مصادر ليبية تكشف لـ«الشرق الأوسط» عن محادثات سرية لدمج حكومة الثني والغويل

وزير الخارجية اليوناني في طرابلس

الثني والغويل
الثني والغويل
TT

مصادر ليبية تكشف لـ«الشرق الأوسط» عن محادثات سرية لدمج حكومة الثني والغويل

الثني والغويل
الثني والغويل

زار أمس وزير الخارجية اليوناني العاصمة الليبية طرابلس، فيما اجتمع المشير خليفة حفتر القائد العام للجيش الوطني الليبي مع مسؤولين سياسيين وعسكريين بالعاصمة الروسية موسكو.
وتأتي هذه التطورات فيما علمت «الشرق الأوسط» أن محادثات سرية تجرى حاليا على قدم وساق بين رئيسي الحكومة الانتقالية الموالية للبرلمان الليبي المعترف به دوليا والموجود في مدينة طبرق وما يسمى بحكومة الإنقاذ الوطني الموالية للمؤتمر الوطني العام (البرلمان) السابق والمنتهية ولايته في العاصمة طرابلس.
ويسعى الطرفان للإطاحة بحكومة الوفاق الوطني، الثالثة المعترف بها دوليا والتي يترأسها فائز السراج ويحظى بدعم من بعثة الأمم المتحدة، لكنه لا يملك أي سيطرة على الميليشيات المسلحة المنتشرة في العاصمة طرابلس منذ نحو عامين.
وتأتي هذه المحادثات تتويجا لاجتماع سري عقد قبل عدة أسابيع بين عبد الله الثني رئيس الحكومة الانتقالية وخليفة الغويل رئيس حكومة الإنقاذ غير المعترف بها دوليا.
وقال مسؤول في البرلمان السابق لـ«الشرق الأوسط» إن محادثات تمت بين وفدين يمثلان الحكومتين في طرابلس يومي الخميس والسبت الماضيين.
من جهته، قال مجلس النواب الليبي إن وفدا يمثله عقد اجتماعا في طرابلس مع وفد يمثل البرلمان السابق، فيما كشف رئيس الوفد وعضو مجلس النواب سعد المريمي النقاب عن اتفاق الطرفين على تشكيل لجنة فنية لتقديم الرأي القانوني والفني لإمكانية دمج حكومتي الثني والغويل واقتراح آلية للدمج. ولفت المريمي في بيان نشره مجلس النواب عبر موقعه الإلكتروني الرسمي إلى أن هذه اللجنة ستتكون من أربعة أعضاء مناصفة بين الطرفين على أن تقدم تقريرها بغضون الأسبوع المقبل، موضحا أن وفدا من المؤتمر الوطني سيصل إلى المنطقة الشرقية قريبا للمرة الأولى. إلى ذلك، قالت مصادر ليبية لـ«الشرق الأوسط» إن قائد الجيش الوطني الليبي المشير خليفة حفتر بصدد التعاقد في روسيا على صفقة أسلحة جديدة للجيش الذي احتفل أمس بتخريج دفعة تضم 900 مقاتل بمعسكر الأبيار في شرق البلاد.
وأعلنت وكالة الأنباء الليبية الموالية لمجلس النواب أن حفتر التقى في ثاني أيام زيارته الرسمية إلى موسكو، وزير الدفاع سيرغي شويغو، ووزير الخارجية سيرغي لافروف، ومجلس الأمن القومي، مشيرة إلى أن المحادثات تطرقت إلى الأوضاع الليبية الراهنة، وبحث القضايا المشتركة لتعزيز الاستقرار والتعاون بين الدولتين.
وأبلغ مسؤول عسكري ليبي «الشرق الأوسط» أن حفتر يسعى لإقناع روسيا بتقديم صفقة أسلحة جديدة إلى الجيش الوطني الليبي الذي يستعد لاقتحام آخر معاقل الجماعات المتطرفة في مدينة بنغازي بالمنطقة الشرقية.
ونفى المسؤول الذي تحدث مشترطا عدم تعريفه أن تكون محادثات حفتر مع الجانب الروسي تتضمن منح روسيا قاعدة عسكرية في الأراضي الليبية، مؤكدا أن السلطات الروسية تعرف جيدا موقف حفتر بهذا الخصوص.
واحتفل أمس الجيش الليبي بتخريج دفعة جديدة من المقاتلين بمعسكر الأبيار جنوب شرقي بنغازي وبحضور رئيس الأركان للجيش اللواء عبد الرازق الناظوري وعدد من قادة الجيش.
وتضم الدفعة الجديدة نحو 900 مقاتل، علما بأنها الدفعة الرابعة التي يتم الاحتفال بها خلال العام الحالي.
إلى ذلك، وصل أمس بشكل مفاجئ إلى العاصمة طرابلس وزير خارجية الجمهورية اليوناني نيكولاس كوتزياس على متن طائرة حربية يونانية، كأحدث مسؤول غربي يزور العاصمة الليبية.
والتقى نيكولاس فائز السراج رئيس حكومة الوفاق الوطني المدعومة من بعثة الأمم المتحدة، بعدما استقبله بمطار معيتيقة وزير الخارجية المكلف محمد سيالة.
إلى ذلك، التزمت السلطات الليبية الصمت حيال تقارير صحافية أميركية نقلت أمس عن مسؤولين أميركيين أن الولايات المتحدة الأميركية وفرنسا نفذتا عملية استهدفت مختار بلمختار قائد «تنظيم المرابطون المتطرف» في شمال أفريقيا.
ونقلت صحيفة «وول ستريت جورنال» الأميركية عن مسؤولين أن طائرة فرنسية قتلت خلال غارة سرية لها بلمختار في جنوب ليبيا هذا الشهر.



الأمم المتحدة تطالب بإغاثة 10 ملايين يمني

الاستجابة الأممية في 2025 تركز على إغاثة قرابة 4 ملايين نازح يمني (الأمم المتحدة)
الاستجابة الأممية في 2025 تركز على إغاثة قرابة 4 ملايين نازح يمني (الأمم المتحدة)
TT

الأمم المتحدة تطالب بإغاثة 10 ملايين يمني

الاستجابة الأممية في 2025 تركز على إغاثة قرابة 4 ملايين نازح يمني (الأمم المتحدة)
الاستجابة الأممية في 2025 تركز على إغاثة قرابة 4 ملايين نازح يمني (الأمم المتحدة)

بالتزامن مع تحذيرها من تفاقم الأزمة الإنسانية، ووصول أعداد المحتاجين للمساعدات العاجلة إلى أكثر من 19 مليون شخص، أطلقت الأمم المتحدة وشركاؤها خطة الاستجابة للاحتياجات الإنسانية في اليمن للعام الحالي لمساعدة أكثر من 10 ملايين محتاج.

ويأتي ذلك في ظل تراجع حاد للعملة اليمنية، إلى أدنى مستوياتها على الإطلاق، بعد تجاوز سعر الدولار 2160 ريالاً في مناطق سيطرة الحكومة الشرعية، التي عجزت عن سداد رواتب الموظفين منذ 4 أشهر، بعد أكثر من عامين من تسبب الجماعة الحوثية في توقف تصدير النفط، واشتداد أزمات الخدمات العامة، وانقطاع الكهرباء في عدن حيث العاصمة المؤقتة للبلاد لأكثر من نصف اليوم.

ودعت الأمم المتحدة المجتمع الدولي والمانحين إلى توفير مبلغ 2.47 مليار دولار لدعم خطة الاستجابة الإنسانية لليمن للعام الحالي، لتلبية الاحتياجات الإنسانية العاجلة لأكثر من 19.5 مليون شخص.

وجاءت الدعوة على لسان جوليان هارنيس، منسق الشؤون الإنسانية في اليمن، الذي طالب بتقديم الدعم اللازم لضمان الوصول إلى الفئات الأكثر ضعفاً وتقديم المساعدات المنقذة للحياة لـ10.5 مليون شخص، مشيراً إلى أن الجهود السابقة خلال العام الماضي، شملت أكثر من 8 ملايين شخص بدعم تجاوز 1.4 مليار دولار.

نصف الأطفال اليمنيين يعانون من سوء تغذية وتعدّ النساء والفتيات من الفئات الأكثر ضعفاً (الأمم المتحدة)

وشدَّد هاريس على أن الاحتياجات خلال العام الحالي تتطلب استجابة أوسع وأكثر شمولية لتحقيق الاستقرار وبناء قدرة المجتمعات على الصمود، منوهاً بأن تدهور الأوضاع الاقتصادية، والظروف المناخية القاسية، والتطورات العسكرية الإقليمية أسهمت في مضاعفة الاحتياجات الإنسانية.

ويواجه نصف السكان تقريباً انعداماً حاداً في الأمن الغذائي، ويعيش أكثر من 13 مليون شخص في ظل نقص حاد في مياه الشرب النظيفة، بينما تعمل 40 في المائة من المرافق الصحية بشكل جزئي أو لا تعمل.

وكانت الأمم المتحدة طالبت العام الماضي بـ2.7 مليار دولار لخطة الاستجابة الإنسانية، لكنها لم تحصل سوى على تعهدات ضئيلة، ما تسبب في عجز كبير في تلبية احتياجات المستهدفين.

تناقض الاحتياجات والمطالب

ويؤكد جمال بلفقيه رئيس اللجنة العليا للإغاثة في الحكومة اليمنية أرقام الاحتياجات الإنسانية التي تعلن عنها الأمم المتحدة ووكالاتها والمنظمات الدولية، لكنه يشير إلى التناقض بين ما تعلن عنه من احتياجات ومساعيها للحصول على تمويل لتلبية تلك الاحتياجات، إلى جانب عدم قدرتها على الوصول إلى المستهدفين بسبب نقص المعلومات والبيانات، بالإضافة إلى التغيرات الديموغرافية الحاصلة بفعل النزوح.

استمرار الصراع ترك اليمنيين في حالة احتياج دائم للمساعدات (الأمم المتحدة)

وفي تصريحه لـ«الشرق الأوسط» أعرب بلفقيه عن مخاوفه من عدم إمكانية الحصول على المبالغ المطلوبة لصالح الاستجابة الإنسانية بسبب سوء الترويج للأزمة الإنسانية في اليمن لدى المانحين، لافتاً إلى أن طرق تعامل المنظمات الدولية والأممية في الإغاثة لم تتغير منذ عام 2015، رغم فشلها في تلبية احتياجات اليمنيين، وإنهاء الأزمة الإنسانية أو الحد منها.

وقبيل إطلاقها خطة الاستجابة الإنسانية للعام الحالي، حذّرت الأمم المتحدة، من اشتداد الأزمة الإنسانية في اليمن، بعد تجاوز أعداد المحتاجين إلى مساعدات إنسانية هذا العام 19.5 مليون شخص، بزيادة قدرها 1.3 مليون شخص مقارنة بالعام الماضي، مبدية قلقها على الأطفال الذين يعانون من سوء تغذية، وعلى الفئات الأكثر تهميشاً من بينهم، مثل النساء والفتيات والنازحين البالغ عددهم 4.8 مليون شخص.

وقالت نائبة رئيس مكتب الأمم المتحدة لتنسيق الشؤون الإنسانية (أوتشا)، جويس مسويا، أمام مجلس الأمن الدولي إنّ اليمنيين ما زالوا يواجهون أزمة خطرة على الصعيدين الإنساني وحماية المدنيين، مشيرة إلى أن تقديرات النداء الإنساني للعام الحالي الذي يجري إعداده، كشفت عن تفاقم الأزمة.

وباء الكوليرا عاد للتفشي في اليمن بالتزامن مع ضعف القطاع الصحي (رويترز)

ووفق حديث مسويا، فإنّ نحو 17 مليون يمني، أي ما يقدر بنصف سكان البلاد، لا يستطيعون تلبية احتياجاتهم الغذائية الأساسية، وما يقرب من نصف الأطفال دون سنّ الخامسة يعانون من تأخر خَطرٍ في النمو بسبب سوء التغذية، مع انتشار مروّع لوباء الكوليرا، بينما يعاني النظام الصحي من ضغوط شديدة.

انهيار العملة

وواصلت العملة اليمنية تراجعها إلى أدنى المستويات، وتجاوز سعر العملات الأجنبية المتداولة في البلاد 2160 ريالاً للدولار الواحد، و565 ريالاً أمام الريال السعودي، بعد أن ظلت تتراجع منذ منتصف العام الماضي، وهي الفترة التي شهدت تراجع الحكومة اليمنية عن قراراتها بفرض حصار على البنوك التجارية المتواطئة مع الجماعة الحوثية.

ويرجع الخبراء الاقتصاديون اليمنيون هذا الانهيار المتواصل للعملة إلى الممارسات الحوثية ضد الأنشطة الاقتصادية الحكومية، مثل الاعتداء على مواني تصدير النفط الخام ومنع تصديره، وإجبار الشركات التجارية على الاستيراد عبر ميناء الحديدة الخاضع للجماعة، إلى جانب المضاربة غير المشروعة بالعملة، وسياسات الإنفاق الحكومية غير المضبوطة وتفشي الفساد.

العملة اليمنية واصلت تدهورها الحاد خلال الأشهر الستة الماضية (رويترز)

ويقدر الباحث الاقتصادي اليمني فارس النجار الفجوة التمويلية لأعمال الإغاثة والاستجابة الإنسانية، بأكثر من 3 مليارات دولار، ويقول إن تراكمات هذا العجز خلال السنوات الماضية أوصل نسبة تغطية الاحتياجات الإنسانية في البلاد إلى 52 في المائة.

ولمح النجار في حديثه لـ«الشرق الأوسط» إلى تضرر الاقتصاد اليمني بفعل أزمة البحر الأحمر وما سببته من تحول طرق التجارة العالمية أو ارتفاع تكاليف الشحن والتأمين، مع عدم بروز إمكانية لتحسن اقتصادي دون توقف الجماعة الحوثية عن ممارساتها أو إلزامها بالكف عنها، بالتوازي مع إجراءات داخلية لتحسين الإيرادات.

استهداف الحوثيين للسفن التجارية في البحر الأحمر ضاعف من تدهور الاقتصاد اليمني (أ.ف.ب)

وحثّ النجار الحكومة اليمنية على اتباع سياسات تزيد من كفاءة تحصيل الإيرادات المحلية، وتخفيف فاتورة الاستيراد، ومن ذلك تشجيع الأنشطة الزراعية والسمكية وتوفير فرص عمل جديدة في هذين القطاعين اللذين يشكلان ما نسبته 30 في المائة من حجم القوى العاملة في الريف، وتشجيع زراعة عدد من المحاصيل الضرورية.

يشار إلى أن انهيار العملة المحلية وعجز الحكومة عن توفير الموارد تسبب في توقف رواتب الموظفين العموميين منذ 4 أشهر، إلى جانب توقف كثير من الخدمات العامة الضرورية، ومن ذلك انقطاع الكهرباء في العاصمة المؤقتة عدن لمدد متفاوتة تصل إلى 14 ساعة يومياً.