تتكون اليد من مجموعة من العُظيمات الصغيرة وعددها 8 يتكون منها الرسغ، ومجموعة أخرى طويلة الشكل تتكون منها الأصابع وتسمى السلاميات، إضافة إلى عضلات صغيرة وأوتار وأربطة (تحمي السلاميات وتساعدها في الحركة) وشبكة من الأوعية الدموية والأعصاب التي تغذي هذه المنطقة المهمة والحساسة من الجسم. وتربط الأوتار العضلات بعضها بعضًا، وتقوم بتنظيم حركة هذه العضلات (تحريك أصابع اليد)، وتعطيها مزيدًا من القوة والمتانة، وتحميها من أي إصابات أو صدمات.
أغشية الأوتار
يغلف هذه الأوتار غشاء رقيق، يقوم بحمايتها وتسهيل حركتها. ويتعرض هذا الغشاء، كغيره من أجزاء اليد، للإصابات والالتهابات لأسباب مختلفة قد تتسبب في إعاقة حركة اليد. فما نوع هذه الإصابات؟ وكيف تحدث؟ وما أعراضها؟ وما مضاعفاتها إن لم تتم معالجتها بطريقة صحيحة؟
التقت «صحتك» الدكتور وليد صالح العديني، استشاري جراحة العظام وتخصص دقيق في جراحة اليد، للإجابة على هذه المجموعة من الأسئلة وإيضاح أهمية هذا النوع من التهابات اليد، التي تعرف طبيًا بالتهاب الأغشية الوترية لليد.
بداية أوضح د. العديني أن الغشاء الوتري لليد هو غشاء رقيق جدًا مغلف لأوتار اليد ويمتد في اليد للأوتار القابضة من منتصف منطقة الكف إلى مفصل السلامية الأخيرة لأصابع السبابة والوسطى والخاتم، ما عدا الإبهام والإصبع الصغير. ويكون الغشاء المغلف للأوتار متساويًا في الامتداد مع الغشاء السينوفي الكعبري والزندي للذراع.
أسباب التهاب الأغشية
أوضح د. العديني أن التهاب الأغشية المغلفة للأوتار يسمى بـ«الالتهاب السينوفي البكتيري» (Suppurative Tenosynovitis) لأغشية الأوتار. ويعتبر هذا النوع من الالتهابات خطيرًا إذا ما حدث، حيث يتسبب في تيبس المفاصل وإعاقة حركة الأصابع لليد المصابة في حالة إهمال العلاج. يحصل هذا النوع من الالتهاب، عادةً، نتيجة الإصابة بأدوات ثاقبة للأصابع التي تكون ملوثة بأنواع مختلفة من البكتيريا. ومن أشهر أنواع البكتيريا المسببة لهذا الالتهاب؛ البكتيريا المكورة العنقودية (Staphylococcus aureus bacteria)، إضافة إلى وجود بكتيريا أخرى، ولكنها أقل انتشارًا مسببة أيضًا لهذه الالتهابات، مثل البكتيريا المكورة العقدية (streptococcus) وبعض أنواع البكتيريا السالبة (gram negative bacteria). ويعاني المصاب عادة من ألم مصاحب بتورم في إصبعه، ويكون الإصبع في وضعية الانقباض جزئيًا، ومؤلمًا جدًا أثناء الحركة، ويحاول المريض إبقاءه ساكنًا دون حركة بسبب الألم.
وأهم أسباب الالتهاب:
- تعتبر الإصابات من أهم الأسباب مثل حدوث جرح ثاقب من أداة معدنية.
- حدوث التهاب بعد لسع من بعض الحشرات، مثل النحل والنمل والعقارب وغيرها من الحشرات.
- قد يحدث هذا النوع من التهاب الأوتار في اليد أيضًا من عضات الحيوانات أو عضات البشر، وللأسف فإن عضات البشر هي أخطر أنواع الالتهابات.
- قد يحدث الالتهاب كذلك نتيجة لإصابات مباشرة، مثلاً أدوات صلبة أو التعرض لحوادث مرورية.
المضاعفات
في حالة عدم مباشرة العلاج مبكرًا لالتهابات الأغشية السينوفية المغلفة لأوتار اليد، أو عدم إعطاء المضاد الحيوي المناسب، أو عدم اكتمال العلاج لأي سبب كان، سيكون ذلك مدعاة لحدوث مجموعة من المضاعفات جميعها أو بعضها. وهي:
- تكون تجمعات صديدية مؤدية إلى انسداد الأوعية والشعيرات الدموية المحيطة، والتهاب الأوتار ومن ثم العظام، وانتشار الصديد إلى الذراع والمفاصل مسببًا التهابات في مفاصل اليد المختلفة.
- تيبس دائم في مفاصل اليد المشطية والسلامية.
- الضغط المستمر من الالتهابات والتجمعات الصديدية على العصب الأوسط، مسببًا مرضًا يسمى متلازمة القناة الرسغية.
- أمراض مشابهة. يقول د. العديني إن هناك مجموعة من الأمراض والإصابات المحتملة التي تتشابه في أعراضها مع التهاب الأغشية السينوفية المحيطة للأوتار في اليد، وتكون سببًا في تضليل وتأخر التشخيص الدقيق مبكرًا، ومنها ما يلي:
- التهابات الأوتار نفسها أو العضلات الصغيرة المحيطة باليد.
- التهابات مضاعفات الكسور المفتوحة.
- التهابات الأصابع الناتجة من إصابات خارجية أو داخلية.
- التهابات اليد الناتجة من التجمعات الدموية الناتجة عن الإصابات.
- التهابات اليد الروماتيزمية والرثيانية.
التشخيص
يعتمد التشخيص الابتدائي على الفحص السريري في الأساس، ويكون عمل الأشعة غير ضروري في البداية، ولكن يمكن عمل فحص بالأشعة فوق الصوتية، الذي يبين وجود تجمعات سوائل دلالة على الالتهاب.
وللأهمية، فإن التأخير في تشخيص الإصابة والحرص على وضع التشخيص والعلاج مبكرًا ينتج عنه تزايد مضطرد في الضغط داخل الغشاء السينوفي المغلف للوتر، وبالتالي تزداد خطورة انغلاق الأوعية الدموية المغذية لهذه الأوعية مؤديًا إلى موت هذه الأغشية. وفي حال الالتهابات المهملة والمتأخرة، فإن الالتهاب البكتيري سينتشر إلى أعلى في اتجاه الذراع أو باتجاه الأصابع الأخرى، مسببًا تجمعًا صديديًا مؤديًا إلى انتشار الالتهاب في جميع منطقة اليد والذراع ومؤديًا أيضًا إلى الضغط على العصب الأوسط.
العلاج والوقاية
- العلاج: تجب مباشرة العلاج فورًا عند توقع وجود الالتهاب ورفع اليد إلى الأعلى باستمرار، مع وضعها في سنادة خاصة، وإعطاء المريض المضادات الحيوية الوريدية مثل مستحضرات البنسيلين (penicillin) إذا لم يكن لدى المريض أي تحسس منها، وكذلك مجموعة السيفالوسبورين (Cephalosporin) ومضادات الألم. وإذا لم يحصل أي تحسن لدى المريض خلال 24 ساعة، فعندئذ لا بد من التدخل الجراحي، وذلك من خلال فتح منطقة اليد، وتحديدًا حول منطقة الوتر أعلى وأسفل غشاء الوتر، وإدخال أنبوبة بلاستيكية معقمة، وذلك لعمل غسيل بمحلول معقم من أعلى إلى أسفل اليد، وفي بعض الحالات يتطلب العمل الجراحي استئصال بعض الأغشية السينوفية الملتهبة.
بعد الانتهاء من الإجراء الجراحي يتم عمل غيار خفيف لليد بشاش معقم وقطن معقم، وإبقاء اليد في سنادة، وإبقاء الأنبوب البلاستيكي في مكانه وإيصاله بحقنة، وعمل غسيل من خلال هذه الحقنة 3 مرات يوميًا لمدة يومين، بعد ذلك تزال الأنبوبة. ينصح المريض بتحريك أصابعه مع مساعدته في ذلك وإبقاء السنادة في مكانها حتى التئام الجرح مع الاستمرار في عمل الغيار مرة كل يومين أو 3 أيام، وبعد ذلك يبدأ عمل العلاج الطبيعي بعد اكتمال التئام جميع الجروح.
- الوقاية، وتشمل: النظافة المستمرة لليدين، خصوصًا بعد التعرض للإصابات وتعقيمها فور التعرض للإصابة، وضرورة الذهاب إلى أقرب مركز طبي بعد الإصابة بأي أداة، وخصوصًا الأدوات المعدنية القديمة والملوثة، والامتناع عن التدخين عند التعرض لأي إصابة، ولبس القفازات الواقية أثناء العمل في بيئة يكثر فيها التعرض لمثل هذه الإصابات.
- الاحتفاظ، في مقر العمل، بحقيبة إسعافات أولية تحتوي على ضمادات ومعقمات.