مخاوف من اندلاع «سباق إغراق» أوروبي عقب إعلان بريطانيا عن «أقل ضريبة»

لندن تحاول مواجهة «البريكست» بـ«إغراء» الشركات.. و«فيسبوك» تغامر بمقر جديد فيها

رئيسة الوزراء البريطانية تيريزا ماي أمس لدى إعلانها  اعتزامها تخفيف الأعباء عن الشركات في بلادها (أ.ف.ب)
رئيسة الوزراء البريطانية تيريزا ماي أمس لدى إعلانها اعتزامها تخفيف الأعباء عن الشركات في بلادها (أ.ف.ب)
TT

مخاوف من اندلاع «سباق إغراق» أوروبي عقب إعلان بريطانيا عن «أقل ضريبة»

رئيسة الوزراء البريطانية تيريزا ماي أمس لدى إعلانها  اعتزامها تخفيف الأعباء عن الشركات في بلادها (أ.ف.ب)
رئيسة الوزراء البريطانية تيريزا ماي أمس لدى إعلانها اعتزامها تخفيف الأعباء عن الشركات في بلادها (أ.ف.ب)

بعد عدة أشهر من تسبب بريطانيا في إثارة زوبعة عارمة من القلق العالمي حول مستقبل الاقتصاد، في إثر ظهور نتائج الاستفتاء الشعبي على الانفصال عن الاتحاد الأوروبي «البريكست» في نهاية شهر يونيو (حزيران) الماضي، عادت بريطانيا أمس لتلقي حجرا جديدا في البركة التي كادت أن تهدأ، لتثير مخاوف جديدة نابعة هذه المرة من رغبة حكومتها في بث عوامل جذب تساعدها على تخطي مخاطر تفعيل إجراءات الانفصال في الربيع المقبل، لكنها خطوة رأى البعض أنها يمكن أن تسفر عن مشكلة جديدة.
وأعلنت رئيسة الوزراء البريطانية تيريزا ماي أمس اعتزامها تخفيف الأعباء عن الشركات في بلادها، وذلك نظرا لحالة عدم اليقين السائدة على المستوى الاقتصادي بسبب خروج بريطانيا من الأوروبي، مؤكدة أنها تهدف إلى خفض الضرائب على الشركات في بلادها إلى «أدنى مستوى لها» في الدول الصناعية الكبرى.
وبعد أنباء عن أن نسبة الخفض الضريبي قد تصل إلى أقل من 15 في المائة، مما ينافس تعهدات الرئيس الأميركي المنتخب دونالد ترامب، ويفقد أيضا «الجارة» آيرلندا لميزتها التنافسية الكبرى، بوصفها صاحبة أقل ضريبة على الشركات العالمية الكبرى في أوروبا.. خرجت متحدثة باسم ماي أمس قائلة للصحافيين، إن الحكومة حددت بالفعل الخطوط العريضة لإجراءات خفض الضرائب على الشركات إلى 17 في المائة بحلول عام 2020. ووصفت أي حديث عن المزيد من الخفض بأنه «تكهنات».
وأثار ذلك التوجه مخاوف حادة فور الإعلان عنه، وخاصة حفيظة الدول الأوروبية، إذ حذر وزير المالية الألماني فولفغانغ شيوبله أمس بريطانيا من «خفض كبير لضريبة الشركات»، وهو ما قد يؤدي في إطار التنافس غير المنضبط إلى «سباق إغراق» أوروبي، مضيفا أنه يتعين على بريطانيا الالتزام بقواعد الاتحاد الأوروبي؛ طالما ظلت عضوا في الكتلة؛ أو حتى بعد مغادرتها «إذا كان البريطانيون من أصحاب الحكمة» نظرا لأنها ستبقى ملزمة بالاتفاقات الخاصة بمجموعة دول العشرين، حيث إن المجموعة كانت قد اتفقت خلال القمة التي انعقدت في مدينة انطاليا التركية، على «عدم اللجوء إلى مثل هذا الأسلوب».
وتعد ألمانيا أكبر اقتصاد في الكتلة الأوروبية، وهي الدولة التي أظهرت التشدد الأكبر في مواجهة بريطانيا عقب إعلان الأخيرة عن نتائج الاستفتاء الخاص بالانفصال في يونيو الماضي. إذ قادت ألمانيا منذ ذلك الوقت الفريق الذي يطالب بريطانيا بخروج «جاد»، وتفعيل «سريع» لإجراءات الانفصال.
* اقتصاد عالمي لا يحتمل «حربا جديدة»:
وعقب الاستفتاء البريطاني على الانفصال مطلع الصيف الماضي، تزايدت المخاوف حول مستقبل الاقتصاد العالمي، خاصة في ظل ما يعانيه من آثار سلبية وموجة ركود بدأت مطلع العام الجاري، إضافة إلى تباطؤ حركة التجارة وانخفاض أسعار النفط. لكن تأثير «البريكست طويل المدى» ظهر محدودا، سواء على الاقتصاد العالمي أو المحلي في بريطانيا، بعد موجة أولية من الآثار السلبية التي نجحت الأسواق في امتصاصها. ويقول الخبراء إن الكثيرين ضخموا من المخاوف بأكثر مما يجب.
لكن الكثير من الخبراء الاقتصاديين يتفقون حاليا مع مخاوف شيوبله، والمتصلة بما قد ينتج عن خفض بريطانيا لضرائب الشركات إلى حد «مبالغ فيه»، إذ قد يسفر ذلك عن اندلاع معركة تنافسية بداخل الكتلة الأوروبية قد ينجم عنها انقسام الاتحاد الذي يعاني حاليا من هشاشة بالغة، خاصة في ظل ما تكابده دول مثل اليونان والبرتغال وإسبانيا من مشكلات اقتصادية، إضافة إلى مشكلة القطاع المصرفي في إيطاليا، وكذلك انشغال أقوى دول الاتحاد الأوروبي، ألمانيا، بأزمة اللاجئين.
وفي ظل انتخاب ترامب، وعدم اليقين في الأسواق حول توجهاته الاقتصادية، التي تشهد تخوفات منذ تصريحاته المثيرة خلال برنامجه الانتخابي وتنذر بإجراءات حمائية من شأنها تهديد جانب كبير من حركة التجارة البينية الدولية، فإن العالم لا يحتمل مزيدا من الصراعات الاقتصادية خاصة في القارة الأوروبية.
* هل هي «ورقة ضغط»؟
وفي ذات الوقت، فإن بعض المراقبين يذهبون في تحليلاتهم إلى أن بريطانيا تسعى من خلال التلويح بـ«خفض الضرائب» إلى الضغط على أوروبا كمجرد «ورقة تهديد» من أجل الحصول على مفاوضات «أكثر ليونة»، واتفاقات أكثر نجاعة لمصلحتها بعد الانفصال، خاصة في ظل ما تواجهه لندن من تشدد وضغوط من قبل برلين وبروكسل.
وبحسب تصريح أول من أمس لوزير الخزانة البريطاني فيليب هاموند، فإن اقتصاد بلاده قد يواجه تباطؤا بسبب حالة عدم اليقين الناجمة عن قرار البريكست. وقال: «سيكون لدينا مستوى غير مسبوق من عدم اليقين، وذلك واحد من العوامل المسببة لتكهن كثير من المعلقين بأنه سيكون هناك تباطؤ بالنمو الاقتصادي».. وأشار في وضوح: «علينا فقط التخطيط لاستيعاب ذلك».
ويتسق حديث هاموند مع الرأي الذي يذهب إلى أن بريطانيا تسعى إلى البحث عن أوراق مكاسب خلال المفاوضات، خاصة أنه يتماشى كذلك مع ما ذكرته حكومة رئيسة الوزراء تيريزا ماي، من أنها سوف تبدأ محادثات الخروج الرسمية مع الاتحاد الأوروبي بحلول 31 مارس (آذار)، ولكنها لن تتخلى عن موقفها التفاوضي مسبقا.
ورأى هاموند أنه يجب أن تكون بريطانيا «قادرة على إجراء تحول سلس، عندما تغادر الاتحاد الأوروبي وأن ذلك سيكون جزءا مهما من المفاوضات مع الاتحاد».. كما أنه قال: إن «بعض رؤى الترتيب المستقبلي قد تستغرق فترة طويلة للتفاوض عليها.. لذا فطريقة إدارتنا للتحول من موقعنا الحالي بالخروج من الاتحاد الأوروبي والدخول في شراكة جديدة طويلة الأجل، سيكون جزءا مهما من المناقشات عموما».
وفي إطار خطط الحكومة لمواجهة الآثار السلبية للانفصال عن الأوروبي، والتي يرى جانب من الخبراء أنها خطوة قد تدفع الكثير من الشركات الكبرى للابتعاد عن بريطانيا، خاصة إذا ما فقدت جاذبيتها كمركز اقتصادي ومالي عالمي، تكثف الحكومة من تحركاتها لإيجاد نقاط جذب جديدة من شأنها أن تحافظ بها على مركزها الدولي.
وقالت ماي في وقت سابق إنها على دراية بمخاوف قادة الأعمال من «احتمال سقوط بريطانيا من حافة هاوية إلى ظروف تجارية ضبابية» عندما تنتهي مباحثات الانفصال الرسمية التي قد تستغرق ما يصل إلى عامين.
وعلقت المتحدثة باسمها أمس بأن بريطانيا تدرس «مجموعة كاملة من الخيارات قبل أن تبدأ مباحثات الانفصال»، موضحة أن «هناك مجموعة كاملة من القضايا التي يجري العمل عليها مع استعدادانا للمفاوضات.. مع التركيز على كيفية اقتناص أفضل صفقة للمملكة المتحدة».
* «فيسبوك» يتحدى التيار:
ويأتي ذلك متزامنا مع الخطوة الجريئة للغاية التي اتخذها عملاق التقنية «فيسبوك»، إذ أعلنت شبكة التواصل الاجتماعي الأميركية العملاقة أمس خلال المؤتمر السنوي لمنظمة أرباب العمل البريطاني «سي بي آي»، عن أنها ستفتح مقرا جديدا في لندن العام المقبل، وأيضا عزمها زيادة عدد موظفيها في بريطانيا بنسبة 50 في المائة عبر استحداث 500 وظيفة، في توجه معاكس للخطوات الحذرة والمترقبة التي تتخذها الكثير من الشركات العملاقة بوضع خطط للخروج من بريطانيا أو تخفيض حجم تواجدها عقب تفعيل الانفصال. وهو ما يشكل نبأ سارا إضافيا للمملكة المتحدة بعد قرار مماثل اتخذته «غوغل».. وذلك على الرغم من الشكوك المرتبطة بخروج المملكة المتحدة من الاتحاد الأوروبي.
وقالت نيكولا مندلسون، نائبة رئيس «فيسبوك» لمنطقة أوروبا، في بيان إن «بريطانيا هي من أفضل المواقع بالنسبة لشركة تعنى بالتكنولوجيا، وهي جزء مهم من تاريخ فيسبوك. جئنا إلى لندن في 2007 مع مجموعة من المتعاونين، وحتى نهاية العام المقبل سنفتتح مقرا جديدا، ونتوقع أن يكون لدينا 1500 موظف في الإجمال».
وبحسب المعلومات المتاحة، سيقام المقر الجديد لشركة «فيسبوك» في لندن في منطقة فيتزروفيا الراقية بوسط العاصمة البريطانية، وهي المنطقة التي تخضع حاليا لعملية إعادة تطوير، وسيتركز أغلب الموظفين الجدد في المقر الجديد.
* ماي تتفهم المخاوف وتحث على تحفيز الاقتصاد:
وعلى صعيد ذي صلة، حثت رئيسة الوزراء البريطانية تيريزا ماي أمس قطاع الأعمال على الاستثمار في شركات مبتكرة لتحفيز الاقتصاد الذي يعاني من مستويات إنتاج منخفضة وتحقيق التغيير الذي يتطلبه الانفصال.
وفي كلمتها أمام اتحاد الصناعة البريطاني «سي بي آي»، وهو من أكبر منظمات قطاع الأعمال في بريطانيا والذي يمثل نحو 190 ألفا من المؤسسات التجارية، كشفت ماي المزيد من التفاصيل عن خطتها لتحسين الحوكمة في الشركات. مبدية تفهمها لمخاوف قطاع الأعمال من حدوث انهيار بعد المفاوضات الرسمية للانفصال عن الأوروبي، مضيفة أنها ستتناول هذه المخاوف خلال المفاوضات.
ووعدت ماي، بـ«استراتيجية صناعية جديدة» لتعزيز الاقتصاد البريطاني بعد الخروج من الاتحاد، ولنشر الثروة على الأسر الأكثر فقرا. وقالت: «سوف تكون استراتيجيتنا الصناعية الحديثة طموحة بالنسبة للعمل التجاري، وطموحة بالنسبة لبريطانيا». متابعة أن «الأمر يتعلق بتقدم الحكومة وليس بتراجعها، والبناء على نقاط القوة لدينا، ومساعدة بريطانيا في التغلب على التحديات طويلة الأمد في اقتصادنا، والتي أعاقتنا لفترة طويلة للغاية».
وقالت ماي إنها ترغب في «توفير فرص عمل ونمو اقتصادي لكل مجتمع وركن من أركان البلاد»، معلنة عن زيادة قدرها نحو ملياري جنيه إسترليني (ما يوازي نحو 2.47 مليار دولار) سنويا في الاستثمارات الحكومية في البحث والتطوير «لضمان استمرار الأنشطة التجارية البريطانية في طليعة الاكتشاف العلمي والتكنولوجي».
من جهة أخرى، قال هاموند، أول من أمس، إنه سيستهدف مساعدة الأسر التي تواجه صعوبات وتعزيز فرص النمو الاقتصادي في المدى الطويل عندما يعلن هذا الأسبوع أولى خططه للميزانية منذ التصويت لصالح الخروج من الاتحاد الأوروبي. لكنه أشار في ذات الوقت إلى أن مستويات الدين العام مرتفعة «للغاية»، وأنه لن يعلن عن زيادة كبيرة في الإنفاق العام. وقال: «ينبغي أن نتأكد من توزيع ثمار الرخاء الناجم عن اقتناص الفرص في المستقبل عبر أنحاء البلاد وشتى شرائح الدخل»، مرددا فحوى تعهدات ماي بالعمل لصالح الأسر «التي تتدبر أمورها بصعوبة». وقال هاموند إن الحكومة تبقي على خياراتها مفتوحة فيما يتعلق بمغادرة الاتحاد الأوروبي، مهونا من تصريحات وزير الخارجية بوريس جونسون، بأن على بريطانيا الانسحاب من الاتحاد الجمركي الأوروبي.



مصر تقر زيادة حصتها في صندوق النقد 50 %

معبد الأقصر جنوب مصر مضاء ليلاً (أ.ف.ب)
معبد الأقصر جنوب مصر مضاء ليلاً (أ.ف.ب)
TT

مصر تقر زيادة حصتها في صندوق النقد 50 %

معبد الأقصر جنوب مصر مضاء ليلاً (أ.ف.ب)
معبد الأقصر جنوب مصر مضاء ليلاً (أ.ف.ب)

نشرت الجريدة الرسمية في مصر قرار الرئيس عبد الفتاح السيسي، بشأن الموافقة على زيادة حصة البلاد في صندوق النقد الدولي بنسبة 50 في المائة. كما نص القرار على أن الزيادة في الحصة لن تصبح سارية إلا بعد استيفاء شروط التصديق، رابطاً ذلك بموافقة جميع الدول الأعضاء في الصندوق على زيادة حصصهم.

وحسب مراقبين، تهدف زيادة الحصة إلى تعزيز الموارد المتاحة لصندوق النقد لدعم السياسات الاقتصادية والمالية للدول الأعضاء. كما أنها تزيد من القوة التصويتية لمصر في الصندوق.

ويرتبط القرار بالمراجعة العامة الـ16 للحصص، التي تشمل زيادات في حصص الدول الأعضاء، والتي تعتمد على الموافقة الكتابية للدول المشاركة والالتزام بالشروط المالية المحددة. علماً أن نحو 97 في المائة من الدول الأعضاء توافق على الزيادة.

كان مجلس النواب قد وافق في جلسة عامة في 7 أكتوبر (تشرين الأول) الماضي، على زيادة حصة مصر في الصندوق بنسبة 50 في المائة. ومن المقرر أن تقوم مصر بإتمام الإجراءات المالية اللازمة لدفع الزيادة في حصتها، والتي ستتم في إطار الزمان المحدد في القرار، حسبما أوضح مسؤولون مصريون.

وأعلن صندوق النقد الشهر الماضي التوصل إلى اتفاق على مستوى الخبراء مع مصر بشأن المراجعة الرابعة لاتفاق تسهيل الصندوق الممدد الذي يستمر 46 شهراً، وهو ما قد يتيح صرف شريحة جديدة تبلغ 1.2 مليار دولار. وقال وزير المالية المصري أحمد كوجك، قبل أيام إن مصر ستحصل على الشريحة هذا الشهر، نافياً طلب مصر توسيع القرض البالغة قيمته 8 مليارات دولار مرة أخرى.

وفي تصريحات إعلامية، أعرب كوجك عن قلقه من حجم الدين الخارجي الذي يتخطى 152 مليار دولار، وأكد تعهد الحكومة بخفضه بما يعادل نحو ملياري دولار سنوياً مع السداد بأكثر من قيمة الاقتراض.

في سياق منفصل، أفادت بيانات من الجهاز المركزي للتعبئة العامة والإحصاء في مصر بأن التضخم السنوي لأسعار المستهلكين في المدن المصرية تراجع إلى 24.1 في المائة في ديسمبر (كانون الأول) الماضي، من 25.5 في المائة في نوفمبر (تشرين الثاني). وهذا هو أدنى مستوى في عامين، ويتماشى ذلك مع ما خلص إليه استطلاع رأي أجرته «رويترز»، وذلك في ظل استمرار تراجع أسعار المواد الغذائية.

وعلى أساس شهري، ارتفعت الأسعار في المدن المصرية 0.2 في المائة، مقارنةً مع 0.5 في المائة في نوفمبر. وانخفضت أسعار المواد الغذائية بنسبة 1.5 في المائة في ديسمبر بعد انخفاضها بنسبة 2.8 في المائة في نوفمبر، مما جعلها أعلى بنسبة 20.3 في المائة مما كانت عليه قبل عام.

وارتفع التضخم في أغسطس (آب) وسبتمبر (أيلول) وأكتوبر (تشرين الأول)، لكنه انخفض في نوفمبر وظل أقل بكثير من أعلى مستوى له على الإطلاق عند 38 في المائة الذي سجله في سبتمبر 2023.

وساعد النمو السريع في المعروض النقدي لمصر على زيادة التضخم. وأظهرت بيانات البنك المركزي أن المعروض النقدي (ن2) نما 29.06 في المائة في العام المنتهي في آخر نوفمبر، وهو ما يقل قليلاً عن أعلى مستوى على الإطلاق البالغ 29.59 في المائة المسجل في العام المنتهي بنهاية سبتمبر.

وبدأ التضخم في الارتفاع بشكل كبير عام 2022 عقب الغزو الروسي لأوكرانيا، وهو ما دفع المستثمرين الأجانب إلى سحب مليارات الدولارات من أسواق الخزانة المصرية. وسجل التضخم ذروته عند 38 في المائة في سبتمبر 2023، وكان أدنى مستوى له منذ ذلك الحين عندما سجل 21.27 في المائة في ديسمبر 2022.

ووقَّعت مصر في مارس (آذار) الماضي على حزمة دعم مالي مع صندوق النقد الدولي بهدف مساعدتها على تقليص عجز الميزانية وتبني سياسة نقدية أقل تأجيجاً للتضخم، لكنَّ الحزمة تُلزم الحكومة بخفض الدعم على بعض السلع المحلية، وهو ما يؤدي إلى ارتفاع أسعارها.

ومعدلات التضخم من أهم النقاط التي تراعيها لجنة السياسات النقدية بالبنك المركزي المصري عندما تجتمع لاتخاذ قرارات أسعار الفائدة.

وتتوقع اللجنة استمرار هذا الاتجاه، إذ قالت في محضر آخر اجتماعاتها في 2024: «تشير التوقعات إلى أن التضخم سيتراجع بشكل ملحوظ بدءاً من الربع الأول من عام 2025، مع تحقق الأثر التراكمي لقرارات التشديد النقدي والأثر الإيجابي لفترة الأساس، وسوف يقترب من تسجيل أرقام أحادية بحلول النصف الثاني من عام 2026».

كانت اللجنة قد ثبَّتت أسعار الفائدة في اجتماعاتها الستة الأحدث، إذ لم تغيرها منذ أن رفعتها 600 نقطة أساس في اجتماع استثنائي خلال مارس في إطار اتفاق قرض تمت زيادة حجمه إلى 8 مليارات دولار مع صندوق النقد الدولي. وكان هذا الرفع قد جاء بعد زيادة بلغت 200 نقطة أساس أول فبراير (شباط).