رفضت المؤسسة العسكرية بالجزائر بشدة دعوات داخلية بالتدخل في شؤون الحكم بحجة أن «السلطة شاغرة» بسبب مرض الرئيس عبد العزيز بوتفليقة، وطول انسحابه من المشهد العام بالجزائر. وتشكك المعارضة في كون الرئيس هو من يحكم، وتقول إن شؤون البلاد «بين أيدي مجموعة من رجال الأعمال».
وكتبت «مجلة الجيش»، لسان حال وزارة الدفاع، في عدد نوفمبر (تشرين الثاني) الصادر هذا الأسبوع، أن «التلاحم بين الجيش الوطني والشعب، والوفاء للوطن أعمق وأقوى من أن تهزه محاولات بائسة لزرع الفتنة والبلبلة»، في إشارة ضمنية إلى تصريحات قياديين في المعارضة وكتابات صحافية، تناولت علاقة الجيش بالسياسة وسوء مفترض للعلاقة بين رئيس أركان الجيش، الفريق أحمد قايد صالح ورئيس الجمهورية، بذريعة أن الأول يريد أن يكون رئيسًا. وبوتفليقة هو وزير الدفاع والقائد الأعلى للقوات المسلحة، بحسب الدستور.
ومما جاء في المجلة، التي تقدم كل شهر مواقف الجيش من أحداث جارية، محلية ودولية، أن «أصواتًا تعالت بالأمس، تدفعها مصالح ضيقة وحسابات شخصية، تطالب الجيش علنًا بالإخلال بالدستور والقانون، ليتسنى لها تحقيق ما عجزت عن تحقيقه بالطرق الدستورية والقانونية والديمقراطية». وتقصد نشرية وزارة الدفاع بهذا الكلام، دعوة أحزاب «طلائع الحريات» (يقوده رئيس الحكومة سابقًا علي بن فليس)، و«جيل جديد» (ليبرالي) و«التجمع من أجل الثقافة والديمقراطية» (علماني)، إلى أن يؤدي الجيش دورًا في مرحلة انتقالية تقترحها هذه الأحزاب، تنتهي بتنظيم انتخابات برلمانية ثم رئاسية تشرف عليها «لجنة» تتكون من شخصيات مشهود لها بالاستقامة والنزاهة، لم يسبق لها أن مارست مهامًا حكومية.
واحتجت الأحزاب الموالية للرئيس بوتفليقة على هذه المواقف، التي اعتبرتها «مسعى للانقلاب على الشرعية»، على أساس أن بوتفليقة اختاره الشعب لولاية رابعة بدأت عام 2014 وتنتهي في 2019. ومن أهم هذه الأحزاب: «جبهة التحرير الوطني» و«التجمع الوطني الديمقراطي» و«تجمع أمل الجزائر»، التي يحلو لها القول إن «الذي يريد أن يكون رئيسًا ما عليه إلا انتظار عام 2019». وناشدت هذه الأحزاب، بوتفليقة الترشح لولاية خامسة نكاية في المعارضة.
وأضافت «الجيش»، وهي تستخدم خطاب المواجهة: «اليوم وبعد فشل تلك المحاولات البائسة، فقد اهتدت هذه الأطراف، التي تميل دائمًا إلى الاصطياد في المياه العكرة، إلى التعبير عن تخيلاتها وتمنياتها وأوهامها بنسج قصص خيالية تمس بمصداقية ووحدة الجيش الوطني، وانضباطه والتزامه بأداء مهامه الدستورية» في إشارة إلى جدل حول رغبة مفترضة لدى رئيس أركان الجيش، خلافة بوتفليقة في الحكم. ولم يسبق لقايد صالح أن تحدث في هذا الموضوع أبدًا، لكن كثرة تنقلاته بين النواحي العسكرية منذ عام، وخطاباته أمام الضباط والجنود التي ينقلها الإعلام بقوة، تركت انطباعًا قويًا بأن الرجل يملك طموحًا سياسيًا كبيرًا.
وتابعت المجلة أن «الجهود الكبيرة التي يبذلها الجيش في أداء مهامه الدستورية، وجهده الكبير في صون السيادة الوطنية والدفاع عن الوطن والمواطن، لا ينكرها إلا جاحد في ظل وضع إقليمي ودولي يتسم بعدم الاستقرار». وتحدثت النشرية عن «أبواق يستهويها التطاول وزرع بذور التفرقة». وهددت بـ«استعداد الجيش لصد محاولات كل من تسوَل له نفسه المساس بأمن الوطن والمواطن». وقالت إن الجزائر «بحاجة ماسة اليوم إلى وحدة وطنية صلبة وجبهة داخلية قوية ومنسجمة ومتوافقة، وموحدة وملتفة حول المجهودات التي يبذلها الجيش في سبيل المحافظة على السيادة وحماية الحدود، ومحاربة الإرهاب والجريمة».
والملاحظ أن الجيش يعود إلى الحديث عن دوره في محاربة الإرهاب، في تسعينات القرن الماضي، وإلى فضله في القضاء على التطرف، كلما واجه جدلاً سياسيًا يقحمه في شؤون الحكم. ومعروف بالجزائر أن المؤسسة العسكرية، وقلبها النابض جهاز المخابرات، لها الكلمة الفاصلة في تولي المسؤوليات الكبرى في البلاد، وبخاصة رئاسة الجمهورية.
الجيش الجزائري ينفي رغبة رئيس أركانه خلافة بوتفليقة في الحكم
وزارة الدفاع نددت بـ«مصالح ضيقة» وراء مطالبة المؤسسة العسكرية الإخلال بالدستور
الجيش الجزائري ينفي رغبة رئيس أركانه خلافة بوتفليقة في الحكم
لم تشترك بعد
انشئ حساباً خاصاً بك لتحصل على أخبار مخصصة لك ولتتمتع بخاصية حفظ المقالات وتتلقى نشراتنا البريدية المتنوعة