اتهامات للبيشمركة بتدمير قرى عربية.. وحكومة إقليم كردستان تنفي

«هيومان رايتس ووتش»: 17 منها في كركوك و4 في نينوى

اتهامات للبيشمركة بتدمير قرى عربية.. وحكومة إقليم كردستان تنفي
TT

اتهامات للبيشمركة بتدمير قرى عربية.. وحكومة إقليم كردستان تنفي

اتهامات للبيشمركة بتدمير قرى عربية.. وحكومة إقليم كردستان تنفي

اتهمت منظمة «هيومان رايتس ووتش» في تقرير، أمس، قوات البيشمركة الكردية بتدمير عدد كبير من منازل العرب وفي بعض الأحيان قرى بأكملها في مناطق متنازع عليها في شمال البلاد. وفرضت حكومة إقليم كردستان العراق التي تتمتع بحكم ذاتي، سيطرتها على مساحات شاسعة من المناطق المتنازع عليها بين بغداد وأربيل بعد اجتياح المتطرفين مناطق في شمال وغرب البلاد.
وأفاد تقرير «هيومان رايتس ووتش» بأن «القوات الكردية دمرت قرى وبيوتا أثناء النزاع مع تنظيم داعش بين سبتمبر (أيلول) 2014 ومايو (أيار) 2016». وحسب وكالة الصحافة الفرنسية، فقد أشار إلى أن عمليات التدمير شملت «17 قرية في محافظة كركوك و4 في محافظة نينوى، تُظهِر صور الأقمار الصناعية فيها دمارا كبيرا يتّسق مع استخدام الأسلحة الثقيلة ومواد شديدة الانفجار. ويختلف هذا في مظهره عما نجم عن الغارات الجوية». وتظهر صور الأقمار الاصطناعية أن التدمير لحق بـ62 قرية أخرى، بعدما تمكنت قوات البيشمركة من استعادة السيطرة عليها، لكن غياب شهود عيان لا يتيح التأكد من الملابسات ومن المسؤول عن تدمير تلك المواقع، وفق المنظمة.
واستولى تنظيم داعش في منتصف عام 2014 على مساحات شاسعة من محافظتي نينوى وكركوك. لكن القوات العراقية الفيدرالية والكردية استعادتا السيطرة على معظم الأراضي في شمال البلاد، وتخوض تلك القوات حاليا معارك ضارية لاستعادة مدينة الموصل، آخر أكبر معاقل التنظيم في البلاد. وستكون مسألة الحكم في مدينة كركوك الغنية بالنفط مصدرا للنزاع في المستقبل بين بغداد والأكراد الذين قالوا إنهم ينوون الاحتفاظ بكركوك ضمن إقليمهم، الأمر الذي ترفضه بغداد.
وأبلغ مسؤولون في حكومة الإقليم والبيشمركة المنظمة بأن تدمير بعض الممتلكات ناجم عن «قصف التحالف بقيادة الولايات المتحدة لتنظيم داعش ونيران مدفعية البيشمركة». لكنها قالت إن «الغالبية العظمى من الحالات، تظهر (...) ضررا سببه استخدام الجرافات والحريق ومواد شديدة الانفجار واستخدام طرق غير آمنة لإزالة الألغام بعد انتهاء القتال وبسط قوات حكومة إقليم كردستان سيطرتها».
وقال رئيس إقليم كردستان مسعود بارزاني لـ«هيومان رايتس ووتش» إن حكومة الإقليم لن تسمح للعرب السنة بالعودة إلى قراهم التي «تم تعريبها» إبان عهد الرئيس العراقي الأسبق صدام حسين. وعدّ أن هذه المناطق «حق للأكراد».
ورأت المنظمة أن «مثل هذه المطالبات بالأراضي تغذي اعتقاد كثير من العرب في المناطق المتنازع عليها بأن قوات أمن حكومة الإقليم قامت بعمليات الهدم لمنع أو ثني العرب عن العودة إليها».
ونفت حكومة إقليم كردستان تبني أي سياسة منهجية لتدمير منازل العرب، لكنها قالت إن البيشمركة نفذوا عمليات هدم لأسباب أمنية مثل تطهير المنازل المفخخة. وحسب وكالة «رويترز»، فقد اعتمد تقرير «هيومان رايتس ووتش» على أكثر من 12 زيارة ميدانية ومقابلات مع أكثر من 120 شاهدا ومسؤولا.
وقال جو ستورك، نائب مدير الشرق الأوسط في «هيومان رايتس ووتش»، إنه «في قرية تلو الأخرى في كركوك ونينوي دمرت قوات الأمن التابعة لحكومة إقليم كردستان منازل عرب، ولكن ليس (منازل) يملكها أكراد، دون غرض عسكري مشروع».
بدوره، أوضح ديندار زيباري، رئيس اللجنة الحكومية في كردستان المكلفة بالرد على التقارير الدولية، أن السلطات أجرت تحقيقا شاملا لفحص الحالات في قرى بعينها. وقال للصحافيين في أربيل إن هناك هدفا استراتيجيا من تدمير منازل أو عدد من تلك القرى بسبب وجود كمية كبيرة من العبوات الناسفة بدائية الصنع في تلك المناطق، خصوصا في الممتلكات المدنية، وهو ما كان سببا رئيسيا في التدمير الذي تلا عملية تحرير تلك المناطق، على حد قوله.



اللاجئون الفلسطينيون يعودون إلى مخيم «اليرموك» في سوريا

اللاجئ الفلسطيني خالد خليفة يدعو لابنه المدفون في مقبرة مخيم اليرموك المدمرة (أ.ف.ب)
اللاجئ الفلسطيني خالد خليفة يدعو لابنه المدفون في مقبرة مخيم اليرموك المدمرة (أ.ف.ب)
TT

اللاجئون الفلسطينيون يعودون إلى مخيم «اليرموك» في سوريا

اللاجئ الفلسطيني خالد خليفة يدعو لابنه المدفون في مقبرة مخيم اليرموك المدمرة (أ.ف.ب)
اللاجئ الفلسطيني خالد خليفة يدعو لابنه المدفون في مقبرة مخيم اليرموك المدمرة (أ.ف.ب)

كان مخيم اليرموك للاجئين في سوريا، الذي يقع خارج دمشق، يُعدّ عاصمة الشتات الفلسطيني قبل أن تؤدي الحرب إلى تقليصه لمجموعة من المباني المدمرة.

سيطر على المخيم، وفقاً لوكالة «أسوشييتد برس»، مجموعة من الجماعات المسلحة ثم تعرض للقصف من الجو، وأصبح خالياً تقريباً منذ عام 2018، والمباني التي لم تدمرها القنابل هدمت أو نهبها اللصوص.

رويداً رويداً، بدأ سكان المخيم في العودة إليه، وبعد سقوط الرئيس السوري السابق بشار الأسد في 8 ديسمبر (كانون الأول)، يأمل الكثيرون في أن يتمكنوا من العودة.

في الوقت نفسه، لا يزال اللاجئون الفلسطينيون في سوريا، الذين يبلغ عددهم نحو 450 ألف شخص، غير متأكدين من وضعهم في النظام الجديد.

أطفال يلعبون أمام منازل مدمرة بمخيم اليرموك للاجئين في سوريا (أ.ف.ب)

وتساءل السفير الفلسطيني لدى سوريا، سمير الرفاعي: «كيف ستتعامل القيادة السورية الجديدة مع القضية الفلسطينية؟»، وتابع: «ليس لدينا أي فكرة لأننا لم نتواصل مع بعضنا بعضاً حتى الآن».

بعد أيام من انهيار حكومة الأسد، مشت النساء في مجموعات عبر شوارع اليرموك، بينما كان الأطفال يلعبون بين الأنقاض. مرت الدراجات النارية والدراجات الهوائية والسيارات أحياناً بين المباني المدمرة. في إحدى المناطق الأقل تضرراً، كان سوق الفواكه والخضراوات يعمل بكثافة.

عاد بعض الأشخاص لأول مرة منذ سنوات للتحقق من منازلهم. آخرون كانوا قد عادوا سابقاً ولكنهم يفكرون الآن فقط في إعادة البناء والعودة بشكل دائم.

غادر أحمد الحسين المخيم في عام 2011، بعد فترة وجيزة من بداية الانتفاضة ضد الحكومة التي تحولت إلى حرب أهلية، وقبل بضعة أشهر، عاد للإقامة مع أقاربه في جزء غير مدمر من المخيم بسبب ارتفاع الإيجارات في أماكن أخرى، والآن يأمل في إعادة بناء منزله.

هيكل إحدى ألعاب الملاهي في مخيم اليرموك بسوريا (أ.ف.ب)

قال الحسين: «تحت حكم الأسد، لم يكن من السهل الحصول على إذن من الأجهزة الأمنية لدخول المخيم. كان عليك الجلوس على طاولة والإجابة عن أسئلة مثل: مَن هي والدتك؟ مَن هو والدك؟ مَن في عائلتك تم اعتقاله؟ عشرون ألف سؤال للحصول على الموافقة».

وأشار إلى إن الناس الذين كانوا مترددين يرغبون في العودة الآن، ومن بينهم ابنه الذي هرب إلى ألمانيا.

جاءت تغريد حلاوي مع امرأتين أخريين، يوم الخميس، للتحقق من منازلهن. وتحدثن بحسرة عن الأيام التي كانت فيها شوارع المخيم تعج بالحياة حتى الساعة الثالثة أو الرابعة صباحاً.

قالت تغريد: «أشعر بأن فلسطين هنا، حتى لو كنت بعيدة عنها»، مضيفة: «حتى مع كل هذا الدمار، أشعر وكأنها الجنة. آمل أن يعود الجميع، جميع الذين غادروا البلاد أو يعيشون في مناطق أخرى».

بني مخيم اليرموك في عام 1957 للاجئين الفلسطينيين، لكنه تطور ليصبح ضاحية نابضة بالحياة حيث استقر العديد من السوريين من الطبقة العاملة به. قبل الحرب، كان يعيش فيه نحو 1.2 مليون شخص، بما في ذلك 160 ألف فلسطيني، وفقاً لوكالة الأمم المتحدة للاجئين الفلسطينيين (الأونروا). اليوم، يضم المخيم نحو 8 آلاف لاجئ فلسطيني ممن بقوا أو عادوا.

لا يحصل اللاجئون الفلسطينيون في سوريا على الجنسية، للحفاظ على حقهم في العودة إلى مدنهم وقراهم التي أُجبروا على مغادرتها في فلسطين عام 1948.

لكن، على عكس لبنان المجاورة، حيث يُمنع الفلسطينيون من التملك أو العمل في العديد من المهن، كان للفلسطينيين في سوريا تاريخياً جميع حقوق المواطنين باستثناء حق التصويت والترشح للمناصب.

في الوقت نفسه، كانت للفصائل الفلسطينية علاقة معقدة مع السلطات السورية. كان الرئيس السوري الأسبق حافظ الأسد وزعيم «منظمة التحرير الفلسطينية»، ياسر عرفات، خصمين. وسُجن العديد من الفلسطينيين بسبب انتمائهم لحركة «فتح» التابعة لعرفات.

قال محمود دخنوس، معلم متقاعد عاد إلى «اليرموك» للتحقق من منزله، إنه كان يُستدعى كثيراً للاستجواب من قبل أجهزة الاستخبارات السورية.

وأضاف متحدثاً عن عائلة الأسد: «على الرغم من ادعاءاتهم بأنهم مع (المقاومة) الفلسطينية، في الإعلام كانوا كذلك، لكن على الأرض كانت الحقيقة شيئاً آخر».

وبالنسبة لحكام البلاد الجدد، قال: «نحتاج إلى مزيد من الوقت للحكم على موقفهم تجاه الفلسطينيين في سوريا. لكن العلامات حتى الآن خلال هذا الأسبوع، المواقف والمقترحات التي يتم طرحها من قبل الحكومة الجديدة جيدة للشعب والمواطنين».

حاولت الفصائل الفلسطينية في اليرموك البقاء محايدة عندما اندلع الصراع في سوريا، ولكن بحلول أواخر 2012، انجر المخيم إلى الصراع ووقفت فصائل مختلفة على جوانب متعارضة.

عرفات في حديث مع حافظ الأسد خلال احتفالات ذكرى الثورة الليبية في طرابلس عام 1989 (أ.ف.ب)

منذ سقوط الأسد، كانت الفصائل تسعى لتوطيد علاقتها مع الحكومة الجديدة. قالت مجموعة من الفصائل الفلسطينية، في بيان يوم الأربعاء، إنها شكلت هيئة برئاسة السفير الفلسطيني لإدارة العلاقات مع السلطات الجديدة في سوريا.

ولم تعلق القيادة الجديدة، التي ترأسها «هيئة تحرير الشام»، رسمياً على وضع اللاجئين الفلسطينيين.

قدمت الحكومة السورية المؤقتة، الجمعة، شكوى إلى مجلس الأمن التابع للأمم المتحدة تدين دخول القوات الإسرائيلية للأراضي السورية في مرتفعات الجولان وقصفها لعدة مناطق في سوريا.

لكن زعيم «هيئة تحرير الشام»، أحمد الشرع، المعروف سابقاً باسم «أبو محمد الجولاني»، قال إن الإدارة الجديدة لا تسعى إلى صراع مع إسرائيل.

وقال الرفاعي إن قوات الأمن الحكومية الجديدة دخلت مكاتب ثلاث فصائل فلسطينية وأزالت الأسلحة الموجودة هناك، لكن لم يتضح ما إذا كان هناك قرار رسمي لنزع سلاح الجماعات الفلسطينية.