تعيينات ترامب تزيد قلق الإعلام

قبل أسبوعين، بعد فوز دونالد ترامب برئاسة الجمهورية، ووسط قلق عام بين الصحافيين، قالت أصوات، في تعقل، إن العادة جرت على أن المرشحين في الانتخابات الرئاسية (وربما في كل انتخابات) يقدمون وعودًا كثيرة، لكنهم، عندما يفوزون بمناصبهم، يصبحون واقعيين. لكن، في الأسبوع الماضي، أعلن ترامب بعض الوزراء والمستشارين المتطرفين. ووجد الصحافيون أنه لم يغير رأيه، خصوصًا أنه اختار أكثر الصحافيين تطرفًا، ستيف بانون، رئيس تحرير صحيفة «بياربارت» الإلكترونية اليمينية، مستشارًا استراتيجيًا له. وقالت صحيفة «واشنطن بوست»: «ها هو ترامب يثبت أنه سيكون رئيسًا مناكفًا حول العالم». وقالت صحيفة «نيويورك تايمز»: «زاد ترامب الطين بلة. ظل ينتقد الصحافيين الذين غطوا حملته الانتخابية. وها هو الآن يختار أكثر الصحافيين الأميركيين تطرفًا، على الإطلاق، مستشارًا له. كأنه يفعل ذلك نكاية فيهم».
لم يعلق فانون، وقال إنه لم يعد صحافيًا، ولكنه مستشار لرئيس الجمهورية. لكن، علقت صحيفته «بيابارت»، وانتقدت من سمتهم «الليبراليين والتقدميين المسؤولين عن تدمير أميركا». وأضافت أن انتقاد «المرشح الفائز» يقسم أميركا، ويهدد النظام الديمقراطي. ونشرت نتائج استطلاع أن 80 في المائة تقريبًا من الأميركيين قالوا إن الإعلام كان منحازًا نحو المرشحة الديمقراطية هيلاري كلينتون. ولم يعلق فانون، لكن علق زميله جاسون مايار، مدير الإعلام في حملة ترامب. قال: «كان الإعلام يتحدث عن ترامب الذي يقسم الشعب الأميركي. ها هو الإعلام الآن يعمل على تقسيم الشعب الأميركي». في الحقيقة، غطى الإعلام اختيار فانون تغطية مكثفة. وبدا أكثرها سلبيًا. لكن، لا يجب أن يعني هذا أن الإعلام يريد «تقسيم» أميركا، أو يريد «تهديد» النظام الديمقراطي، أو يريد «تدمير إدارة ترامب قبل أن يؤسسها»، كما قالت صحيفة «واشنطن تايمز» اليمينية التي أيدت ترامب منذ أن اختاره الحزب الجمهوري، في الصيف الماضي.
لم ترد صحيفة «واشنطن بوست» على زميلتها «واشنطن تايمز» ردًا مباشرًا. لكنها قالت: «لا تعني التغطية المكثفة لاختيار فانون، والنقد الشديد لهذا التعيين، معارضة كل ما سيفعله ترامب في البيت الأبيض. سيجد ترامب التأييد إذا فعل شيئًا طيبًا، مثل عدم تنفيذ الوعود المتطرفة التي وعد بتنفيذها».
وعقب ظهور نتائج الانتخابات الرئاسية، تابعت الصحف الأوروبية اختيارات الرئيس المنتخب للفريق المعاون له في البيت الأبيض وتأثيرات ذلك على الحلفاء في الغرب وعلى منطقة الشرق الأوسط، ونبدأ من الصحافة البريطانية. نشرت صحيفة «آي» تقريرًا عن التعيينات الأخيرة التي أجراها الرئيس الأميركي المنتخب، دونالد ترامب، وتأثيرها على منطقة الشرق الأوسط.
وكتب باتريك كوبرن: «تنظيم داعش يتعرض لضغوط في الموصل والرقة، ولكنه مبتهج بانتخاب، دونالد ترامب، مثلما أعلن أحد قادة التنظيم في أفغانستان، واسمه أبو عمر الخراساني، أن قادة التنظيم كانوا يراقبون عن كثب نتائج الانتخابات الرئاسية في الولايات المتحدة، لكنهم لم يتوقعوا أن يحفر الأميركيون قبورهم بأيديهم».
ويقول كوبرن إن تنظيم داعش يراهن على أن يحشد العقاب الجماعي للمسلمين مزيدًا من المقاتلين في صفوفه، وبما أن عدد المسلمين في العالم هو 1.6 مليار، فإن «داعش» وتنظيم القاعدة، بحاجة إلى تأييد نسبة قليلة من المسلمين لتكون لهما قوة في المجتمع. وقد أدت تصريحات ترامب بشأن المسلمين دورًا أساسيًا في انتخابه، حسب الكاتب.
ويضيف كوبرن أن ترامب ومساعديه قد يتوهمون أن أغلب هذه التصريحات سيتم نسيانها باعتبارها مجرد شعارات للحملة الانتخابية، ولكن قادة تنظيم القاعدة وتنظيم داعش سيحرصون على أن تبقى تصريحات ترامب «تتردد باستمرار وتنشر سمومها». ويشير الكاتب إلى تقارير تفيد بأن ترامب عرض منصب مستشار الأمن القومي إلى الجنرال مايكل فلين، الذي أقاله الرئيس باراك أوباما، عام 2014 من منصب رئيس وكالة المخابرات العسكرية. ويقول إن فلين معروف برأيه أن الجماعات المتشددة ليست خطيرة فحسب، بل تشكل خطرًا على وجود الولايات المتحدة، وكتب في وقت سابق على حسابه بموقع «تويتر» أن «الخوف من المسلمين أمر عقلاني».
وفي الصحف البلجيكية نجد اهتمامًا بالاتصالات الهاتفية التي جرت بين الرئيس الأميركي المنتخب وقيادات الاتحاد الأوروبي وحلف الناتو. وقالت صحيفة «ستاندرد» اليومية إن دونالد تاسك، رئيس مجلس الاتحاد، تلقى دعوة لزيارة البيت الأبيض العام المقبل، كما كرر دعوته إلى ترامب لحضور قمة مشتركة في أقرب وقت ممكن. وننتقل إلى باريس، حيث ذكّرت صحيفة «لوموند» بأن دونالد ترامب، كان قد أعلن خلال الحملة الانتخابية، أنه سيقوم بسحب القوات الأميركية المنتشرة في اليابان وكوريا الجنوبية، ما لم يتحمل هذا الحليفان التاريخيان لواشنطن، في شرق آسيا، حصة إضافية من تكاليف الوجود العسكري الأميركي على أراضيهما. وأشارت الصحيفة إلى أن ترامب حاول، يوم الخميس، طمأنة رئيس الوزراء الياباني، الذي كان أول قائد يلتقيه الرئيس الأميركي الجديد، ترامب. وأوضحت الصحيفة أن هذا اللقاء كان مرتقبًا في كوريا الجنوبية، وأيضًا في الصين، التي قالت «لوموند» إن قادتها قلقون من عواقب اتخاذ قرارات لا يمكن التنبؤ بها، إذ يرون أن ترامب براغماتي، قادر على ترك موضوع حقوق الإنسان الشائك على جنب، لكنهم يخشون سياسة الاقتصادية التي وعد بها للدفاع عن الوظائف الأميركية.
صحيفة «لوفيغارو» قالت إن القادة الأوروبيين قلقون بشأن مستقبل العلاقات بين ضفتي المتوسط بعد انتخاب ترامب. وأوضحت الصحيفة أن الاجتماع الوادعي الذي تم، يوم أمس، في برلين بين الزعماء الأوروبيين والرئيس الأميركي المنتهية ولايته باراك أوباما، تحول إلى اجتماع أزمة. حيث أعرب الأوروبيون عن مخاوِفهم حيال التقارب المحتمل بين واشنطن وموسكو، مما سيشكل تحولاً كبيرًا فيما يخص ملفات عدة، أبرزها السوري والأوكراني.