قوات الأسد والمقاتلات الروسية تستهدفان 16 ألف نازح من حلب بصواريخ مظلية

دي ميستورا: لا يمكن تحديد مدة صمود شرق حلب في ظل التصعيد العسكري

قوات الأسد والمقاتلات الروسية تستهدفان 16 ألف نازح من حلب بصواريخ مظلية
TT

قوات الأسد والمقاتلات الروسية تستهدفان 16 ألف نازح من حلب بصواريخ مظلية

قوات الأسد والمقاتلات الروسية تستهدفان 16 ألف نازح من حلب بصواريخ مظلية

قتل 35 مدنيًا على الأقل اليوم (الثلاثاء)، في قصف صاروخي على حي النيرب في القطاع الشرقي من مدينة حلب السورية، الذي شهد فرار زهاء 16 ألف شخص، بسبب المعارك والضربات التي تشنها قوات النظام السوري.
وأسفرت غارة بـ«الصواريخ المظلية» على باب النيرب، الخاضع لسيطرة المعارضة، عن مقتل «25 مدنيًا»، حسب المعلومات الأولية من مصادر إعلامية في المعارضة السورية، مرجحة ارتفاع عدد القتلى.
وقالت المصادر إن 35 قتيلاً على الأقل وأكثر من 50 جريحًا سقطوا في القصف الجوي على تجمع للنازحين في حي باب النيرب بمدينة حلب الشرقية.
وأضافت المصادر أن عشرات المدنيين سقطوا أيضًا قتلى وجرحى في قصف لطيران قوات النظام إلى جانب الطيران الروسي على حيي الراشدين وسوق الجبس في مدينة حلب، وسط اشتباكات عنيفة بين القوات النظامية ووحدات حماية الشعب الكردي من جهة ومسلحي المعارضة من جهة أخرى في حيي بستان الباشا والهلك، في حين شنت طائرة مجهولة المصدر غارة جوية استهدفت بلدة ريتان بريف حلب الشمالي الواقعة تحت سيطرة النظام.
وأشارت مصادر المعارضة إلى أن فصائل جيش الفتح تصدت لقوات النظام والميليشيات الموالية لها، التي حاولت التقدم نحو المواقع التي لا تزال تسيطر عليها فصائل فتح حلب في حي جمعية الزهراء، حيث دارت معارك عنيفة بين الجانبين تمكنت خلالها فصائل فتح حلب من تكبيد القوات المهاجمة خسائر كبيرة رغم الدعم الجوي للطائرات الروسية وإجبارها على التراجع نحو مواقعها السابقة.
وأكدت المصادر أن أكثر من 17 قتيلاً أغلبهم من المدنيين سقطوا في قصف قوات النظام لحي الشعار الذي أصبح جبهة جديدة بين قوات النظام وفصائل المعارضة، التي انسحبت من القسم الشمالي من الأحياء الشرقية، حيث دارت اشتباكات عنيفة بين الجانبين تمكنت خلالها فصائل المعارضة من صد هجوم قوات النظام على أطراف الحي من جهة دوار الشعار، الذي حاولت قوات النظام التسلل إليه من جهة دوار الصاخور الذي سيطرت عليه أخيرًا.
وأضافت المصادر أن أغلب الجرحى الذين سقطوا اليوم في حيي باب النيرب والشعار، هم في أعداد القتلى، نظرًا لعدم وجود مستشفيات لعلاجهم، بعد تدمير جميع المستشفيات في أحياء حلب الشرقية من قبل قوات النظام.
من جهة ثانية، كشفت مصادر إعلامية في المعارضة السورية عن قيام وحدات حماية الشعب الكردي المسيطرة على حي الشيخ مقصود إلى إعدام 3 أشخاص أمس (الاثنين) من المدنيين، الذين نزحوا من أحياء حلب التي تسيطر عليها المعارضة، كما تعرض عدد من الفتيات والسيدات لعمليات اغتصاب من قبل عناصر الوحدات الكردية.
وقالت مصادر مقربة من النظام السوري، إن قوات النظام السوري تحرز تقدمًا في محور جمعية الزهراء غرب حلب، وتسيطر على عدة كتل من الأبنية، وإن طائرات روسية وسورية تستهدف بكثافة مواقع المسلحين في المناطق الجنوبية للأحياء الشرقية لحلب.
وتسعى قوات النظام للسيطرة على حي الشعار، بهدف تضييق الخناق على فصائل المعارضة، الموجودة بالأحياء المحاصرة وإجبارها على الاستسلام.
وشنت مقاتلات حربية روسية وسوريا غارات جديدة «بالقنابل العنقودية والصواريخ الارتجاجية على أحياء الميسر والراشدين وضهرة عواد والقاطرجي والمواصلات القديمة والشعار في حلب المحاصرة».
ونقل مصدر عن مركز الدفاع المدني قوله إن «العشرات بين قتيل وجريح سقطوا اليوم (الثلاثاء) خلال عمليات القصف المكثف لقوات النظام وروسيا على أحياء المدنيين، ولا يمكن إحصاء عدد القتلى حتى هذه اللحظة».
وكانت المعارضة خسرت نحو 30 في المائة من المناطق التي كانت تسيطر عليها في شرق حلب، حيث يقيم زهاء 250 ألف شخص، وذلك بعد أسابيع من القصف والغارات التي أودت بحياة الآلاف ودمرت المرافق الحيوية والمستشفيات.
وفر زهاء 16 ألف شخص من شرق حلب في الأيام الماضية إلى أحياء أخرى من المدينة الواقعة شمال سوريا، حسبما أعلن رئيس العمليات الإنسانية في منظمة الأمم المتحدة، ستيفن أوبراين.
ووصف الوضع في الشطر الذي تسيطر عليه الفصائل المعارضة في ثاني المدن السورية بأنه «مقلق ومخيف»، وسط استمرار القصف المدفعي والجوي والحصار من قبل القوات الحكومية وروسيا والميليشيات الموالية لدمشق.
وأضاف أن شرق حلب، الذي خسرت الفصائل المعارضة ثلثه تقريبًا خلال الأيام الماضية، إزاء تقدم قوات النظام، شهد «تكثيفًا للمعارك البرية والغارات الجوية العمياء في الأيام الأخيرة، مما أدى إلى مقتل وإصابة عشرات المدنيين».
وذكر أوبراين أن المدنيين الفارين يتجهون إلى أوضاع ضبابية وغير مستقرة وسط هجمات مكثفة، معربًا عن قلقه إزاء مصير المدنيين، واصفًا الأوضاع في حلب بأنها «مثيرة للقلق العميق وتقشعر لها الأبدان».
وفي مظاهر تقدم سريع وجذري، شقت قوات النظام السوري وقوات متحالفة معها طريقها إلى الأجزاء الشمالية من المناطق الشرقية التي تسيطر عليها المعارضة في حلب، مما أشعل موجة من الذعر والهروب من القطاع المحاصر.
وأكد صندوق الأمم المتحدة للطفولة (يونيسف) أنه في الوقت الذي تتواصل فيه أعمال العنف في سوريا، فإن عدد الأطفال الذين يعيشون في المناطق المحاصرة تضاعف في غضون أقل من سنة.
وأوضحت الوكالة الأممية في بيان نشرته وكالة الأنباء الجزائرية اليوم (الثلاثاء)، أن نحو 500 ألف طفل الآن يعيشون اليوم في 16 من المناطق المحاصرة بجميع أنحاء البلاد ممنوعون بشكل كامل من وصول المساعدات الإنسانية والخدمات الأساسية.
وأعرب المدير التنفيذي للوكالة الأممية، أنطوني لايك، عن الأسف لكون «الحياة أصبحت بالنسبة للملايين من الناس في سوريا كابوسًا لا نهاية له، خصوصًا مئات الآلاف من الأطفال الذين يعيشون تحت الحصار»، مضيفًا أن «الأطفال يقتلون ويجرحون ويخافون من الذهاب إلى المدرسة أو حتى اللعب، كما أنهم يعيشون بالقليل من الطعام والأدوية».
في شرق حلب اعتبرت «يونيسف» أن 100 ألف طفل يعيشون تحت الحصار، في حين استفادت بعض الجماعات من مساعدات قليلة خلال سنتين. وجددت المنظمة الأممية دعوتها إلى جميع الأطراف من أجل «رفع الحصار عن سوريا وتسهيل وصول المساعدات الإنسانية دون قيد أو شرط وبشكل مستدام إلى جميع مناطق البلاد».
من جهته، قال ستيفان دي ميستورا، مبعوث الأمم المتحدة الخاص لسوريا اليوم (الثلاثاء)، إنه لا يستطيع تحديد مدة صمود شرق مدينة حلب السورية مع استمرار القتال المستعر هناك.
وأضاف دي ميستورا أمام البرلمان الأوروبي، في إشارة إلى المناطق التي تسيطر عليها المعارضة السورية وتعمل قوات الحكومة السورية والقوات الموالية لها حاليًا على اقتحامها: «بوضوح لا يمكنني أن أنكر، هذا تصعيد عسكري، ولا يمكنني أن أحدد لكم إلى متى سيظل شرق حلب باقيًا».



اللاجئون الفلسطينيون يعودون إلى مخيم «اليرموك» في سوريا

اللاجئ الفلسطيني خالد خليفة يدعو لابنه المدفون في مقبرة مخيم اليرموك المدمرة (أ.ف.ب)
اللاجئ الفلسطيني خالد خليفة يدعو لابنه المدفون في مقبرة مخيم اليرموك المدمرة (أ.ف.ب)
TT

اللاجئون الفلسطينيون يعودون إلى مخيم «اليرموك» في سوريا

اللاجئ الفلسطيني خالد خليفة يدعو لابنه المدفون في مقبرة مخيم اليرموك المدمرة (أ.ف.ب)
اللاجئ الفلسطيني خالد خليفة يدعو لابنه المدفون في مقبرة مخيم اليرموك المدمرة (أ.ف.ب)

كان مخيم اليرموك للاجئين في سوريا، الذي يقع خارج دمشق، يُعدّ عاصمة الشتات الفلسطيني قبل أن تؤدي الحرب إلى تقليصه لمجموعة من المباني المدمرة.

سيطر على المخيم، وفقاً لوكالة «أسوشييتد برس»، مجموعة من الجماعات المسلحة ثم تعرض للقصف من الجو، وأصبح خالياً تقريباً منذ عام 2018، والمباني التي لم تدمرها القنابل هدمت أو نهبها اللصوص.

رويداً رويداً، بدأ سكان المخيم في العودة إليه، وبعد سقوط الرئيس السوري السابق بشار الأسد في 8 ديسمبر (كانون الأول)، يأمل الكثيرون في أن يتمكنوا من العودة.

في الوقت نفسه، لا يزال اللاجئون الفلسطينيون في سوريا، الذين يبلغ عددهم نحو 450 ألف شخص، غير متأكدين من وضعهم في النظام الجديد.

أطفال يلعبون أمام منازل مدمرة بمخيم اليرموك للاجئين في سوريا (أ.ف.ب)

وتساءل السفير الفلسطيني لدى سوريا، سمير الرفاعي: «كيف ستتعامل القيادة السورية الجديدة مع القضية الفلسطينية؟»، وتابع: «ليس لدينا أي فكرة لأننا لم نتواصل مع بعضنا بعضاً حتى الآن».

بعد أيام من انهيار حكومة الأسد، مشت النساء في مجموعات عبر شوارع اليرموك، بينما كان الأطفال يلعبون بين الأنقاض. مرت الدراجات النارية والدراجات الهوائية والسيارات أحياناً بين المباني المدمرة. في إحدى المناطق الأقل تضرراً، كان سوق الفواكه والخضراوات يعمل بكثافة.

عاد بعض الأشخاص لأول مرة منذ سنوات للتحقق من منازلهم. آخرون كانوا قد عادوا سابقاً ولكنهم يفكرون الآن فقط في إعادة البناء والعودة بشكل دائم.

غادر أحمد الحسين المخيم في عام 2011، بعد فترة وجيزة من بداية الانتفاضة ضد الحكومة التي تحولت إلى حرب أهلية، وقبل بضعة أشهر، عاد للإقامة مع أقاربه في جزء غير مدمر من المخيم بسبب ارتفاع الإيجارات في أماكن أخرى، والآن يأمل في إعادة بناء منزله.

هيكل إحدى ألعاب الملاهي في مخيم اليرموك بسوريا (أ.ف.ب)

قال الحسين: «تحت حكم الأسد، لم يكن من السهل الحصول على إذن من الأجهزة الأمنية لدخول المخيم. كان عليك الجلوس على طاولة والإجابة عن أسئلة مثل: مَن هي والدتك؟ مَن هو والدك؟ مَن في عائلتك تم اعتقاله؟ عشرون ألف سؤال للحصول على الموافقة».

وأشار إلى إن الناس الذين كانوا مترددين يرغبون في العودة الآن، ومن بينهم ابنه الذي هرب إلى ألمانيا.

جاءت تغريد حلاوي مع امرأتين أخريين، يوم الخميس، للتحقق من منازلهن. وتحدثن بحسرة عن الأيام التي كانت فيها شوارع المخيم تعج بالحياة حتى الساعة الثالثة أو الرابعة صباحاً.

قالت تغريد: «أشعر بأن فلسطين هنا، حتى لو كنت بعيدة عنها»، مضيفة: «حتى مع كل هذا الدمار، أشعر وكأنها الجنة. آمل أن يعود الجميع، جميع الذين غادروا البلاد أو يعيشون في مناطق أخرى».

بني مخيم اليرموك في عام 1957 للاجئين الفلسطينيين، لكنه تطور ليصبح ضاحية نابضة بالحياة حيث استقر العديد من السوريين من الطبقة العاملة به. قبل الحرب، كان يعيش فيه نحو 1.2 مليون شخص، بما في ذلك 160 ألف فلسطيني، وفقاً لوكالة الأمم المتحدة للاجئين الفلسطينيين (الأونروا). اليوم، يضم المخيم نحو 8 آلاف لاجئ فلسطيني ممن بقوا أو عادوا.

لا يحصل اللاجئون الفلسطينيون في سوريا على الجنسية، للحفاظ على حقهم في العودة إلى مدنهم وقراهم التي أُجبروا على مغادرتها في فلسطين عام 1948.

لكن، على عكس لبنان المجاورة، حيث يُمنع الفلسطينيون من التملك أو العمل في العديد من المهن، كان للفلسطينيين في سوريا تاريخياً جميع حقوق المواطنين باستثناء حق التصويت والترشح للمناصب.

في الوقت نفسه، كانت للفصائل الفلسطينية علاقة معقدة مع السلطات السورية. كان الرئيس السوري الأسبق حافظ الأسد وزعيم «منظمة التحرير الفلسطينية»، ياسر عرفات، خصمين. وسُجن العديد من الفلسطينيين بسبب انتمائهم لحركة «فتح» التابعة لعرفات.

قال محمود دخنوس، معلم متقاعد عاد إلى «اليرموك» للتحقق من منزله، إنه كان يُستدعى كثيراً للاستجواب من قبل أجهزة الاستخبارات السورية.

وأضاف متحدثاً عن عائلة الأسد: «على الرغم من ادعاءاتهم بأنهم مع (المقاومة) الفلسطينية، في الإعلام كانوا كذلك، لكن على الأرض كانت الحقيقة شيئاً آخر».

وبالنسبة لحكام البلاد الجدد، قال: «نحتاج إلى مزيد من الوقت للحكم على موقفهم تجاه الفلسطينيين في سوريا. لكن العلامات حتى الآن خلال هذا الأسبوع، المواقف والمقترحات التي يتم طرحها من قبل الحكومة الجديدة جيدة للشعب والمواطنين».

حاولت الفصائل الفلسطينية في اليرموك البقاء محايدة عندما اندلع الصراع في سوريا، ولكن بحلول أواخر 2012، انجر المخيم إلى الصراع ووقفت فصائل مختلفة على جوانب متعارضة.

عرفات في حديث مع حافظ الأسد خلال احتفالات ذكرى الثورة الليبية في طرابلس عام 1989 (أ.ف.ب)

منذ سقوط الأسد، كانت الفصائل تسعى لتوطيد علاقتها مع الحكومة الجديدة. قالت مجموعة من الفصائل الفلسطينية، في بيان يوم الأربعاء، إنها شكلت هيئة برئاسة السفير الفلسطيني لإدارة العلاقات مع السلطات الجديدة في سوريا.

ولم تعلق القيادة الجديدة، التي ترأسها «هيئة تحرير الشام»، رسمياً على وضع اللاجئين الفلسطينيين.

قدمت الحكومة السورية المؤقتة، الجمعة، شكوى إلى مجلس الأمن التابع للأمم المتحدة تدين دخول القوات الإسرائيلية للأراضي السورية في مرتفعات الجولان وقصفها لعدة مناطق في سوريا.

لكن زعيم «هيئة تحرير الشام»، أحمد الشرع، المعروف سابقاً باسم «أبو محمد الجولاني»، قال إن الإدارة الجديدة لا تسعى إلى صراع مع إسرائيل.

وقال الرفاعي إن قوات الأمن الحكومية الجديدة دخلت مكاتب ثلاث فصائل فلسطينية وأزالت الأسلحة الموجودة هناك، لكن لم يتضح ما إذا كان هناك قرار رسمي لنزع سلاح الجماعات الفلسطينية.