خزينة إيران وروسيا تمولان تشكيلاً عسكريًا رديفًا في سوريا

النظام اعترف بأن جيشه «يواجه نقصًا في الطاقة البشرية»

خزينة إيران وروسيا تمولان تشكيلاً عسكريًا رديفًا في سوريا
TT

خزينة إيران وروسيا تمولان تشكيلاً عسكريًا رديفًا في سوريا

خزينة إيران وروسيا تمولان تشكيلاً عسكريًا رديفًا في سوريا

أعلنت القيادة العامة لقوات نظام الأسد تشكيلا جديدا باسم «الفيلق الخامس اقتحام» من المتطوعين، وقالت القيادة العامة لقوات نظام الأسد في بيان لها أصدرته، يوم أمس، إن تشكيل الفيلق الجديد جاء «استجابة للتطورات المتسارعة للأحداث». ومهمة الفيلق «القضاء على الإرهاب» إلى جانب باقي تشكيلات قوات النظام والقوات الرديفة والحليفة.
وبحسب مصادر إعلامية موالية للنظام، فإن الفيلق الخامس تم «تجهيزه بدعم وتدريب كامل من الأصدقاء (الروس والإيرانيين) وستكون رواتبه من خزينة (الأصدقاء) وستتراوح رواتب المتطوعين بالفيلق من مائتي دولار إلى 350 دولارا بين مجند وصف ضابط وضابط».
ودعت القيادة العامة لقوات النظام السوريين الراغبين بالتطوع إلى مراجعة مراكز الاستقبال في المحافظات، وقالت: «يمكن لأي مواطن مراجعة أي مركز من مراكز الاستقبال بغض النظر عن المحافظة التي ينتمي لها».
وتعاني قوات النظام نقصا في الطاقة البشرية، باعتراف رأس النظام بشار الأسد في تصريحات صحافية أطلقها العام الماضي، حيث قال إن جيشه «يواجه نقصًا في الطاقة البشرية» وذلك بعد إصداره مرسوما مرسومًا تشريعيًا تم العفو فيه عن الجرائم المرتكبة فيما يتعلق بخدمة العلم (التجنيد الإجباري) والفارين منها داخليًا وخارجيا، تلا تلك التصريحات والإجراءات حملات محمومة للسوق إلى الخدمة الإلزامية والاحتياط، مما أجبر مئات الآلاف من الشباب السوري للفرار من البلاد.
ويقدر عدد المقاتلين في جيش الأسد قبل مارس (آذار) 2011 بنحو مائتي ألف إضافة إلى أكثر من ثلاثمائة ألف من المجندين الاحتياط، انشق منهم أكثر من خمسين ألف جندي بعد اندلاع الحرب على معارضي النظام بحسب تقديرات المعارضة.
ومنذ إعلانه الحرب على المناهضين لحكمه لجأ نظام الأسد إلى تشكل قوات رديفة للقوات النظامية، من المتطوعين، حيث تم في عام 2012 تشكيل (جيش الدفاع الوطني) بإشراف وتدريب إيراني، وتعد هذه المجموعة أكبر المجموعات المقاتلة إلى جانب قوات النظام من المتطوعين السوريين، ويقدر عددها بأكثر من 90 ألف مقاتل، وفق ما أظهرته دراسة سابقة أعدتها وكالة الصحافة الفرنسية، والتي قدرت عدد المتطوعين في كتائب «البعث» التابعة لحزب البعث الحاكم في سوريا منذ خمسة عقود بعشرة آلاف مقاتل ينتشرون في دمشق وحلب. ومجموعة «صقور الصحراء» سبعة آلاف مقاتل ينتشرون في ريف حمص الشرقي. ومجموعة «نسور الزوبعة» ستة آلاف من أنصار الحزب السوري القومي الاجتماعي، ينتشرون في شمال اللاذقية وفي منطقة القلمون المحاذية للحدود اللبنانية، و«قادش» وتضم 6 آلاف مقاتل يتبعون لقيادة الحرس الجمهوري في سوريا، وهم من المنشقين عن الجماعات المسلحة التي كانت تقاتل إلى جانب الميليشيات قبل انشقاقها عنهم.
وخلال العامين الأخيرين ظهرت عدة تشكيلات عسكرية مناطقية من المتطوعين أبرزها «درع الساحل» تضم مقاتلين من الطائفة العلوية، وينتشرون في ريف اللاذقية الشمالي، و«درع العرين» مقاتلين من بلدة القرداحة التي تتحدر منها عائلة الأسد.
ويقاتل إلى جانب تلك المجموعات الداعمة للنظام عدة ميليشيات أخرى غير سورية أبرزها مجموعة «الحرس الثوري الإيراني»، وينتشر 7 آلاف مقاتل إيراني على الأقل في جبهات ريف حلب، وهم يتناوبون على القتال في عدد من المناطق في سوريا. وميليشيا ما يسمى «حزب الله»، وتنشر مقاتليها على مختلف الجبهات، ويتركزون في القلمون والزبداني والقصير على الحدود مع لبنان.
هنالك لواء «أبو الفضل العباس» ويضم متطوعين من الشيعة العراقيين ومجموعة «الفاطميون الأفغان».
وجاء إعلان قوات النظام عن تشكيل (الفيلق الخامس اقتحام) مع احتدام المعارك في حلب شمال سوريا، وبعد أيام من قيام ما يسمى «حزب الله» بعرض عسكري في منطقة القصير بريف حمص التي يسيطر عليها والقريبة من الحدود مع شمال لبنان، وبعد يوم من إعلان الوزير اللبناني السابق الدرزي وئام وهاب تشكيل ميليشياته الخاصة تحت اسم «سرايا التوحيد» الموالية لنظام الأسد، والقيام بعرض عسكري عام لتلك الميليشيات، حيث عبّر وهاب في كلمته خلال العرض عن تأييده المطلق لبشار الأسد، وولائه اللامتناهي. بالتزامن مع ذكرى يوم عيد الاستقلال اللبناني.
وشارك المئات من السوريين الموالين لنظام الأسد في الاحتفال الذي أقيم في بلدة «الجاهلية» بلبنان.



القطن المصري... محاولة حكومية لاستعادة «عصره الذهبي» تواجه تحديات

مصطفى مدبولي بصحبة عدد من الوزراء خلال تفقده مصنع الغزل والنسيج في المحلة (مجلس الوزراء المصري)
مصطفى مدبولي بصحبة عدد من الوزراء خلال تفقده مصنع الغزل والنسيج في المحلة (مجلس الوزراء المصري)
TT

القطن المصري... محاولة حكومية لاستعادة «عصره الذهبي» تواجه تحديات

مصطفى مدبولي بصحبة عدد من الوزراء خلال تفقده مصنع الغزل والنسيج في المحلة (مجلس الوزراء المصري)
مصطفى مدبولي بصحبة عدد من الوزراء خلال تفقده مصنع الغزل والنسيج في المحلة (مجلس الوزراء المصري)

تراهن الحكومة المصرية على القطن المشهور بجودته، لاستنهاض صناعة الغزل والنسيج وتصدير منتجاتها إلى الخارج، لكن رهانها يواجه تحديات عدة في ظل تراجع المساحات المزروعة من «الذهب الأبيض»، وانخفاض مؤشرات زيادتها قريباً.

ويمتاز القطن المصري بأنه طويل التيلة، وتزرعه دول محدودة حول العالم، حيث يُستخدم في صناعة الأقمشة الفاخرة. وقد ذاع صيته عالمياً منذ القرن التاسع عشر، حتى أن بعض دور الأزياء السويسرية كانت تعتمد عليه بشكل أساسي، حسب كتاب «سبع خواجات - سير رواد الصناعة الأجانب في مصر»، للكاتب مصطفى عبيد.

ولم يكن القطن بالنسبة لمصر مجرد محصول، بل «وقود» لصناعة الغزل والنسيج، «التي مثلت 40 في المائة من قوة الاقتصاد المصري في مرحلة ما، قبل أن تتهاوى وتصل إلى ما بين 2.5 و3 في المائة حالياً»، حسب رئيس الوزراء المصري مصطفى مدبولي، الذي أكد عناية الدولة باستنهاض هذه الصناعة مجدداً، خلال مؤتمر صحافي من داخل مصنع غزل «1» في مدينة المحلة 28 ديسمبر (كانون الأول) الماضي.

أشار مدبولي، حسب ما نقله بيان مجلس الوزراء، إلى أن مشروع «إحياء الأصول» في الغزل والنسيج يتكلف 56 مليار جنيه (الدولار يعادل 50.7 جنيها مصري)، ويبدأ من حلج القطن، ثم تحويله غزلاً فنسيجاً أو قماشاً، ثم صبغه وتطويره حتى يصل إلى مُنتج سواء ملابس أو منسوجات، متطلعاً إلى أن ينتهي المشروع نهاية 2025 أو بداية 2026 على الأكثر.

وتكمن أهمية المشروع لمصر باعتباره مصدراً للدولار الذي تعاني الدولة من نقصه منذ سنوات؛ ما تسبب في أزمة اقتصادية دفعت الحكومة إلى الاقتراض من صندوق النقد الدولي؛ مرتين أولاهما عام 2016 ثم في 2023.

وبينما دعا مدبولي المزارعين إلى زيادة المساحة المزروعة من القطن، أراد أن يطمئن الذين خسروا من زراعته، أو هجروه لزراعة الذرة والموالح، قائلاً: «مع انتهاء تطوير هذه القلعة الصناعية العام المقبل، فسوف نحتاج إلى كل ما تتم زراعته في مصر لتشغيل تلك المصانع».

وتراجعت زراعة القطن في مصر خلال الفترة من 2000 إلى عام 2021 بنسبة 54 في المائة، من 518 ألفاً و33 فداناً، إلى 237 ألفاً و72 فداناً، حسب دراسة صادرة عن مركز البحوث الزراعية في أبريل (نيسان) الماضي.

وأرجعت الدراسة انكماش مساحته إلى مشكلات خاصة بمدخلات الإنتاج من بذور وتقاوٍ وأسمدة، بالإضافة إلى أزمات مرتبطة بالتسويق.

أزمات الفلاحين

سمع المزارع الستيني محمد سعد، وعود رئيس الوزراء من شاشة تليفزيون منزله في محافظة الغربية (دلتا النيل)، لكنه ما زال قلقاً من زراعة القطن الموسم المقبل، الذي يبدأ في غضون 3 أشهر، تحديداً مارس (آذار) كل عام.

يقول لـ«الشرق الأوسط»: «زرعت قطناً الموسم الماضي، لكن التقاوي لم تثمر كما ينبغي... لو كنت أجَّرت الأرض لكسبت أكثر دون عناء». وأشار إلى أنه قرر الموسم المقبل زراعة ذرة أو موالح بدلاً منه.

نقيب الفلاحين المصري حسين أبو صدام (صفحته بفيسبوك)

على بعد مئات الكيلومترات، في محافظة المنيا (جنوب مصر)، زرع نقيب الفلاحين حسين أبو صدام، القطن وكان أفضل حظاً من سعد، فأزهر محصوله، وحصده مع غيره من المزارعين بقريته في أكتوبر (تشرين الأول) الماضي، لكن أزمة أخرى خيَّبت أملهم، متوقعاً أن تتراجع زراعة القطن الموسم المقبل مقارنة بالماضي (2024)، الذي بلغت المساحة المزروعة فيه 311 ألف فدان.

تتلخص الأزمة التي شرحها أبو صدام لـ«الشرق الأوسط» في التسويق، قائلاً إن «المحصول تراكم لدى الفلاحين شهوراً عدة؛ لرفض التجار شراءه وفق سعر الضمان الذي سبق وحدَّدته الحكومة لتشجيع الفلاح على زراعة القطن وزيادة المحصول».

ويوضح أن سعر الضمان هو سعر متغير تحدده الحكومة للفلاح قبل أو خلال الموسم الزراعي، وتضمن به ألا يبيع القنطار (وحدة قياس تساوي 100 كيلوغرام) بأقل منه، ويمكن أن يزيد السعر حسب المزايدات التي تقيمها الحكومة لعرض القطن على التجار.

وكان سعر الضمان الموسم الماضي 10 آلاف جنيه، لمحصول القطن من الوجه القبلي، و12 ألف جنيه للمحصول من الوجه البحري «الأعلى جودة». لكن رياح القطن لم تجرِ كما تشتهي سفن الحكومة، حيث انخفضت قيمة القطن المصري عالمياً في السوق، وأرجع نقيب الفلاحين ذلك إلى «الأزمات الإقليمية وتراجع الطلب عليه».

ويحدّد رئيس قسم بحوث المعاملات الزراعية في معهد بحوث القطن التابع لوزارة الزراعة، الدكتور مصطفى عمارة، فارق سعر الضمان عن سعر السوق بنحو ألفي جنيه؛ ما نتج منه عزوف من التجار عن الشراء.

وأكد عمارة أن الدولة تدخلت واشترت جزءاً من المحصول، وحاولت التيسير على التجار لشراء الجزء المتبقي، مقابل أن تعوض هي الفلاح عن الفارق، لكن التجار تراجعوا؛ ما عمق الأزمة في السوق.

يتفق معه نقيب الفلاحين، مؤكداً أن مزارعي القطن يتعرضون لخسارة مستمرة «سواء في المحصول نفسه أو في عدم حصول الفلاح على أمواله؛ ما جعل كثيرين يسخطون وينون عدم تكرار التجربة».

د. مصطفى عمارة رئيس قسم بحوث المعاملات الزراعية (مركز المعلومات ودعم اتخاذ القرار المصري)

فرصة ثانية

يتفق المزارع ونقيب الفلاحين والمسؤول في مركز أبحاث القطن، على أن الحكومة أمامها تحدٍ صعب، لكنه ليس مستحيلاً كي تحافظ على مساحة القطن المزروعة وزيادتها.

أول مفاتيح الحل سرعة استيعاب أزمة الموسم الماضي وشراء المحصول من الفلاحين، ثم إعلان سعر ضمان مجزٍ قبل موسم الزراعة بفترة كافية، وتوفير التقاوي والأسمدة، والأهم الذي أكد عليه المزارع من الغربية محمد سعد، هو عودة نظام الإشراف والمراقبة والعناية بمنظومة زراعة القطن.

ويحذر رئيس قسم بحوث المعاملات الزراعية في معهد بحوث القطن من هجران الفلاحين لزراعة القطن، قائلاً: «لو فلاح القطن هجره فـلن نعوضه».

أنواع جديدة

يشير رئيس غرفة الصناعات النسيجية في اتحاد الصناعات محمد المرشدي، إلى حاجة مصر ليس فقط إلى إقناع الفلاحين بزراعة القطن، لكن أيضاً إلى تعدد أنواعه، موضحاً لـ«الشرق الأوسط» أن القطن طويل التيلة رغم تميزه الشديد، لكن نسبة دخوله في المنسوجات عالمياً قليلة ولا تقارن بالقطن قصير التيلة.

ويؤكد المسؤول في معهد بحوث القطن أنهم استنبطوا بالفعل الكثير من الأنواع الجديدة، وأن خطة الدولة للنهوض بصناعة القطن تبدأ من الزراعة، متمنياً أن يقتنع الفلاح ويساعدهم فيها.