سكان الموصل ينزحون شرقًا هربًا من «داعش».. وغربًا من «الحشد الشعبي»

نازحون يتحدثون عن إعدامات وتعليق جثث من قبل عناصر الميليشيات

نازح يحمل طفله الذي يرفع راية بيضاء في طريقهما مع نازحين آخرين إلى مواقع القوات الأمنية في حي السماح بالجانب الأيسر من الموصل أمس (أ.ف.ب)
نازح يحمل طفله الذي يرفع راية بيضاء في طريقهما مع نازحين آخرين إلى مواقع القوات الأمنية في حي السماح بالجانب الأيسر من الموصل أمس (أ.ف.ب)
TT

سكان الموصل ينزحون شرقًا هربًا من «داعش».. وغربًا من «الحشد الشعبي»

نازح يحمل طفله الذي يرفع راية بيضاء في طريقهما مع نازحين آخرين إلى مواقع القوات الأمنية في حي السماح بالجانب الأيسر من الموصل أمس (أ.ف.ب)
نازح يحمل طفله الذي يرفع راية بيضاء في طريقهما مع نازحين آخرين إلى مواقع القوات الأمنية في حي السماح بالجانب الأيسر من الموصل أمس (أ.ف.ب)

باتجاهين معاكسين، أحدهما جنوب شرق مدينة الموصل والآخر شمال غربها، قررت آلاف العائلات الهاربة من بطش مسلحي تنظيم داعش، الذي يسيطر على مدنهم وبلداتهم الواقعة عند أطراف الموصل وساحلها الأيسر، الذي دخلته القوات العسكرية العراقية لأجل تحريره من قبضة «داعش»، وخرج الآلاف من المدنيين عبر هذين الطريقين المتعاكسين اللذين يوصلهما إما للقوات الأمنية العراقية الموجودة عند خط السير جنوب شرق المدينة، وإما للجانب السوري؛ هربًا من بطش عناصر تابعة لميليشيا الحشد الشعبي، حسب عدد من النازحين.
فعند جانب الشمال الغربي لمدينة الموصل خرجت المئات من العائلات صوب الحدود السورية هربًا من «داعش»، وميليشيات الحشد الشعبي التي تسيطر على المحور الغربي للموصل، ويقول النازح «أبو عمر»، 47 عامًا: «جميع قرانا تعرضت إما للحرق أو الهدم أو السرقة على أيدي ميليشيات طائفية شيعية دخلت إلى مناطقنا، وقتلت العشرات من شبابنا بأبشع الطرق ونهبت البيوت وسرقت الأموال والمواشي، لذا قرر الأهالي النزوح بشكل جماعي والاتجاه غربًا نحو الأراضي السورية». أضاف أبو عمر: «لقد مارس عناصر ميليشيا الحشد جرائم بشعة بحق المدنيين، فجميع السكان بنظر الميليشيات هم من (داعش)، فقاموا بقتل عدد من الأشخاص وتعليق جثثهم على أعمدة الكهرباء، وهو أسلوب مشابه تمامًا لما قام به تنظيم (داعش) الإجرامي». وأضاف: «أمضيت في السير للوصول إلى الأراضي السورية أيامًا وليالي صعبة برفقة عائلتي المكونة من عشرة أشخاص، غالبيتهم من النساء والأطفال، وهناك المئات من العائلات التي قررت الهروب من الموت إلى المجهول في الأراضي الأراضي السورية، التي لا نعرف الجهة التي تسيطر على الأرض فيها».
بدوره، أكد شيخ عشائر السادة البكارة في محافظة نينوى، جمعة أحمد الدوار، في حديث لـ«الشرق الأوسط» أن «فصائل تابعة لميليشيات الحشد الشعبي قامت بارتكاب جرائم بشعة تمثلت في قتل العشرات من سكان القرى المحيطة بمناطق قضاء الحضر وقضاء تلعفر وتل عبطة، حيث تحاصر عناصر الميليشيات الطائفية أكثر من 70 قرية على بعد 100 كيلومتر جنوب غرب الموصل». وأضاف الدوار: «لقد ارتكبت الميليشيات الطائفية جرائم يندى لها جبين الإنسانية، تمثلت بعمليات قتل وتهديم وحرق وهدم لدور العبادة، وهي تقوم حاليًا بقصف الأحياء السكنية داخل مدينة الموصل، وهذه الأحياء مكتظة بالسكان وبالنازحين، حيث وجهت الميليشيات مدفعيتها وصواريخها على أحياء: المأمون والصمود والرسالة وحي وادي حجر وحي المنصور والموصل الجديدة، وتسبب القصف العشوائي بمقتل وجرح العشرات من السكان، ولم يستطع الأهالي من سكان تلك المناطق نقل جرحاهم إلى مستشفى الموصل أو إلى المستشفى الجمهوري؛ نتيجة تعرض المستشفيين إلى وابل من القصف من قبل طائرات التحالف الدولي».
إلى ذلك يستمر تدفق الآلاف من العائلات التي تمكنت من الهرب من قبضة تنظيم داعش، والاتجاه صوب القوات الأمنية العراقية التي بدورها تقوم بنقلهم في حافلات خاصة إلى مخيمات النزوح، وواكبت «الشرق الأوسط» عمليات إنقاذ المئات من العائلات من بعض الأحياء السكنية الواقعة عند الجانب الأيسر من مدينة الموصل. وقال محمد يونس ذنون من سكان حي القادسية إن «القوات الأمنية العراقية قامت بإيصالنا إلى مناطق آمنة في مناطق شرقي مدينة الموصل؛ بسبب عدم توفر أماكن في مخيمات النزوح تستوعب العدد الهائل من النازحين، وأنا الآن أقيم مع عائلتي في أحد الهياكل، وهناك المئات من العائلات توزعت في المباني وتفترش عائلات أخرى الطرقات والأزقة مع انعدام تام في المواد الغذائية والطبية والخدمات، ونستعين بقوات الجيش من أجل إطعام أسرنا، حيث لا نملك أي شيء غير اللجوء إلى قطعات الجيش طلبًا للماء والطعام والأغطية». وأضاف ذنون: «لقد خرجنا من موت محقق، فالقصف دمر الكثير من البيوت في الحي السكني الذي كنت أعيش فيه، وهناك عدد من البيوت سقطت فوق أهلها، وما زال الكثير من الضحايا تحت ركام البيوت المدمرة فيما تم دفن عدد كبير من السكان الذين قتلوا نتيجة القصف والعمليات العسكرية في حدائق المنازل».
وتعجز الحكومة العراقية والمنظمات الدولية عن استيعاب موجات النزوح المتواصلة، أو توفير ممرات آمنة للمدنيين العالقين وسط محاور القتال، ودعت المفوضية العليا لحقوق الإنسان التابعة للأمم المتحدة، القوات العراقية إلى الحفاظ على أرواح المواطنين، وتوفير ممرات آمنة لإخراجهم من مناطق الاشتباك. وقالت المفوضية في بيان لها: «هناك تقارير مؤكدة تفيد بمقتل وجرح عدد من المدنيين خلال محاولتهم الفرار من مناطق القتال في أطراف الموصل».



مصر والكويت لتعميق التعاون وزيادة التنسيق الإقليمي

وزير الخارجية المصري يلتقي ولي العهد الكويتي الشيخ صباح خالد الحمد المبارك الصباح (الخارجية المصرية)
وزير الخارجية المصري يلتقي ولي العهد الكويتي الشيخ صباح خالد الحمد المبارك الصباح (الخارجية المصرية)
TT

مصر والكويت لتعميق التعاون وزيادة التنسيق الإقليمي

وزير الخارجية المصري يلتقي ولي العهد الكويتي الشيخ صباح خالد الحمد المبارك الصباح (الخارجية المصرية)
وزير الخارجية المصري يلتقي ولي العهد الكويتي الشيخ صباح خالد الحمد المبارك الصباح (الخارجية المصرية)

أكدت مصر خلال زيارة وزير الخارجية المصري بدر عبد العاطي للكويت، على دعم القاهرة الكامل للأمن الخليجي بوصفه جزءاً لا يتجزأ من الأمن القومي المصري، وسط لقاءات ومباحثات تناولت مجالات التعاون، لا سيما الأمني والعسكري لمواجهة التحديات الأمنية المختلفة.

تلك الزيارة، بحسب خبراء تحدثوا لـ«الشرق الأوسط»، تأتي تأكيداً على مساعي مصر والكويت لتعميق التعاون وزيادة التنسيق الإقليمي بوتيرة أكبر ونشاط أوسع، خصوصاً في ضوء علاقات البلدين التاريخية، وكذلك حجم الاستثمارات بين البلدين الكبيرة، مشددين على أهمية التنسيق بين بلدين مهمين في المنطقة.

واستهل عبد العاطي زيارته إلى الكويت بلقاء ولي العهد الشيخ صباح خالد الحمد المبارك الصباح، الأحد، مؤكداً «عمق العلاقات التاريخية والروابط الأخوية التي تجمع البلدين الشقيقين، وتوافر الإرادة السياسية لدى قيادتي البلدين من أجل تطوير العلاقات لآفاق أرحب»، مبدياً «الحرص على تعزيز التعاون والتنسيق مع دولة الكويت وزيادة وتيرته»، وفق بيان صحافي لـ«الخارجية المصرية».

وأبدى الوزير المصري «تطلُّع مصر لتعزيز التعاون الاقتصادي والتجاري والاستثماري بين البلدين، أخذاً في الحسبان ما اتخذته الحكومة المصرية من خطوات طموحة لجذب الاستثمارات، وتنفيذ خطة الإصلاح الاقتصادي»، مشدداً على «دعم مصر الكامل للأمن الخليجي، بوصفه جزءاً لا يتجزأ من الأمن القومي المصري».

وفي مايو (أيار) الماضي، قال سفير الكويت بالقاهرة، غانم صقر الغانم، في مقابلة مع «القاهرة الإخبارية» إن الاستثمارات الكويتية في مصر متشعبة بعدة مجالات، وتبلغ أكثر من 15 مليار دولار، بينها 10 مليارات دولار للقطاع الخاص.

كما اجتمع عبد العاطي مع الشيخ فهد يوسف سعود الصباح، رئيس الوزراء بالإنابة ووزير الداخلية ووزير الدفاع الكويتي، مؤكداً «الحرص على الارتقاء بعلاقات التعاون إلى آفاق أرحب، بما يحقق طموحات ومصالح الشعبين الشقيقين»، وفق بيان ثانٍ لـ«الخارجية المصرية».

وزير الخارجية المصري يجتمع مع رئيس الوزراء بالإنابة ووزير الداخلية ووزير الدفاع الكويتي الشيخ فهد يوسف سعود الصباح (الخارجية المصرية)

فرص استثمارية

عرض الوزير المصري «الفرص الاستثمارية العديدة التي تذخر بها مصر في شتى القطاعات، والتي يمكن للشركات الكويتية الاستفادة منها، فضلاً عن الاتفاق على تبادل الوفود الاقتصادية، وتشجيع زيادة الاستثمارات الكويتية في مصر»، مبدياً «ترحيب مصر ببحث مجالات التعاون الأمني والعسكري لمواجهة التحديات الأمنية المختلفة».

كما بحث الوزير المصري في لقاء مع وزيرة المالية ووزيرة الدولة للشؤون الاقتصادية والاستثمار، نوره الفصام، الفرص الاستثمارية المتاحة في مصر بشتى القطاعات، وسط تأكيد على حرص الجانب المصري على تعزيز الاستثمارات الكويتية في مصر وإمكانية تعزيز نشاط الشركات المصرية لدعم عملية التنمية في الكويت.

ووفق خبير شؤون الخليج في «مركز الأهرام للدراسات السياسية والاستراتيجية» بالقاهرة، الدكتور محمد عز العرب، فإن الزيارة تحمل أبعاداً عديدة، أبرزها الحرص المصري على تطوير العلاقات المصرية العربية، ومنها العلاقات مع الكويت لأسباب ترتبط بالتوافقات المشتركة بين البلدين والتعاون ليس على المستوى السياسي فحسب، بل على المستوى الأمني أيضاً.

التنسيق المشترك

البعد الثاني في الزيارة مرتبط بالاستثمارات الكويتية التي تستحوذ على مكانة متميزة وسط استثمارات خليجية في مصر، وفق عز العرب، الذي لفت إلى أن الزيارة تحمل بعداً ثالثاً هاماً مرتبطاً بالتنسيق المشترك في القضايا الإقليمية والدولية خاصة وهناك إدراك مشترك على أولوية خفض التصعيد والتعاون الثنائي بوصفه صمام أمان للمنطقة.

تحديات المنطقة

يرى الكاتب والمحلل السياسي الكويتي، طارق بروسلي، أن زيارة عبد العاطي «خطوة مهمة في إطار العلاقات التاريخية الوطيدة بين البلدين، وتعكس عمق التفاهم والاحترام المتبادل بين قيادتي البلدين والشعبين الشقيقين».

وتحمل الزيارة قدراً كبيراً من الأهمية، وفق المحلل السياسي الكويتي ورئيس «المنتدى الخليجي للأمن والسلام» فهد الشليمي، خصوصاً وهي تأتي قبيل أيام من القمة الخليجية بالكويت، مطلع الشهر المقبل، وما سيتلوها من ترأس الكويت مجلس التعاون الخليجي على مدار عام، فضلاً عن تحديات كبيرة تشهدها المنطقة، لا سيما في قطاع غزة وحربها المستمرة منذ أكتوبر (تشرين الأول) 2023.

وأفادت وكالة الأنباء الكويتية الرسمية، الأحد، بأن أمير البلاد الشيخ مشعل الأحمد الجابر الصباح تلقى رسالة شفهية من الرئيس المصري عبد الفتاح السيسي تتعلق بالعلاقات الأخوية المتميزة بين البلدين والشعبين الشقيقين وآخر المستجدات الإقليمية والدولية، خلال استقبال ولي العهد لوزير الخارجية المصري.

كما نوهت بأن عبد العاطي التقى رئيس الوزراء بالإنابة، و«جرى خلال اللقاء استعراض العلاقات الثنائية وسبل تعزيز التعاون بين البلدين إضافة إلى بحث آخر المستجدات على الساحتين الإقليمية والدولية».

تطوير العمل الدبلوماسي

وتهدف الزيارة، وفق بروسلي، إلى «تعميق التعاون في عدة مجالات والتنسيق المشترك في المواقف على الصعيدين الإقليمي والدولي، لا سيما في قضايا فلسطين وسوريا ولبنان واليمن»، مرجحاً أن تسهم المباحثات المصرية الكويتية في «زيادة فرص التعاون الاقتصادي والتجاري وتعزيز الاستثمارات وزيادة التنسيق الأمني ومواجهة التحديات الأمنية المشتركة».

ويعتقد بروسلي أن الزيارة «ستكون فرصة لبحث تطوير العمل الدبلوماسي، ودعم البرامج التعليمية المتبادلة بين البلدين والخروج بمذكرات تفاهم تكون سبباً في تحقيق التكامل الإقليمي، وتعزيز التعاون في ظل التحديات المشتركة بالمنطقة».

بينما يؤكد الشليمي أن الزيارة لها أهمية أيضاً على مستوى التعاون الاقتصادي والتجاري، خصوصاً على مستوى تعزيز الاستثمارات، إضافة إلى أهمية التنسيق بين وقت وآخر بين البلدين، في ظل حجم المصالح المشتركة الكبيرة التي تستدعي التعاون المستمر.