اليمن: 15 خرقًا في أولى ساعات «الهدنة السابعة»

هادي طالب القيادات العسكرية بمزيد من اليقظة والتصدي للخروقات

يمني يسير جوار دمار خلفه قصف الميليشيات الانقلابية في تعز (رويترز)
يمني يسير جوار دمار خلفه قصف الميليشيات الانقلابية في تعز (رويترز)
TT

اليمن: 15 خرقًا في أولى ساعات «الهدنة السابعة»

يمني يسير جوار دمار خلفه قصف الميليشيات الانقلابية في تعز (رويترز)
يمني يسير جوار دمار خلفه قصف الميليشيات الانقلابية في تعز (رويترز)

يبدو أن الهدنة الأخيرة التي أعلن عن سريانها منذ منتصف ظهر أمس السبت في طريقها للحاق بسابقاتها من الهدن الفاشلة، وذلك بعد استمرار الانقلابيين في قصف مدينة تعز وعدد من مواقع الجيش الوطني والمقاومة في مأرب وعدة جبهات دون توقف أو التزام بالهدنة المعلنة والتي أعلنوا التزامهم بها.
وأعلن التحالف العربي صباح أمس، عن هدنة مدتها 48 ساعة تتمدد تلقائيًا في حال التزام ميليشيات الحوثي والقوات الموالية لها بهذه الهدنة والسماح بدخول المساعدات الإنسانية للمناطق المحاصرة وفي مقدمتها مدينة تعز ورفع الحصار عنها وحضور ممثلي الطرف الانقلابي في لجنة التهدئة والتنسيق إلى ظهران الجنوب.
ووفقا لمصادر ميدانية، فقد قامت الميليشيات الانقلابية بسلسلة من الخروقات للهدنة في ساعاتها الأولى، إذ سقط قتلى وجرحى في قصف مدفعي في تعز. وفي جبهة نهم، خرقت الميليشيات الهدنة وسجل نحو 15 خرقا.
وقال التحالف في بيان أوردته وكالة الأنباء السعودية الرسمية (واس) «تقرر أن يبدأ وقف إطلاق النار اعتبارًا من الساعة 12:00 ظهر (السبت) بتوقيت اليمن ولمدة 48 ساعة تتمدد تلقائيًا في حال التزام ميليشيات الحوثي والقوات الموالية لها بهذه الهدنة والسماح بدخول المساعدات الإنسانية للمناطق المحاصرة وفي مقدمتها مدينة تعز ورفع الحصار عنها وحضور ممثلي الطرف الانقلابي في لجنة التهدئة والتنسيق إلى ظهران الجنوب».
وأشار البيان إلى أن وقف النار «تقرر تجاوبًا مع جهود الأمم المتحدة والجهود الدولية لإحلال السلام في اليمن، وبذل الجهد لإدخال وتوزيع أكبر قدر من المساعدات الإنسانية والطبية للشعب اليمني الشقيق».
كما حذر البيان من أنه «في حال استمرار الميليشيات الحوثية والقوات الموالية لها بأي أعمال أو تحركات عسكرية في أي منطقة فسوف يتم التصدي لها من قبل قوات التحالف مع استمرار الحظر والتفتيش الجوي والبحري، والاستطلاع الجوي لأي تحركات لميليشيات الحوثي والقوات الموالية لها».
وبحسب بيانها، قررت قيادة التحالف الالتزام بهذه الهدنة نزولاً عند طلب وجهه الرئيس اليمني عبد ربه منصور هادي إلى خادم الحرمين الشريفين الملك سلمان بن عبد العزيز.
من جانبه، وجه الرئيس اليمني عبد ربه منصور هادي القيادات العسكرية بالتحلي بمزيد من اليقظة والتصدي لأي خروقات ومحاولات الاعتداء التي جبلت عليها القوى الانقلابية في تجاوز للهدنة التي لم تلتزم بها على الدوام.
وأكد في اتصالين هاتفيين أجراهما أمس مع اللواء خالد فاضل قائد محور تعز، والعميد صادق سرحان قائد اللواء 22 أن هناك مراقبة واستطلاعا جويا على مدار الساعة يغطي أجواء وسماء اليمن لمراقبة التحركات والخروقات الانقلابية ورصدها والتعامل معها بحسم كما ينبغي. وفقًا لما أوردته وكالة الأنباء اليمنية الرسمية (سبأ).
ووفقًا للواء محسن خصروف رئيس دائرة التوجيه المعنوي بالجيش اليمني فإن الميليشيات الحوثية والقوات الموالية لها لم تتوقف لحظة عن قصف مدينة تعز بعد دخول الهدنة حيز التنفيذ، وقال في تصريحات لـ«الشرق الأوسط» عصر أمس «في الواقع القصف لم يتوقف عن مدينة تعز منذ صباح أمس وحتى اللحظة، كما سجلت اختراقات للهدنة في جبل هيلان وجبهة المخدرة عبر القصف بالمدفعية المختلفة».
وأشار خصروف كذلك إلى عمليات تجمع وتأهب لعدد من السيارات والآليات التابعة للانقلابيين في هذه الجهات وعلى رأسها صرواح وجبل هيلان. وفي سؤال عن رد فعل الجيش اليمني إزاء قصف الميليشيات الحوثية، أكد رئيس دائرة التوجيه المعنوي في الجيش أن «الرد المباشر والقوي ودون أي تردد هو الإجراء الذي يتخذ»، مضيفا: «تجربتنا مع هذه الفئة الانقلابية لا تعطينا أي أمل في النجاح، مع ذلك نتمنى أن تنجح هذه الهدنة ولا نريد إلا السلام».
وقال عبد الله الشندقي، الناطق الرسمي باسم قوات الجيش اليمني في نهم، إن خروقات الميليشيات تلك المنطقة تمثلت في «قصفها بالمدفعية والرشاشات الثقيلة لمواقع الشرعية في جبل المنارة وجبل قرن نهم والجبيلين ومواقع ملح»، مشيرا في بيان خاص تلقته «الشرق الأوسط»، إلى التزام قوات الجيش «في هذه المحاور بوقف إطلاق النار وتحتفظ بحق الرد في حال استمرت الميليشيات باختراق الهدنة. بينما لم يتم الالتزام بوقف إطلاق النار نهائيا من قبل الميليشيات في كل من حريب نهم وحريب القراميش وصلب واستمرت في قصفها بقذائف الهاون والمدفعية والعيارات الثقيلة من مواقعها في تنومه وقرن الذياب ونبقان وسامعه مما دفع رجال الجيش بالرد على هذه الخروقات بعد ساعتين من ضبط النفس».
ورحبت القيادة اليمنية بالهدنة التي أعلنها التحالف، ووجهت هيئة رئاسة الأركان توجيهات واضحة إلى قادة المناطق العسكرية في قوات الجيش، بالالتزام بالهدنة، وفقا لتعليمات من الرئيس عبد ربه منصور هادي، ولكن التوجيهات أعطت الحق لقوات الجيش بالرد في حالة الدفاع عن النفس.
يذكر أنه فشلت ست محاولات سابقة لوقف إطلاق النار في اليمن، آخرها هدنة لثلاثة أيام في أكتوبر (تشرين الأول) الماضي سعت إليها واشنطن ولندن والأمم المتحدة لكنها انهارت فور بدء مهلة تطبيقها، وكان يفترض أن تسمح هذه الهدنة بإيصال مساعدات لملايين النازحين والمحتاجين.
وكان إسماعيل ولد الشيخ أحمد المبعوث الأممي لليمن طرح في أكتوبر خريطة طريق على أمل إعادة أطراف النزاع إلى طاولة المفاوضات، لكنه لم ينجح في مساعيه حتى الآن.
واستضافت الكويت لثلاثة أشهر مفاوضات سلام يمنية برعاية الأمم المتحدة لكنها علقت في أغسطس (آب) من دون نتيجة، بعد رفض الانقلابيين التوقيع على مبادرة أممية قدمها ولد الشيخ نفسه ووافقت عليها الحكومة الشرعية في ذلك الوقت.
وتطالب الحكومة اليمنية بانسحاب الانقلابيين من الأراضي التي احتلوها منذ 2014 وبينها العاصمة صنعاء وتسليم الأسلحة الثقيلة التي استولوا عليها وإطلاق سراح المعتقلين السياسيين. فيما تنصب مطالب الانقلابيين على تشكيل حكومة ومجلس رئاسي جديدين.
وجاءت هدنة وقف إطلاق النار في وقت تحقق قوات الجيش اليمني تقدما ملحوظا في عدد من الجبهات، وتحديدا تعز، في حين يسود اعتقاد راسخ لدى الشارع اليمني بأن الميليشيات لن تلتزم بالهدنة الحالية، كما هو الحال مع هدن سابقة، اخترقتها الميليشيات.
وتعد هدنة وقف إطلاق النار التي أعلنها التحالف، أمس، هي الثانية في العام الجاري، فقد كانت الأمم المتحدة أعلنت هدنة قبيل انطلاق مشاورات السلام في دولة الكويت، وبدأ سريانها في الـ10 من أبريل (نيسان) الماضي، غير أنها خرقت طوال فترة المشاورات من قبل ميليشيات الحوثي وصالح. وخلال العام المنصرم كانت هناك 4 هدن في فترات زمنية متفاوتة، خرقتها الميليشيات، التي تمنع وصول المساعدات الإنسانية إلى المناطق المتضررة والمحاصرة، فيما سجلت حالات كثيرة للاستيلاء على تلك المساعدات من قبل الميليشيات واستخدامها في إطار ما يسمى «المجهود الحربي».



الإرياني يتهم الحوثي بالعيش في «غيبوبة سياسية» غداة تهديده المنادين بسيناريو سوريا

زعيم الحوثيين ظهر في أحدث خطبه متشنجاً وحاول طمأنة أتباعه (إ.ب.أ)
زعيم الحوثيين ظهر في أحدث خطبه متشنجاً وحاول طمأنة أتباعه (إ.ب.أ)
TT

الإرياني يتهم الحوثي بالعيش في «غيبوبة سياسية» غداة تهديده المنادين بسيناريو سوريا

زعيم الحوثيين ظهر في أحدث خطبه متشنجاً وحاول طمأنة أتباعه (إ.ب.أ)
زعيم الحوثيين ظهر في أحدث خطبه متشنجاً وحاول طمأنة أتباعه (إ.ب.أ)

تعليقاً على الخطبة الأخيرة لزعيم الحوثيين عبد الملك الحوثي، والتي حاول فيها ترهيب اليمنيين من الانتفاضة ضد انقلاب جماعته على غرار ما حدث في سوريا، بشّر وزير الإعلام اليمني معمر الإرياني باقتراب ساعة الخلاص من طغيان الانقلابيين في بلاده، وقال إن تلك الخطبة تؤكد أن الرجل «يعيش حالة من الغيبوبة السياسية، ولا يرى ما يحدث حوله».

وكان الحوثي حاول في أحدث خطبه، الخميس الماضي، أن يطمئن جماعته بأن الوضع في اليمن يختلف عن الوضع السوري، مراهناً على التسليح الإيراني، وعلى عدد المجندين الذين استقطبتهم جماعته خلال الأشهر الماضية تحت مزاعم محاربة أميركا وإسرائيل ومناصرة الفلسطينيين في غزة.

معمر الإرياني وزير الإعلام والثقافة والسياحة في الحكومة اليمنية (سبأ)

وقال الإرياني في تصريح رسمي: «إن المدعو عبد الملك الحوثي خرج من كهفه بخطاب باهت، مرتبك ومتشنج، في محاولة بائسة لترهيب اليمنيين، وتصوير ميليشياته الإيرانية كقوة لا تُقهر».

وأضاف أن تلك الخطبة «تؤكد مرة أخرى أن زعيم الميليشيا الحوثية يعيش حالة من الغيبوبة السياسية، لا يرى ما يحدث من حوله، ولا يدرك حجم الزلزال الذي ضرب المنطقة وأدى إلى سقوط المشروع التوسعي الإيراني، الذي سُخرت له على مدار أربعة عقود الإمكانات البشرية والسياسية والإعلامية والاقتصادية والعسكرية والدينية، وارتداداته القادمة على اليمن بكل تأكيد».

وأشار وزير الإعلام اليمني إلى أن الحوثي بدلاً من الاعتراف بأخطائه وخطاياه، والاعتذار والبحث عن مخرج له ولعصاباته، خرج ليهدد اليمنيين مجدداً بسفك دمائهم، مُكرراً مفردات التهديد والتخويف التي سبق أن استخدمها حسن نصر الله زعيم «حزب الله» ضد اللبنانيين والقوى السياسية اللبنانية.

وتساءل الإرياني بالقول: «ألم يردد حسن نصر الله، زعيم ميليشيا (حزب الله)، نفس الكلمات والوعيد؟ أين هو اليوم؟ وأين تلك (القوة العظيمة) التي وعد بها؟».

خطاب بائس

تحدث وزير الإعلام اليمني عن اقتراب ساعة الخلاص من الانقلاب، ووصف الخطاب الحوثي بـ«البائس»، وقال إنه يعكس واقعاً متجذراً في عقلية التطرف والعنف التي يُروج لها محور طهران، ويُظهر مدى تماهي الحوثي مع المشروع الإيراني المزعزع للأمن والاستقرار في المنطقة، وأضاف: «إن ما يمر به الحوثي اليوم هو مجرد صدى لما مر به نصر الله وغيره من زعماء الميليشيات المدعومة من إيران».

مسلح حوثي خلال تجمع في صنعاء (إ.ب.أ)

ونوّه الإرياني إلى أن البعض كان ينتظر من زعيم الميليشيا الحوثية، بعد سقوط المحور الفارسي والهزيمة المُذلة لإيران في سوريا، التي كانت تمثل العمود الفقري لمشروعها التوسعي في المنطقة، و«حزب الله» خط دفاعها الأول، أن يخرج بخطاب عقلاني يعتذر فيه لليمنيين عن الانقلاب الذي أشعل نار الحرب، وعن نهر الدماء والدمار والخراب الذي خلّفه، وعن الجرائم والانتهاكات التي ارتكبها بحقهم على مدى السنوات الماضية.

وتابع الوزير اليمني بالقول: «على عبد الملك الحوثي أن يعلم أن ساعة الخلاص قد اقتربت، فقد بات اليمنيون الذين عانوا الويلات منذ عقد من الزمان، وسُفكت دماؤهم ونهبت أموالهم، وهُتكت أعراضهم، وشهدوا بأم أعينهم أسوأ أنواع التعذيب والانتهاكات في المعتقلات السرية، أكثر إصراراً من أي وقت مضى على تحرير وطنهم من قبضة ميليشياته الفاشية، ولن يفوتوا هذه اللحظة التاريخية، وسيبذلون الغالي والنفيس لتحرير وطنهم والحفاظ على هويتهم الوطنية والعربية».

مفاجآت سارة

أكد الإرياني أن المستقبل يحمل النصر لليمنيين، وأن الأيام «حبلى بالمفاجآت السارة» - وفق تعبيره - وأن مصير الميليشيات الحوثية لن يكون مختلفاً عن باقي الميليشيات الإيرانية في المنطقة. وشدد الوزير على أن اليمن لن يكون إلا جزءاً من محيطه العربي، وسيظل يقاوم ويواجه الظلم والطغيان والتسلط حتى يستعيد حريته وسيادته، مهما كلف ذلك من تضحيات.

اليمنيون يأملون سقوطاً قريباً لانقلاب الجماعة الحوثية المدعومة من إيران (إ.ب.أ)

وأضاف الوزير بالقول: «الشعب اليمني، الذي دفع ولا يزال أثماناً باهظة في معركة البقاء، لن يتوانى عن دفع المزيد من التضحيات لإعادة وطنه حراً مستقلاً خالياً من النفوذ الإيراني التخريبي، وتحقيق النصر والتحرر والكرامة».

يشار إلى أن الأحداث المتسارعة في سوريا التي قادت إلى سقوط نظام بشار الأسد فتحت باب التطلّعات في اليمن نحو سيناريو مشابه يقود إلى إنهاء انقلاب الجماعة الحوثية المدعومة من إيران بأقل التكاليف، خصوصاً بعد الضربات التي تلقتها طهران في لبنان، وصولاً إلى طي صفحة هيمنتها على دمشق.