لبنان: المشاورات الحكومية تظلل احتفالات ذكرى الاستقلال

الحريري انسحب أثناء تقديم السفير السوري التهاني متجنبًا مصافحته

الرئيس اللبناني ميشال عون، يتوسط رئيس الحكومة المكلف سعد الحريري، ورئيس البرلمان نبيه بري، ورئيس الحكومة الأسبق تمام سلام، أثناء الاستعراض العسكري الذي أقيم، أمس، احتفالا بعيد الاستقلال السابع والثلاثين (رويترز)
الرئيس اللبناني ميشال عون، يتوسط رئيس الحكومة المكلف سعد الحريري، ورئيس البرلمان نبيه بري، ورئيس الحكومة الأسبق تمام سلام، أثناء الاستعراض العسكري الذي أقيم، أمس، احتفالا بعيد الاستقلال السابع والثلاثين (رويترز)
TT

لبنان: المشاورات الحكومية تظلل احتفالات ذكرى الاستقلال

الرئيس اللبناني ميشال عون، يتوسط رئيس الحكومة المكلف سعد الحريري، ورئيس البرلمان نبيه بري، ورئيس الحكومة الأسبق تمام سلام، أثناء الاستعراض العسكري الذي أقيم، أمس، احتفالا بعيد الاستقلال السابع والثلاثين (رويترز)
الرئيس اللبناني ميشال عون، يتوسط رئيس الحكومة المكلف سعد الحريري، ورئيس البرلمان نبيه بري، ورئيس الحكومة الأسبق تمام سلام، أثناء الاستعراض العسكري الذي أقيم، أمس، احتفالا بعيد الاستقلال السابع والثلاثين (رويترز)

ظللت المشاورات الحكومية يوم أمس الاحتفالات التي شهدها لبنان في الذكرى الـ73 لاستقلاله، فأتاحت الخلوات التي عُقدت بين الرؤساء الأربعة، رئيس الجمهورية العماد ميشال عون ورئيس المجلس النيابي نبيه بري ورئيس الحكومة المكلف سعد الحريري ورئيس حكومة تصريف الأعمال تمام سلام، استكمال النقاشات التي لم تنجح بالوصول إلى خواتيمها حتى الساعة في ظل تمسك عدد من الفرقاء بحقائب وزارية محددة وبحصة يعتبرها الخصماء السياسيون أنها تفوق حجمهم التمثيلي.
ففيما وصف الحريري الأجواء بـ«الجيدة»، لافتا إلى أن «التشاور قائم، ولا وقت محددا للحكومة»، اكتفى بري بالقول ردا على سؤال للصحافيين: «الأجواء جيدة لامعة وملمّعة». أما رئيس حزب «القوات اللبنانية» سمير جعجع فشدد على أن «لبنان والعهد الجديد لا يمكنهما أن يكونا على قياس أحد»، معتبرا أنّه «لا يمكن لهذا العهد إلا أن يكون على قياس قصر بعبدا وخطاب القسم والدستور». ولفت جعجع خلال لقاء شعبي، إلى أن «سبب تأخير الحكومة هو أن البعض غير متقبل للعهد الجديد وهذا البعض يريد رئاسة الجمهورية والعهد الجديد كما كانا عليه أيام عهد الوصاية السورية». وأضاف: «هناك من يريد أن يكون رئيس الجمهورية تحت إشارة من يده، وطبعًا العماد ميشال عون ليس رئيسًا يخضع لإشارة من أحد».
وكانت الاحتفالات بذكرى الاستقلال والتي غابت لعامين على التوالي نتيجة الشغور الرئاسي، انطلقت صباح أمس بعرض عسكري أقيم في جادة شفيق الوزان في وسط بيروت شارك فيه الرؤساء الأربعة وشخصيات سياسية وعسكرية وأمنية، في ظل إجراءات أمنية مكثفة. وافتتح العرض بتشكيل من الطوافات العسكرية التي حملت الإعلام اللبنانية وعلم الجيش، ومن ثم توالت الوحدات الراجلة، الوحدات الخاصة والوحدات المؤللة أمام المنصة الرسمية قبل أن تنفذ سفن تابعة لسلاح البحرية عرضا في القاعدة البحرية على مراحل متقطعة.
ومع انتهاء الاحتفال في وسط بيروت، انتقل الرؤساء الـ4 إلى القصر الجمهوري في بعبدا شرق بيروت، الذي شهد للمرة الأولى منذ عامين وخمسة أشهر وعلى مدى قرابة ثلاث ساعات، أول استقبال رسمي تم خلاله تقبل التهاني في قاعة 25 أيار في القصر. وقد توالت وفود المهنئين من رسميين وسياسيين وروحيين وأمنيين وإعلاميين ونقابيين وهيئات كشفية واجتماعية وأهلية. وبدا لافتا انسحاب رئيس الحكومة المكلف سعد الحريري من القاعة لفترة وجيزة لتجنب مصافحة سفير النظام السوري علي عبد الكريم، وهي خطوة لاقت ترحيبا شعبيا وخاصة من قبل ناشطين معارضين للنظام في سوريا.
وقبل بدء استقبال المهنئين، عُقدت في مكتب رئيس الجمهورية في القصر الجمهوري خلوة ضمت الرؤساء عون وبري وسلام والحريري، تم خلالها، وبحسب الوكالة الوطنية للإعلام، استعراض الأوضاع العامة في البلاد ومراحل تشكيل الحكومة الجديدة. وتلقى الرئيس عون برقيات تهنئة لمناسبة الاستقلال أبرزها من الرئيس الروسي فلاديمير بوتين، ورئيس جمهورية ألمانيا يواخيم غاوك. وقال بوتين في البرقية إن بلاده «تقدر عاليا علاقة الصداقة البناءة مع لبنان، وإن تعزيز التعاون والعلاقات المشتركة بين بلدينا، خلال العمل على حل المشكلات الرئيسية في المنطقة، هي إحدى نقاط الاهتمام الرئيسي لشعبي بلدينا، كما المشاركة في تقوية السلام والأمن والاستقرار في الشرق الأوسط».
كما هنأ وزير الخارجية الإيراني محمد جواد ظريف في برقية نظيره اللبناني جبران باسيل. وأفادت وكالة «تسنيم» الإيرانية أن ظريف أعرب في برقية التهنئة عن أمله في أن يستعيد لبنان مرة أخرى دوره المؤثر والبناء في المنطقة في ظل اتفاق جميع التيارات اللبنانية. وأكد أن بلاده تضع تعزيز التعاون الثنائي على الصعيد الإقليمي على رأس اهتماماتها.



الحوثيون يكثفون انتهاكاتهم بحق الأكاديميين في الجامعات

فعالية حوثية داخل جامعة صنعاء تضامناً مع «حزب الله» (إعلام حوثي)
فعالية حوثية داخل جامعة صنعاء تضامناً مع «حزب الله» (إعلام حوثي)
TT

الحوثيون يكثفون انتهاكاتهم بحق الأكاديميين في الجامعات

فعالية حوثية داخل جامعة صنعاء تضامناً مع «حزب الله» (إعلام حوثي)
فعالية حوثية داخل جامعة صنعاء تضامناً مع «حزب الله» (إعلام حوثي)

كثّفت الجماعة الحوثية استهدافها مدرسي الجامعات والأكاديميين المقيمين في مناطق سيطرتها بحملات جديدة، وألزمتهم بحضور دورات تعبوية وزيارات أضرحة القتلى من قادتها، والمشاركة في وقفات تنظمها ضد الغرب وإسرائيل، بالتزامن مع الكشف عن انتهاكات خطيرة طالتهم خلال فترة الانقلاب والحرب، ومساعٍ حثيثة لكثير منهم إلى الهجرة.

وذكرت مصادر أكاديمية في العاصمة اليمنية المختطفة صنعاء لـ«الشرق الأوسط» أن مدرسي الجامعات العامة والخاصة والموظفين في تلك الجامعات يخضعون خلال الأسابيع الماضية لممارسات متنوعة؛ يُجبرون خلالها على المشاركة في أنشطة خاصة بالجماعة على حساب مهامهم الأكاديمية والتدريس، وتحت مبرر مواجهة ما تسميه «العدوان الغربي والإسرائيلي»، ومناصرة فلسطينيي غزة.

وتُلوّح الجماعة بمعاقبة مَن يتهرّب أو يتخلّف من الأكاديميين في الجامعات العمومية، عن المشاركة في تلك الفعاليات بالفصل من وظائفهم، وإيقاف مستحقاتهم المالية، في حين يتم تهديد الجامعات الخاصة بإجراءات عقابية مختلفة، منها الغرامات والإغلاق، في حال عدم مشاركة مدرسيها وموظفيها في تلك الفعاليات.

أكاديميون في جامعة صنعاء يشاركون في تدريبات عسكرية أخضعهم لها الحوثيون (إعلام حوثي)

وتأتي هذه الإجراءات متزامنة مع إجراءات شبيهة يتعرّض لها الطلاب الذين يجبرون على حضور دورات تدريبية قتالية، والمشاركة في عروض عسكرية ضمن مساعي الجماعة لاستغلال الحرب الإسرائيلية على غزة لتجنيد مقاتلين تابعين لها.

انتهاكات مروّعة

وكان تقرير حقوقي قد كشف عن «انتهاكات خطيرة» طالت عشرات الأكاديميين والمعلمين اليمنيين خلال الأعوام العشرة الماضية.

وأوضح التقرير الذي أصدرته «بوابة التقاضي الاستراتيجي»، التابعة للمجلس العربي، بالتعاون مع الهيئة الوطنية للأسرى والمختطفين، قبل أسبوع تقريباً، وغطّي الفترة من مايو (أيار) 2015، وحتى أغسطس (آب) الماضي، أن 1304 وقائع انتهاك طالت الأكاديميين والمعلمين في مناطق سيطرة الجماعة الحوثية التي اتهمها باختطافهم وتعقبهم، ضمن ما سمّاها بـ«سياسة تستهدف القضاء على الفئات المؤثرة في المجتمع اليمني وتعطيل العملية التعليمية».

أنشطة الجماعة الحوثية في الجامعات طغت على الأنشطة الأكاديمية والعلمية (إكس)

ووثّق التقرير حالتي وفاة تحت التعذيب في سجون الجماعة، وأكثر من 20 حالة إخفاء قسري، منوهاً بأن من بين المستهدفين وزراء ومستشارين حكوميين ونقابيين ورؤساء جامعات، ومرجعيات علمية وثقافية ذات تأثير كبير في المجتمع اليمني.

وتضمن التقرير تحليلاً قانونياً لمجموعة من الوثائق، بما في ذلك تفاصيل جلسات التحقيق ووقائع التعذيب.

ووفق تصنيف التقرير للانتهاكات، فإن الجماعة الحوثية نفّذت 1046 حالة اختطاف بحق مؤثرين، وعرضت 124 منهم للتعذيب، وأخضعت اثنين من الأكاديميين و26 من المعلمين لمحاكمات سياسية.

وتشمل الانتهاكات التي رصدها التقرير، الاعتقال التعسفي والإخفاء القسري والتعذيب الجسدي والنفسي والمحاكمات الصورية وأحكام الإعدام.

عشرات الأكاديميين لجأوا إلى طلب الهجرة بسبب سياسات الإقصاء الحوثية وقطع الرواتب (إكس)

وسبق أن كشف تقرير تحليلي لأوضاع الأكاديميين اليمنيين عن زيادة في طلبات العلماء والباحثين الجامعيين للهجرة خارج البلاد، بعد تدهور الظروف المعيشية، واستمرار توقف رواتبهم، والانتهاكات التي تطال الحرية الأكاديمية.

وطبقاً للتقرير الصادر عن معهد التعليم الدولي، ارتفعت أعداد الطلبات المقدمة من باحثين وأكاديميين يمنيين لصندوق إنقاذ العلماء، في حين تجري محاولات لاستكشاف الطرق التي يمكن لقطاع التعليم الدولي من خلالها مساعدة وتغيير حياة من تبقى منهم في البلاد إلى الأفضل.

إقبال على الهجرة

يؤكد المعهد الدولي أن اليمن كان مصدر غالبية الطلبات التي تلقّاها صندوق إنقاذ العلماء في السنوات الخمس الماضية، وتم دعم أكثر من ثلثي العلماء اليمنيين داخل المنطقة العربية وفي الدول المجاورة، بمنحة قدرها 25 ألف دولار لتسهيل وظائف مؤقتة.

قادة حوثيون يتجولون في جامعة صنعاء (إعلام حوثي)

لكن تحديات التنقل المتعلقة بالتأشيرات وتكلفة المعيشة والاختلافات اللغوية الأكاديمية والثقافية تحد من منح الفرص للأكاديميين اليمنيين في أميركا الشمالية وأوروبا، مقابل توفر هذه الفرص في مصر والأردن وشمال العراق، وهو ما يفضله كثير منهم؛ لأن ذلك يسمح لهم بالبقاء قريباً من عائلاتهم وأقاربهم.

وخلص التقرير إلى أن العمل الأكاديمي والبحثي داخل البلاد «يواجه عراقيل سياسية وتقييداً للحريات ونقصاً في الوصول إلى الإنترنت، ما يجعلهم يعيشون فيما يُشبه العزلة».

وأبدى أكاديمي في جامعة صنعاء رغبته في البحث عن منافذ أخرى قائمة ومستمرة، خصوصاً مع انقطاع الرواتب وضآلة ما يتلقاه الأستاذ الجامعي من مبالغ، منها أجور ساعات تدريس محاضرات لا تفي بالاحتياجات الأساسية، فضلاً عن ارتفاع الإيجارات.

إجبار الأكاديميين اليمنيين على المشاركة في الأنشطة الحوثية تسبب في تراجع العملية التعليمية (إكس)

وقال الأكاديمي الذي طلب من «الشرق الأوسط» التحفظ على بياناته خوفاً على سلامته، إن الهجرة ليست غاية بقدر ما هي بحث عن وظيفة أكاديمية بديلة للوضع المأساوي المعاش.

ويقدر الأكاديمي أن تأثير هذه الأوضاع أدّى إلى تدهور العملية التعليمية في الجامعات اليمنية بنسبة تتجاوز نصف الأداء في بعض الأقسام العلمية، وثلثه في أقسام أخرى، ما أتاح المجال لإحلال كوادر غير مؤهلة تأهيلاً عالياً، وتتبع الجماعة الحوثية التي لم تتوقف مساعيها الحثيثة للهيمنة على الجامعات ومصادرة قرارها، وصياغة محتوى مناهجها وفقاً لرؤية أحادية، خصوصاً في العلوم الاجتماعية والإنسانية.

وفي حين فقدت جامعة صنعاء -على سبيل المثال- دورها التنويري في المجتمع، ومكانتها بصفتها مؤسسة تعليمية، تُشجع على النقد والتفكير العقلاني، تحسّر الأكاديمي اليمني لغياب مساعي المنظمات الدولية في تبني حلول لأعضاء هيئة التدريس، سواء في استيعابهم في مجالات أو مشروعات علمية، متمنياً ألا يكون تخصيص المساعدات لمواجهة المتطلبات الحياتية للأكاديميين غير مشروط أو مجاني، وبما لا يمس كرامتهم.