القوات العسكرية السعودية في «الموسّم».. عين عسكرية وأخرى اجتماعية

أهالي المركز يواصلون حياتهم الطبيعية رغم كل القذائف

القوات العسكرية السعودية في «الموسّم».. عين عسكرية وأخرى اجتماعية
TT

القوات العسكرية السعودية في «الموسّم».. عين عسكرية وأخرى اجتماعية

القوات العسكرية السعودية في «الموسّم».. عين عسكرية وأخرى اجتماعية

يشير مركز «الموسّم» الحدودي جنوب السعودية، إلى أن كل شيء يدل على طبيعية الحياة. مدارس تزدحم بطلابها، ومقرات عمل حكومية يباشر موظفوها أعمالهم، ومشاريع يجري إقامتها وأخرى تنتظر افتتاحها.
كل ذلك، والكيلومترات ليس لها وجود من حدود السعودية مع الجمهورية اليمنية، فالحساب بالأمتار، ورغم كل أصوات المدفعية الوقائية الصادرة من قوات الدفاع المتمركزة في ثكناتها على جنبات المدينة الصغيرة، التي تعج باستثمارات بلديتها ونشاط أهاليها في الزراعة والعمل اليومي، تبرز الجوانب الأخرى بالتوازي مع مرحلة ردع الاعتداءات.
مشاة القوات البحرية السعودية، في أدوارهم، منحى آخر له من جوانب المسؤولية الاجتماعية كثير، بينهم وبين أهالي جازان في الموسم، علاقة الأشكال الاجتماعية، معهم يحضرون احتفالاتهم، ويواسونهم في أحزانهم، ويقيمون كثيرا من المناشط التي تجمع الصفوف بين العسكري والمدني.
تتجلى الصورة لتؤكد، وإن اختلفت المهام والأدوار الحياتية، أن الوطن ذو تشكيل مقدس، لا يمكن للتنظيمات الإرهابية استغلاله وإيجاد مقر له ومحاولتهم تعزيز «وهم الانتصارات» التي يروّج لها إعلام الانقلاب، حيث يعلق قائد عسكري بأن البنية المجتمعية في المملكة عصية على تعكيرها مثنيا على وقفات أبناء المركز وثباتهم ووقفاتهم، فأحداث عدة أكدت عمق الولاء الكبير من السعوديين لوطنهم.
الملازم أول بحري، عبد الله بن سعد الصعب، مهمته العسكرية الحساسة جعلته كبقية زملائه في التواصل بمحيطه الاجتماعي، تعكسه قوة الرابط بين الكل، يتحدث الضابط عن الشكل الاجتماعي والأدوار التي يقوم بها زملاؤه والمشاركة في مناشط الحياة العامة مع بقية أبناء المركز الحدودي، حيث تمسكوا بالبقاء في أرضهم ومنازلهم، علامة على ثقة جيش بلادهم وقبضته الدفاعية التأمينية للحدود.
يضيف في حديثه مع «الشرق الأوسط» في جولة المرور عبر المركز المدني، أن هنالك وعيا بالمهام التي يؤديها عسكريو الوطن في مهمتهم، وأن العلاقة بين العنصرين المكونين، أصبحت أساس بناء وديمومة للعلاقات المجتمعية رغم كل الظروف، وهو أمر مشاهد تعج الأوساط بالثقة المتبادلة التي تحفظ مسار الوطن التنموي وحدوده وأمنه.
الهم الوطني كما أبرزته زيارات الميدان، يتمثل في كون المسؤولية العامة والوطنية تتشارك فيها جميع المكونات المجتمعية، يفسرها المختصون حتما وتبرزها الأزمات لتترك كل التفسيرات، من ملاعب الكرة إلى احتفالات الزواج ومناسبات الأعياد، تمتزج الصورة لتصبح أيام الحرب، على الحد لا غير.
بلدة الموسم، المتاخمة للحدود مع الجمهورية اليمنية، إثبات جديد لصمودها في وجه عشوائيات القصف الحوثي واستهداف المدنيين، عشوائيتهم ومحاولة نقل المعركة من خارج حدود اليمن إلى الداخل السعودي، يُكشف يوما بعد آخر؛ رغم الحرص السعودي على تأمين المناطق وتحييد كل الخلافات السياسية اليمنية الداخلية وشرارتها بعيدا عن أمن السعودية الوطني.
وزارة الدفاع السعودي بقواتها، لها من الجوانب الإنسانية كثير، خارجيا بتاريخ ممتد تنوع بين توزيع المساعدات والإعانات الإنسانية للشعب المنكوب من جراء الشقاق بين الفصائل وتدهور الأوضاع الإنسانية في عدد من البلدان، وبرزت الصورة ذاتها بشمولية الحدث في مواقع تواجد القوات السعودية، فقوة الحزم على أعدائها لم تغفل عين الأمل والروابط عن محيطها.
وإن كان لرجال وزارة الدفاع الكلمة الأولى في تحقيق الإنجازات، وحماية الحدود، حتى تجسد واقعا بركائز عدة، فإن سيلا من الثناء من العسكريين بالأدوار المدنية الواعية، ضرب كثيرا من العلاقة التكاملية بين العنصرين، على سهول الموسم، وهو أمر يتكرر في مواقف ومواقع جغرافية على امتداد الحدود الجنوبية مع اليمن، يساندها المناخ العام المستقر والآمن الذي تُعرف به السعودية.



اللاجئون الفلسطينيون يعودون إلى مخيم «اليرموك» في سوريا

اللاجئ الفلسطيني خالد خليفة يدعو لابنه المدفون في مقبرة مخيم اليرموك المدمرة (أ.ف.ب)
اللاجئ الفلسطيني خالد خليفة يدعو لابنه المدفون في مقبرة مخيم اليرموك المدمرة (أ.ف.ب)
TT

اللاجئون الفلسطينيون يعودون إلى مخيم «اليرموك» في سوريا

اللاجئ الفلسطيني خالد خليفة يدعو لابنه المدفون في مقبرة مخيم اليرموك المدمرة (أ.ف.ب)
اللاجئ الفلسطيني خالد خليفة يدعو لابنه المدفون في مقبرة مخيم اليرموك المدمرة (أ.ف.ب)

كان مخيم اليرموك للاجئين في سوريا، الذي يقع خارج دمشق، يُعدّ عاصمة الشتات الفلسطيني قبل أن تؤدي الحرب إلى تقليصه لمجموعة من المباني المدمرة.

سيطر على المخيم، وفقاً لوكالة «أسوشييتد برس»، مجموعة من الجماعات المسلحة ثم تعرض للقصف من الجو، وأصبح خالياً تقريباً منذ عام 2018، والمباني التي لم تدمرها القنابل هدمت أو نهبها اللصوص.

رويداً رويداً، بدأ سكان المخيم في العودة إليه، وبعد سقوط الرئيس السوري السابق بشار الأسد في 8 ديسمبر (كانون الأول)، يأمل الكثيرون في أن يتمكنوا من العودة.

في الوقت نفسه، لا يزال اللاجئون الفلسطينيون في سوريا، الذين يبلغ عددهم نحو 450 ألف شخص، غير متأكدين من وضعهم في النظام الجديد.

أطفال يلعبون أمام منازل مدمرة بمخيم اليرموك للاجئين في سوريا (أ.ف.ب)

وتساءل السفير الفلسطيني لدى سوريا، سمير الرفاعي: «كيف ستتعامل القيادة السورية الجديدة مع القضية الفلسطينية؟»، وتابع: «ليس لدينا أي فكرة لأننا لم نتواصل مع بعضنا بعضاً حتى الآن».

بعد أيام من انهيار حكومة الأسد، مشت النساء في مجموعات عبر شوارع اليرموك، بينما كان الأطفال يلعبون بين الأنقاض. مرت الدراجات النارية والدراجات الهوائية والسيارات أحياناً بين المباني المدمرة. في إحدى المناطق الأقل تضرراً، كان سوق الفواكه والخضراوات يعمل بكثافة.

عاد بعض الأشخاص لأول مرة منذ سنوات للتحقق من منازلهم. آخرون كانوا قد عادوا سابقاً ولكنهم يفكرون الآن فقط في إعادة البناء والعودة بشكل دائم.

غادر أحمد الحسين المخيم في عام 2011، بعد فترة وجيزة من بداية الانتفاضة ضد الحكومة التي تحولت إلى حرب أهلية، وقبل بضعة أشهر، عاد للإقامة مع أقاربه في جزء غير مدمر من المخيم بسبب ارتفاع الإيجارات في أماكن أخرى، والآن يأمل في إعادة بناء منزله.

هيكل إحدى ألعاب الملاهي في مخيم اليرموك بسوريا (أ.ف.ب)

قال الحسين: «تحت حكم الأسد، لم يكن من السهل الحصول على إذن من الأجهزة الأمنية لدخول المخيم. كان عليك الجلوس على طاولة والإجابة عن أسئلة مثل: مَن هي والدتك؟ مَن هو والدك؟ مَن في عائلتك تم اعتقاله؟ عشرون ألف سؤال للحصول على الموافقة».

وأشار إلى إن الناس الذين كانوا مترددين يرغبون في العودة الآن، ومن بينهم ابنه الذي هرب إلى ألمانيا.

جاءت تغريد حلاوي مع امرأتين أخريين، يوم الخميس، للتحقق من منازلهن. وتحدثن بحسرة عن الأيام التي كانت فيها شوارع المخيم تعج بالحياة حتى الساعة الثالثة أو الرابعة صباحاً.

قالت تغريد: «أشعر بأن فلسطين هنا، حتى لو كنت بعيدة عنها»، مضيفة: «حتى مع كل هذا الدمار، أشعر وكأنها الجنة. آمل أن يعود الجميع، جميع الذين غادروا البلاد أو يعيشون في مناطق أخرى».

بني مخيم اليرموك في عام 1957 للاجئين الفلسطينيين، لكنه تطور ليصبح ضاحية نابضة بالحياة حيث استقر العديد من السوريين من الطبقة العاملة به. قبل الحرب، كان يعيش فيه نحو 1.2 مليون شخص، بما في ذلك 160 ألف فلسطيني، وفقاً لوكالة الأمم المتحدة للاجئين الفلسطينيين (الأونروا). اليوم، يضم المخيم نحو 8 آلاف لاجئ فلسطيني ممن بقوا أو عادوا.

لا يحصل اللاجئون الفلسطينيون في سوريا على الجنسية، للحفاظ على حقهم في العودة إلى مدنهم وقراهم التي أُجبروا على مغادرتها في فلسطين عام 1948.

لكن، على عكس لبنان المجاورة، حيث يُمنع الفلسطينيون من التملك أو العمل في العديد من المهن، كان للفلسطينيين في سوريا تاريخياً جميع حقوق المواطنين باستثناء حق التصويت والترشح للمناصب.

في الوقت نفسه، كانت للفصائل الفلسطينية علاقة معقدة مع السلطات السورية. كان الرئيس السوري الأسبق حافظ الأسد وزعيم «منظمة التحرير الفلسطينية»، ياسر عرفات، خصمين. وسُجن العديد من الفلسطينيين بسبب انتمائهم لحركة «فتح» التابعة لعرفات.

قال محمود دخنوس، معلم متقاعد عاد إلى «اليرموك» للتحقق من منزله، إنه كان يُستدعى كثيراً للاستجواب من قبل أجهزة الاستخبارات السورية.

وأضاف متحدثاً عن عائلة الأسد: «على الرغم من ادعاءاتهم بأنهم مع (المقاومة) الفلسطينية، في الإعلام كانوا كذلك، لكن على الأرض كانت الحقيقة شيئاً آخر».

وبالنسبة لحكام البلاد الجدد، قال: «نحتاج إلى مزيد من الوقت للحكم على موقفهم تجاه الفلسطينيين في سوريا. لكن العلامات حتى الآن خلال هذا الأسبوع، المواقف والمقترحات التي يتم طرحها من قبل الحكومة الجديدة جيدة للشعب والمواطنين».

حاولت الفصائل الفلسطينية في اليرموك البقاء محايدة عندما اندلع الصراع في سوريا، ولكن بحلول أواخر 2012، انجر المخيم إلى الصراع ووقفت فصائل مختلفة على جوانب متعارضة.

عرفات في حديث مع حافظ الأسد خلال احتفالات ذكرى الثورة الليبية في طرابلس عام 1989 (أ.ف.ب)

منذ سقوط الأسد، كانت الفصائل تسعى لتوطيد علاقتها مع الحكومة الجديدة. قالت مجموعة من الفصائل الفلسطينية، في بيان يوم الأربعاء، إنها شكلت هيئة برئاسة السفير الفلسطيني لإدارة العلاقات مع السلطات الجديدة في سوريا.

ولم تعلق القيادة الجديدة، التي ترأسها «هيئة تحرير الشام»، رسمياً على وضع اللاجئين الفلسطينيين.

قدمت الحكومة السورية المؤقتة، الجمعة، شكوى إلى مجلس الأمن التابع للأمم المتحدة تدين دخول القوات الإسرائيلية للأراضي السورية في مرتفعات الجولان وقصفها لعدة مناطق في سوريا.

لكن زعيم «هيئة تحرير الشام»، أحمد الشرع، المعروف سابقاً باسم «أبو محمد الجولاني»، قال إن الإدارة الجديدة لا تسعى إلى صراع مع إسرائيل.

وقال الرفاعي إن قوات الأمن الحكومية الجديدة دخلت مكاتب ثلاث فصائل فلسطينية وأزالت الأسلحة الموجودة هناك، لكن لم يتضح ما إذا كان هناك قرار رسمي لنزع سلاح الجماعات الفلسطينية.