القوات العراقية تحرر ناحية نمرود جنوب شرقي الموصل

البلدة مشهورة بالموقع الأثري الآشوري الذي دمره «داعش»

عناصر من جهاز مكافحة الإرهاب خلال مواجهة مع مسلحي «داعش» في حي الزهراء بالموصل أمس (رويترز)
عناصر من جهاز مكافحة الإرهاب خلال مواجهة مع مسلحي «داعش» في حي الزهراء بالموصل أمس (رويترز)
TT

القوات العراقية تحرر ناحية نمرود جنوب شرقي الموصل

عناصر من جهاز مكافحة الإرهاب خلال مواجهة مع مسلحي «داعش» في حي الزهراء بالموصل أمس (رويترز)
عناصر من جهاز مكافحة الإرهاب خلال مواجهة مع مسلحي «داعش» في حي الزهراء بالموصل أمس (رويترز)

أعلنت القوات العراقية، أمس، أنها استعادت السيطرة على ناحية نمرود، حيث الموقع الآشوري الأثري الذي تعرض للتدمير على يد تنظيم داعش. وكانت القوات العراقية بدأت الخميس الماضي التقدم باتجاه المدينة الأثرية، في إطار عمليتها العسكرية الواسعة التي أطلقتها في السابع عشر من أكتوبر (تشرين الأول) لاستعادة السيطرة على مدينة الموصل التي احتلها المتطرفون في عام 2014.
ونقلت قيادة العمليات المشتركة عن قائد عمليات نينوى الفريق الركن عبد الأمير رشيد يارالله قوله إن «قطعات الفرقة المدرعة التاسعة حررت ناحية النمرود بالكامل، ورفعت العلم العراقي فوق المباني». ولم يشر بيان القيادة المشتركة بشكل مباشر إلى موقع نمرود الأثري الذي يبعد نحو كيلومتر غرب البلدة التي تحمل الاسم نفسه. واستعادت القوات العراقية السيطرة أيضا على بلدة النعمانية جنوب شرقي ناحية نمرود. ويعتبر موقع نمرود التاريخي، درة الحضارة الآشورية التي تأسست في القرن الثالث عشر قبل الميلاد. وتقع البلدة عند ضفاف نهر دجلة على مسافة 30 كلم إلى جنوب الموصل، وهي واحدة من مواقع أثرية عدة دمرها وخربها تنظيم داعش منذ بروزه في العراق وسوريا.
وكان مسلحو التنظيم المتطرف فخخوا مباني وفجروا موقع نمرود بُعيد سيطرتهم عليه، وما زالوا على مقربة من المكان، بحسب ما أفاد مسؤولون عراقيون سابقا. وأظهرت أشرطة فيديو وصور أقمار اصطناعية نشرت بداية العام الحالي، الدمار الذي ألحقته جرافات ومعاول ومتفجرات المتطرفين بالمكان.
وكان التنظيم المتطرف نشر أيضا شريطا مصورا لموقع الحضر التاريخي الذي يعود إلى أكثر من ألفي عام ويضم مزيجا من هندسة العمارة الشرقية والغربية في جنوب غربي الموصل. وأظهر الشريط مسلحين يحطمون التماثيل ويطلقون النار عليها من بنادق.
والحضر مدينة بنيت في القرن الثاني أو الثالث قبل الميلاد، وصمدت أمام الغزوات الرومانية قبل نحو ألفي عام، وأمام عقود من الحروب وانعدام الاستقرار في العراق. والحضر ونمرود مدرجتان على لائحة «اليونيسكو» للتراث العالمي، على غرار أكثر من 70 موقعا آخر في محافظة نينوى.
وتشهد جبهة الموصل تقدما للقوات الاتحادية العراقية وقوات البيشمركة الكردية من المحاور الشرقية والجنوبية والشمالية. وأحرزت قوات مكافحة الإرهاب تقدما في الأحياء الشرقية من الموصل، حيث خاضت اشتباكات عنيفة في الأيام الأخيرة. وقال قائد «فوج الموصل» في قوات مكافحة الإرهاب المقدم منتظر سالم لوكالة الصحافة الفرنسية أمس، إن «قواتنا ستدخل الأحياء الغربية من حي كركوكلي انطلاقا من مواقعنا في حي الأوروبجية». وأضاف أن تنظيم داعش «مطوق من قبل قواتنا في الجهة الشمالية والشرقية، وهدفنا اليوم أن نطرد (داعش) من الجزء الغربي من حي كركوكلي».
ويشعر سكان الجانب الأيسر من الموصل بالخوف والهلع والتهديد المتواصل نتيجة تعرضهم للمخاطر بعدما أصبحوا في وسط ساحة العمليات العسكرية، خصوصًا بعد تقدم القوات العراقية إلى مناطقهم وفتح النيران على مسلحي تنظيم داعش والهجمات المضادة لعناصر التنظيم المتطرف التي يشنها بواسطة العجلات المفخخة والانتحاريين التي تضع المدنيين على خط المواجهة الأمامي. ويقول عمر إبراهيم (43 عاما) من أهالي حي السماح، لـ«الشرق الأوسط» إن «الطريقة التي خرجنا بها من المدينة التي تخضع بالكامل لسيطرة تنظيم داعش كانت مجازفة كبيرة، حيث خرجت بصحبة زوجتي وأولادي الأربعة وأمي بعدما تعرضت منطقتنا لقصف شديد توقعنا في أي لحظة سيسقط البيت على رؤوسنا، خرجنا من البيت مع بزوغ الفجر خوفًا من وقوعنا بأيدي المسلحين الذين ينتشرون في المدينة ليل نهار، خرجت مع عائلتي وسرنا مشيًا على الأقدام لمسافة 50 كيلومترا، قطعناها بين الأزقة وجدران البيوت خوفًا من تساقط القنابل علينا وبعد مسير يوم كامل وصلنا إلى القوات الأمنية التي نقلتنا بدورها إلى المخيم». وأضاف إبراهيم «وبعد وصولنا إلى المخيم استقبلتنا لجنة أمنية دققت أسماء أفراد العائلة والعائلات التي وصلت إلى المخيم ثم تم توزيعنا على الخيم الخالية تمامًا من مستلزمات السكن والمبيت لم نكن نحمل شيئا أثناء خروجنا من بيوتنا فالمسافة طويلة ويصعب خلالها حمل حاجات أو مواد غذائية فكان همنا الوحيد الخلاص من خطر القذائف، نعاني هنا في المخيم من انعدام التيار الكهربائي والنقص الهائل في المواد الغذائية، وانعدام المواد الطبية والعلاجات اللازمة للأطفال والنساء وكبار السن، حيث تعرض معظم الناس هنا للأنفلونزا نتيجة برودة الجو، خصوصًا عند الليل مع عدم توافر أي وسائل للتدفئة، ولا يوجد أي شيء نشعله من أجل توفير الحرارة والدفء لعائلاتنا».
بدوره، قال: أبو أحمد (53 عاما): «هناك عدد من المناطق في الجانب الأيسر تم تحريرها من قبل القوات العراقية وأبدى السكان فرحتهم الكبيرة بدخول القوات العراقية، ولكن في المساء تمكن مسلحو تنظيم داعش من استعادة السيطرة عليها وأعدم مسلحو التنظيم عددا من شباب ورجال المنطقة بحجة مساندتهم للقوات الحكومية، وهناك عدد من المناطق حدث فيها ذات الأمر فوقعوا ضحايا بين مطرقة القوات الحكومية وسندان (داعش)». وأضاف: «لقد قام مسلحو تنظيم داعش بسلسة إعدامات للبعض من عناصره أمام مرأى الناس، وكذلك تم إعدام عدد من أهالي المدينة بحجة تواطؤ عناصر التنظيم مع العائلات والسماح لهم بالتوجه صوب القوات الأمنية العراقية، وتسببت تلك الإعدامات في عدول عدد كبير من العائلات عن الهرب».



نصف سكان اليمن يواجهون تهديدات زائدة بسبب تغير المناخ

الأمطار في اليمن تترك مخيمات النازحين بأوضاع سيئة (المجلس النرويجي للاجئين)
الأمطار في اليمن تترك مخيمات النازحين بأوضاع سيئة (المجلس النرويجي للاجئين)
TT

نصف سكان اليمن يواجهون تهديدات زائدة بسبب تغير المناخ

الأمطار في اليمن تترك مخيمات النازحين بأوضاع سيئة (المجلس النرويجي للاجئين)
الأمطار في اليمن تترك مخيمات النازحين بأوضاع سيئة (المجلس النرويجي للاجئين)

نبّه البنك الدولي إلى المخاطر الزائدة التي يواجهها اليمن نتيجة لتغير المناخ، في وقت يعاني فيه من نزاع طويل الأمد نتيجة انقلاب الحوثيين على السلطة الشرعية. وأكد أن سكاناً كثيرين يواجهون تهديدات نتيجة تغير المناخ، مثل الحرارة الشديدة، والجفاف، والفيضانات.

وذكر ستيفان غيمبيرت، المدير القطري للبنك الدولي في مصر واليمن وجيبوتي، أن «اليمن يواجه تقاطعاً غير مسبوق للأزمات: النزاع، وتغير المناخ، والفقر». وطالب باتخاذ إجراءات فورية وحاسمة «لتعزيز المرونة المناخية لأن ذلك مرتبط بحياة الملايين من اليمنيين». وقال إنه من خلال الاستثمار في الأمن المائي، والزراعة الذكية مناخياً، والطاقة المتجددة، يمكن لليمن أن يحمي رأس المال البشري، ويعزز المرونة، ويضع الأسس «لمسار نحو التعافي المستدام».

الجفاف والفيضانات والحرارة الشديدة تهدد ملايين اليمنيين (الأمم المتحدة)

وفي تقرير لمجموعة البنك الدولي الذي حمل عنوان «المناخ والتنمية لليمن»، أكد أن البلاد تواجه تهديدات بيئية حادة، مثل ارتفاع درجات الحرارة، والتغيرات المفاجئة في أنماط الأمطار، والزيادة في الأحداث الجوية المتطرفة، والتي تؤثر بشكل كبير على أمن المياه والغذاء، بالإضافة إلى التدهور الاقتصادي.

ووفق ما جاء في التقرير الحديث، فإن نصف اليمنيين يواجهون بالفعل تهديدات من تغير المناخ مثل الحرارة الشديدة، والجفاف، والفيضانات. ‏وتوقع أن ينخفض الناتج المحلي الإجمالي السنوي لليمن بنسبة 3.9 في المائة بحلول عام 2040 إذا استمرت السيناريوهات المناخية السلبية، مما يفاقم أزمة الفقر وانعدام الأمن الغذائي.

تحديات متنوعة

في حال تم تطبيق سيناريوهات مناخية متفائلة في اليمن، تحدث تقرير البنك الدولي عن «فرص استراتيجية» يمكن أن تسهم في تعزيز المرونة، وتحسين الأمن الغذائي والمائي. وقال إن التوقعات أظهرت أن الاستثمارات في تخزين المياه وإدارة المياه الجوفية، مع استخدام تقنيات الزراعة التكيفية، قد تزيد الإنتاجية الزراعية بنسبة تصل إلى 13.5 في المائة بين عامي 2041 و2050.

وامتدت تحذيرات البنك الدولي إلى قطاع الصيد، الذي يُعد أحد المصادر الأساسية للعيش في اليمن، وتوقع أن تتسبب زيادة درجات حرارة البحر في خسائر تصل إلى 23 في المائة في قطاع الصيد بحلول منتصف القرن، مما يعمق الأزمة الاقتصادية، ويسهم في زيادة معاناة المجتمعات الساحلية.

التغيرات المناخية ستسهم في زيادة الفقر وانعدام الأمن الغذائي (إعلام محلي)

واستعرض البنك في تقريره التحديات الصحية الناجمة عن تغير المناخ، وقال إنه من المتوقع أن يكلف ذلك اليمن أكثر من 5 مليارات دولار بحلول عام 2050، وتتضمن هذه التكاليف الرعاية الصحية الزائدة نتيجة للأمراض المرتبطة بالطقس مثل الملاريا والكوليرا، وهو ما يضع ضغطاً إضافياً على النظام الصحي الذي يعاني بالفعل من ضعف شديد.

ولهذا، نبّه التقرير إلى أهمية دمج المرونة المناخية في تخطيط الصحة العامة، مع التركيز على الفئات الضعيفة، مثل النساء والأطفال. وفيما يتعلق بالبنية التحتية، أشار التقرير إلى أن المناطق الحضرية ستكون الأكثر تأثراً بازدياد الفيضانات المفاجئة، مع تحذير من أن التدابير غير الكافية لمواجهة هذه المخاطر ستؤدي إلى صدمات اقتصادية كبيرة تؤثر على المجتمعات الهشة.

وفيما يخص القطاع الخاص، أكد التقرير على أن دوره في معالجة التحديات التنموية العاجلة لا غنى عنه. وقال خواجة أفتاب أحمد، المدير الإقليمي للبنك الدولي لـ«الشرق الأوسط»، إن «القطاع الخاص له دور حيوي في مواجهة التحديات التنموية العاجلة في اليمن. من خلال آليات التمويل المبتكرة، يمكن تحفيز الاستثمارات اللازمة لبناء مستقبل أكثر خضرة ومرونة».

وتناول التقرير إمكانات اليمن «الكبيرة» في مجال الطاقة المتجددة، وقال إنها يمكن أن تكون ركيزة أساسية لاستجابته لتغير المناخ، لأن الاستثمار في الطاقة الشمسية وطاقة الرياح سيسهم في تقليل الاعتماد على الوقود الأحفوري، وتوفير بنية تحتية مرنة لدعم الخدمات الحيوية، مثل الصحة والمياه.

تنسيق دولي

أكد البنك الدولي على «أهمية التنسيق الدولي» لدعم اليمن في بناء مرونة مناخية مستدامة، مع ضرورة ضمان السلام المستدام كون ذلك شرطاً أساسياً لتوفير التمويل اللازم لتنفيذ هذه الاستراتيجيات.

ورأى أن اتخاذ قرارات مرنة، وتكييف الإجراءات المناخية مع الواقع السياسي في اليمن، من العوامل الحاسمة في مواجهة التحديات، وقال إن التركيز على «السلام والازدهار» يمكن أن يحقق فوائد اقتصادية واجتماعية أكبر في المستقبل.

وزير المياه والبيئة اليمني مشاركاً في فعاليات تغير المناخ (إعلام حكومي)

من جهته، أكد وزير المياه والبيئة توفيق الشرجبي في الجلسة الخاصة بمناقشة هذا التقرير، التي نظمها البنك الدولي على هامش مؤتمر الأطراف في اتفاقية الأمم المتحدة الإطارية بشأن تغير المناخ، أهمية دمج العمل المناخي في استراتيجية التنمية، والتكيف مع تقلبات المناخ، ومناقشة العلاقة بين المناخ والنزاع والتنمية.

وأشار وزير المياه والبيئة اليمني إلى أن تقرير المناخ والتنمية يشكل مساهمة جيدة لليمن في مواجهة تغير المناخ، وسيعمل على تسهيل الوصول لعدد من التمويلات المناخية في ظل الهشاشة الهيكلية والتقنية التي تعيشها المؤسسات جراء الحرب.

وقال الشرجبي إن التقرير يتماشى بشكل كبير مع الأولويات العاجلة لليمن، خصوصاً في مجال الأمن المائي والغذائي، وتعزيز سبل العيش، وتشجيع نهج التكيف المناخي القائم على المناطق، لافتاً إلى أهمية دور الشركاء التنمويين لليمن في تقديم المساعدة التكنولوجية والتقنية، وبناء القدرات.