«باص الرياض» يصطحب ركابه في رحلة استكشاف مكنوزات العاصمة السعودية

تذكرة واحدة فقط وتجربة سياحية شاملة على غرار ما توفره «حافلة لندن»

يمكن لراكب حافلة الرياض السياحية، أن يختار أين يتنزه في العاصمة السعودية ({الشرق الأوسط})
يمكن لراكب حافلة الرياض السياحية، أن يختار أين يتنزه في العاصمة السعودية ({الشرق الأوسط})
TT

«باص الرياض» يصطحب ركابه في رحلة استكشاف مكنوزات العاصمة السعودية

يمكن لراكب حافلة الرياض السياحية، أن يختار أين يتنزه في العاصمة السعودية ({الشرق الأوسط})
يمكن لراكب حافلة الرياض السياحية، أن يختار أين يتنزه في العاصمة السعودية ({الشرق الأوسط})

تطلعات كبيرة لإطلاق «باص الرياض» على غرار «حافلة لندن» لاكتشاف المكنوزات الأثرية والسياحية، تلبية لرغبة عشّاق السياحة والمعرفة، للاستمتاع بجولة استطلاعية على أبرز المعالم في العاصمة السعودية الرياض، وذلك عبر مشروع «باص الرياض السياحي».
كل المقومات التي ستجعل من حافلة الرياض السياحية، برنامجًا ترفيهيًا كامل الدسم، يحوّل من ازدحام شوارعها بالسيارات ومناخها الذي يتقاسمه فصل الشتاء البارد الجاف مع موسم الصيف الحار، إلى مشاهد أخرى أقرب ما تكون إلى السياحية من الزحمة وعكر وجفاف الجوّ.
ويمكن لراكب حافة الرياض السياحية، أن يختار أين يتنزه في العاصمة السعودية، فالحافلة لن تترك موقعًا حضاريًا أو تاريخيًا أو أثريًا أو ثقافيًا أو اجتماعيًا إلا وصرفت لزبونها حق التمتع واستلاب النظر بلا كلل، وتتيح لمن لم يحدد ساعة نزوله أو مكانه الذي سيقتطع له جزءًا من زمنه، كتالوج من البيانات والمعلومات والتعريف بالأسواق والمولات والمقاهي، ليرى بأم عينيه موقعًا يرحب به.
بتذكرة واحد فقط، يمكنك التمتع ببرامج «الحافلة السياحية»، التي تبدأ من اختيار الطريقة المناسبة للتجول بين مزارات ومواقع الرياض، وتنظيم الكثير من الرحلات بين محطات كثيرة عند مزارات سياحية وأثرية، وللسائح اختيار المحطة التي يفضل استكشافها، أو يكمل حتى محطة أخرى تثير اهتمامه، وبعد النزول في أي محطة والانتهاء من مشاهدة معلم ما، تتبع الجولة بحافلة جديدة من نفس المحطة، أو من أي محطة أخرى تابعة لنفس الجهة، وللسائح حرية اختيار عدد المحطات التي يرغب في النزول فيها.
آخرون تحدثوا لـ«الشرق الأوسط»، عن أهمية أن تتعاون أمانة الرياض مع هيئة السياحة والآثار لجعل من العاصمة السعودية موعدا لإطلاق مشروع الحافلة السياحية، لتطوف بعشاق السياحة داخل الرياض وحولها على جميع المواقع الأثرية والحضارية والسياحية التي تحضنها منذ سحيق الأزمان، وحينها لن ترضى بتشبيهها بعاصمة الضباب لندن، حيث جعلت من الحافلة السياحية، ذات الطابقين، عنصرًا جاذبًا في حياة وحركة مجتمع العاصمة وزائريها من داخل وخارج المملكة لأهم معالم لندن.
عطفا على ما ذكر، فإنه على مسافة كيلو متر كامل على شارع «التحلية» بالعاصمة السعودية، الرياض، يزدان الشارع بأجنحة تحاكي حاضر وماضي ومستقبل أرض الحرمين الشريفين، يشهد الناس منذ الخميس الماضي وحتى اليوم، أكثر من 36 فعالية ثقافية وفنية، إثراء لمهرجان «الشارع الثقافي»، الذي تنظمه أمانة الرياض، حيث وفرت لكل فعالية جناحا خاصا بها يبعد عن الجناح الذي يسبقه أو يليه 15 مترا.
هناك ما يسمى بـ«الباص السياحي»، ولذلك ليقلّ الزوّار إلى هذه الأجنحة والمشاركة في الفعاليات التي تشتمل عليها، وفق المهندس إبراهيم الهويمل من أمانة الرياض، بمشاركة من قبل مجموعة الحكير، التي توفر الباصات التي تقل الناس إلى مواقع فعاليات مهرجان الشارع الثقافي، على بعد كيلو عن شارع التحلية، في ظل قلة المواقف القليلة والزحمة، للمساهمة في نقل الركاب من المواقف المجاورة إلى المواقع المحددة.
بدأ المهرجان الخميس الماضي، ويستقبل الزوّار من الرابعة عصرا إلى العاشرة والنصف مساء بتوقيت الرياض المحلي، حيث يحتوي المهرجان على أكثر من 36 فعالية منوعة، وهو مهرجان ثقافي فني، إذ يستمتع الزوّار بمحطات الشارع الذي يمنحهم أكثر أريحية، لأنه المهرجان ترويحي ترفيهي يحمل رسائل توعوية وفنية.
في الشارع على بعد كل 15 مترًا تجد فعالية، فأول ما تدخل جناحا خاصا تجد فرصتك للتعبير عن «حب الوطن والانتماء»، حيث يشتمل على مجموعة من اللوحات «اكتب لوطنك»، وبعدها مباشرة تجد الرسم السريع لعدد من الفنانين والفنانات التشكيليين السعوديين، استقطبوا من عدد من مناطق المملكة المختلفة، لاستعراض عدد من الفنون التشكيلية، منها الرسم السريع والرسم الكاريكاتوري، أيضا التشكيلات الفنية الأخرى مثل النحت حاضرة في هذه الفعاليات، وكذلك الرسم بالرمل والرسم بالرصاص.
ومن ضمن الفعاليات «فنون الشوارع»، وهي عبارة فنون فرحة كالرجل الآلي، وفن اللعب والاستعراض بالكرة، وكذلك ألعاب الخفة، كما توجد أركان خاصة، تحت مسمى «في صف واحد من جنودنا البواسل»، وهي عبارة عن تقديم تحية واستعراض صور لبعض الجنود هناك.
مهرجان الشارع الثقافي والحافلة السياحية، ألهبا الزوار روح المرح من خلال استقطابهم وتوصيلهم لمكان الفعالية المحددة، على مسافة كيلو متر كامل يمتد من تقاطع شارع عبد الله الحمدان، وينتهي إلى تقاطع محمد الماضي.



ستيف بركات لـ«الشرق الأوسط»: أصولي اللبنانية تتردّد أبداً في صدى موسيقاي

عازف البيانو ستيف بركات ينسج موسيقاه من جذوره اللبنانية     -   ستيف بركات يؤمن بالموسيقى لغة عالمية توحّد الشعوب (الشرق الأوسط)
عازف البيانو ستيف بركات ينسج موسيقاه من جذوره اللبنانية - ستيف بركات يؤمن بالموسيقى لغة عالمية توحّد الشعوب (الشرق الأوسط)
TT

ستيف بركات لـ«الشرق الأوسط»: أصولي اللبنانية تتردّد أبداً في صدى موسيقاي

عازف البيانو ستيف بركات ينسج موسيقاه من جذوره اللبنانية     -   ستيف بركات يؤمن بالموسيقى لغة عالمية توحّد الشعوب (الشرق الأوسط)
عازف البيانو ستيف بركات ينسج موسيقاه من جذوره اللبنانية - ستيف بركات يؤمن بالموسيقى لغة عالمية توحّد الشعوب (الشرق الأوسط)

ستيف بركات عازف بيانو كندي من أصل لبناني، ينتج ويغنّي ويلحّن. لفحه حنين للجذور جرّه إلى إصدار مقطوعة «أرض الأجداد» (Motherland) أخيراً. فهو اكتشف لبنان في وقت لاحق من حياته، وينسب حبّه له إلى «خيارات مدروسة وواعية» متجذرة في رحلته. من اكتسابه فهماً متيناً لهويته وتعبيره عن الامتنان لما منحه إياه الإرث من عمق يتردّد صداه كل يوم، تحاوره «الشرق الأوسط» في أصله الإنساني المنساب على النوتة، وما أضفاه إحساسه الدفين بالصلة مع أسلافه من فرادة فنية.
غرست عائلته في داخله مجموعة قيم غنية استقتها من جذورها، رغم أنه مولود في كندا: «شكلت هذه القيم جزءاً من حياتي منذ الطفولة، ولو لم أدركها بوعي في سنّ مبكرة. خلال زيارتي الأولى إلى لبنان في عام 2008. شعرتُ بلهفة الانتماء وبمدى ارتباطي بجذوري. عندها أدركتُ تماماً أنّ جوانب عدة من شخصيتي تأثرت بأصولي اللبنانية».
بين كوبنهاغن وسيول وبلغراد، وصولاً إلى قاعة «كارنيغي» الشهيرة في نيويورك التي قدّم فيها حفلاً للمرة الأولى، يخوض ستيف بركات جولة عالمية طوال العام الحالي، تشمل أيضاً إسبانيا والصين والبرتغال وكوريا الجنوبية واليابان... يتحدث عن «طبيعة الأداء الفردي (Solo) التي تتيح حرية التكيّف مع كل حفل موسيقي وتشكيله بخصوصية. فالجولات تفسح المجال للتواصل مع أشخاص من ثقافات متنوعة والغوص في حضارة البلدان المضيفة وتعلّم إدراك جوهرها، مما يؤثر في المقاربة الموسيقية والفلسفية لكل أمسية».
يتوقف عند ما يمثله العزف على آلات البيانو المختلفة في قاعات العالم من تحدٍ مثير: «أكرّس اهتماماً كبيراً لأن تلائم طريقة عزفي ضمانَ أفضل تجربة فنية ممكنة للجمهور. للقدرة على التكيّف والاستجابة ضمن البيئات المتنوّعة دور حيوي في إنشاء تجربة موسيقية خاصة لا تُنسى. إنني ممتنّ لخيار الجمهور حضور حفلاتي، وهذا امتياز حقيقي لكل فنان. فهم يمنحونني بعضاً من وقتهم الثمين رغم تعدّد ملاهي الحياة».
كيف يستعد ستيف بركات لحفلاته؟ هل يقسو عليه القلق ويصيبه التوتر بإرباك؟ يجيب: «أولويتي هي أن يشعر الحاضر باحتضان دافئ ضمن العالم الموسيقي الذي أقدّمه. أسعى إلى خلق جو تفاعلي بحيث لا يكون مجرد متفرج بل ضيف عزيز. بالإضافة إلى الجانب الموسيقي، أعمل بحرص على تنمية الشعور بالصداقة الحميمة بين الفنان والمتلقي. يستحق الناس أن يلمسوا إحساساً حقيقياً بالضيافة والاستقبال». ويعلّق أهمية على إدارة مستويات التوتّر لديه وضمان الحصول على قسط كافٍ من الراحة: «أراعي ضرورة أن أكون مستعداً تماماً ولائقاً بدنياً من أجل المسرح. في النهاية، الحفلات الموسيقية هي تجارب تتطلب مجهوداً جسدياً وعاطفياً لا تكتمل من دونه».
عزف أناشيد نالت مكانة، منها نشيد «اليونيسف» الذي أُطلق من محطة الفضاء الدولية عام 2009 ونال جائزة. ولأنه ملحّن، يتمسّك بالقوة الهائلة للموسيقى لغة عالمية تنقل الرسائل والقيم. لذا حظيت مسيرته بفرص إنشاء مشروعات موسيقية لعلامات تجارية ومؤسسات ومدن؛ ومعاينة تأثير الموسيقى في محاكاة الجمهور على مستوى عاطفي عميق. يصف تأليف نشيد «اليونيسف» بـ«النقطة البارزة في رحلتي»، ويتابع: «التجربة عزّزت رغبتي في التفاني والاستفادة من الموسيقى وسيلة للتواصل ومتابعة الطريق».
تبلغ شراكته مع «يونيفرسال ميوزيك مينا» أوجها بنجاحات وأرقام مشاهدة عالية. هل يؤمن بركات بأن النجاح وليد تربة صالحة مكوّنة من جميع عناصرها، وأنّ الفنان لا يحلّق وحده؟ برأيه: «يمتد جوهر الموسيقى إلى ما وراء الألحان والتناغم، ليكمن في القدرة على تكوين روابط. فالنغمات تمتلك طاقة مذهلة تقرّب الثقافات وتوحّد البشر». ويدرك أيضاً أنّ تنفيذ المشاريع والمشاركة فيها قد يكونان بمثابة وسيلة قوية لتعزيز الروابط السلمية بين الأفراد والدول: «فالثقة والاهتمام الحقيقي بمصالح الآخرين يشكلان أسس العلاقات الدائمة، كما يوفر الانخراط في مشاريع تعاونية خطوات نحو عالم أفضل يسود فيه الانسجام والتفاهم».
بحماسة أطفال عشية الأعياد، يكشف عن حضوره إلى المنطقة العربية خلال نوفمبر (تشرين الثاني) المقبل: «يسعدني الوجود في منطقة الشرق الأوسط وشمال أفريقيا كجزء من جولة (Néoréalité) العالمية. إنني في مرحلة وضع اللمسات الأخيرة على التفاصيل والتواريخ لنعلن عنها قريباً. تملؤني غبطة تقديم موسيقاي في هذا الحيّز النابض بالحياة والغني ثقافياً، وأتحرّق شوقاً لمشاركة شغفي وفني مع ناسه وإقامة روابط قوامها لغة الموسيقى العالمية».
منذ إطلاق ألبومه «أرض الأجداد»، وهو يراقب جمهوراً متنوعاً من الشرق الأوسط يتفاعل مع فنه. ومن ملاحظته تزايُد الاهتمام العربي بالبيانو وتعلّق المواهب به في رحلاتهم الموسيقية، يُراكم بركات إلهاماً يقوده نحو الامتنان لـ«إتاحة الفرصة لي للمساهمة في المشهد الموسيقي المزدهر في الشرق الأوسط وخارجه».
تشغله هالة الثقافات والتجارب، وهو يجلس أمام 88 مفتاحاً بالأبيض والأسود على المسارح: «إنها تولّد إحساساً بالعودة إلى الوطن، مما يوفر ألفة مريحة تسمح لي بتكثيف مشاعري والتواصل بعمق مع الموسيقى التي أهديها إلى العالم».