لبنان: قرار عزل مخيم «عين الحلوة» بجدار إسمنتي نتيجة لاعترافات أمير «داعش»

سخط شعبي فلسطيني و«القوى الإسلامية» تدعو الحكومة لإعادة النظر بالموضوع

لبنان: قرار عزل مخيم «عين الحلوة» بجدار إسمنتي نتيجة لاعترافات أمير «داعش»
TT

لبنان: قرار عزل مخيم «عين الحلوة» بجدار إسمنتي نتيجة لاعترافات أمير «داعش»

لبنان: قرار عزل مخيم «عين الحلوة» بجدار إسمنتي نتيجة لاعترافات أمير «داعش»

تستمر ردود الفعل اللبنانية والفلسطينية على حد سواء المستغربة قرار الجيش اللبناني في هذا التوقيت بالذات بناء جدار إسمنتي على شكل حزام يلف مخيم عين الحلوة للاجئين الفلسطينيين الواقع جنوب البلاد، ففيما يُعرب العدد الأكبر من الفصائل الفلسطينية عن تفهمه للخطوة «حفاظا على أمن المخيم والجوار»، برز يوم أمس موقف القوى والفصائل الإسلامية داخل المخيم التي حثّت الحكومة اللبنانية على إعادة النظر بالموضوع، بالتزامن مع استمرار السخط الشعبي في صفوف نحو 100 ألف لاجئ فلسطيني يعيشون داخل المخيم الذي لا تتعدى مساحته الكيلومتر مربع الواحد.
وتتحدث مصادر فلسطينية من داخل «عين الحلوة» لـ«الشرق الأوسط»، عن «مفاجأة» على المستوى الشعبي من انطلاق عملية بناء الجدار، لافتة إلى أنه على مستوى الفصائل، يبدو أن قسما منها تم التنسيق معه بالموضوع منذ عام 2012، فيما القسم الآخر لم يكن في الصورة على الإطلاق. وتشير المصادر إلى أن عددا من اللاجئين الفلسطينيين قدموا اعتراضات لكون الجدار ملاصقا لأماكن سكنهم وأبراج المراقبة مطلة على غرفهم، وقد تم الأخذ بها.
وبحسب مصادر لبنانية معنية بالملف، فإن فكرة الجدار طُرحت في عام 2012 على الفصائل والمسؤولين الفلسطينيين في «عين الحلوة» وقد تمت الموافقة على المشروع، إلا أن ما أخره هو عدم توافر الميزانية المطلوبة.
وتسعى الأجهزة الأمنية اللبنانية من خلال بناء الجدار الذي سيرتفع عليه عدد من أبراج المراقبة، إلى ضبط المعابر غير الشرعية كما حركة الدخول والخروج إلى ومن المخيم الذي يضم وباعتراف جهات رسمية فلسطينية ولبنانية عددا كبيرا من المطلوبين. وبرز في المرحلة الأخيرة تمدد تنظيم داعش داخل «عين الحلوة»، وقد اعتقلت مخابرات الجيش اللبناني في شهر سبتمبر (أيلول) الماضي أمير التنظيم في المخيم الفلسطيني عماد ياسين، من خلال عملية أمنية نوعية وخاطفة حدّت من نشاط «داعش» في لبنان كما ساهمت بانتزاع الكثير من المعلومات من الموقوف.
وفي هذا السياق، رجّحت مصادر قيادية فلسطينية في تصريح لـ«الشرق الأوسط» أن تكون الاعترافات التي أدلى بها الأخير سببا رئيسيا لاستعجال بناء الجدار. وهو ما لم يستبعده أيضا العميد خالد الشايب، قائد القوة الأمنية الفلسطينية المشتركة في منطقة صيدا الذي أشار إلى أن الإجراءات الأمنية التي يتخذها الجيش اللبناني وآخرها «الجدار الإسمنتي»، «كلها تحظى بتأييد الفصائل والقوى الفلسطينية وتتم بالتنسيق معها». وقال الشايب لـ«الشرق الأوسط»: «بعد إلقاء القبض على أمير تنظيم داعش، لا نعرف ما المعلومات التي أدلى بها حول من دخل ومن خرج من المخيم.. لذلك لا شك أن الجدار هدفه حفظ أمن عين الحلوة وأمن الجوار على حد سواء»، مؤكدا أن «الإجراءات الجديدة ستترافق مع تدابير أخرى لجهة تخفيف الإجراءات الأمنية على المدنيين وحل قضية المطلوبين للسلطات اللبنانية».
بالمقابل، لفتت يوم أمس دعوة «القيادة الفلسطينية للقوى الوطنية والإسلامية الفلسطينية في منطقة صيدا» الحكومة اللبنانية إلى «إعادة النظر في بناء الجدار الإسمنتي الذي سيحول المخيم إلى سجن كبير ويزيد من معاناة سكّانه ويسيء للعلاقة الأخوية للشعبين الفلسطيني واللبناني». وشددت هذه القوى على وجوب «مقاربة الوضع الفلسطيني في لبنان بكل جوانبه السياسية والإنسانية والاجتماعية والقانونيّة، وعدم النظر إلى المخيّمات الفلسطينيّة بمنظار أمني بحت».
ويستبعد مراقبون أن يحل «جدار إسمنتي» مشكلة «عين الحلوة» الذي لطالما تم التعاطي معه كـ«قنبلة أمنية موقوتة»، ويشددون على أن الأمن هو اجتماعي – اقتصادي بالدرجة الأولى. وفي هذا السياق، أشار رئيس لجنة الحوار اللبناني – الفلسطيني الوزير السابق حسن منيمنة، إلى أن «هذا الجدار وعلى الرغم من أهميته لحماية المحيط ومنع تسلل الإرهابيين إلى داخل المخيم، فإن الحل الأمني وحده لا يمكن أن يضع حدا للمشكلة»، مشددا في تصريح لـ«الشرق الأوسط» على وجوب السير بحلول أخرى يكون الأمن جزءا منها. وأضاف: «ما يجب التركيز عليه هو كيفية إخراج المخيم من حالة العسكرة التي هو فيها وذلك لا يتم إلا من خلال علاج اجتماعي – سياسي – اقتصادي يُبعد اللاجئين عن أحضان الجماعات المسلحة سواء كانت متطرفة، أو غير متطرفة، ويدفعها إلى البيئات المدنية والحياة الطبيعية».



​انخفاض صادرات العسل في اليمن بنسبة 50 %‎

نحّال يمني بمحافظة تعز حيث تسبب حصار الحوثيين في تراجع إنتاج العسل (أ.ف.ب)
نحّال يمني بمحافظة تعز حيث تسبب حصار الحوثيين في تراجع إنتاج العسل (أ.ف.ب)
TT

​انخفاض صادرات العسل في اليمن بنسبة 50 %‎

نحّال يمني بمحافظة تعز حيث تسبب حصار الحوثيين في تراجع إنتاج العسل (أ.ف.ب)
نحّال يمني بمحافظة تعز حيث تسبب حصار الحوثيين في تراجع إنتاج العسل (أ.ف.ب)

انخفض إنتاج وتصدير العسل في اليمن خلال السنوات الخمس الأخيرة بنسبة تصل إلى 50 في المائة بسبب تغيرات المناخ، وارتفاع درجة الحرارة، إلى جانب آثار الحرب التي أشعلها الحوثيون، وذلك طبقاً لما جاء في دراسة دولية حديثة.

وأظهرت الدراسة التي نُفّذت لصالح اللجنة الدولية للصليب الأحمر أنه خلال السنوات الخمس الماضية، وفي المناطق ذات الطقس الحار، انخفض تعداد مستعمرات النحل بنسبة 10 - 15 في المائة في حين تسبب الصراع أيضاً في انخفاض إنتاج العسل وصادراته بأكثر من 50 في المائة، إذ تركت سنوات من الصراع المسلح والعنف والصعوبات الاقتصادية سكان البلاد يكافحون من أجل التكيف، مما دفع الخدمات الأساسية إلى حافة الانهيار.

100 ألف أسرة يمنية تعتمد في معيشتها على عائدات بيع العسل (إعلام محلي)

ومع تأكيد معدّي الدراسة أن تربية النحل ليست حيوية للأمن الغذائي في اليمن فحسب، بل إنها أيضاً مصدر دخل لنحو 100 ألف أسرة، أوضحوا أن تغير المناخ يؤثر بشدة على تربية النحل، مما يتسبب في زيادة الإجهاد الحراري، وتقليل إنتاج العسل.

وأشارت الدراسة إلى أن هطول الأمطار غير المنتظمة والحرارة الشديدة تؤثران سلباً على مستعمرات النحل، مما يؤدي إلى انخفاض البحث عن الرحيق وتعطيل دورات الإزهار، وأن هذه التغييرات أدت إلى انخفاض إنتاج العسل في المناطق الأكثر حرارة، وأدت إلى إجهاد سبل عيش مربي النحل.

تغيرات المناخ

في حين تتفاقم الأزمة الإنسانية في اليمن، ويعتمد 70 في المائة من السكان على المساعدات، ويعيش أكثر من 80 في المائة تحت خط الفقر، توقعت الدراسة أن يؤدي تغير المناخ إلى ارتفاع درجات الحرارة في هذا البلد بمقدار 1.2 - 3.3 درجة مئوية بحلول عام 2060، وأن تزداد درجات الحرارة القصوى، حيث ستصبح الأيام الأكثر سخونة بحلول نهاية هذا القرن بمقدار 3 - 7 درجات مئوية عما هي عليه اليوم.

شابة يمنية تروج لأحد أنواع العسل في مهرجان بصنعاء (إعلام محلي)

وإذ ينبه معدّو الدراسة إلى أن اليمن سيشهد أحداثاً جوية أكثر شدة، بما في ذلك الفيضانات الشديدة، والجفاف، وزيادة وتيرة العواصف؛ وفق ما ذكر مركز المناخ، ذكروا أنه بالنسبة لمربي النحل في اليمن، أصبحت حالات الجفاف وانخفاض مستويات هطول الأمطار شائعة بشكل زائد. وقد أدى هذا إلى زيادة ندرة المياه، التي يقول مربو النحل إنها التحدي المحلي الرئيس لأي إنتاج زراعي، بما في ذلك تربية النحل.

ووفق بيانات الدراسة، تبع ذلك الوضع اتجاه هبوطي مماثل فيما يتعلق بتوفر الغذاء للنحل، إذ يعتمد مربو النحل على النباتات البرية بصفتها مصدراً للغذاء، والتي أصبحت نادرة بشكل زائد في السنوات العشر الماضية، ولم يعد النحل يجد الكمية نفسها أو الجودة من الرحيق في الأزهار.

وبسبب تدهور مصادر المياه والغذاء المحلية، يساور القلق - بحسب الدراسة - من اضطرار النحل إلى إنفاق مزيد من الطاقة والوقت في البحث عن هذين المصدرين اللذين يدعمان الحياة.

وبحسب هذه النتائج، فإن قيام النحل بمفرده بالبحث عن الماء والطعام والطيران لفترات أطول من الزمن وإلى مسافات أبعد يؤدي إلى قلة الإنتاج.

وذكرت الدراسة أنه من ناحية أخرى، فإن زيادة حجم الأمطار بسبب تغير المناخ تؤدي إلى حدوث فيضانات عنيفة بشكل متكرر. وقد أدى هذا إلى تدمير مستعمرات النحل بأكملها، وترك النحّالين من دون مستعمرة واحدة في بعض المحافظات، مثل حضرموت وشبوة.

برنامج للدعم

لأن تأثيرات تغير المناخ على المجتمعات المتضررة من الصراع في اليمن تشكل تحدياً عاجلاً وحاسماً لعمل اللجنة الدولية للصليب الأحمر الإنساني، أفادت اللجنة بأنها اتخذت منذ عام 2021 خطوات لتوسيع نطاق سبل العيش القائمة على الزراعة للنازحين داخلياً المتضررين من النزاع، والعائدين والأسر المضيفة لمعالجة دعم الدخل، وتنويع سبل العيش، ومن بينها مشروع تربية النحل المتكامل.

الأمطار الغزيرة تؤدي إلى تدمير مستعمرات النحل في اليمن (إعلام محلي)

ويقدم البرنامج فرصة لدمج الأنشطة الخاصة بالمناخ التي تدعم المجتمعات لتكون أكثر قدرة على الصمود في مواجهة تغير المناخ، ومعالجة تأثير الصراع أيضاً. ومن ضمنها معلومات عن تغير المناخ وتأثيراته، وبعض الأمثلة على تدابير التكيف لتربية النحل، مثل استخدام الظل لحماية خلايا النحل من أشعة الشمس، وزيادة وعي النحالين بتغير المناخ مع المساعدة في تحديث مهاراتهم.

واستجابة لارتفاع درجات الحرارة الناجم عن تغير المناخ، وزيادة حالات الجفاف التي أسهمت في إزالة الغابات والتصحر، نفذت اللجنة الدولية للصليب الأحمر أيضاً برنامجاً لتعزيز قدرة المؤسسات المحلية على تحسين شبكة مشاتل أنشطة التشجير في خمس محافظات، لإنتاج وتوزيع أكثر من 600 ألف شتلة لتوفير العلف على مدار العام للنحل.