روسيا تستهل استخدامها للأسلحة المتطورة في سوريا بـ«الأخطاء»

مخاوف من أن يزداد استهداف المدنيين نتيجة عدم الاحترافية في القصف

صورة مقتطعة من شريط فيديو لوزارة الدفاع الروسية تظهر الفرقاطة أدميرال غريغوروفيتش في البحر المتوسط وهي تطلق صواريخ كاليبر إلى أهداف في سوريا منتصف الشهر الحالي (إ.ب.أ)
صورة مقتطعة من شريط فيديو لوزارة الدفاع الروسية تظهر الفرقاطة أدميرال غريغوروفيتش في البحر المتوسط وهي تطلق صواريخ كاليبر إلى أهداف في سوريا منتصف الشهر الحالي (إ.ب.أ)
TT

روسيا تستهل استخدامها للأسلحة المتطورة في سوريا بـ«الأخطاء»

صورة مقتطعة من شريط فيديو لوزارة الدفاع الروسية تظهر الفرقاطة أدميرال غريغوروفيتش في البحر المتوسط وهي تطلق صواريخ كاليبر إلى أهداف في سوريا منتصف الشهر الحالي (إ.ب.أ)
صورة مقتطعة من شريط فيديو لوزارة الدفاع الروسية تظهر الفرقاطة أدميرال غريغوروفيتش في البحر المتوسط وهي تطلق صواريخ كاليبر إلى أهداف في سوريا منتصف الشهر الحالي (إ.ب.أ)

يعيد سقوط الطائرة الروسية من طراز «ميغ 29» أثناء هبوطها على متن حاملة الطائرات الروسية «كوزنيتسوف»، إلى الأذهان حادثة سقوط صاروخ «كاليبر» المجنح في الأراضي الإيرانية، في أول عملية قصف لتلك الصواريخ من بحر قزوين باتجاه سوريا.
فالحادثتان تظهران مشكلة تقنية تعاني منها القوات الروسية في أول الاختبارات العملية لأسلحتها الذكية والمتطورة، وهو ما يزيد القناعات لدى أطراف المعارضة السورية بأن روسيا «تختبر أسلحتها الحديثة في سوريا»، وأنها «تجري تدريبات بالذخيرة الحية لأسلحتها في الأرضي السورية».
وفي أولى الضربات الصاروخية التي أطلقتها روسيا، الثلاثاء الماضي، على إدلب في شمال غربي سوريا، أخطأ صاروخ روسي هدفه في مدينة سراقب، حيث قال مصدر معارض في شمال سوريا لـ«الشرق الأوسط» إن صاروخًا مجنحًا «سقط على بُعد 50 مترًا من مستودع ضخم للأسلحة تعود ملكيته لتنظيم فيلق الشام»، مشيرًا إلى أن الصاروخ «يظهر أنه كان يحاول استهداف المستودع لكنه أخطأ هدفه».
هذا الخطأ، رفع المخاوف في صفوف الناشطين السوريين من أن يزداد قصف المدنيين واستهدافهم، بدلاً من الأهداف العسكرية التي تحاول موسكو تأكيدها، وذلك «نتيجة الأخطاء الروسية وعدم الاحترافية في القصف».
وتظهر الأخطاء الروسية في عدم إصابة الأهداف، في المقاطع المصورة التي تظهرها كاميرات التصوير المرافقة لعمليات القصف، حيث يتحدد الهدف في موقع، ويحدث الانفجار في موقع آخر يبعد عنه مسافة أمتار، وهي صور مثبتة في مقاطع التصوير التي تنشرها وزارة الدفاع الروسية لإطلاق الصواريخ وسقوطها إلى جانب أهدافها، وتظهر عدم الدقة في إصابتها.
وتستخدم روسيا صواريخ متطورة جدا موجهة عن بعد، هي صواريخ «كاليبر» التي أطلقتها من الفرقاطة «الأميرال غريغوروفيتش» التي تبحر قبالة البحر المتوسط، إضافة إلى منظومة أسلحة جديدة هي عبارة عن منظومة صواريخ «باستيون» الساحلية التي تطلق صواريخ أرض - أرض، وهي منظورة صواريخ متطورة وموجهة.
ويترافق كل إعلان روسي جديد عن استخدام أسلحة متطورة جديدة في سوريا، مع أخطاء روسية، كان آخرها إعلان وزارة الدفاع الروسية، الاثنين الماضي، عن تحطم طائرة روسية من طراز ميغ - 29 خلال محاولة الهبوط على حاملة الطائرات «كوزنيتسوف» الراسية في البحر المتوسط قبالة السواحل السورية.
وأضافت الوزارة أن الطيار قفز «بسلام» من الطائرة التي تحطمت بسبب «عطل فني» وسقطت في مياه البحر قبالة سوريا، وذلك بعد يومين فقط على وصول المدمرة الروسية «كوزنيتسوف» إلى البحر المتوسط قبالة السواحل السورية، لتعزيز القوات الروسية التي تدعم قوات النظام.
وتشارك في الحملة للمرة الأولى في تاريخ الأسطول الروسي حاملة الطائرات أميرال كوزنيتسوف التي انطلقت طائرات سوخوي - 33 من على متنها لتقصف أهدافا في سوريا. الحادث تكرر مع الإعلان عن إطلاق صواريخ مجنحة من نوع «كاليبر» العام الماضي، من بحر قزوين إلى سوريا. حينها، نقلت شبكة «سي إن إن» الأميركية عن مسؤولين أميركيين قولهم إن صواريخ أعلنت روسيا إطلاقها من سفن حربية في بحر قزوين تجاه سوريا، سقطت في إيران من غير تحديد مكان سقوطها، علما بأن موسكو نفت تلك المعلومات. وقال المسؤولون في أكتوبر (تشرين الأول) 2015 إن تقديرات الجيش الأميركي والاستخبارات توصلت إلى أن 4 صواريخ على الأقل تحطمت خلال طيرانها فوق إيران، علما بأن السفن الحربية الروسية تتمركز جنوب بحر قزوين، مما يعني أن المسار المحتمل للصواريخ حتى تصل إلى سوريا هو العبور فوق إيران والعراق.



اللاجئون الفلسطينيون يعودون إلى مخيم «اليرموك» في سوريا

اللاجئ الفلسطيني خالد خليفة يدعو لابنه المدفون في مقبرة مخيم اليرموك المدمرة (أ.ف.ب)
اللاجئ الفلسطيني خالد خليفة يدعو لابنه المدفون في مقبرة مخيم اليرموك المدمرة (أ.ف.ب)
TT

اللاجئون الفلسطينيون يعودون إلى مخيم «اليرموك» في سوريا

اللاجئ الفلسطيني خالد خليفة يدعو لابنه المدفون في مقبرة مخيم اليرموك المدمرة (أ.ف.ب)
اللاجئ الفلسطيني خالد خليفة يدعو لابنه المدفون في مقبرة مخيم اليرموك المدمرة (أ.ف.ب)

كان مخيم اليرموك للاجئين في سوريا، الذي يقع خارج دمشق، يُعدّ عاصمة الشتات الفلسطيني قبل أن تؤدي الحرب إلى تقليصه لمجموعة من المباني المدمرة.

سيطر على المخيم، وفقاً لوكالة «أسوشييتد برس»، مجموعة من الجماعات المسلحة ثم تعرض للقصف من الجو، وأصبح خالياً تقريباً منذ عام 2018، والمباني التي لم تدمرها القنابل هدمت أو نهبها اللصوص.

رويداً رويداً، بدأ سكان المخيم في العودة إليه، وبعد سقوط الرئيس السوري السابق بشار الأسد في 8 ديسمبر (كانون الأول)، يأمل الكثيرون في أن يتمكنوا من العودة.

في الوقت نفسه، لا يزال اللاجئون الفلسطينيون في سوريا، الذين يبلغ عددهم نحو 450 ألف شخص، غير متأكدين من وضعهم في النظام الجديد.

أطفال يلعبون أمام منازل مدمرة بمخيم اليرموك للاجئين في سوريا (أ.ف.ب)

وتساءل السفير الفلسطيني لدى سوريا، سمير الرفاعي: «كيف ستتعامل القيادة السورية الجديدة مع القضية الفلسطينية؟»، وتابع: «ليس لدينا أي فكرة لأننا لم نتواصل مع بعضنا بعضاً حتى الآن».

بعد أيام من انهيار حكومة الأسد، مشت النساء في مجموعات عبر شوارع اليرموك، بينما كان الأطفال يلعبون بين الأنقاض. مرت الدراجات النارية والدراجات الهوائية والسيارات أحياناً بين المباني المدمرة. في إحدى المناطق الأقل تضرراً، كان سوق الفواكه والخضراوات يعمل بكثافة.

عاد بعض الأشخاص لأول مرة منذ سنوات للتحقق من منازلهم. آخرون كانوا قد عادوا سابقاً ولكنهم يفكرون الآن فقط في إعادة البناء والعودة بشكل دائم.

غادر أحمد الحسين المخيم في عام 2011، بعد فترة وجيزة من بداية الانتفاضة ضد الحكومة التي تحولت إلى حرب أهلية، وقبل بضعة أشهر، عاد للإقامة مع أقاربه في جزء غير مدمر من المخيم بسبب ارتفاع الإيجارات في أماكن أخرى، والآن يأمل في إعادة بناء منزله.

هيكل إحدى ألعاب الملاهي في مخيم اليرموك بسوريا (أ.ف.ب)

قال الحسين: «تحت حكم الأسد، لم يكن من السهل الحصول على إذن من الأجهزة الأمنية لدخول المخيم. كان عليك الجلوس على طاولة والإجابة عن أسئلة مثل: مَن هي والدتك؟ مَن هو والدك؟ مَن في عائلتك تم اعتقاله؟ عشرون ألف سؤال للحصول على الموافقة».

وأشار إلى إن الناس الذين كانوا مترددين يرغبون في العودة الآن، ومن بينهم ابنه الذي هرب إلى ألمانيا.

جاءت تغريد حلاوي مع امرأتين أخريين، يوم الخميس، للتحقق من منازلهن. وتحدثن بحسرة عن الأيام التي كانت فيها شوارع المخيم تعج بالحياة حتى الساعة الثالثة أو الرابعة صباحاً.

قالت تغريد: «أشعر بأن فلسطين هنا، حتى لو كنت بعيدة عنها»، مضيفة: «حتى مع كل هذا الدمار، أشعر وكأنها الجنة. آمل أن يعود الجميع، جميع الذين غادروا البلاد أو يعيشون في مناطق أخرى».

بني مخيم اليرموك في عام 1957 للاجئين الفلسطينيين، لكنه تطور ليصبح ضاحية نابضة بالحياة حيث استقر العديد من السوريين من الطبقة العاملة به. قبل الحرب، كان يعيش فيه نحو 1.2 مليون شخص، بما في ذلك 160 ألف فلسطيني، وفقاً لوكالة الأمم المتحدة للاجئين الفلسطينيين (الأونروا). اليوم، يضم المخيم نحو 8 آلاف لاجئ فلسطيني ممن بقوا أو عادوا.

لا يحصل اللاجئون الفلسطينيون في سوريا على الجنسية، للحفاظ على حقهم في العودة إلى مدنهم وقراهم التي أُجبروا على مغادرتها في فلسطين عام 1948.

لكن، على عكس لبنان المجاورة، حيث يُمنع الفلسطينيون من التملك أو العمل في العديد من المهن، كان للفلسطينيين في سوريا تاريخياً جميع حقوق المواطنين باستثناء حق التصويت والترشح للمناصب.

في الوقت نفسه، كانت للفصائل الفلسطينية علاقة معقدة مع السلطات السورية. كان الرئيس السوري الأسبق حافظ الأسد وزعيم «منظمة التحرير الفلسطينية»، ياسر عرفات، خصمين. وسُجن العديد من الفلسطينيين بسبب انتمائهم لحركة «فتح» التابعة لعرفات.

قال محمود دخنوس، معلم متقاعد عاد إلى «اليرموك» للتحقق من منزله، إنه كان يُستدعى كثيراً للاستجواب من قبل أجهزة الاستخبارات السورية.

وأضاف متحدثاً عن عائلة الأسد: «على الرغم من ادعاءاتهم بأنهم مع (المقاومة) الفلسطينية، في الإعلام كانوا كذلك، لكن على الأرض كانت الحقيقة شيئاً آخر».

وبالنسبة لحكام البلاد الجدد، قال: «نحتاج إلى مزيد من الوقت للحكم على موقفهم تجاه الفلسطينيين في سوريا. لكن العلامات حتى الآن خلال هذا الأسبوع، المواقف والمقترحات التي يتم طرحها من قبل الحكومة الجديدة جيدة للشعب والمواطنين».

حاولت الفصائل الفلسطينية في اليرموك البقاء محايدة عندما اندلع الصراع في سوريا، ولكن بحلول أواخر 2012، انجر المخيم إلى الصراع ووقفت فصائل مختلفة على جوانب متعارضة.

عرفات في حديث مع حافظ الأسد خلال احتفالات ذكرى الثورة الليبية في طرابلس عام 1989 (أ.ف.ب)

منذ سقوط الأسد، كانت الفصائل تسعى لتوطيد علاقتها مع الحكومة الجديدة. قالت مجموعة من الفصائل الفلسطينية، في بيان يوم الأربعاء، إنها شكلت هيئة برئاسة السفير الفلسطيني لإدارة العلاقات مع السلطات الجديدة في سوريا.

ولم تعلق القيادة الجديدة، التي ترأسها «هيئة تحرير الشام»، رسمياً على وضع اللاجئين الفلسطينيين.

قدمت الحكومة السورية المؤقتة، الجمعة، شكوى إلى مجلس الأمن التابع للأمم المتحدة تدين دخول القوات الإسرائيلية للأراضي السورية في مرتفعات الجولان وقصفها لعدة مناطق في سوريا.

لكن زعيم «هيئة تحرير الشام»، أحمد الشرع، المعروف سابقاً باسم «أبو محمد الجولاني»، قال إن الإدارة الجديدة لا تسعى إلى صراع مع إسرائيل.

وقال الرفاعي إن قوات الأمن الحكومية الجديدة دخلت مكاتب ثلاث فصائل فلسطينية وأزالت الأسلحة الموجودة هناك، لكن لم يتضح ما إذا كان هناك قرار رسمي لنزع سلاح الجماعات الفلسطينية.