دول «أبيك» تعلن معارضتها لـ«حمائية» ترامب

قادة شرق آسيا: تقييد الأعمال سيؤدي إلى إضعاف المبادلات التجارية وإبطاء تعافي الاقتصاد الدولي

رئيس الحكومة السنغافوري لدى إلقائه كلمة في أحد اجتماعات {آبيك} في العاصمة البيروفية ليما أمس (أ.ف.ب)
رئيس الحكومة السنغافوري لدى إلقائه كلمة في أحد اجتماعات {آبيك} في العاصمة البيروفية ليما أمس (أ.ف.ب)
TT

دول «أبيك» تعلن معارضتها لـ«حمائية» ترامب

رئيس الحكومة السنغافوري لدى إلقائه كلمة في أحد اجتماعات {آبيك} في العاصمة البيروفية ليما أمس (أ.ف.ب)
رئيس الحكومة السنغافوري لدى إلقائه كلمة في أحد اجتماعات {آبيك} في العاصمة البيروفية ليما أمس (أ.ف.ب)

أكدت دول منطقة آسيا والمحيط الهادي، الأحد، في «ليما»، مرة جديدة على معارضتها «لأي شكل من الحمائية»، مخالفة بذلك الحملة المعادية للعولمة التي أعلن عنها الرئيس الأميركي المنتخب دونالد ترامب.
واجتمع قادة البلدان الـ21 في منتدى التعاون الاقتصادي لدول آسيا والمحيط الهادي (أبيك) مع المديرة العامة لصندوق النقد الدولي كريستين لاغارد، لبحث التحديات التي تواجه الاقتصاد العالمي، وانتهي اجتماعهم السنوي الذي بدأ الجمعة في عاصمة بيرو بإصدار إعلان ختامي يؤكد مرة جديدة على تمسك دول ضفتي المحيط الهادي بمواصلة اندماجها الاقتصادي، من خلال رفع الحواجز التجارية بينها.
واختتم الرئيس الأميركي باراك أوباما في ليما آخر رحلة رسمية له إلى الخارج يقوم بها خلال سنواته الثماني في الحكم، بعقد مؤتمر صحافي مساء أمس، بعد مثول الجريدة للطبع. وتعهد قادة «أبيك»، في الإعلان النهائي، بـ«إبقاء أسواقنا مفتوحة، ومكافحة أي شكل من أشكال الحمائية» التي لن تؤدي برأيهم سوى إلى إضعاف المبادلات التجارية «وإبطاء التقدم على طريق تعافي الاقتصاد الدولي».
ودول «أبيك» الـ21 هي أكثر من استفاد من العولمة، حيث تستحوذ على 60 في المائة من التجارة العالمية، ويعيش بها 40 في المائة من سكان العالم.
ومن المتوقع أن يتعهد القادة أيضًا بعدم تخفيض قيمة عملاتهم «لغايات تنافسية»، والعمل على إقامة منطقة تبادل حر متكاملة على الأمد الطويل.
وأعرب القادة عن قلقهم حيال «المعارضة المتزايدة للعولمة» في الولايات المتحدة وأوروبا، وظهور «تيارات حمائية»، مشددين على ضرورة «توزيع أكثر إنصافًا لفوائد» العولمة بين «جميع شرائح المجتمعات».
وهذه المواقف تتعارض تمامًا مع وعود ترامب الانتخابية، فقد وعد الرئيس المنتخب الناخبين الأميركيين بانعطافة حمائية يفترض أن تحافظ على الوظائف الصناعية في وجه المنافسة متدنية الكلفة من دول مثل الصين والمكسيك.
وحض باراك أوباما، أول من أمس (السبت)، الأسرة الدولية على «منح فرصة» لخلفه، مؤكدًا: «لا نحكم دائمًا مثلما نخوض الحملة الانتخابية».
وفي لقائه الثنائي التاسع (الأخير) مع أوباما، حذر الرئيس الصيني شي جين بينغ من أن العلاقة بين البلدين تواجه «لحظة محورية»، مع انتخاب رجل الأعمال الثري في البيت الأبيض، وقال: «آمل أن يعمل الطرفان معًا لتركيز جهودهما على التعاون، والتعامل مع الخلافات في وجهات نظرنا، وجعل العملية الانتقالية تتم بهدوء، ومواصلة تطوير العلاقة».
وأعرب شي جين بينغ بوضوح، في ليما، عن طموح بلاده في تولي دور القيادة الوحيدة لمفاوضات التبادل الحر في منطقة آسيا والمحيط الهادي، لملء الفراغ الذي ستتركه واشنطن في حال تخليها المرجح مستقبلاً عن اتفاقية الشراكة عبر المحيط الهادي (تي بي بي) التي دعت إليها واشنطن، وقال: «لن نغلق الباب بوجه العالم الخارجي، بل سنفتحه أكثر»، مضيفا: «إن بناء منطقة تبادل حر لآسيا والمحيط الهادي هو مبادرة استراتيجية حيوية لازدهار المنطقة على المدى البعيد؛ علينا العمل على ذلك بحزم».
كان ترامب قد انتقد بشدة خلال حملته اتفاقية الشراكة عبر المحيط الهادي، الموقعة عام 2014 بين 12 دولة من المنطقة، هي: الولايات المتحدة وكندا والمكسيك وتشيلي وأستراليا ونيوزيلندا واليابان وبروناي وماليزيا وبيرو وسنغافورة وفيتنام، بدفع من إدارة أوباما.
غير أن هذه الاتفاقية التي استبعدت منها الصين، ما زالت تنتظر إبرامها في الكونغرس الأميركي، مما يجعل مستقبلها الآن مجهولاً مع سيطرة الجمهوريين على مجلسيه. وقد اغتنمت الصين المناسبة لتعطي دفعًا في ليما لمبادرتها البديلة الرامية إلى إقامة منطقة تبادل حر في آسيا والمحيط الهادي، على أمل ضم جميع دول «أبيك» الـ21 إليها، فضلاً عن أستراليا والصين والهند، إنما من دون الولايات المتحدة. وكانت إدارة أوباما تعتبر اتفاقية الشراكة عبر المحيط الهادي أبرز معاهدات التبادل الحر لأنها تتخطى مجرد رفع العوائق الجمركية، لتتضمن أيضًا رفعًا للعوائق التي لا تتعلق بالتعريفات، كأن تفتح البلدان الأعضاء أبوابها أمام الشركات الأجنبية، على ألا يؤثر ذلك على مؤسساتها العامة، وتحديد المعايير المشتركة للتجارة الإلكترونية والخدمات المالية واحترام حقوق العمل، حسب معايير منظمة العمل الدولية.
وانتقد الرئيس الفلبيني رودريغو دوتيرتي الولايات المتحدة ودولاً غربية أخرى، أول من أمس، خلال أول اجتماع له مع الرئيس الروسي فلاديمير بوتين. وقد التقى الزعيمان على هامش «أبيك»، وقال دوتيرتي لبوتين إنه كان يتطلع للاجتماع معه بسبب قيادته، ولأنه يمثل «دولة عظيمة»، لكن تحول اهتمام دوتيرتي في الاجتماع أيضًا إلى الغرب.
وقال دوتيرتي: «أرى كثيرًا من تلك الدول الغربية ترهب الدول الصغيرة، ليس فقط ذلك، بل إنهم منافقون»، منتقدًا أيضًا الولايات المتحدة بسبب تورطها في صراعات في الخارج، ومضيفا: «يبدو أنهم يبدأون حربًا، لكنهم يخشون من خوض الحرب، هذا هو الخطأ بالنسبة لأميركا والدول الغربية الأخرى».
والتقى دوتيرتي أيضًا مع الرئيس الصيني شي جين بينغ على هامش قمة «أبيك»، ووجه دعوة لشي لزيارة الفلبين، بعد زيارة رسمية خاصة قام بها دوتيرتي لبكين، في أكتوبر (تشرين الأول) الماضي.
وذكر دميتري بيسكوف، المتحدث باسم الرئيس الروسي، أن بوتين أعلن في أثناء لقائه مع نظيره الفلبيني رودريغو دوتيرتي عن استعداد الشركات الروسية لتكثيف عملها في الأسواق الفلبينية، وأضاف أن الرئيس بوتين أشار إلى إمكانية دخول المستثمرين الروس مجالات مختلفة في الفلبين في المستقبل القريب.
وفي سياق متصل، ذكر بيسكوف أن الرئيس الروسي عقد أيضًا، في ليما، لقاء مع نظيره الصيني شي جين بينغ، حيث ناقشا إجراء اتصال بين الجانبين على أرفع مستوى. وأضاف المتحدث باسم بوتين أن الرئيسين الروسي والصيني شددا في أثناء اللقاء على ضرورة تعزيز التعاون داخل «أبيك»، مشيرًا إلى تطابق وجهات نظر البلدين فيما يخص القضايا الدولية الرئيسية، وذكر بيسكوف أن الرئيسين بحثا المسائل الاقتصادية المتعلقة بالاتحاد الاقتصادي «الأوراسي»، فضلاً عن الملف السوري.
ومن المقرر أن يجري الرئيس بوتين أيضًا، في أثناء قمة «أبيك» المنعقدة في ليما، مباحثات ثنائية مع رئيس فيتنام تران داي كوانج الذي ستترأس بلاده منتدى التعاون الاقتصادي لدول آسيا والمحيط الهادي في العام المقبل.



بكين تتهم أوروبا بفرض «حواجز تجارية غير عادلة»

سيدة تتسوق في أحد المتاجر بمدينة ليانيونغانغ شرق الصين (أ.ف.ب)
سيدة تتسوق في أحد المتاجر بمدينة ليانيونغانغ شرق الصين (أ.ف.ب)
TT

بكين تتهم أوروبا بفرض «حواجز تجارية غير عادلة»

سيدة تتسوق في أحد المتاجر بمدينة ليانيونغانغ شرق الصين (أ.ف.ب)
سيدة تتسوق في أحد المتاجر بمدينة ليانيونغانغ شرق الصين (أ.ف.ب)

قالت الصين الخميس إن تحقيقاتها في ممارسات الاتحاد الأوروبي وجدت أن بروكسل فرضت «حواجز تجارية واستثمارية» غير عادلة على بكين، مما أضاف إلى التوترات التجارية طويلة الأمد.

وأعلنت بكين عن التحقيق في يوليو (تموز)، بعدما أطلق الاتحاد تحقيقات حول ما إذا كانت إعانات الحكومة الصينية تقوض المنافسة الأوروبية. ونفت بكين باستمرار أن تكون سياساتها الصناعية غير عادلة، وهددت باتخاذ إجراءات ضد الاتحاد الأوروبي لحماية الحقوق والمصالح القانونية للشركات الصينية.

وقالت وزارة التجارة، الخميس، إن تنفيذ الاتحاد الأوروبي للوائح الدعم الأجنبي (FSR) كان تمييزاً ضد الشركات الصينية، و«يشكل حواجز تجارية واستثمارية». ووفق الوزارة، فإن «التطبيق الانتقائي» للتدابير أدى إلى «معاملة المنتجات الصينية بشكل غير موات أثناء عملية التصدير إلى الاتحاد الأوروبي مقارنة بالمنتجات من دول أخرى».

وأضافت بكين أن النظام لديه معايير «غامضة» للتحقيق في الإعانات الأجنبية، ويفرض «عبئاً ثقيلاً» على الشركات المستهدفة، ولديه إجراءات غامضة أنشأت «حالة من عدم اليقين هائلة». ورأت أن تدابير التكتل، مثل عمليات التفتيش المفاجئة «تجاوزت بوضوح الحدود الضرورية»، في حين كان المحققون «غير موضوعيين وتعسفيين» في قضايا، مثل خلل الأسواق.

وأوضحت وزارة التجارة الصينية أن الشركات التي عدّت أنها لم تمتثل للتحقيقات واجهت أيضاً «عقوبات شديدة»، الأمر الذي فرض «ضغوطاً هائلة» على الشركات الصينية. وأكدت أن تحقيقات نظام الخدمة المالية أجبرت الشركات الصينية على التخلي عن مشاريع أو تقليصها، ما تسبب في خسائر تجاوزت 15 مليار يوان (2,05 مليار دولار).

وفي سياق منفصل، تباطأ التضخم في أسعار المستهلكين في الصين خلال شهر ديسمبر (كانون الأول) الماضي، فيما واصلت أسعار المنتجين الانكماش وسط ضعف الطلب الاقتصادي.

وألقت عوامل، تتضمن غياب الأمن الوظيفي، وأزمة قطاع العقارات المستمرة منذ فترة طويلة، وارتفاع الديون، وتهديدات الرئيس الأميركي المنتخب دونالد ترمب فيما يتعلق بالرسوم الجمركية، بظلالها على الطلب رغم جهود بكين المكثفة لتحفيز القطاع الاستهلاكي.

وأظهرت بيانات من المكتب الوطني للإحصاء، الخميس، أن مؤشر أسعار المستهلكين ارتفع 0.1 في المائة الشهر الماضي على أساس سنوي، بعد صعوده 0.2 في المائة في نوفمبر (تشرين الثاني) السابق عليه، مسجلاً أضعف وتيرة منذ أبريل (نيسان) الماضي. وجاءت البيانات متسقة مع توقعات الخبراء في استطلاع أجرته «رويترز».

وظل مؤشر أسعار المستهلكين ثابتاً على أساس شهري، مقابل انخفاض بواقع 0.6 في المائة في نوفمبر، وهو ما يتوافق أيضاً مع التوقعات. وارتفع التضخم الأساسي، الذي يستثني أسعار المواد الغذائية والوقود المتقلبة، 0.4 في المائة الشهر الماضي، مقارنة مع 0.3 في المائة في نوفمبر، وهو أعلى مستوى في خمسة أشهر.

وبالنسبة للعام ككل، ارتفع مؤشر أسعار المستهلكين 0.2 في المائة بما يتماشى مع وتيرة العام السابق، لكنه أقل من المستوى الذي تستهدفه السلطات عند نحو ثلاثة في المائة للعام الماضي، مما يعني أن التضخم أخفق في تحقيق الهدف السنوي للعام الثالث عشر على التوالي.

وانخفض مؤشر أسعار المنتجين 2.3 في المائة على أساس سنوي في ديسمبر، مقابل هبوط بواقع 2.5 في المائة في نوفمبر، فيما كانت التوقعات تشير إلى انخفاض بنسبة 2.4 في المائة. وبذلك انخفضت الأسعار عند بوابات المصانع للشهر السابع والعشرين على التوالي.

ورفع البنك الدولي في أواخر ديسمبر الماضي توقعاته للنمو الاقتصادي في الصين في عامي 2024 و2025، لكنه حذر من أن أموراً تتضمن ضعف ثقة الأسر والشركات، إلى جانب الرياح المعاكسة في قطاع العقارات، ستظل تشكل عائقاً.