انقلاب سحر «الجمعة السوداء» على المتاجر البريطانية

هجر المتسوقون السوق واستبدلوها بالتكنولوجيا

المستفيد الأول من يوم التسوق غير العادي في لندن كان المتاجر الإلكترونية بحيث وصلت المبيعات إلى أكثر من مليار ونصف المليار جنيه إسترليني(أ.ف.ب)
المستفيد الأول من يوم التسوق غير العادي في لندن كان المتاجر الإلكترونية بحيث وصلت المبيعات إلى أكثر من مليار ونصف المليار جنيه إسترليني(أ.ف.ب)
TT

انقلاب سحر «الجمعة السوداء» على المتاجر البريطانية

المستفيد الأول من يوم التسوق غير العادي في لندن كان المتاجر الإلكترونية بحيث وصلت المبيعات إلى أكثر من مليار ونصف المليار جنيه إسترليني(أ.ف.ب)
المستفيد الأول من يوم التسوق غير العادي في لندن كان المتاجر الإلكترونية بحيث وصلت المبيعات إلى أكثر من مليار ونصف المليار جنيه إسترليني(أ.ف.ب)

تفاءلت المتاجر في بريطانيا بالخير بعدما تبنت تقليد «الجمعة السوداء» أو Black Friday الأميركي ولكن سرعان ما تبدد حلم البيع وتسجيل الأرقام الخيالية بعدما هجر المتسوقون السوق تاركين وراءهم خيبة أمل كبيرة لأصحاب المتاجر الكبرى.
فلم تكن الأسواق مزدحمة بالشكل الذي تمنته الشركات والمحلات، وما تناقلته وسائل الإعلام المحلية لم يكن سوى زوبعة في فنجان لحفنة من المتسوقين الذين وقعوا في فخ هذا اليوم الذي يوحي بأنه من أفضل أيام التسوق نسبة للحسومات الهائلة التي تقدمها المتاجر.
وبهذه المناسبة فتحت المتاجر في لندن أبوابها من الساعة الخامسة صباحا لاستقبال المتسوقين، لتجد عددا ضئيلا من المنتظرين في طوابير لا تعار أي أهمية، لتكن هذه أولى الإشارات إلى يوم أسود حرفيا.
ولكن المستفيد الأول من يوم التسوق غير العادي كان التسوق على الإنترنت بحيث وصلت المبيعات إلى أكثر من مليار ونصف المليار جنيه إسترليني، وهذه خطوة ذكية من قبل المتسوقين الذين أصبحوا يدركون أصول لعبة الكر والفر ما بين المتسوق والمتجر.
أرقام هذا العام إذا دلت على شيء فهي تدل على تحول السوق إلى الإنترنت وهذا ما يجعل شبح المتاجر المهجورة يهيمن من جديد على الأسواق الكبرى في بريطانيا التي عانت منذ النكبة الاقتصادية الأخيرة عام 2007 ولا تزال تدفع ثمنها الكثير من المتاجر الكبرى.

المواقع الإلكترونية.. الرابح الأكبر
المواقع الإلكترونية هي التي فازت بحصة الأسد من المبيعات واستحوذت على 40 في المائة من مجمل المبيعات. وانخفضت نسبة المتسوقين في متاجر الأسواق البريطانية بنسبة 7 في المائة عن العام الماضي. بالنسبة للمبيعات، أكثر من 51 في المائة من المبيعات كانت من نصيب الهواتف الذكية، وأكثر من خمسة مواقع إلكترونية شهدت زيارة من قبل المستهلكين هي موقع أرغوس وكاريز ودبينهامز وإي باي.
ولم تكن بعض المواقع الإلكترونية هي الرابح الأكبر وحدها إنما أيضا بعض شركات التوصيل، فمن المنتظر أن توصل شركة «إيرميس» التي تعتبر من أكبر شركات توصيل البضائع في بريطانيا، 750 ألف قطعة في يوم واحد إلى المستهلكين.
وبحسب الأخصائيين في مجال عقلية البيع والشراء فمن المتوقع أن يرد المستهلكون خمسة ملايين قطعة، وتحديدا 27 في المائة من المبيعات عبر المواقع الإلكترونية في لندن سيسترد الزبائن ثمنها خاصة أن سياسة الشراء والاسترداد سهلة جدا في بريطانيا.
واللافت في الأرقام التي سجلت في البيع على الإنترنت، مبيعات محلات «جون لويس» بحيث سجلت مبيعات قياسية ما بين الساعة الثامنة مساء والثامنة صباحا وسجلت طلبية كل خمس ثوان.



ستيف بركات لـ«الشرق الأوسط»: أصولي اللبنانية تتردّد أبداً في صدى موسيقاي

عازف البيانو ستيف بركات ينسج موسيقاه من جذوره اللبنانية     -   ستيف بركات يؤمن بالموسيقى لغة عالمية توحّد الشعوب (الشرق الأوسط)
عازف البيانو ستيف بركات ينسج موسيقاه من جذوره اللبنانية - ستيف بركات يؤمن بالموسيقى لغة عالمية توحّد الشعوب (الشرق الأوسط)
TT

ستيف بركات لـ«الشرق الأوسط»: أصولي اللبنانية تتردّد أبداً في صدى موسيقاي

عازف البيانو ستيف بركات ينسج موسيقاه من جذوره اللبنانية     -   ستيف بركات يؤمن بالموسيقى لغة عالمية توحّد الشعوب (الشرق الأوسط)
عازف البيانو ستيف بركات ينسج موسيقاه من جذوره اللبنانية - ستيف بركات يؤمن بالموسيقى لغة عالمية توحّد الشعوب (الشرق الأوسط)

ستيف بركات عازف بيانو كندي من أصل لبناني، ينتج ويغنّي ويلحّن. لفحه حنين للجذور جرّه إلى إصدار مقطوعة «أرض الأجداد» (Motherland) أخيراً. فهو اكتشف لبنان في وقت لاحق من حياته، وينسب حبّه له إلى «خيارات مدروسة وواعية» متجذرة في رحلته. من اكتسابه فهماً متيناً لهويته وتعبيره عن الامتنان لما منحه إياه الإرث من عمق يتردّد صداه كل يوم، تحاوره «الشرق الأوسط» في أصله الإنساني المنساب على النوتة، وما أضفاه إحساسه الدفين بالصلة مع أسلافه من فرادة فنية.
غرست عائلته في داخله مجموعة قيم غنية استقتها من جذورها، رغم أنه مولود في كندا: «شكلت هذه القيم جزءاً من حياتي منذ الطفولة، ولو لم أدركها بوعي في سنّ مبكرة. خلال زيارتي الأولى إلى لبنان في عام 2008. شعرتُ بلهفة الانتماء وبمدى ارتباطي بجذوري. عندها أدركتُ تماماً أنّ جوانب عدة من شخصيتي تأثرت بأصولي اللبنانية».
بين كوبنهاغن وسيول وبلغراد، وصولاً إلى قاعة «كارنيغي» الشهيرة في نيويورك التي قدّم فيها حفلاً للمرة الأولى، يخوض ستيف بركات جولة عالمية طوال العام الحالي، تشمل أيضاً إسبانيا والصين والبرتغال وكوريا الجنوبية واليابان... يتحدث عن «طبيعة الأداء الفردي (Solo) التي تتيح حرية التكيّف مع كل حفل موسيقي وتشكيله بخصوصية. فالجولات تفسح المجال للتواصل مع أشخاص من ثقافات متنوعة والغوص في حضارة البلدان المضيفة وتعلّم إدراك جوهرها، مما يؤثر في المقاربة الموسيقية والفلسفية لكل أمسية».
يتوقف عند ما يمثله العزف على آلات البيانو المختلفة في قاعات العالم من تحدٍ مثير: «أكرّس اهتماماً كبيراً لأن تلائم طريقة عزفي ضمانَ أفضل تجربة فنية ممكنة للجمهور. للقدرة على التكيّف والاستجابة ضمن البيئات المتنوّعة دور حيوي في إنشاء تجربة موسيقية خاصة لا تُنسى. إنني ممتنّ لخيار الجمهور حضور حفلاتي، وهذا امتياز حقيقي لكل فنان. فهم يمنحونني بعضاً من وقتهم الثمين رغم تعدّد ملاهي الحياة».
كيف يستعد ستيف بركات لحفلاته؟ هل يقسو عليه القلق ويصيبه التوتر بإرباك؟ يجيب: «أولويتي هي أن يشعر الحاضر باحتضان دافئ ضمن العالم الموسيقي الذي أقدّمه. أسعى إلى خلق جو تفاعلي بحيث لا يكون مجرد متفرج بل ضيف عزيز. بالإضافة إلى الجانب الموسيقي، أعمل بحرص على تنمية الشعور بالصداقة الحميمة بين الفنان والمتلقي. يستحق الناس أن يلمسوا إحساساً حقيقياً بالضيافة والاستقبال». ويعلّق أهمية على إدارة مستويات التوتّر لديه وضمان الحصول على قسط كافٍ من الراحة: «أراعي ضرورة أن أكون مستعداً تماماً ولائقاً بدنياً من أجل المسرح. في النهاية، الحفلات الموسيقية هي تجارب تتطلب مجهوداً جسدياً وعاطفياً لا تكتمل من دونه».
عزف أناشيد نالت مكانة، منها نشيد «اليونيسف» الذي أُطلق من محطة الفضاء الدولية عام 2009 ونال جائزة. ولأنه ملحّن، يتمسّك بالقوة الهائلة للموسيقى لغة عالمية تنقل الرسائل والقيم. لذا حظيت مسيرته بفرص إنشاء مشروعات موسيقية لعلامات تجارية ومؤسسات ومدن؛ ومعاينة تأثير الموسيقى في محاكاة الجمهور على مستوى عاطفي عميق. يصف تأليف نشيد «اليونيسف» بـ«النقطة البارزة في رحلتي»، ويتابع: «التجربة عزّزت رغبتي في التفاني والاستفادة من الموسيقى وسيلة للتواصل ومتابعة الطريق».
تبلغ شراكته مع «يونيفرسال ميوزيك مينا» أوجها بنجاحات وأرقام مشاهدة عالية. هل يؤمن بركات بأن النجاح وليد تربة صالحة مكوّنة من جميع عناصرها، وأنّ الفنان لا يحلّق وحده؟ برأيه: «يمتد جوهر الموسيقى إلى ما وراء الألحان والتناغم، ليكمن في القدرة على تكوين روابط. فالنغمات تمتلك طاقة مذهلة تقرّب الثقافات وتوحّد البشر». ويدرك أيضاً أنّ تنفيذ المشاريع والمشاركة فيها قد يكونان بمثابة وسيلة قوية لتعزيز الروابط السلمية بين الأفراد والدول: «فالثقة والاهتمام الحقيقي بمصالح الآخرين يشكلان أسس العلاقات الدائمة، كما يوفر الانخراط في مشاريع تعاونية خطوات نحو عالم أفضل يسود فيه الانسجام والتفاهم».
بحماسة أطفال عشية الأعياد، يكشف عن حضوره إلى المنطقة العربية خلال نوفمبر (تشرين الثاني) المقبل: «يسعدني الوجود في منطقة الشرق الأوسط وشمال أفريقيا كجزء من جولة (Néoréalité) العالمية. إنني في مرحلة وضع اللمسات الأخيرة على التفاصيل والتواريخ لنعلن عنها قريباً. تملؤني غبطة تقديم موسيقاي في هذا الحيّز النابض بالحياة والغني ثقافياً، وأتحرّق شوقاً لمشاركة شغفي وفني مع ناسه وإقامة روابط قوامها لغة الموسيقى العالمية».
منذ إطلاق ألبومه «أرض الأجداد»، وهو يراقب جمهوراً متنوعاً من الشرق الأوسط يتفاعل مع فنه. ومن ملاحظته تزايُد الاهتمام العربي بالبيانو وتعلّق المواهب به في رحلاتهم الموسيقية، يُراكم بركات إلهاماً يقوده نحو الامتنان لـ«إتاحة الفرصة لي للمساهمة في المشهد الموسيقي المزدهر في الشرق الأوسط وخارجه».
تشغله هالة الثقافات والتجارب، وهو يجلس أمام 88 مفتاحاً بالأبيض والأسود على المسارح: «إنها تولّد إحساساً بالعودة إلى الوطن، مما يوفر ألفة مريحة تسمح لي بتكثيف مشاعري والتواصل بعمق مع الموسيقى التي أهديها إلى العالم».