رقعة شطرنج الصراعات الانقلابية ـ الانقلابية في اليمن

محللون: الخلافات بين أتباع الحوثي وصالح انتقلت إلى «العلن» وعبر وسائلهم الإعلامية

طفلان يمنيان يحملان السلاح في تجمع لأتباع الحوثيين في صنعاء أمس (رويترز)
طفلان يمنيان يحملان السلاح في تجمع لأتباع الحوثيين في صنعاء أمس (رويترز)
TT

رقعة شطرنج الصراعات الانقلابية ـ الانقلابية في اليمن

طفلان يمنيان يحملان السلاح في تجمع لأتباع الحوثيين في صنعاء أمس (رويترز)
طفلان يمنيان يحملان السلاح في تجمع لأتباع الحوثيين في صنعاء أمس (رويترز)

قبل يومين، هاجمت مجموعة من المسلحين التابعين لجماعة الحوثي في إب، منزلا كانت تجتمع فيه قيادات مؤتمرية تابعة للرئيس السابق علي عبد الله صالح، وأصيب خلال هذا الهجوم وكيل المحافظة وابنه.
قبل ثلاثة أيام، بدأت في صنعاء التي تقع تحت سيطرة معسكري الانقلاب (الحوثي وصالح)، سلسلة إضرابات عن العمل من قبل معلمين وموظفين مدنيين حانقين على انتقائية في صرف الرواتب.
قبل أسبوع، خرج قيادي حوثي في قناة «المسيرة» الحوثية، وقال ما نصه: «يجب أن نكبت المؤتمريين» ويقصد جماعة صالح، في حين رفض رئيس مجلس النواب المحسوب على علي صالح تسلم شيك المرتبات ناقصا، واتهم الحوثيين بالعبث بإرادة الدولة، متهما إياهم بالفساد والسرقة.
قبل شهرين، ضاقت الدنيا ذرعا بالحوثيين الذين استولوا منذ يوليو (تموز) على الحكم بالقوة، وانقلبوا على الرئيس الشرعي المنتخب عبد ربه منصور هادي، فلجأوا إلى حليفهم صالح (الذي حاربهم 6 حروب منذ منتصف التسعينات وحتى 2009)، فجاء المجلس السياسي المزعوم، لمحاولة لملمة ما بعثره الانقلاب من الدولة، ليصطدم مجددا بالخلافات وتتوقف حكومته المزعومة حتى عن التشكل.
كل ذلك، جزء مما يشبه رقعة شطرنج، للصراعات الانقلابية - الانقلابية المكشوفة في اليمن، تدفع بالمعسكرين إلى أن يقرضا نفسيهما بالتنافس على غنائم بلد يعاني من قبلهما، وبات على شفا مجاعة بعد سيطرتهما التي أخذت تضيق بسبب عمليات التحالف العربي لاستعادة الشرعية في اليمن.
واعتبر محللون سياسيون تحدثت معهم «الشرق الأوسط» حول الصراع بين جماعتي الحوثي وصالح، بأن من يدفع الضريبة من هذا الصراع المواطن اليمني البسيط، لا سيما في المناطق التي تقع سيطرة الانقلاب، وهي لا تعد في أفضل التقديرات المنشورة أكثر من 20 في المائة.
لكن حساسية الوضع تكمن في أن العاصمة صنعاء بقيت تحت سيطرة الانقلاب، وهي جزء من سياسات صالح التي عززت من مركزيتها في إدارة الدولة.
«في الفترة الأخيرة تعمل الحوثية على تفكيك قوة حزب صالح وشبكاته في المجتمع والمؤسسات عبر سياسات مخطط لها، لمحاصرته ووضعه أمام خيار التبعية الكاملة لها أو المواجهة، ويبدو أن قدرات صالح وجماعته تزداد يوميا إنهاكا وضعفا»، ويقول نجيب غلاب وهو مستشار رئيس الوزراء اليمني، إن هذا الأمر وضع حليفهم صالح في زاوية الحصار وتحمل أعباء الانقلاب، وفي الوقت نفسه تآكل قوته لصالح الحوثية.
مؤشرات الصراع مكشوفة، «وهناك أخرى لم يكشف النقاب عنها بعد بين الجماعتين»، ويقول فيصل العواضي، وهو محلل سياسي يمني: «لقد برزت كثير من المؤشرات التي وصلت إلى الإعلام من الطرفين إلى أنهم يتناولون خلافاتهم بشكل علني، بل إن أحد قياديي الحوثي قال إنه لا بد من كبت المؤتمريين، وكان يتحدث عن خلافات حالت دون تشكيل الحكومة المزعومة، وطرحوا محددات مثل أن يكون محمد عبد السلام وزير الخارجية وعارف الزوكا نائبه، لأنه كان نائبه في وفد الانقلاب إلى المشاورات.. إضافة إلى أن شخصيات من (المؤتمر) تناولت جزءا من الخلافات مع الحوثيين مثل كامل الخوجادي وعادل الشجاع اللذين تحدثا عن الإقصاء والسرقات، وأن الحوثيين مارسوا السرقات دون أن يسلموا مرتبات الموظفين.
ويضيف مستشار رئيس الوزراء اليمني قائلا: «لقد تمكنت الحوثية من فرض سيطرة شمولية على مختلف القطاعات في العاصمة صنعاء، وكلما زادت قوتها ضعف حليفها الذي تماهى معها لإنجاز الانقلاب، وبنت الحوثية منظومة تنظيمية متحكمة بالمؤسسات من داخلها ومن خارجها، وأفرغت مصادر صناعة القرار من محتواها، وأصبحت فقط أداة موظفة في تقوية التنظيم الحوثي على حساب الدولة وحلفائها، ورغم كل ذلك وصلت الحوثية إلى حالة فشل تام، ولَم تتمكن من إدارة المؤسسات ولا تقديم الخدمات وإدارة حرب بتقنيات العصابات ضد الجميع، وهذا ولد غضبا شعبيا ضدها، وهذا دفعها إلى إعادة بناء تحالفها مع جناح صالح المؤتمري وشبكاته، ليكونوا شركاء فعليين إلا أن الحوثية تمكنت لاحقا من إفراغ المجلس السياسي وحولته إلى أداة لتمرير القرارات والسياسات التي كانت تقاومها المؤسسات، وجعلت منه أداة لتبييض جريمتها وما زالت ما يسمى اللجنة الثورية ولجانها هي المتحكم والمهيمن والحاكم الفعلي للانقلاب».
ويحاول الحوثيون عبثا ترويج مزاعمهم بأن نقل مقر البنك المركزي إلى عدن هو السبب في تأخير صرف الرواتب، لكن المواطنين لم يقتنعوا بذلك، وخرج عدد من الموظفين في التعليم وبقية الوظائف الحكومية يهددون بإضراب عن العمل، في حين أضرب بالفعل بعضهم وفقا لما ينشر في وسائل إعلام يمنية تابعة للطرفين.
ويقول السياسي اليمني مانع المطري: «سطا الانقلابيون على موارد الدولة ومدخراتها لتمويل حروبهم العبثية ولإشباع رغبات قادة الميليشيا في تحقيق الثراء، بل تجاوزوا ذلك في نهب الأموال الخاصة ومنازل المواطنين وفرض الجبايات عليهم، واليوم يعيش اليمنيون ظروفا اقتصادية صعبة نتيجة للواقع الفوضوي الذي فرضه الانقلاب».
وتجدر الإشارة إلى أن قرار الرئيس اليمني في سبتمبر (أيلول) بنقل البنك المركزي اليمني إلى عدن، كان ضربة موجعة للانقلاب، بعدما استنفدوا ما يربو على 4 مليارات دولار، ووجدت الحكومة أن احتياطاتها مهددة بالخطر.
وكان محافظ البنك المركزي اليمني الجديد منصر القعيطي أفصح في حوار مع «الشرق الأوسط» عن أن التراكمات والأخطاء القانونية أدت إلى استنفاد الاحتياطي المحلي، وأن البنك تحت سيطرة الحوثيين استنفد الموارد التي تكونت على مدى سنوات طويلة في فترة قصيرة جدا، ويؤكد القعيطي أن مؤشرات التوقف عن الدفع بدأت في يوليو (تموز) 2016، وما قبله كان عجزا جزئيا في تسييل الأوراق المالية من أذون خزانة وسندات حكومية، وكان البنك جزئيا عاجزا عن الوفاء بها، وكان عاجزا عن توفير نقد محلي كاف، وفي أغسطس (آب) توقف البنك كليا حتى عن مرتبات موظفي الدولة، وأضاف: «لو انتظرنا قليلا لتوقفت كل أنظمة الدفع في الجمهورية، ومسار النظام المصرفي سيتحول إلى مسار معطل، وسينتج خروجا عن المسار النظامي، وسيجري البحث عن بدائل أخرى للدفع من ضمنها النقد الأجنبي».
وبالعودة إلى فيصل العواضي، فإنه يسرد خلافات لم تنتشر بعد في وسائل الإعلام، على حد قوله، ويستدل بما حصل قبل يومين في إب، إذ هجم مجموعة من الحوثيين على قيادات مؤتمرية كانت تجتمع في منزل الشيخ محمد حمود ، بالرصاص، وحصلت إصابة لوكيل المحافظة وهو من قيادات المؤتمريين التابعة لصالح.
ويضيف أن الخلاف على قيادة الحرس الجمهوري بات صراعا معلنا، «وهناك أنباء شبه مؤكدة عن سيطرة الحوثيين شبه الكاملة على غرفة عمليات الحرس الجمهوري}.
وحيال ذلك، يقول غلاب: «عملت الحوثية على فرض سيطرة قوية على الحرس الجمهوري، وسيطرت على مركز العمليات فيه، بعد أن خلخلت ولاءات ضباطه والجنود الموالين لصالح، وتعمل بشكل جاد على السيطرة الكاملة على قطاعات الحرس الجمهوري، وتمكنت من فرض سيطرة على جهاز الأمن القومي وجهاز الأمن السياسي والاستخبارات العسكرية، وحولتها إلى قطاعات تابعة للتنظيم، وحاصرت كل العناصر غير الموالية، وهذا وضع حليفهم وقواه في زاوية ضيقة وأصبحوا أشبه بالرهائن، وتمكنت الحوثية من بناء طوق عسكري وأمني على مراكز حلفائهم ومحاصرتهم خوفا من أي أعمال مضادة لهم.
المطري يعود بالقول إن «الانقلابيين ليسوا مؤهلين لإدارة دولة، وهدف الانقلاب منذ البداية تدمير مؤسسات الدولة في اليمن وتحويله إلى ساحة للفوضى لإقلاق أمن المنطقة من خلالها، خدمة للمخططات الخارجية الإيرانية، ولهذا ركزوا منذ البداية على هدم المؤسسات والبنية الإدارية للدولة، وأقصوا الكوادر المؤهلة داخل الجهاز الإداري وإحلال عناصر من الميليشيات بدلا عنها لا تفقه في إدارة الدولة شيء، إضافة إلى تعطيلهم الخدمات التي كانت تقدمها أجهزة الدولة للمواطنين».
بدأ الانقلاب يأكل نفسه وأخذ يتصدع، «كون صالح وجناحه في الحزب هم من مكنوا الحوثيين من السيطرة على المؤسسات وسلموهم مفاتيح البلد رغبة في الانتقام من الشعب الذي ثار عليهم في 2011، وانتقاما من المبادرة الخليجية التي حددت خريطة الانتقال السياسي في اليمن.. هم اليوم يجنون ثمار تهورهم وتسليمهم البلد إلى جماعة طائفية»، وفقا لمانع المطري الذي أضاف قائلا: «الحوثيون يعملون الآن على إزاحة كوادر جناح صالح من مواقع القرار بمؤسسات الإدارة العامة، وتحل بدلا عنها عناصر من الميليشيات، وفي المقابل تظهر قوة مقاومة من داخل جماعة صالح بعد أن أدركت أن مركب صالح غارق، وأن الحوثيين سيلتهمونهم، وهؤلاء لن يتمكنوا من مجابهة الحوثيين، ولا خيار لهم إلا أن ينصاعوا للشرعية التي بإمكانها دحر الجماعة الطائفية».
الصراع بين طرفي الانقلاب أصبح واضحا، وعملية ضبطه مستقبلا تعد صعبة، فهناك صراع في الجانب السياسي والإداري والاقتصادي والعسكري، وتزداد التناقضات بين الطرفين، فكلاهما يتربص للآخر ويعمل على استتباعه لتنفيذ أجنداته، ويبدو أن الحوثية حتى اللحظة تمكنت من توجيه ضربات أوصلت حليفها إلى قناعة أنها تخطط لابتلاع قوتها وهضمها في بنيتها، ومن يرفض ستتم معاقبته بالقسر والقهر. ويضيف غلاب، أن «جناح صالح في (المؤتمر) ترهل، وينطلق من مدرسة سياسية تقليدية في إدارة الصراع مع الداخل والخارج، ولم يعد يمتلك القدرة على المغامرة والقمار في حماية نفسه من حليفه، وهذا يدفعه إلى تهريب صراعه مع الحوثية بخطاب خميني باتجاه الشرعية والتحالف العربي لاستعادة الشرعية، إلا أن الحوثية مصممة على إنجاز مهمتها، لتكون المسيطر الشامل على الانقلاب، حتى لو أدى الأمر إلى عمليات تصفية للمعارضين، وهذا دفع الجناح الكهنوتي الأصولي المرتبط بالحوثية داخل (مؤتمر صالح) إلى المطالبة بجعل جناح صالح ملتحما بالحوثية لا حليفا، أي الانتقال إلى عملية دمج لقوة صالح وشبكاته في بنية الحوثية لإنهاء الصراع الذي أصبح إجباريا».



مخاوف إسرائيلية متكررة من «تسليح» مصر تعكس ازدياد التوترات

منظر عام لمحور فيلادلفيا على الحدود بين جنوب قطاع غزة ومصر (أ.ف.ب)
منظر عام لمحور فيلادلفيا على الحدود بين جنوب قطاع غزة ومصر (أ.ف.ب)
TT

مخاوف إسرائيلية متكررة من «تسليح» مصر تعكس ازدياد التوترات

منظر عام لمحور فيلادلفيا على الحدود بين جنوب قطاع غزة ومصر (أ.ف.ب)
منظر عام لمحور فيلادلفيا على الحدود بين جنوب قطاع غزة ومصر (أ.ف.ب)

شهدت الآونة الأخيرة تصريحات إسرائيلية تضمنت مخاوف بشأن «تسليح» مصر وانتهاكات لمعاهدة السلام، التي أُبرمت بين البلدين في 1979، وسط توتر متصاعد منذ احتلال الجيش الإسرائيلي لمدينة رفح الفلسطينية قبل نحو عام، وإصراره على عدم تنفيذ رغبة القاهرة في الانسحاب من محور «فيلادلفيا» الحدودي مع مصر.

أحدث التصريحات الإسرائيلية ما جاء على لسان وزير الدفاع الإسرائيلي، يسرائيل كاتس، الذي قال إن بلاده لن تسمح للقاهرة بـ«انتهاك معاهدة السلام»، وهو ما يرى رئيس مجلس الشؤون الخارجية المصرية وزير الخارجية الأسبق السفير محمد العرابي، ورئيس الشؤون المعنوية الأسبق بالجيش المصري والخبير الاستراتيجي اللواء سمير فرج، لـ«الشرق الأوسط»، أنها «رسائل للخارج لجلب مزيد من الدعم وتزيد التوتر الذي صنعته إسرائيل مع القاهرة»، بخلاف أنها «محاولات لعدم الانسحاب من محور فيلادلفيا بزعم المخاوف»، متوقعين رفض مصر تلك الضغوط وتمسكها بموقفها دون أن تجر لصدام أو المساس بمعاهدة السلام.

الحدود المصرية - الإسرائيلية (رويترز)

ومنذ توقيع مصر وإسرائيل معاهدة السلام، لم تشهد علاقات الجانبين توتراً كما هي الحال مع اندلاع الحرب الإسرائيلية على غزة في 7 أكتوبر (تشرين الأول)، وزادت حدته منذ مايو (أيار) الماضي، مع احتلال إسرائيل محور فيلادلفيا الحدودي مع مصر، وكذلك معبر رفح من الجانب الفلسطيني، ورفضها الانسحاب كما تطلب القاهرة.

وذكر كاتس، في كلمة خلال ذكرى وفاة رئيس الوزراء الأسبق مناحم بيغن، الاثنين، أن معاهدة السلام «أخرجت مصر من دائرة الحرب، في قرار قيادي غيّر وجه التاريخ ووضع دولة إسرائيل - ولا تزال كذلك حتى اليوم، لكننا لن نسمح لهم (المصريين) بانتهاك معاهدة السلام، لكن الاتفاق قائم»، وفق صحيفة «يديعوت أحرونوت».

وكشفت الصحيفة الإسرائيلية أن تصريحات كاتس جاءت على خلفية شائعات ترددها عناصر من اليمين المتطرف على شبكة الإنترنت عن استعدادات عسكرية مصرية لمهاجمة إسرائيل بشكل غير متوقع، لافتةً إلى أن هذه الشائعات أثارت القلق بين العديد من الإسرائيليين.

تلك المخاوف ليس الأولى إسرائيلياً، إذ أعرب رئيس الأركان الإسرائيلي هرتسي هاليفي، في 26 فبراير (شباط) الماضي، عن قلقه من «التهديد الأمني من مصر التي لديها جيش كبير مزود بوسائل قتالية متطورة»، معتبراً أنه لا يشكل تهديداً حالياً لتل أبيب لكن الأمر قد يتغير في لحظة، وفق «القناة 14» الإسرائيلية.

جنديان إسرائيليان قرب ممر فيلادلفيا بمحاذاة الحدود المصرية (أرشيفية - أ.ب)

سبق ذلك حديث مندوب تل أبيب الدائم في الأمم المتحدة داني دانون، في نهاية يناير (كانون الثاني) الماضي عن مخاوف إسرائيل بشأن تسلح الجيش المصري، مضيفاً: «ليس لديهم أي تهديدات في المنطقة. لماذا يحتاجون (المصريون) إلى كل هذه الغواصات والدبابات؟».

ورد النائب المصري مصطفى بكري على تلك التصريحات قائلاً عبر منشور بمنصة «إكس»، إن «إسرائيل هي التي تنتهك اتفاقية السلام (..) واحتلت محور صلاح الدين (فيلادلفيا)»، مؤكداً أن «تصريح وزير الدفاع الإسرائيلي ومن قبله رئيس الأركان ومندوب إسرائيل بالأمم المتحدة نوع من التلكيك وجر شكل (استفزاز) ومصر تتعامل بحكمة ولديها دور هام لصالح السلام لكنها لن تقبل إملاءات أو تهديداً من أحد ولا تفرط في سيادتها وثوابتها وأمنها القومي»، محذراً: «فلتكف إسرائيل عن العبث واللعب بالنار، لأنها أول من سيكتوي بها».

وسبق أن رد مندوب مصر الدائم لدى الأمم المتحدة السفير أسامة عبد الخالق على نظيره الإسرائيلي، في تصريحات فبراير (شباط) الماضي، قائلاً: «الدول القوية والكبرى مثل مصر تلزمها جيوش قوية وقادرة على الدفاع عن الأمن القومي بأبعاده الشاملة عبر تسليح كافٍ ومتنوع».

ويرى العرابي أن تلك التصريحات الإسرائيلية تعكس ازدياد حالة التوتر بين مصر وإسرائيل، التي صنعتها الأخيرة منذ دخول رفح، وهي تحاول أن تنقل انطباعات غير صحيحة للعالم الخارجي بأن لديها قلقاً من جيرانها للبحث عن دعم.

معبر رفح الحدودي بين مصر وقطاع غزة (أرشيفية - إ.ب.أ)

بينما يرى اللواء فرج أن التصريحات الإسرائيلية محاولة لخلق أزمات مع مصر، مؤكداً أن مصر بالتأكيد حافظت على تنوع تسليحها، لأنها دولة قوية وتحتاج ذلك لكنها لم تنتهك ولم تخترق المعاهدة، بل الجانب الإسرائيلي هو من يفعل ذلك ولا يريد الالتزام بما تم الاتفاق عليه في اتفاق هدنة غزة.

تأتي هذه التصريحات المتصاعدة في إسرائيل، قبل أيام قليلة للغاية من التزام على حكومة نتنياهو بتنفيذ الانسحاب الكامل من محور فيلادلفيا، المقرر أن يتم في اليوم الخمسين من اتفاق الهدنة في غزة، الذي بدأ في 19 يناير الماضي، وسط حديث يسرائيل كاتس، في 27 فبراير (شباط)، عن البقاء في محور فيلادلفيا في المرحلة الحالية، وحديث مماثل متزامن من وزير الطاقة إيلي كوهين.

وبموجب ملحق معاهدة السلام المصرية - الإسرائيلية، فإن محور فيلادلفيا هو منطقة عازلة كان يخضع لسيطرة وحراسة إسرائيل، قبل أن تنسحب الأخيرة من قطاع غزة عام 2005، فيما عُرف بخطة «فك الارتباط»، قبل أن تعيد احتلاله خلال حرب غزة ورفض مطالب مصر بالانسحاب.

ويرجح العرابي أن يكون استمرار التصريحات الإسرائيلية بهدف الضغط لعدم الانسحاب من محور فيلادلفيا، مستبعداً أن يؤدي التوتر بين البلدين لصدام عسكري أو انهيار معاهدة السلام.

ويرى فرج أن إسرائيل تحاول إثارة تلك المخاوف لتهيئة الرأي العام الداخلي لاستمرار البقاء في محور فيلادلفيا، وعدم الانسحاب كما هو مقرراً، مؤكداً أن التوتر المتصاعد حالياً لن يمس معاهدة السلام ولن يرجع القاهرة عن مواقفها، ولن يقود لصدام خاصة وأن نتنياهو يرى أن العدو الرئيسي إيران وليس مصر.