العالم الإسلامي يحيل ملف استهداف مكة المكرمة إلى الأمم المتحدة

اجتماع منظمة العالم الإسلامي قرر تشكيل فريق لاتخاذ خطوات سريعة لعدم تكرار الاعتداء على مقدسات المسلمين

نائب وزير الخارجية الأوزبكي خيرت فضيلوف (الثاني من اليسار) لدى ترؤسه جلسة الاجتماع في مكة المكرمة أمس (تصوير: أحمد حشاد)
نائب وزير الخارجية الأوزبكي خيرت فضيلوف (الثاني من اليسار) لدى ترؤسه جلسة الاجتماع في مكة المكرمة أمس (تصوير: أحمد حشاد)
TT

العالم الإسلامي يحيل ملف استهداف مكة المكرمة إلى الأمم المتحدة

نائب وزير الخارجية الأوزبكي خيرت فضيلوف (الثاني من اليسار) لدى ترؤسه جلسة الاجتماع في مكة المكرمة أمس (تصوير: أحمد حشاد)
نائب وزير الخارجية الأوزبكي خيرت فضيلوف (الثاني من اليسار) لدى ترؤسه جلسة الاجتماع في مكة المكرمة أمس (تصوير: أحمد حشاد)

أحالت دول العالم الإسلامي ملف استهداف مكة المكرمة بصاروخ باليستي من قبل ميليشيات الحوثي وصالح، إلى الأمم المتحدة، إذ قرر مسؤولو 50 دولة حضروا الاجتماع الطارئ لمجلس وزراء خارجية الدول الأعضاء في منظمة التعاون الإسلامي بمكة المكرمة أمس: «توجيه رسالة من اللجنة التنفيذية باسم الدول الأعضاء في المنظمة إلى الأمم المتحدة لاتخاذ الإجراءات الدولية اللازمة التي تكفل عدم تكرار مثل هذه الاعتداءات الآثمة على مكة المكرمة وبقية الأراضي المقدسة».
كما تضمن القرار الصادر عن الاجتماع اعتماد البيان الصادر عن اجتماع اللجنة التنفيذية على المستوى الوزاري الذي عقد في مقر منظمة التعاون الإسلامي في جدة مطلع الشهر الجاري، والذي طالب الأعضاء بوقفة جماعية ضد هذا الاعتداء الآثم ومن يقف وراءه ويدعم مرتكبيه بالسلاح باعتباره شريكًا ثابتًا في الاعتداء على مقدسات العالم الإسلامي وطرفًا واضحًا في زرع الفتنة الطائفية وداعمًا أساسيا للإرهاب.
وأقرت منظمة التعاون الإسلامي تشكيل فريق عمل من الدول الأعضاء في اللجنة التنفيذية للنظر في اتخاذ خطوات عملية على وجه السرعة تكفل عدم تكرار مثل هذه الاعتداءات الآثمة.
وشدد القرار على التزام الدول الأعضاء في منظمة التعاون الإسلامي بتعزيز وحدتها وتضامنها وتطوير علاقات تعود بالنفع على الجميع، صونًا للسلم والأمن وتحقيقًا للاستقرار والازدهار داخل الدول الأعضاء في المنظمة وخارجها وذلك انطلاقًا من روح الدين الإسلامي الذي يعتبر رحمة للعالمين.
وسبق القرار اجتماع مغلق للدول الأعضاء في منظمة التعاون الإسلامي لبحث موضوع إطلاق ميليشيا الحوثي وصالح صاروخًا باليستيًا باتجاه مكة المكرمة.
* السعودية: لن نتهاون في الذود عن حياض الحرمين
أكد وزير الدولة للشؤون الخارجية رئيس وفد السعودية في الاجتماع الطارئ لوزراء خارجية الدول الأعضاء في منظمة التعاون الإسلامي الدكتور نزار مدني، أن السعودية لن تتهاون في الذود عن حياض الحرمين الشريفين، مشددًا على ضرورة وضع حد للممارسات التي تقوم بها ميليشيات الحوثي، موضحًا أن من لم يرع حرمة البلد الحرام لن يرعى حرمة أي بلد آخر ونقول لكل من أراد البيت الحرام بسوء إن للبيت ربا يحميه.
وقال مدني في كلمة السعودية خلال الاجتماع: «العمل الإجرامي الشنيع الذي استهدف أم القرى وقبلة الورى سوف يلقى مصير مثيلاته في التاريخ فكل من أراد البيت الحرام بسوء فإن رب البيت لا محال قاصمه، فالله أهلك أصحاب الفيل وجعل كيدهم في تضليل وجعلهم كعصف مأكول، وتوعد سبحانه وتعالى بعذاب أليم كل من يريد البيت بظلم».
وأضاف أن «ما يزيد من ألم الأمة وحسرتها، أن كل الذين فكروا في هذا الاعتداء الأثيم وخططوا له ثم نفذوه وكل الذين تآمروا معهم وأيدوهم وساعدوهم في التخطيط والتنفيذ هم من أبناء هذه الأمة، ما يفرض على كل مسلم ومؤمن وغيور على دينه ومقدساته ويحتم على كل من ألقى السمع وهو شهيد ألا يكتفي بالإدانة والاستنكار بل أن يتخذ موقفًا صارمًا وحازمًا ضد كل من نفذ وشجع ودعم مرتكبي هذه الجريمة النكراء»، مشيرًا إلى أن عدم اتخاذ موقف صارم وواضح وقوي من شأنه أن يشجع المتآمرين على أن يكرروا المحاولة ويستمروا في العدوان ويتمادوا في غيهم وطغيانهم وتهديدهم الأماكن المقدسة وأمن وسلامة البلدان الإسلامية لأن من مكر بمكة المكرمة ولم يرعَ حرمتها وقدسيتها لن يراعي حرمة أي بلد إسلامي.
وأوضح أن السعودية التي اختارها الله لحمل شرف خدمة ورعاية الحرمين الشريفين سخرت منذ تأسيسها على يد الملك عبد العزيز بن عبد الرحمن كل إمكاناتها ومواردها البشرية والمادية في سبيل خدمة حجاج بيت الله الحرام وتأمين سلامتهم وأمنهم ليكون البيت كما أراده الله مثابة للناس وأمنا، مشددًا على أن السعودية ستستمر في حمل رسالتها وأداء واجبها ولن تتهاون في الدفاع والذود عن حياض الحرمين الشريفين والمشاعر المقدسة مهما كان الثمن والتضحية.
وتابع مدني: «لكننا في الوقت ذاته نستشعر أيضًا أنه من واجب كل دولة إسلامية أن تتخذ موقفًا واضحًا وقويًا وشجاعًا بما يمليه الضمير الإسلامي والإنساني، وذلك للتأكد من عدم تكرار مثل هذه الاعتداءات الآثمة في المستقبل، ومن وضع حد للممارسات العدوانية والتصرفات والسياسات غير المسؤولة التي تتبناها وتنفذها ميليشيات الحوثي وصالح والتي تجاوزت حد العبث بأمن اليمن الشقيق واستقراره إلى تهديد الأمن الوطني لجيرانه وإلى أن بلغت بها الجرأة والرعونة حد التعرض للأماكن المقدسة واستفزاز مشاعر المسلمين في كل مكان».
وشدد على أهمية تحميل أي دولة تدعم ميليشيات الحوثي وصالح وتمدها بالمال والسلاح والعتاد والصواريخ الباليستية المسؤولية القانونية واعتبار هذه الدولة شريكًا ثابتًا في الاعتداء على مقدساتنا الإسلامية وطرفًا أساسيا في دعم الإرهاب وزعزعة الأمن والاستقرار في البلاد الإسلامية.
* الحوثي وصالح يعرقلان السلام
شدد الأمين العام للمنظمة بالإنابة عبد الله عالم، على أن إقدام الحوثيين وصالح على تهديد مصالح وطنهم، وعرقلة مسار السلام يعد زاوية نظر ضيقة لا أفق لها، ولا وطنية فيها، لافتًا إلى أن المنظمة عبرت في الكثير من المناسبات، عن إدانتها الشديدة واستنكارها للمواقف والتحركات المريبة، والهجومات الإجرامية التي تنفذها ميليشيات الحوثيين وصالح ومحاولاتهم اليائسة لفرض الذات على الساحة الداخلية في اليمن والساحتين الإقليمية والدولية خدمة لمصالح أشخاص وأطراف لهم تفكير هدّام وصدامي وإجرامي.
وقال عالم: «أجدد التأكيد أمام المجلس، ولعلكم تشاركونني الرأي، أنه ليس بالسلاح نَفتَح باب الحوار، ولا بإثارة النعرات يَعُم السلام، ولا تُبنَى الأوطان من خلال اللجوء إلى أطراف لا تريد أصلاً للمنطقة السلام والاستقرار والأمن، وإنما أقصى ما تقوم به هو استعمال هذه الجماعات كبيادق لإشعال الفتنة الطائفية وتوسيع دوائر الفرقة والتشتت».
وأكد أن إقدام الحوثيين - صالح على إطلاق صاروخ باليستي في اتجاه مكة المكرمة يعد أمرا غير مسبوقٍ، وتهديدًا غير محسوب العواقب للمقدسات الإسلامية، واستفزازًا لمشاعر المسلمين، وتعديًا صارخًا على سيادة السعودية، وانتهاكًا لحرمة أراضيها، لافتًا إلى أنه سَبَقَ أن اجتمعَت اللجنة التنفيذية للمنظمة على المستوى الوزاري، يوم 5 نوفمبر (تشرين الثاني) 2016 بمقر الأمانة العامة بجدة، وأدانت الهجوم السافر والإجرامي الذي أقدمت على القيام به ميليشيات الحوثي - صالح، مُعتبرة أن من يدعمهم ويَمُدُهم بالسلاح وتهريب الصواريخ الباليستية، يُعَد شريكا ثابتا في الاعتداء على مقدسات العالم الإسلامي وطرفًا واضحًا في زرع الفتنة الطائفية وداعمًا أساسيا للإرهاب.
وأفاد أن اللجنة حذرت من أن التمادي في مثل هذه الأعمال الإجرامية سَيُؤدي إلى عدم الاستقرار والإخلال ليس بأمن السعودية فحسب، وإنما بأمن العالم الإسلامي بأسره، ويعد استهزاءً بمقدساته، داعية ًجميع الدول الأعضاء إلى وقفة جماعية ضد هذا الاعتداء الآثم ومن يقف وراءه ويدعم مرتكبيه بالسلاح، كما أكدت في بيانها ضرورة اتخاذ إجراءات جادة وفعالة من قبل الدول الأعضاء والمجتمع الدولي لمنع حدوث أو تكرار مثل هذه الاعتداءات مستقبلا، بوصفها خرقًا لحرمة الدول، وأمن شعوبها، واعتداء على سلامتها، وسيادتها معربًا عن تطلعه من خلال هذا الاجتماع، إلى الاستماع إلى مداخلات الحضور ومواقفهم والتوصل إلى خطوات كفيلة بإيقاف المد الحوثي في المنطقة الذي يهدد أمن وسلامة المنطقة ومستقبل أجيالها.



انقلابيو اليمن يرغمون الموظفين العموميين على حمل السلاح

الحوثيون أرغموا شرائح المجتمع كافّة على الالتحاق بالتعبئة العسكرية (إ.ب.أ)
الحوثيون أرغموا شرائح المجتمع كافّة على الالتحاق بالتعبئة العسكرية (إ.ب.أ)
TT

انقلابيو اليمن يرغمون الموظفين العموميين على حمل السلاح

الحوثيون أرغموا شرائح المجتمع كافّة على الالتحاق بالتعبئة العسكرية (إ.ب.أ)
الحوثيون أرغموا شرائح المجتمع كافّة على الالتحاق بالتعبئة العسكرية (إ.ب.أ)

أرغم الحوثيون جميع الموظفين في مناطق سيطرتهم، بمن فيهم كبار السن، على الالتحاق بدورات تدريبية على استخدام الأسلحة، ضمن ما يقولون إنها استعدادات لمواجهة هجوم إسرائيلي محتمل.

جاء ذلك في وقت انضم فيه موظفون بمدينة تعز (جنوب غرب) الخاضعة لسيطرة الحكومة اليمنية إلى إضراب المعلمين، مطالبين بزيادة في الرواتب.

وذكرت مصادر محلية في صنعاء لـ«الشرق الأوسط»، أن الحوثيين، وعلى الرغم من أنهم لا يصرفون الرواتب لمعظم الموظفين، فإنهم وجّهوا بإلزامهم، حتى من بلغوا سن الإحالة إلى التقاعد، بالالتحاق بدورات تدريبية على استخدام الأسلحة، ضمن الإجراءات التي تتخذها الجماعة لمواجهة ما تقول إنه هجوم إسرائيلي متوقع، يرافقه اجتياح القوات الحكومية لمناطق سيطرتهم.

وبيّنت المصادر أن هناك آلاف الموظفين الذين لم يُحالوا إلى التقاعد بسبب التوجيهات التي أصدرها الرئيس السابق عبد ربه منصور هادي بوقف الإحالة إلى التقاعد، إلى حين معالجة قضايا المبعدين الجنوبيين من أعمالهم في عهد سلفه علي عبد الله صالح، وأن هؤلاء تلقوا إشعارات من المصالح التي يعملون بها للالتحاق بدورات التدريب على استخدام الأسلحة التي شملت جميع العاملين الذكور، بوصف ذلك شرطاً لبقائهم في الوظائف، وبحجة الاستعداد لمواجهة إسرائيل.

تجنيد كبار السن

ويقول الكاتب أحمد النبهاني، وهو عضو في قيادة اتحاد الأدباء والكتاب اليمنيين، إنه طلب شخصياً إعادة النظر في قرار تدريب الموظفين على السلاح، لأنه وحيد أسرته، بالإضافة إلى أنه كبير في العمر؛ إذ يصل عمره إلى 67 عاماً، واسمه في قوائم المرشحين للإحالة إلى التقاعد، بعد أن خدم البلاد في سلك التربية والتعليم واللجنة الوطنية للتربية والثقافة والعلوم لما يقارب الأربعين عاماً.

ومع تأكيده وجود الكثير من الموظفين من كبار السن، وبعضهم مصابون بالأمراض، قال إنه من غير المقبول وغير الإنساني أن يتم استدعاء مثل هؤلاء للتدريب على حمل السلاح، لما لذلك من مخاطر، أبرزها وأهمها إعطاء ذريعة «للعدو» لاستهداف مؤسسات الدولة المدنية بحجة أنها تؤدي وظيفة عسكرية.

حتى كبار السن والمتقاعدون استدعتهم الجماعة الحوثية لحمل السلاح بحجة مواجهة إسرائيل (إ.ب.أ)

القيادي في اتحاد الأدباء والكتاب اليمنيين ذكر أنه لا يستبعد أن يكون وراء هذا القرار «أطراف تحمل نيات سيئة» تجاه المؤسسات المدنية، داعياً إلى إعادة النظر بسرعة وعلى نحو عاجل.

وقال النبهاني، في سياق انتقاده لسلطات الحوثيين: «إن كل دول العالم تعتمد على جيوشها في مهمة الدفاع عنها، ويمكنها أن تفتح باب التطوع لمن أراد؛ بحيث يصبح المتطوعون جزءاً من القوات المسلحة، لكن الربط بين الوظيفة المدنية والوظيفة العسكرية يُعطي الذريعة لاستهداف العاملين في المؤسسات المدنية».

توسع الإضراب

وفي سياق منفصل، انضم موظفون في مدينة تعز الخاضعة لسيطرة الحكومة اليمنية إلى الإضراب الذي ينفّذه المعلمون منذ أسبوع؛ للمطالبة بزيادة الرواتب مع تراجع سعر العملة المحلية أمام الدولار وارتفاع أسعار السلع.

ووفقاً لما قالته مصادر في أوساط المحتجين لـ«الشرق الأوسط»، فقد التقى محافظ تعز، نبيل شمسان، مع ممثلين عنهم، واعداً بترتيب لقاء مع رئيس الحكومة أحمد عوض بن مبارك؛ لطرح القضايا الحقوقية المتعلقة بالمستحقات المتأخرة وهيكلة الأجور والمرتبات وتنفيذ استراتيجية الأجور، لكن ممثلي المعلمين تمسكوا بالاستمرار في الإضراب الشامل حتى تنفيذ المطالب كافّة.

المعلمون في تعز يقودون إضراب الموظفين لتحسين الأجور (إعلام محلي)

وشهدت المدينة (تعز) مسيرة احتجاجية جديدة نظّمها المعلمون، وشارك فيها موظفون من مختلف المؤسسات، رفعوا خلالها اللافتات المطالبة بزيادة المرتبات وصرف جميع الحقوق والامتيازات التي صُرفت لنظرائهم في محافظات أخرى.

وتعهّد المحتجون باستمرار التصعيد حتى الاستجابة لمطالبهم كافّة، وأهمها إعادة النظر في هيكل الأجور والرواتب، وصرف المستحقات المتأخرة للمعلمين من علاوات وتسويات وبدلات ورواتب وغلاء معيشة يكفل حياة كريمة للمعلمين.