بوادر عصيان مدني في طرابلس.. وحفتر في زيارة مفاجئة لموسكو

مؤسسة النفط الليبية تعلن عدم مشاركتها في أي تخفيضات لـ {أوبك}

المشير خليفة حفتر
المشير خليفة حفتر
TT

بوادر عصيان مدني في طرابلس.. وحفتر في زيارة مفاجئة لموسكو

المشير خليفة حفتر
المشير خليفة حفتر

فيما شهدت أمس العاصمة الليبية طرابلس أول عصيان مدني من نوعه منذ وصول حكومة الوفاق الوطني المدعومة من بعثة الأمم المتحدة إليها في نهاية شهر مارس (آذار) الماضي، بدأ مساء أمس المشير خليفة حفتر قائد الجيش الوطني الليبي زيارة مفاجئة إلى العاصمة الروسية موسكو. وأكد مكتب إعلام الجيش الليبي في بيان مقتضب وصول حفتر إلى موسكو في زيارة رسمية، لكنه لم يقدم المزيد من التفاصيل حول فحوى الزيارة. وهذه هي ثاني زيارة علنية يقوم بها حفتر للعاصمة الروسية التي سبق أن زارها في شهر يونيو (حزيران) الماضي، حيث التقى برفقة وفد عسكري رفيع المستوى وزير الدفاع الروسي سيرغي شويغو وأمين مجلس الأمن الروسي نيكولاي باتروشيف بالإضافة إلى ميخائيل بوغدانوف نائب وزير الخارجية الروسي. وتضاربت أمس المعلومات حول نجاح أول عصيان مدني دعا إليه ناشطون وسياسيون محليون لإجبار السلطات على إعادة النظر في الأوضاع الاقتصادية والمعيشية الصعبة التي تمر بها المدينة مؤخرا. وقال سكان إن الاستجابة للعصيان كانت لافتة للانتباه خاصة في الجامعات والمدارس، بينما كانت حركة تنقلات المواطنين والسيارات محدودة في معظم مناطق العاصمة.
ولم تصدر الحكومة المدعومة من بعثة الأمم المتحدة برئاسة فائز السراج أي بيانات ولم تعلق على ما حدث أمس، فيما أظهرت صور فوتوغرافية ولقطات فيديو إغلاق بعض المحلات لأبوابها وقطعا لبعض الطرق بإطارات السيارات المشتعلة.
ورفع مواطنون في ميدان الشهداء بوسط طرابلس لافتات تدعو إلى تحسين الوضع الاقتصادي ووقف الانفلات الأمني الذي تشهده المدينة التي تسيطر عليها ميليشيات مسلحة منذ نحو عامين.
واستبقت بلدية طرابلس المركز، العصيان بدعوة المواطنين والعاملين في القطاع العام بمختلف إداراته ومؤسساته، إلى تجاهل العصيان والاستمرار في العمل خاصة في قطاعات التعليم والصحة والمرافق الخدمية.
كما حثت البلدية في بيان نشرته صفحتها الرسمية على موقع التواصل الاجتماعي «فيسبوك»، المواطنين على «تغليب مصلحة الوطن والنظــر في العــواقب»، مشيرة إلى «تفهمها الكامل للظروف الاقتصادية والأمنية الصعبة».
وحذرت من أن «أي تعطيل للمصلحة العـامة من شأنه أن يفاقم الأزمة ويدفع في اتجاه المزيد من التعقيد، مما يزيد من فداحة الخسائر على المستويين المادي والمعنوي»، على حد تعبيرها.
من جهة أخرى، قتل أول من أمس ثمانية عناصر في القوات الموالية لحكومة السراج المعترف بها في هجوم جديد على آخر منطقة يسيطر عليها تنظيم داعش في مدينة سرت، وفق المستشفى الميداني في المدينة.
ويتولى المستشفى أمر المصابين في صفوف قوات حكومة الوفاق والذين ينقلون بعدها إلى مدينة مصراتة التي يتحدر منها معظم من يقاتلون المتطرفين والواقعة بين سرت وطرابلس.
وقال مستشفى مصراتة المركزي إنه استقبل 17 جريحا، فيما لفت المكتب الإعلامي التابع لقوات السراج إلى هجومين انتحاريين نفذهما متطرفان.
وبدأت القوات الحكومية التي أعلنت أول من أمس استعادة السيطرة على نحو ثلاثين منزلا، حملة في شهر مايو (أيار) الماضي تستهدف استعادة السيطرة على سرت، مسقط رأس العقيد الراحل معمر القذافي، ونجحت في محاصرة التنظيم المتطرف في منطقة الجيزة البحرية في شمال شرقي المدينة والتي تضم مجموعة كبيرة من الأبنية السكنية.
وقتل نحو 700 من عناصر القوات الحكومية التي تتكون أساسا من مجموعات مسلحة من مدينة مصراتة التي تبعد 200 كيلومتر شرق العاصمة طرابلس منذ بدء العملية العسكرية، بينما لا تعرف حصيلة القتلى والإصابات بين المسلحين المتطرفين.
من جهة أخرى، كشفت المؤسسة الوطنية للنفط النقاب أمس عن أن رئيسها المهندس مصطفى صنع الله أبلغ الوفود المشاركة في المنتدى الاقتصادي العربي – النمساوي الثامن المنعقد في فيينا يوم الجمعة الماضي، بأن ليبيا تعاني من وضع اقتصادي خطير لا يسمح معه بالمشاركة في المستقبل القريب في أي عملية تخفيض لإنتاج النفط تعتزم منظمة الدول المصدرة للنفط (أوبك) القيام بها.
وقال صنع الله في بيان رسمي وزعته المؤسسة ونشرته لاحقا عبر موقعها الإلكتروني الرسمي إن إنتاج ليبيا من النفط الخام ارتفع إلى أكثر من الضعف منذ رفع حالة القوة القاهرة على موانئ الهلال النفطي في سبتمبر (أيلول) الماضي، معربا عن أمله في أن تصبح أساليب الضغط بإغلاق الموانئ والحقول النفطية في ليبيا لتحقيق أهداف سياسية شيئا من الماضي.
وبعدما اعتبر أن «نفط ليبيا يمكن أن يكون دافعا للوحدة إذا ما سُمح له بالتدفق بحرية» أضاف: «كل الليبيين تقريبا يعارضون عمليات إغلاق المواقع النفطية لأنها تضر بنا جميعا. والأمر المهم الآن هو أن يستفيد الليبيون جميعا من زيادة الإيرادات النفطية».
وتابع: «وهنا يكمن الاختبار الحقيقي وهو ما إذا كان بإمكاننا الخروج من أزمتنا السياسية الحالية والمحافظة على استمرار تدفق إنتاج النفط».
ورفعت ليبيا إنتاجها من الخام أكثر من المثلين ليصل إلى نحو 600 ألف برميل يوميا منذ إعادة فتح عدد من الموانئ النفطية المحاصرة في سبتمبر الماضي، ولكنه يظل أقل بكثير من مستوى الإنتاج قبل انتفاضة عام 2011 الذي كان يبلغ 1.6 مليون برميل يوميا كما أن احتياطيات النقد الأجنبي في ليبيا تنفد سريعا.
وتأمل المؤسسة أن ترفع إنتاجها إلى 900 ألف برميل بحلول نهاية العام و1.1 مليون برميل يوميا في 2017 ولكن تحقيق ذلك مرهون برفع الحصار عن خطوط الأنابيب التي تخدم حقلي الفيل والشرارة في غرب البلاد.



الحوثيون يكثّفون حملة الاعتقالات في معقلهم الرئيسي

جنود حوثيون يركبون شاحنة في أثناء قيامهم بدورية في مطار صنعاء (إ.ب.أ)
جنود حوثيون يركبون شاحنة في أثناء قيامهم بدورية في مطار صنعاء (إ.ب.أ)
TT

الحوثيون يكثّفون حملة الاعتقالات في معقلهم الرئيسي

جنود حوثيون يركبون شاحنة في أثناء قيامهم بدورية في مطار صنعاء (إ.ب.أ)
جنود حوثيون يركبون شاحنة في أثناء قيامهم بدورية في مطار صنعاء (إ.ب.أ)

أطلقت الجماعة الحوثية سراح خمسة من قيادات جناح حزب «المؤتمر الشعبي» في مناطق سيطرتها، بضمانة عدم المشاركة في أي نشاط احتجاجي أو الاحتفال بالمناسبات الوطنية، وفي المقابل كثّفت في معقلها الرئيسي، حيث محافظة صعدة، حملة الاعتقالات التي تنفّذها منذ انهيار النظام السوري؛ إذ تخشى تكرار هذه التجربة في مناطق سيطرتها.

وذكرت مصادر في جناح حزب «المؤتمر الشعبي» لـ«الشرق الأوسط»، أن الوساطة التي قادها عضو مجلس حكم الانقلاب الحوثي سلطان السامعي، ومحافظ محافظة إب عبد الواحد صلاح، أفضت، وبعد أربعة أشهر من الاعتقال، إلى إطلاق سراح خمسة من أعضاء اللجنة المركزية للحزب، بضمانة من الرجلين بعدم ممارستهم أي نشاط معارض لحكم الجماعة.

وعلى الرغم من الشراكة الصورية بين جناح حزب «المؤتمر» والجماعة الحوثية، أكدت المصادر أن كل المساعي التي بذلها زعيم الجناح صادق أبو راس، وهو عضو أيضاً في مجلس حكم الجماعة، فشلت في تأمين إطلاق سراح القادة الخمسة وغيرهم من الأعضاء؛ لأن قرار الاعتقال والإفراج مرتبط بمكتب عبد الملك الحوثي الذي يشرف بشكل مباشر على تلك الحملة التي طالت المئات من قيادات الحزب وكوادره بتهمة الدعوة إلى الاحتفال بالذكرى السنوية للإطاحة بأسلاف الحوثيين في شمال اليمن عام 1962.

قيادات جناح حزب «المؤتمر الشعبي» في صنعاء يتعرّضون لقمع حوثي رغم شراكتهم الصورية مع الجماعة (إكس)

في غضون ذلك، ذكرت وسائل إعلام محلية أن الجماعة الحوثية واصلت حملة الاعتقالات الواسعة التي تنفّذها منذ أسبوعين في محافظة صعدة، المعقل الرئيسي لها (شمال)، وأكدت أنها طالت المئات من المدنيين؛ حيث داهمت عناصر ما يُسمّى «جهاز الأمن والمخابرات»، الذين يقودهم عبد الرب جرفان منازلهم وأماكن عملهم، واقتادتهم إلى معتقلات سرية ومنعتهم من التواصل مع أسرهم أو محامين.

300 معتقل

مع حالة الاستنفار التي أعلنها الحوثيون وسط مخاوف من استهداف قادتهم من قبل إسرائيل، قدّرت المصادر عدد المعتقلين في الحملة الأخيرة بمحافظة صعدة بنحو 300 شخص، من بينهم 50 امرأة.

وذكرت المصادر أن المعتقلين يواجهون تهمة التجسس لصالح الولايات المتحدة وإسرائيل ودول أخرى؛ حيث تخشى الجماعة من تحديد مواقع زعيمها وقادة الجناح العسكري، على غرار ما حصل مع «حزب الله» اللبناني، الذي أشرف على تشكيل جماعة الحوثي وقاد جناحيها العسكري والمخابراتي.

عناصر من الحوثيين خلال حشد للجماعة في صنعاء (إ.ب.أ)

ونفت المصادر صحة التهم الموجهة إلى المعتقلين المدنيين، وقالت إن الجماعة تسعى لبث حالة من الرعب وسط السكان، خصوصاً في محافظة صعدة، التي تستخدم بصفتها مقراً أساسياً لاختباء زعيم الجماعة وقادة الجناح العسكري والأمني.

وحسب المصادر، تتزايد مخاوف قادة الجماعة من قيام تل أبيب بجمع معلومات عن أماكن اختبائهم في المرتفعات الجبلية بالمحافظة التي شهدت ولادة هذه الجماعة وانطلاق حركة التمرد ضد السلطة المركزية منذ منتصف عام 2004، والتي تحولت إلى مركز لتخزين الصواريخ والطائرات المسيّرة ومقر لقيادة العمليات والتدريب وتخزين الأموال.

ومنذ سقوط نظام الرئيس السوري بشار الأسد وانهيار المحور الإيراني، استنفرت الجماعة الحوثية أمنياً وعسكرياً بشكل غير مسبوق، خشية تكرار التجربة السورية في المناطق التي تسيطر عليها؛ حيث نفّذت حملة تجنيد شاملة وألزمت الموظفين العموميين بحمل السلاح، ودفعت بتعزيزات كبيرة إلى مناطق التماس مع القوات الحكومية خشية هجوم مباغت.

خلق حالة رعب

بالتزامن مع ذلك، شنّ الحوثيون حملة اعتقالات شملت كل من يُشتبه بمعارضته لسلطتهم، وبررت منذ أيام تلك الحملة بالقبض على ثلاثة أفراد قالت إنهم كانوا يعملون لصالح المخابرات البريطانية، وإن مهمتهم كانت مراقبة أماكن وجود قادتها ومواقع تخزين الأسلحة في صنعاء.

وشككت مصادر سياسية وحقوقية في صحة الرواية الحوثية، وقالت إنه ومن خلال تجربة عشرة أعوام تبيّن أن الحوثيين يعلنون مثل هذه العمليات فقط لخلق حالة من الرعب بين السكان، ومنع أي محاولة لرصد تحركات قادتهم أو مواقع تخزين الصواريخ والمسيرات.

انقلاب الحوثيين وحربهم على اليمنيين تسببا في معاناة ملايين السكان (أ.ف.ب)

ووفق هذه المصادر، فإن قادة الحوثيين اعتادوا توجيه مثل هذه التهم إلى أشخاص يعارضون سلطتهم وممارساتهم، أو أشخاص لديهم ممتلكات يسعى قادة الجماعة للاستيلاء عليها، ولهذا يعمدون إلى ترويج مثل هذه التهم التي تصل عقوبتها إلى الإعدام لمساومة هؤلاء على السكوت والتنازل عن ممتلكاتهم مقابل إسقاط تلك التهم.

وبيّنت المصادر أن المئات من المعارضين أو الناشطين قد وُجهت إليهم مثل هذه التهم منذ بداية الحرب التي أشعلتها الجماعة الحوثية بانقلابها على السلطة الشرعية في 21 سبتمبر (أيلول) عام 2014، وهي تهم ثبت زيفها، ولم تتمكن مخابرات الجماعة من تقديم أدلة تؤيد تلك الاتهامات.

وكان آخرهم المعتقلون على ذمة الاحتفال بذكرى الإطاحة بنظام حكم أسلافهم في شمال اليمن، وكذلك مالك شركة «برودجي» التي كانت تعمل لصالح الأمم المتحدة، للتأكد من هوية المستفيدين من المساعدات الإغاثية ومتابعة تسلمهم تلك المساعدات؛ حيث حُكم على مدير الشركة بالإعدام بتهمة التخابر؛ لأنه استخدم نظام تحديد المواقع في عملية المسح، التي تمت بموافقة سلطة الحوثيين أنفسهم