أزمة في الهند بعد حجب فئات النقد الكبيرة

ماكينات الصرف خالية.. واضطراب في حركة البيع والشراء

أزمة في الهند بعد حجب فئات النقد الكبيرة
TT

أزمة في الهند بعد حجب فئات النقد الكبيرة

أزمة في الهند بعد حجب فئات النقد الكبيرة

خلت ماكينات الصراف الآلي في مختلف أنحاء الهند من النقود بعد ساعات قليلة من صباح أمس الجمعة، وذلك بعد 3 أيام من إعلان الحكومة الهندية وقف تداول أوراق النقد من فئة 500 و1000 روبية في إطار جهودها الرامية إلى مكافحة الفساد والتهرب الضريبي.
وكانت الحكومة قد أعلنت يوم الثلاثاء الماضي، أنه سوف يتم إلغاء ورقتين نقديتين من فئة 500 وألف روبية (7.5 دولار و15 دولارا)، وقد تم إغلاق ماكينات السحب الآلي لمدة يومين، كما تم إغلاق البنوك الأربعاء الماضي.
وأمام المواطنين الهنود مهلة حتى 31 ديسمبر (كانون الأول) المقبل لإيداع الأوراق النقدية القديمة في حساباتهم المصرفية أو تغييرها في البنوك، وقالت الحكومة أنه يمكن للبنوك تغيير 4000 روبية لكل شخص يحمل بطاقة هوية سارية يوميا، في حين يمكن لماكينة الصراف الآلي صرف 2000 روبية لكل بطاقة صرف يوميا اعتبارا من أمس الجمعة.
ومع نفاد النقد من ماكينات الصراف الآلي، اصطف آلاف العملاء أمام البنوك لتغيير أوراقهم النقدية القديمة، وناشد أميت شاه رئيس حزب بهاراتيا جاناتا الحاكم في الهند المواطنين تحمل الإزعاج الناجم عن قرار وقف تداول هذه الأوراق النقدية.
وأضاف شاه أنه سيتم تعديل برمجة ماكينات الصراف الآلي لكي ترفض تبديل أوراق النقد من فئة 500 و1000 روبية والتي يختلف حجمها ووزنها عن الأوراق النقدية الصحيحة.
وقال شاه إن الحكومة تستهدف مواجهة الأموال غير الشرعية أو الحسابات السرية، مضيفا أن المواطنين الملتزمين بالقانون يجب ألا يشعروا بأي قلق، في حين أن المخالفين للقانون هم الذين يقلقون.
من ناحيته، قال وزير المالية الهندي ارون جاتلي، أول من أمس: «ليس هناك حاجة للإسراع للتوجه إلى البنوك، فهناك وقت كاف لتغيير الأوراق النقدية».
وذكر «ستيت بنك أوف إنديا» أكبر بنوك الهند أنه تلقى ودائع قيمتها 530 مليار روبية نقدا خلال اليومين الماضيين وغير عملات بقيمة 15 مليار روبية.
وتشكلت صفوف طويلة أول من أمس الخميس أمام المصارف الهندية لتبديل عملات ورقية أعلنت الحكومة من دون إنذار مسبق مساء الثلاثاء سحبها من السوق لمكافحة التهرب الضريبي.
وكان رئيس الوزراء الهندي ناريندرا مودي أعلن مساء الثلاثاء أن العملات الورقية من فئة 500 وألف روبية، وهي الأكبر، المتداولة حاليا، لن تكون لها قيمة قانونية اعتبارا من منتصف ليل الثلاثاء، من أجل «كسر هيمنة الفساد والمال الأسود»، وأغلقت المصارف ومراكز التوزيع الآلي للأموال الأربعاء.
ووجد مئات الملايين من الهنود أنفسهم بلا سيولة لمشترياتهم اليومية في اقتصاد يجري تسعون في المائة من الصفقات فيه نقدا، ويرفض التجار وسائقو العربات تسلم أي عملات ورقية قررت الحكومة سحبها.
وستطرح عملات ورقية من فئة الـ500 و2000 روبل خلال الأسبوع الحالي.
وبين 2003 و2012 أُخرجت من الهند مبالغ بقيمة نحو 439 مليار دولار، حسب تقديرات منظمة «غلوبال فايننشال انتيغريتي» التي تتخذ من واشنطن مقرا لها وتعمل على مراقبة التعاملات المالية غير القانونية.
وتراجع مؤشر «سنسكس» الرئيسي للأسهم الهندية في بداية تعاملات الأربعاء الماضي بنسبة 6 في المائة على خلفية قرار الحكومة الهندية أمس سحب أوراق النقد من فئة 500 و1000 روبية من التداول
وطرح أورق جديدة لتحل محلها، هذا بالإضافة إلى التأثير السلبي للفوز المفاجئ للمرشح الجمهوري دونالد ترامب بانتخابات الرئاسة الأميركية وفقا للنتائج غير الرسمية.
وفقد المؤشر الرئيسي المكون من أسهم 30 شركة مسجلة في بورصة مومباي للأوراق المالية 1688 نقطة بما يعادل 6.12 في المائة من قيمته بعد بدء التداول بقليل. ونجحت الأسهم في تقليص خسائرها بعد ذلك حيث بلغت نسبة تراجع المؤشر 3.46 في المائة بما يعادل 952 نقطة ليسجل 26630 نقطة في الساعة الحادية عشرة والنصف من صباح نفس اليوم.
وأرجع محللون انهيار الأسواق إلى حالة الغموض التي أثارها قرار الحكومة المفاجئ سحب أوراق النقد من فئة 500 روبية و1000 روبية من التداول.
وأعلن رئيس الوزراء الهندي ناريندرا مودي في كلمة بثها التلفزيون الهندي «لكسر دائرة الفساد والأموال القذرة، قررنا عدم استخدام الأوراق النقدية فئة 500 و1000 روبية بعد ذلك».
وأضاف أن الأوراق النقدية من هذه الفئة الموجودة لدى العناصر المعادية للوطن وللمجتمع ستكون مجرد أوراق بلا قيمة.
وذكر بنك الاحتياط (المركزي الهندي) أنه سيتم طرح أوراق نقدية مزودة بمزيد من عوامل التأمين ضد التزييف من فئة 500 و2000 روبية اعتبارا من 10 نوفمبر (تشرين الثاني)، مع السماح للمواطنين باستخدام أوراق النقد القديمة الخاصة بهم في المستشفيات الحكومية ومحطات الوقود ومحطات السكك الحديدية حتى 11 نوفمبر.
وقال مودي مخاطبا المواطنين: «أموالكم ستظل أموالكم.. يجب ألا تقلقوا من هذه الناحية» مضيفا أنه سيبدأ طرح أوراق النقد الجديدة بصورة محدودة ثم يتم التوسع في طرحها.
ودعا الشعب إلى تحمل «المصاعب المؤقتة» لتطبيق القانون الجديد، مشيرا إلى أن البنوك ستغلق أبوابها أمام العامة، كما لن تعمل ماكينات الصراف الآلي في بعض المناطق خلال اليومين المقبلين.
وتقول تقارير إعلامية محلية إن هذا الإجراء يستهدف إجبار الكثيرين من الأثرياء الذين يحتفظون مليارات الدولارات نقدا خارج النظام الاقتصادي الرسمي على ضخها في الاقتصاد الرسمي. وبحسب التقديرات فإن الأموال غير الرسمية في الهند تتراوح بين 180 مليارا و1.8 تريليون دولار.
يذكر أن محاربة الأموال غير المشروعة والفساد كانت من أهم بنود حملة مودي الانتخابية عام 2014.
وقال مودي إن العملة المزيفة وبخاصة من فئة 500 روبية تستخدمها الميليشيات المسلحة في الوقت الذي يقوم فيه «الأعداء عبر الحدود»، في إشارة إلى باكستان، بإدارة عملية تزييف العملة.
وأضاف أن الحكومة نجحت في استعادة نحو 20 مليار دولار من الأموال غير المشروعة من خلال إجراءات مختلفة منها نظام للعفو عن الهنود الذين يعلنون عن ثرواتهم المخفية.



هل تؤدي العقوبات وأسعار الفائدة الروسية إلى موجة شاملة من الإفلاسات؟

الساحة الحمراء وكاتدرائية القديس باسيل وبرج سباسكايا في الكرملين كما تظهر من خلال بوابة في وسط موسكو (رويترز)
الساحة الحمراء وكاتدرائية القديس باسيل وبرج سباسكايا في الكرملين كما تظهر من خلال بوابة في وسط موسكو (رويترز)
TT

هل تؤدي العقوبات وأسعار الفائدة الروسية إلى موجة شاملة من الإفلاسات؟

الساحة الحمراء وكاتدرائية القديس باسيل وبرج سباسكايا في الكرملين كما تظهر من خلال بوابة في وسط موسكو (رويترز)
الساحة الحمراء وكاتدرائية القديس باسيل وبرج سباسكايا في الكرملين كما تظهر من خلال بوابة في وسط موسكو (رويترز)

في ظلّ الضغوط المتزايدة التي فرضتها العقوبات الغربية وارتفاع أسعار الفائدة بشكل مذهل، تتزايد المخاوف في الأوساط الاقتصادية الروسية من احتمال حدوث موجة من الإفلاسات التي قد تهدّد استقرار الكثير من الشركات، لا سيما في ظل استمرار الرئيس فلاديمير بوتين في التمسّك بحربه في أوكرانيا.

وفي كلمته خلال مؤتمر الاستثمار الذي نظمته مجموعة «في تي بي» هذا الشهر، لم يفوّت بوتين الفرصة للتفاخر بما عدّه فشل العقوبات الغربية في إضعاف الاقتصاد الروسي، فقد صرّح قائلاً: «كانت المهمة تهدف إلى توجيه ضربة استراتيجية إلى روسيا، لإضعاف صناعتنا وقطاعنا المالي والخدماتي». وأضاف أن النمو المتوقع للاقتصاد الروسي سيصل إلى نحو 4 في المائة هذا العام، قائلاً إن «هذه الخطط انهارت، ونحن متفوقون على الكثير من الاقتصادات الأوروبية في هذا الجانب»، وفق صحيفة «واشنطن بوست».

وعلى الرغم من التصفيق المهذّب الذي قُوبل به الرئيس الروسي، فإن التوترات بدأت تظهر بين النخبة الاقتصادية الروسية بشأن التأثيرات السلبية المتزايدة للعقوبات على الاقتصاد الوطني. فقد حذّر عدد متزايد من المسؤولين التنفيذيين في الشركات الكبرى من أن رفع البنك المركزي أسعار الفائدة لمكافحة التضخم -الذي تفاقم بسبب العقوبات والنفقات العسكرية لبوتين- قد يهدد استقرار الاقتصاد في العام المقبل. وقد تتسبّب هذه السياسة في تسارع موجات الإفلاس، لا سيما في القطاعات الاستراتيجية الحساسة مثل الصناعة العسكرية، حيث من المتوقع أن يشهد إنتاج الأسلحة الذي يغذّي الحرب في أوكرانيا تباطؤاً ملحوظاً.

حتى الرئيس الأميركي المنتخب، دونالد ترمب، أشار في منشور على شبكته الاجتماعية «تروث سوشيال» إلى أن روسيا أصبحت «ضعيفة جزئياً بسبب اقتصادها المتداعي».

تحذيرات من الإفلاس

ومع تزايد توقعات أن «المركزي الروسي» سيضطر إلى رفع الفائدة مرة أخرى هذا الشهر، انضم بعض الأعضاء المعتدلين في الدائرة الداخلية لبوتين إلى الانتقادات غير المسبوقة للسياسات الاقتصادية التي أبقت على سعر الفائدة الرئيس عند 21 في المائة، في وقت يستمر فيه التضخم السنوي في الارتفاع ليصل إلى أكثر من 9 في المائة. وهذا يشير إلى احتمالية حدوث «ركود تضخمي» طويل الأمد أو حتى ركود اقتصادي في العام المقبل. وبالفعل، يتوقع البنك المركزي أن ينخفض النمو الاقتصادي بشكل حاد إلى ما بين 0.5 في المائة و1.5 في المائة في العام المقبل.

كما تسبّبت العقوبات الأميركية الجديدة التي شملت فرض عقوبات على 50 بنكاً روسياً، بما في ذلك «غازبروم بنك»، وهو قناة رئيسة لمدفوعات الطاقة، في زيادة تكاليف المعاملات بين المستوردين والمصدرين الروس. وقد أسهم ذلك في انخفاض قيمة الروبل إلى أدنى مستوى له مقابل الدولار منذ بدء الغزو الروسي لأوكرانيا في عام 2022. وقد أدى هذا الانخفاض في قيمة الروبل إلى زيادة التضخم، حيث ارتفعت الأسعار بنسبة 0.5 في المائة بين 26 نوفمبر (تشرين الثاني) و2 ديسمبر (كانون الأول)، وفقاً للبيانات الرسمية.

وفي هذا السياق، حذّر رئيس هيئة الرقابة المالية الروسية، نجل أحد أقرب حلفاء بوتين، بوريس كوفالتشوك، من أن رفع أسعار الفائدة «يحد من إمكانات الاستثمار في الأعمال، ويؤدي إلى زيادة الإنفاق في الموازنة الفيدرالية». كما انتقد الرئيس التنفيذي لشركة «روسنفت» الروسية، إيغور سيتشين، البنك المركزي بسبب ارتفاع أسعار الفائدة، مؤكداً أن ذلك أسهم في زيادة تكاليف التمويل للشركات وتأثر أرباحها سلباً.

وفي تصريح أكثر حدّة، حذّر رئيس شركة «روس أوبورون إكسبورت» المتخصصة في صناعة الأسلحة، سيرغي تشيميزوف، من أن استمرار أسعار الفائدة المرتفعة قد يؤدي إلى إفلاس معظم الشركات الروسية، بما في ذلك قطاع الأسلحة، مما قد يضطر روسيا إلى الحد من صادراتها العسكرية.

كما شدّد قطب صناعة الصلب الذي يملك شركة «سيفيرستال»، أليكسي مورداشوف، على أن «من الأفضل للشركات أن تتوقف عن التوسع، بل تقلّص أنشطتها وتضع الأموال في الودائع بدلاً من المخاطرة بالإدارة التجارية في ظل هذه الظروف الصعبة».

وحذّر الاتحاد الروسي لمراكز التسوق من أن أكثر من 200 مركز تسوق في البلاد مهدد بالإفلاس بسبب ارتفاع تكاليف التمويل.

وعلى الرغم من أن بعض المديرين التنفيذيين والخبراء الاقتصاديين يشيرون إلى أن بعض الشركات قد تبالغ في تقدير تأثير أسعار الفائدة المرتفعة، في محاولة للحصول على قروض مدعومة من الدولة، فإن القلق بشأن الوضع الاقتصادي يبدو مشروعاً، خصوصاً أن مستويات الديون على الشركات الروسية أصبحت مرتفعة للغاية.

ومن بين أكثر القطاعات تأثراً كانت صناعة الدفاع الروسية، حيث أفادت المستشارة السابقة للبنك المركزي الروسي، ألكسندرا بروكوبينكو، بأن الكثير من الشركات الدفاعية لم تتمكّن من سداد ديونها، وتواجه صعوبة في تأمين التمويل بسبب ارتفاع تكاليفه. وقالت إن بعض الشركات «تفضّل إيداع الأموال في البنوك بدلاً من الاستثمار في أنشطة تجارية ذات مخاطر عالية».

كما تحدّث الكثير من المقاولين علناً عن الأزمة الاقتصادية المتزايدة في روسيا. ففي أوائل نوفمبر، أشار رئيس مصنع «تشيليابينسك» للحديد والصلب، أندريه جارتونغ، خلال منتدى اقتصادي إلى أن فروعاً رئيسة من الهندسة الميكانيكية قد «تنهار» قريباً.

وفي الثالث من ديسمبر (كانون الأول)، أفادت وكالة «إنترفاكس» الروسية بأن حالات عدم السداد انتشرت في مختلف أنحاء الاقتصاد، حيث تأخرت الشركات الكبرى والمتوسطة بنسبة 19 في المائة من المدفوعات بين يوليو (تموز) وسبتمبر (أيلول)، في حين تأخرت الشركات الصغيرة بنسبة 25 في المائة من المدفوعات في الفترة نفسها.

وحسب وزارة التنمية الاقتصادية الروسية، فقد انخفض الاستثمار في البلاد، وتسببت العقوبات في ارتفاع تدريجي لتكاليف الواردات والمعاملات المالية، مما أدى إلى زيادة التضخم. كما قال مسؤول مالي روسي كبير سابق، تحدث شريطة عدم الكشف عن هويته بسبب حساسية الموضوع: «ما يحدث هو صدمة إمداد نموذجية في البلاد».

صناعة الدفاع مهددة

تأتي هذه التحديات في وقت حساس بالنسبة إلى صناعة الدفاع الروسية. فعلى الرغم من ضخ بوتين مبالغ ضخمة من التمويل الحكومي في هذا القطاع، مع تخصيص 126 مليار دولار في موازنة العام المقبل، فإن معظم الزيادة في الإنتاج كانت ناتجة عن تعزيز القوة العاملة لتشغيل المصانع العسكرية على مدار الساعة وتجديد مخزونات الحقبة السوفياتية. ومع ذلك، ومع استمرار الحرب ودخولها عامها الثالث، وارتفاع خسائر المعدات العسكرية، فإن القوة العاملة في القطاع قد وصلت إلى أقصى طاقتها، وإمدادات الأسلحة السوفياتية تتضاءل بسرعة.

وتقول جانيس كلوغ، من المعهد الألماني للشؤون الدولية والأمنية، إن التكاليف المتزايدة والعقوبات المشددة على واردات المعدات تجعل من الصعب على قطاع الدفاع الروسي بناء الأسلحة من الصفر. ووفقاً لتقرير صادر هذا العام عن الباحثَين في المعهد الملكي للخدمات المتحدة بلندن، جاك واتلينغ ونيك رينولدز، فإن 80 في المائة من الدبابات والمركبات القتالية المدرعة التي تستخدمها روسيا في الحرب ليست جديدة، بل جُدّدت من المخزونات القديمة. ويضيف التقرير أن روسيا «ستبدأ في اكتشاف أن المركبات بحاجة إلى تجديد أعمق بحلول عام 2025. وبحلول عام 2026 ستكون قد استنفدت معظم المخزونات المتاحة».

ثقة الكرملين

على الرغم من هذه التحديات يبدو أن الوضع لا يثير قلقاً في الكرملين. وقال أكاديمي روسي له علاقات وثيقة مع كبار الدبلوماسيين في البلاد: «لا يوجد مزاج ذعر». وأضاف أن المسؤولين في الكرملين يعدّون أن «كل شيء يتطور بشكل جيد إلى حد ما». ووفقاً لهذا الرأي، فإن روسيا تواصل تحقيق تقدم عسكري، وفي ظل هذه الظروف، لا يرى الكرملين حاجة إلى تقديم أي تنازلات جادة.

وتزيد الاضطرابات السياسية في العواصم الغربية -بما في ذلك التصويت بحجب الثقة في فرنسا، مع التصويت المرتقب في ألمانيا، بالإضافة إلى اعتقاد الكرملين أن ترمب قد يقلّل من دعمه لأوكرانيا- من الثقة داخل روسيا.

وقد تصدّى بوتين لانتقادات متزايدة بشأن زيادات أسعار الفائدة ورئيسة البنك المركزي، إلفيرا نابيولينا، قائلاً في مؤتمر الاستثمار إن كبح جماح التضخم يظل أولوية بالنسبة إليه. ومع الارتفاع الكبير في أسعار المواد الغذائية الأساسية مثل البطاطس التي ارتفعت بنسبة 80 في المائة هذا العام، يواصل بوتين دعم نابيولينا وزيادات أسعار الفائدة، رغم شكاوى الشركات الكبرى. وقالت كلوغ: «من وجهة نظر بوتين، لا يمكن السماح للتضخم بالخروج عن السيطرة، لأنه يمثّل تهديداً لاستقرار النظام السياسي، ولهذا السبب منح نابيولينا تفويضاً قوياً».

لكن المستشارة السابقة للبنك المركزي، ألكسندرا بروكوبينكو، ترى أن الضغط من الشركات الكبرى لن يهدأ. وقالت: «عندما يكون التضخم عند 9 في المائة، وسعر الفائدة عند 21 في المائة، فهذا يعني أن السعر الرئيس لا يعمل بشكل صحيح، ويجب البحث عن أدوات أخرى. أولوية بوتين هي الحرب وتمويل آلتها، ولا يمتلك الكثير من الحلفاء، والموارد المتاحة له تتقلص». وأضافت أنه من المحتمل أن تتعرّض نابيولينا لمزيد من الضغوط مع استمرار الوضع الاقتصادي الصعب.

ومع تزايد الضغوط على بوتين، أصبحت الصورة في الغرب أكثر تفاؤلاً بشأن فرص التغيير في روسيا، وفقاً لمؤسسة شركة الاستشارات السياسية «ر. بوليتيك» في فرنسا، تاتيانا ستانوفايا.

وأضافت: «بوتين مستعد للقتال ما دام ذلك ضرورياً... لكن بوتين في عجلة من أمره. لا يستطيع الحفاظ على هذه الشدة من العمل العسكري والخسائر في الأرواح والمعدات كما كان في الأشهر الأخيرة».