهداف مواقع مدفعية الجماعة في مختلف الجبهات، وفق ما نقله الإعلام الرسمي.

الجيش اليمني في تعز يتصدى لأعمال تصعيد حوثية متكررة خلال الأسابيع الماضية (الجيش اليمني)

وخلال الأيام الماضية اختطفت الجماعة الحوثية في عدد من المحافظات الخاضعة لسيطرتها ناشطين وشباناً على خلفية احتفالهم بسقوط نظام الأسد في سوريا، وبلغ عدد المختطفين في صنعاء 17 شخصاً، قالت شبكة حقوقية يمنية إنهم اقتيدوا إلى سجون سرية، في حين تم اختطاف آخرين في محافظتي إب وتعز للأسباب نفسها.

وأدانت الشبكة اليمنية للحقوق والحريات حملة الاختطافات التي رصدتها في العاصمة المختطفة صنعاء، مشيرة إلى أنها تعكس قلق الجماعة الحوثية من انعكاسات الوضع في سوريا على سيطرتها في صنعاء، وخوفها من اندلاع انتفاضة شعبية مماثلة تنهي وجودها، ما اضطرها إلى تكثيف انتشار عناصرها الأمنية والعسكرية في شوارع وأحياء المدينة خلال الأيام الماضية.

وطالبت الشبكة في بيان لها المجتمع الدولي والأمم المتحدة والمنظمات الحقوقية بإدانة هذه الممارسات بشكل واضح، بوصفها خطوة أساسية نحو محاسبة مرتكبيها، والضغط على الجماعة الحوثية للإفراج عن جميع المختطفين والمخفيين قسراً في معتقلاتها، والتحرك الفوري لتصنيفها منظمة إرهابية بسبب تهديدها للأمن والسلم الإقليميين والدوليين.

تطييف القطاع الطبي

في محافظة تعز، كشفت مصادر محلية لـ«الشرق الأوسط» عن أن الجماعة الحوثية اختطفت عدداً من الشبان في منطقة الحوبان على خلفية إبداء آرائهم بسقوط نظام الأسد، ولم يعرف عدد من جرى اختطافهم.

تكدس في نقطة تفتيش حوثية في تعز حيث اختطفت الجماعة ناشطين بتهمة الاحتفال بسقوط الأسد (إكس)

وأوقفت الجماعة، بحسب المصادر، عدداً كبيراً من الشبان والناشطين القادمين من مناطق سيطرة الحكومة اليمنية، وأخضعتهم للاستجواب وتفتيش متعلقاتهم الشخصية وجوالاتهم بحثاً عمّا يدل على احتفالهم بتطورات الأحداث في سوريا، أو ربط ما يجري هناك بالوضع في اليمن.

وشهدت محافظة إب (193 كيلومتراً جنوب صنعاء) اختطاف عدد من السكان للأسباب نفسها في عدد من المديريات، مترافقاً مع إجراءات أمنية مشددة في مركز المحافظة ومدنها الأخرى، وتكثيف أعمال التحري في الطرقات ونقاط التفتيش.

إلى ذلك، أجبرت الجماعة عاملين في القطاع الطبي، بشقيه العام والخاص، على حضور فعاليات تعبوية تتضمن محاضرات واستماع لخطابات زعيمها عبد الملك الحوثي، وشروحات لملازم المؤسس حسين الحوثي، وأتبعت ذلك بإجبارهم على المشاركة في تدريبات عسكرية على استخدام مختلف الأسلحة الخفيفة والمتوسطة والقنابل اليدوية وزراعة الألغام والتعامل مع المتفجرات.

وذكرت مصادر طبية في صنعاء أن هذه الإجراءات استهدفت العاملين في المستشفيات الخاصعة لسيطرة الجماعة بشكل مباشر، سواء العمومية منها، أو المستشفيات الخاصة التي استولت عليها الجماعة بواسطة ما يعرف بالحارس القضائي المكلف بالاستحواذ على أموال وممتلكات معارضيها ومناهضي نفوذها من الأحزاب والأفراد.

زيارات إجبارية للموظفين العموميين إلى معارض صور قتلى الجماعة الحوثية ومقابرهم (إعلام حوثي)

وتتزامن هذه الأنشطة مع أنشطة أخرى شبيهة تستهدف منتسبي الجامعات الخاصة من المدرسين والأكاديميين والموظفين، يضاف إليها إجبارهم على زيارة مقابر قتلى الجماعة في الحرب، وأضرحة عدد من قادتها، بما فيها ضريح حسين الحوثي في محافظة صعدة (233 كيلومتراً شمال صنعاء)، وفق ما كانت أوردته «الشرق الأوسط» في وقت سابق.

وكانت الجماعة أخضعت أكثر من 250 من العاملين في الهيئة العليا للأدوية خلال سبتمبر (أيلول) الماضي، وأخضعت قبلهم مدرسي وأكاديميي جامعة صنعاء (أغلبهم تجاوزوا الستين من العمر) في مايو (أيار) الماضي، لتدريبات عسكرية مكثفة، ضمن ما تعلن الجماعة أنه استعداد لمواجهة الغرب وإسرائيل.

استهداف أولياء الأمور

في ضوء المخاوف الحوثية، ألزمت الجماعة المدعومة من إيران أعياناً قبليين في محافظة الضالع (243 كيلومتراً جنوب صنعاء) بتوقيع اتفاقية لجمع الأموال وحشد المقاتلين إلى الجبهات.

موظفون في القطاع الطبي يخضعون لدورات قتالية إجبارية في صنعاء (إعلام حوثي)

وبينما أعلنت الجماعة ما وصفته بالنفير العام في المناطق الخاضعة لسيطرتها من المحافظة، برعاية أسماء «السلطة المحلية» و«جهاز التعبئة العامة» و«مكتب هيئة شؤون القبائل» التابعة لها، أبدت أوساط اجتماعية استياءها من إجبار الأعيان والمشايخ في تلك المناطق على التوقيع على وثيقة لإلزام السكان بدفع إتاوات مالية لصالح المجهود الحربي وتجنيد أبنائهم للقتال خلال الأشهر المقبلة.

في السياق نفسه، أقدمت الجماعة الانقلابية على خصم 10 درجات من طلاب المرحلة الأساسية في عدد من مدارس صنعاء، بحة عدم حضور أولياء الأمور محاضرات زعيمها المسجلة داخل المدارس.

ونقلت المصادر عن عدد من الطلاب وأولياء أمورهم أن المشرفين الحوثيين على تلك المدارس هددوا الطلاب بعواقب مضاعفة في حال استمرار تغيب آبائهم عن حضور تلك المحاضرات، ومن ذلك طردهم من المدارس أو إسقاطهم في عدد من المواد الدراسية.

وأوضح مصدر تربوي في صنعاء لـ«الشرق الأوسط» أن تعميماً صدر من قيادات عليا في الجماعة إلى القادة الحوثيين المشرفين على قطاع التربية والتعليم باتباع جميع الوسائل للتعبئة العامة في أوساط أولياء الأمور.

مقاتلون حوثيون جدد جرى تدريبهم وإعدادهم أخيراً بمزاعم مناصرة قطاع غزة (إعلام حوثي)

ونبه المصدر إلى أن طلب أولياء الأمور للحضور إلى المدارس بشكل أسبوعي للاستماع إلى محاضرات مسجلة لزعيم الجماعة هو أول إجراء لتنفيذ هذه التعبئة، متوقعاً إجراءات أخرى قد تصل إلى إلزامهم بحضور فعاليات تعبوية أخرى تستمر لأيام، وزيارة المقابر والأضرحة والمشاركة في تدريبات قتالية.

وبحسب المصدر؛ فإن الجماعة لا تقبل أي أعذار لتغيب أولياء الأمور، كالسفر أو الانشغال بالعمل، بل إنها تأمر كل طالب يتحجج بعدم قدرة والده على حضور المحاضرات بإقناع أي فرد آخر في العائلة بالحضور نيابة عن ولي الأمر المتغيب.