يواصل المسؤولون الروس تأكيداتهم على أن وجودهم العسكري في سوريا «غير محدود الأجل»، ولهذا هم يعملون الآن على تحديث قاعدتهم الجوية في (حميميم) في الساحل السوري قرب اللاذقية. ومن جهة أخرى، باشروا الأعمال في ميناء طرطوس ليصبح قادرا على استقبال قطع بحرية عملاقة مثل حاملة الطائرات الروسية الوحيدة. وفي الخلفية السياسية يواصلون دفاعهم عن «الأسد» ويتركون احتمال مشاركتهم مع الولايات المتحدة في تحالف دولي ضد الإرهاب في سوريا، رهنا بقدرة الرئيس الأميركي المنتخب دونالد ترامب على تلبية شروط معينة تناسب موسكو وترضي دمشق. ويواصلون في غضون ذلك إصرارهم على «هدنة حلب» المشروطة بتفريغ شرق المدينة من أبنائها.
«أتينا إلى سوريا لفترة طويلة»، هذا ما قاله فيكتور أوزيروف رئيس لجنة الدفاع والأمن في المجلس الفيدرالي الروسي، في تصريح يوم أمس، تناول فيها مستقبل الوجود العسكري الروسي في قاعدتي حميميم الجوية وطرطوس البحرية. وكشفت تصريحاته أن الاتفاقية حول قاعدة طرطوس لم توقع بعد، حين أشار إلى أن الحديث يدور حاليا حول اتفاقية تسمح لروسيا باستخدام تلك القاعدة لمدة 49 عامًا، لافتا إلى أن «العداد الزمني لعمليات تحديث ميناء طرطوس يبدأ دون شك بعد توقيع الاتفاقية حول القاعدة البحرية والمصادقة عليها». ويوضح البرلماني الروسي أن أعمال التحديث قد تتطلب من عام ونصف العام إلى عامين، وبعد ذلك فقط ستصبح القاعدة البحرية الروسية في سوريا مؤهلة لتنفيذ طيف واسع من المهام. وتستقبل القاعدة حاليا السفن الحربية الروسية من مختلف الفئات، فضلا عن أنواع من الغواصات، وبعد تحديثها ستصبح قادرة على استقبال السفن الضخمة ووقوفها عند الرصيف، بما في ذلك سفن مثل حاملة الطائرات «الأدميرال كوزنيتسوف»، حسب قول أوزيروف الذي أشار إلى أن منظومات الصواريخ «إس - 300» و«إس - 400» والمقاتلات في مطار حميميم ستقوم بمهام ضمان الحماية الجوية للقاعدة البحرية.
كما سيخضع مطار حميميم الروسي في سوريا لعمليات تحديث أيضا، حيث يرجح أن يتم إنشاء مدرج ثان، حسب قول أوزيروف، موضحا أن «المدرج الحالي ونظرا لكثافة الطلعات الجوية (أخذ يتآكل) بسرعة، ووجود مدرج ثان سيسمح بتصليح واحد واستخدام الآخر». إلا أن أعمال التحديث لن تتوقف عند هذا الحد وستشمل كل المعدات الملاحية على المدرج وفي المطار، وتحديث الرادارات، وقواعد الدفاعات الجوية فيه، وكل البنى التحتية الضرورية للقوات العاملة في القاعدة الجوية. ولم يستبعد البرلماني الروسي توسيع الطوق الأمني أو المنطقة العازلة في محيط قاعدة حميميم، فضلا عن تحديث مواقع بطاريات منظومة «إس - 400».
سياسيا لا تستبعد موسكو إمكانية انضمامها إلى تحالف دولي ضد الإرهاب إلى جانب الولايات المتحدة في عهد ترامب، لكن «بشرط أن تكف واشنطن عن المطالبة بتنحي النظام السوري». هذا هو الموقف الذي أعلن عنه يوم أمس قسطنطين كوساتشيوف نائب رئيس لجنة الشؤون الدولية في المجلس الفيدرالي الروسي، مشترطًا بأن «تغير واشنطن أسلوب تعاطيها مع الأزمة السورية». والتغيرات التي يقصدها كوساتشيوف تتعلق «بأن هدف الولايات المتحدة حتى الآن لم يكن القضاء على الإرهاب بقدر ما هو تغيير نظام الحكم»، وبحال طرأت تعديلات على الموقف الأميركي بهذا الخصوص، تتناسب مع ما أعلنه ترامب خلال حملته الانتخابية من أن الولايات المتحدة ستكف عن التدخل بالشؤون الداخلية للدول، فإن هذا يعني وفق ما يرى كوساتشيوف «عدم وجود مشكلة بأن تنضم روسيا إلى تحالف مع الولايات المتحدة».
ولم تعلن موسكو عن موقف رسمي حتى اللحظة من الاقتراحات التي حملها لمبعوث الدولي ستيفان دي ميستورا إلى دمشق، مؤخرًا، لا سيما تلك المتعلقة بالوضع في مدينة حلب. لكن الخارجية الروسية، هاجمت يان إيجلاند مستشار دي ميستورا للشؤون الإنسانية، وحملته المسؤولية عن عدم الاستفادة مما تزعم أنها «هدن إنسانية» كانت قد أعلنت عنها في حلب. وكان جينادي غاتيلوف نائب وزير الخارجية الروسي قد أبدى أسفه يوم أمس، لعدم تمكن «موظفي الأمم المتحدة من الاستفادة من الهدنة بما يتماشى مع الغرض الذي أعلنت من أجله». أما الغرض المحدد من تلك الهدنة وفق ما يؤكد نائب وزير الخارجية الروسية فهو «إخراج الجرحى والمدنيين من شرق حلب»، وقال لوكالة «ريا نوفوستي» إن روسيا ليست ضد إعلان هدنة إنسانية جديدة لكن بشرط أن تقدم الأمم المتحدة ضمانات «بأن يتم استخدام الهدنة لإخراج المدنيين من المناطق المحاصرة شرق حلب».
مسؤولون روس: وجودنا في سوريا غير محدود الأجل
موسكو تفسر الهدنة الإنسانية «بخروج» أبناء شرق حلب من بيوتهم
مسؤولون روس: وجودنا في سوريا غير محدود الأجل
لم تشترك بعد
انشئ حساباً خاصاً بك لتحصل على أخبار مخصصة لك ولتتمتع بخاصية حفظ المقالات وتتلقى نشراتنا البريدية المتنوعة