اختطاف السفير الأردني لدى ليبيا لمقايضته بمتطرف

عمان تعلق رحلات الطيران إلى طرابلس

السجين الليبي المعتقل في عمان محمد الدرسي  و السفير الأردني فواز العيطان
السجين الليبي المعتقل في عمان محمد الدرسي و السفير الأردني فواز العيطان
TT

اختطاف السفير الأردني لدى ليبيا لمقايضته بمتطرف

السجين الليبي المعتقل في عمان محمد الدرسي  و السفير الأردني فواز العيطان
السجين الليبي المعتقل في عمان محمد الدرسي و السفير الأردني فواز العيطان

في أحدث عمل إرهابي يستهدف البعثات الدبلوماسية العربية والأجنبية في العاصمة الليبية طرابلس، خطف مسلحون ملثمون السفير الأردني فواز العيطان في منطقة قريبة من وسط العاصمة طرابلس، وقالت مصادر مطلعة لـ«الشرق الأوسط» إن «عائلة معتقل ليبي متطرف في السجون الأردنية، يدعى محمد الدرسي، تقف وراء عملية الخطف في محاولة لإجبار السلطات الأردنية على مقايضته وإبرام صفقة لإطلاق سراحه». فيما حملت الحكومة الأردنية، مسؤولية سلامة سفيرها لدى ليبيا للجهة الخاطفة. في وقت ألغت فيه الخطوط الجوية الأردنية رحلتها التي كان مقررا أن تتجه إلى طرابلس أمس، موضحة أنها تتابع الوضع في ليبيا لاتخاذ القرار المناسب بشأن الرحلات الجوية التي تشغلها الشركة بين البلدين.
وقال شهود عيان ومسؤولون رسميون ليبيون إن «مجهولين ملثمين في سيارتين من دون لوحات هاجموا السفير وسائقه واختطفوا السفير واقتادوه إلى جهة غير معروفة». وطبقا لرواية أحد شهود العيان التي حصلت عليها «الشرق الأوسط»، فإن عملية الخطف جرت بواسطة أربعة شباب صغار السن وملثمين في منطقة المنصورة خلف باب العزيزية في وسط العاصمة طرابلس، نحو الساعة الثامنة والربع صباحا بالتوقيت المحلي، حيث أصاب المهاجمون سائق السفير بالرصاص في قدميه، واصطحبوا السفير في سيارة بيضاء إلى مكان مجهول.
وقالت زوجة السفير الأردني إن «الخاطفين، وفي أول اتصال من نوعه، اتصلوا بمديرة مكتبه وأكدوا لها أنه بخير». مشيرة إلى أنها المرة الأولى التي يخرج زوجها في موكب مؤلف من سيارتين، وأنه كان يقود إحداهما بنفسه.
والسفير المختطف، هو ابن أحد زعماء أكبر القبائل الأردنية وهي قبيلة بني حسن التي يبلغ عددها مليون شخص، وتتمركز في منطقة المفرق على الحدود الأردنية السورية. وخضع السائق المغربي للسفير لعملية جراحية عاجلة بعدما أصيب جراء الهجوم برصاصتين، حيث قالت مصادر بمستشفى طرابلس المركزي إن «حالته الصحية مستقرة وليست خطرة وأنه ينتظر خروجه من المستشفى في وقت لاحق».
وكشفت مصادر ليبية النقاب عن أن عائلة مواطن ليبي يدعى محمد سعيد الدرسي، وهو أحد عناصر التيار الإسلامي المتطرف، تقف وراء عملية الخطف بعد فشل محاولتها إقناع السلطات الأردنية بإطلاق سراحه، مشيرة إلى أن الخاطفين قاموا بمراقبة تحركات السفير قبل أسبوع لمعرفة خط سيره تمهيدا لاختطافه.
وقال عصام بيت المال، عضو فريق التحقيق الليبي في حادثة الخطف، لوكالة «رويترز» إن «الخاطفين طلبوا الإفراج عن الدرسي، وقالوا إن السفير لم يصب بأذى». وأضاف أنهم «لا يعلمون حتى الآن هوية الخاطفين الذين اتصلوا بالهاتف المحمول الذي كان قد تركه السفير في سيارته».
وقال أحد أصدقاء الدرسي، الشهير بمحمد النص، إنه خرج من السجون الليبية عقب مصرع أخيه في مواجهات مع جهاز الأمن الداخلي السابق عام 1998، مشيرا إلى أنه قرر الذهاب إلى العراق وسافر إلى تركيا، ومنها حاول الدخول إلى سوريا، لكن محاولاته باءت بالفشل، فتوجه إلى الأردن لمحاولة العبور من هناك.
من جهته، قال محامي التنظيمات الإسلامية في الأردن موسى العبد اللات إنه على استعداد أن يتوجه إلى ليبيا من أجل الوساطة مع الخاطفين للسفير، «شريطة أن أحصل من الحكومة الأردنية على ضمانات بالإفراج عن موكلي سعيد محمد الدرسي، المحكوم بالأشغال الشاقة المؤبدة». وأضاف العبد اللات لـ«الشرق الأوسط» أن «موكله الدرسي يعاني من أمراض جراء عمليات جراحية سابقة في بطنه، وأنه مريض ونقل قبل ثلاثة أسابيع إلى مستشفى جميل التوتنجي في مادبا للعلاج، والآن يقبع في سجن الموفر، على بعد 30 كيلومترا شرق العاصمة عمان».
وأوضح العبد اللات أنه أرسل إلى رئيس الحكومة الأردنية «رسالة استرحام» من أجل تأمين الإفراج عن موكله من خلال «عفو خاص» وإعادته إلى أهله في ليبيا، لكن المسؤولين الأردنيين لم يتجاوبوا مع هذه النداءات.
يشار إلى أن الدرسي حكم عليه عام 2007 من قبل محكمة أمن الدولة الأردنية، بعد أن قبض عليه في مطار الملكة علياء، وكان يخطط لتفجير المطار في ذلك الحين، وينتمي إلى تنظيم القاعدة حسب التهم التي وجهتها له المحكمة الأردنية.
من جهته، قال رئيس الوزراء الأردني، عبد الله النسور، خلال جلسة لمجلس النواب أمس: «نحمل مسؤولية سلامة السفير العيطان للجهة الخاطفة»، مؤكدا أن الحكومة الأردنية تؤكد عمق العلاقات بين الشعبين الأردني والليبي وبين الدولتين، وأن الأردن وقف إلى جانب ليبيا، ولم يتدخل في شؤون الدول إلا بما فيه خير. وقال إن «الأردن لم يكن يوما إلا إلى جانب الشعب الليبي الشقيق من أجل أمنه واستقراره وازدهاره»، داعيا السلطات الليبية والشعب الليبي للعمل على إطلاق سراح السفير.
وبدوره، قال وزير الخارجية وشؤون المغتربين الأردني، ناصر جودة، للصحافيين: «نعرف تماما أن الوضع الأمني في ليبيا وضع صعب جدا، ولم تصلنا حتى الآن أي اتصالات من الجهة الخاطفة»، واصفا حادث الاختطاف بأنه «يشكل منعطفا خطيرا». وأضاف «فور ورود الخبر اجتمعنا على كل المستويات، وبتوجيهات مباشرة من الملك عبد الله الثاني ومتابعة رئيس الحكومة وتنسيق مع مختلف الأجهزة المعنية. ونحن نقف على تفاصيل وتطورات هذا الحادث».
وأشار جودة إلى أنه على اتصال مع وزير خارجية ليبيا، وطلب منه أن «تبذل كل المؤسسات والجهات المعنية في ليبيا كل ما تملك من جهد وطاقة للعثور على مكان احتجاز السفير والعمل على الإفراج عنه فورا»، موضحا أن وزير الخارجية الليبي أبدى كل تفهم وعبر عن أسفه الشديد عن هذه الحادثة، وأكد أنهم لن يدخروا أي جهد في هذا المجال، مؤكدين حرصهم على العلاقات الطيبة مع الأردن الذي كان من أكبر الداعمين وما زال لليبيا.
وقال جودة إن «السفير العيطان من الدبلوماسيين النشيطين جدا، وإنه لم يتردد لحظة واحدة عندما طلبنا منه، وفي ظل ظروف أمنية صعبة جدا (في ليبيا) أن يذهب لتمثيل الأردن في طرابلس. وحتى مع ازدياد الأوضاع الأمنية سوءا، بقي على رأس عمله». موضحا التواصل مع أسرة العطيان، وأضاف: «طلبنا أيضا، من خلال بعثتنا الدائمة في نيويورك، أن نخاطب مجلس الأمن لإصدار بيان لإدانة هذا العمل المرفوض، والذي استهدف المملكة الأردنية الهاشمية وتمثيلها الدبلوماسي في ليبيا».
وشهدت العلاقات الليبية الأردنية تطورا ملحوظا بعد نجاح ثورة 17 فبراير (شباط) وسقوط نظام القذافي، بعد أن ساهم الأردن في تقديم الخدمات اللوجيستية والمشاركة مع حلف الناتو في تأمين الدعم الجوي للثورة الليبية. كما قام الأردن بتدريب قوات الشرطة والأمن وقوات من الجيش الليبي.
على صعيد متصل، توقعت مصادر مطلعة في الأردن أن تكون عملية اختطاف السفير الأردني رسالة سياسية للحكومة الأردنية، تهدف إلى الحد من تطور العلاقات الثنائية مع ليبيا. إلا أن مصادر أخرى توقعت أن تكون العملية رسالة للضغط على الأردن من أجل الإفراج عن أحد الليبيين المحكوم عليه بالسجن المؤبد، إلا أن مصادر حكومية استبعدت هذا الاحتمال.
من جهة أخرى، ألغت الخطوط الملكية الأردنية رحلتها التي كان مقررا أن تتجه إلى العاصمة الليبية طرابلس أمس، وقالت الشركة في بيان إنها «تتابع الوضع في ليبيا بعد اختطاف السفير الأردني لاتخاذ القرار المناسب بشأن الرحلات الجوية التي تشغلها بين عمان وكل من طرابلس (عشر رحلات أسبوعيا) وبنغازي (أربع رحلات أسبوعيا) ومصراته (رحلتين أسبوعيا)». موضحة أن الاتصالات ما زالت جارية بينها وبين الجهات المعنية في البلدين للوقوف على آخر المستجدات بهذا الخصوص.
وفى محاولة لطمأنة السلطات الأردنية، أجرى رئيس الحكومة الليبية المستقيل عبد الله الثني اتصالا هاتفيا بنظيره الأردني عبد الله النسور، أدان خلاله الحادث، وأكد أن حكومته تولي اهتماما بالغا بهذه القضية، وضمانة سلامة السفير، وأنها تبذل كافة جهودها لمعرفة ملابسات هذا الحادث المؤسف مع الجهات المختصة وعلى أعلى المستويات.
وأصبحت عمليات الخطف متكررة في ليبيا وكثيرا ما يستهدف الخاطفون المسؤولين الأجانب، ومنذ بداية العام الحالي خطف خمسة من الدبلوماسيين المصريين ومسؤول تونسي ومسؤول تجاري كوري جنوبي. وزادت أيضا أعمال العنف العشوائية، حيث قتل مدرس أميركي بالرصاص في بنغازي في شهر ديسمبر (كانون الأول) الماضي، وأعدم رجل بريطاني وامرأة نيوزيلندية على الشاطئ في الغرب في شهر يناير (كانون ثاني) المنصرم.



«اتفاق غزة»: الوسطاء يبحثون عن حل لتعثر «المرحلة الثانية»

فلسطينيون يسيرون على طول زقاق موحل في مخيم مؤقت يؤوي نازحين فلسطينيين بعد هطول أمطار غزيرة بحي الزيتون بمدينة غزة (أ.ف.ب)
فلسطينيون يسيرون على طول زقاق موحل في مخيم مؤقت يؤوي نازحين فلسطينيين بعد هطول أمطار غزيرة بحي الزيتون بمدينة غزة (أ.ف.ب)
TT

«اتفاق غزة»: الوسطاء يبحثون عن حل لتعثر «المرحلة الثانية»

فلسطينيون يسيرون على طول زقاق موحل في مخيم مؤقت يؤوي نازحين فلسطينيين بعد هطول أمطار غزيرة بحي الزيتون بمدينة غزة (أ.ف.ب)
فلسطينيون يسيرون على طول زقاق موحل في مخيم مؤقت يؤوي نازحين فلسطينيين بعد هطول أمطار غزيرة بحي الزيتون بمدينة غزة (أ.ف.ب)

تتواصل جهود الوسطاء للدفع نحو المرحلة الثانية من اتفاق وقف إطلاق النار في قطاع غزة المبرم قبل نحو شهرين، وسط حديث إسرائيل عن أن هناك تعثراً وشروطاً إسرائيلية للانتقال لتلك المرحلة.

تلك الجهود التي تشمل تحركات واتصالات أميركية ومصرية بخلاف اجتماع عسكري بالدوحة، تعزز فرص التوصل إلى حل لإنهاء تعثر المرحلة الثانية من اتفاق وقف إطلاق النار، بحسب ما يرى خبراء تحدثوا لـ«الشرق الأوسط»، معتقدين أن هناك ترقباً للقاء الرئيس الأميركي دونالد ترمب، برئيس الوزراء الإسرائيلي بنيامين نتنياهو، لحسم الانتقال من عدمه.

وعاد الحراك الأميركي بشأن غزة مكثفاً، وأطلع ستيف ويتكوف وجاريد كوشنر، مبعوثا ترمب، وزراء خارجية الاتحاد الأوروبي، الاثنين، على المستجدات بشأن اتفاق غزة خلال مؤتمر عبر الفيديو، وفق ما نقلته وكالة «رويترز».

فلسطيني يجمع قوالب الخرسانة الخفيفة لبناء مأوى لعائلته قبل حلول فصل الشتاء في مخيم البريج للاجئين وسط قطاع غزة (أ.ف.ب)

وذكرت هيئة البث الإسرائيلية أن توم برّاك مبعوث ترمب يصل إلى إسرائيل، الاثنين، لبحث بدء المرحلة الثانية من اتفاق وقف إطلاق النار، مؤكدة أن «الزيارة بالغة الحساسية، وتقيّم مدى استعداد إسرائيل للتقدم نحو المرحلة الثانية، وتعكس نفاد صبر الرئيس ترمب إزاء تعثر الانتقال إلى المرحلة التالية من خطته لقطاع غزة، وستناقش قوات الاستقرار بغزة».

وأوضحت أن «برّاك يرى أن تركيا يجب أن تكون جزءاً من قوة الاستقرار، بفضل قدراتها العسكرية ونفوذها في غزة، ولكن إسرائيل تعدّ ذلك خطاً أحمر، إذ ترى أن أي طرف يحتفظ بعلاقات مع (حماس) لا يمكن أن يُصنف قوةَ استقرار، وإشراكه (في القوة الدولية) قد يقوض الاتفاق».

ورأت الهيئة زيارة برّاك، رغم أنه مهتم أكثر بشؤون سوريا ولبنان، «خطوة تحضيرية مباشرة للقاء المرتقب بين نتنياهو وترمب بفلوريدا في 29 ديسمبر (كانون الأول) الحالي»، في ظل انشغال ويتكوف وكوشنر بملف أوكرانيا.

وتأتي تلك الزيارة عشية استضافة الدوحة اجتماعاً للقيادة المركزية الأميركية، بمشاركة 25 دولة، الثلاثاء، لبحث هيكل القيادة وقضايا أخرى متعلقة بقوة الاستقرار في غزة، بحسب ما ذكره مسؤولان أميركيان لـ«رويترز» قبل أيام.

وسبق أن تحدثت القناة «14» الإسرائيلية أواخر نوفمبر (تشرين الثاني) الماضي، بأن الولايات المتحدة حددت منتصف يناير (كانون الثاني) المقبل، موعداً لبدء انتشار «قوة الاستقرار الدولية» في غزة، ونهاية أبريل (نيسان) المقبل موعداً نهائياً لإتمام عملية نزع السلاح من القطاع، مشيرة إلى أن ذلك طموح منفصل عن الواقع، في إشارة إلى إمكانية تأجيله مجدداً.

ويرى مساعد وزير الخارجية المصري الأسبق السفير حسين هريدي، أن المساعي الأميركية تعكس وجود ضغوط لتسهيل التفاوض بشأن المرحلة الثانية، التي تبدو معقدة للغاية مع مساعي نزع سلاح القطاع وتشكيل قوات الاستقرار ولجنة إدارة القطاع، مشيراً إلى أن «تلك الملفات لم تحسم بعد، وليست هناك ملامح بشأن إنجازها قريباً والأمور ضبابية».

ويعتقد المحلل السياسي الفلسطيني، الدكتور أيمن الرقب، بأنه «أياً كانت المساعي فيجب أولاً وقف التماهي بين إسرائيل والولايات المتحدة، وأن تضغط واشنطن بقوة على نتنياهو، غير ذلك ستذهب التحركات الأميركية بلا نتائج مؤثرة، خصوصاً أن هناك حديثاً عن توجه للقفز للبند 17 من اتفاق غزة الذي يسمح ببدء تحركات فردية إسرائيلية في أماكن سيطرتها وإعمارها، وهذا أمر خطير».

ووسط تلك المساعي الأميركية، والمخاوف، أكد وزير الخارجية المصري بدر عبد العاطي خلال اتصال هاتفي، الاثنين، مع نظيره السعودي الأمير فيصل بن فرحان، أهمية ضمان استدامة وقف إطلاق النار، وتنفيذ استحقاقات المرحلة الثانية من خطة ترمب، وأهمية نشر قوة الاستقرار الدولية المؤقتة لمراقبة وقف إطلاق النار، وفق بيان لـ«الخارجية» المصرية.

ونقلت هيئة البث الإسرائيلية، الاثنين، عن مصدر أمني، أن تنفيذ المرحلة الثانية «غير وشيك»، مع استمرار مساعي إسرائيل لاستعادة جثة الرهينة ران غويلي، التي تعد آخر جثة تطالب باستعادتها من قطاع غزة، فيما أفاد موقع «والا» العبري بأن تل أبيب تربط التقدم في الاتفاق باستعادة الجثة.

ويرى السفير هريدي أن إسرائيل تتعمد إفساد التوجه للمرحلة الثانية بتلك الذرائع، مشيراً إلى أن «القاهرة تعمل على إنهاء تلك الذرائع وتوسيع دائرة التحركات، لدفع واشنطن نحو إجبار نتنياهو على تنفيذ الاتفاق، وهذا سيتضح أكثر خلال لقاء القمة مع ترمب أواخر الشهر».

وشدد الرقب على أن «محددات المرحلة الثانية 3 أمور رئيسية؛ هي وصول قوات الاستقرار، وتشكيل لجنة إدارة القطاع، ووجود جهاز شرطي فلسطيني لتسلم غزة، وجميع ذلك لم يحدث، وبالتالي سيتأخر الانتقال لتلك المرحلة، ما لم يحسم ترمب الأمر مع نتنياهو خلال القمة المرتقبة».


الحد الأدنى للأجور يفجر تراشقاّ كلامياً بين ملياردير وبرلماني في مصر

مطالبات في مصر بإعادة النظر في الحد الأدنى للأجور (أرشيفية - رويترز)
مطالبات في مصر بإعادة النظر في الحد الأدنى للأجور (أرشيفية - رويترز)
TT

الحد الأدنى للأجور يفجر تراشقاّ كلامياً بين ملياردير وبرلماني في مصر

مطالبات في مصر بإعادة النظر في الحد الأدنى للأجور (أرشيفية - رويترز)
مطالبات في مصر بإعادة النظر في الحد الأدنى للأجور (أرشيفية - رويترز)

تفجّرت مشادة كلامية بين رجل الأعمال المصري البارز نجيب ساويرس، وعضو مجلس النواب مصطفى بكري، حول قيمة الحد الأدنى للأجور في البلاد.

وبدأت المهاوشة على خلفية دعوة ساويرس لرفع الحد الأدنى للأجور إلى 15 ألف جنيه شهرياً (الدولار يساوي نحو 47.48 جنيه)، إلا أن الرد من بكري جاء لاذعاً، متهماً رجل الأعمال بـ«البطولة الوهمية»، مطالباً إياه بأن يبدأ بنفسه بتطبيق الحد الأدنى في شركاته قبل أن يطالب الدولة.

رجل الأعمال المصري نجيب ساويرس (صفحته الرسمية)

كان نجيب ساويرس قال قبل أيام، خلال كلمته في مؤتمر توظيفي، إن مؤسسة «ساويرس للتنمية الاجتماعية» تواصل جهودها في دعم وتأهيل الشباب لسوق العمل، بما يسهم في رفع دخولهم من مستويات متدنية قد لا تتجاوز ألفي جنيه إلى نحو 14 و15 ألف جنيه، وهو ما اعتبره «الحد الأدنى الضروري للمعيشة وضمان حياة كريمة للمواطن في ظل التضخم الحالي».

وقرر «المجلس القومي للأجور» في فبراير (شباط) الماضي زيادة الحد الأدنى من 6 آلاف جنيه لتصل إلى 7 آلاف جنيه بدأ تطبيقها في مارس (آذار) الماضي.

وتأتي دعوة رجل الأعمال المصري وسط مطالبات مجتمعية وبرلمانية متزايدة برفع مستويات الدخل في ظل ارتفاع أسعار السلع الأساسية والخدمات وتكاليف المعيشة، ومع تذبذب مؤشرات التضخم.

وأصدر البنك المركزي المصري، الأربعاء الماضي، بالتنسيق مع الجهاز المركزي للتعبئة العامة والإحصاء، بيان التضخم عن نوفمبر (تشرين الثاني) الماضي، الذي أظهر استمرار التراجع الطفيف في وتيرة ارتفاع الأسعار؛ حيث بلغ معدل التضخم السنوي في الحضر 12.3 في المائة مقارنة مع 12.5 في المائة في أكتوبر (تشرين الأول) السابق عليه.

ورغم أن مطلب ساويرس لاقى دعماً شعبياً واسعاً، وهو ما اتفق عليه أيضاً البرلماني والإعلامي مصطفى بكري، فإنه أضاف في تغريدة له على حسابه بمنصة «إكس»، موجهاً حديثه لرجل الأعمال: «ما رأيك أن تبدأ أنت بالمبادرة وترفع رواتب الموظفين عندك»، واتهم ساويرس بأن رواتب الأغلبية لديه «لا تتعدى 5760 جنيهاً شهرياً، وهناك من هو أقل من ذلك».

وأثارت هذه المهاوشة الافتراضية تفاعلاً واسعاً على مواقع التواصل الاجتماعي، حيث انقسمت الآراء بين من يرى أن ساويرس يسلط الضوء على قضية فعلية تتعلق بضعف الأجور، ومن يعتبر أن بكري محق في مطالبته لرجل الأعمال بأن يكون قدوة في مؤسساته الخاصة قبل أن يطالب الدولة بالتغيير.

وأيد كثير من نشطاء التواصل الاجتماعي أن يكون الحد الأدنى للأجر 15 ألف جنيه، وتمنوا أن يصل صوت ساويرس إلى المسؤولين في مصر.

كما تفاعل عدد من الإعلاميين مع ما نادى به رجل الأعمال، وقال الإعلامي عمرو أديب، خلال برنامجه «الحكاية»، مساء الأحد، «إن مصر تحتاج إلى وزارة للرحمة، وأن المجتمع المصري لن ينجو بالاقتصاد ولكن سينجو بالرحمة».

وأشار إلى أنه طالب بهذا الرقم قبل سنوات ما عرضه للانتقاد وقتها، موضحاً «أن الحد الأدنى الحالي للأجور البالغ 7 آلاف لا يطبق في أغلب الشركات».

بدوره، قال الإعلامي محمد علي خير، في برنامجه «المصري أفندي»، إن ملف الأجور في مصر أصبح أحد أخطر ملفات العدالة الاجتماعية، مشدداً على أن الدخول الحالية لم تعد قادرة على تلبية الحد الأدنى من متطلبات المعيشة، خصوصاً للشباب المقبل على الزواج.

وأضاف: «الحديث عن أجور 4000 و5000 و6000 و7000 جنيه لم يعد مقبولاً في ظل الغلاء الحالي وتراجع القدرة الشرائية»، مؤكداً أن الأجور في مصر تحتاج إلى تغيير جذري وليس حلولاً شكليةً.

كما تبادل العديد من النشطاء الرؤى حول الحد الأدنى المناسب للراتب، لضمان حياة كريمة للملايين من العاملين.

وتطور الحد الأدنى للأجور في القطاع الخاص المصري منذ إقراره لأول مرة في يناير (كانون الثاني) 2022، حيث بدأ بـ2400 جنيه، ثم ارتفع إلى 2700 جنيه في يناير 2023، و3000 جنيه في يوليو (تموز) 2023، ثم 3500 جنيه في يناير 2024، و6000 جنيه في مايو (حزيران) 2024، ليصل إلى 7000 جنيه اعتباراً من مارس 2025.

في المقابل، انتقد بعض المدونين كلمات بكري المنتقدة لمطلب رجل الأعمال البارز، مطالبين إياه بمساندة ساويرس في كلامه بدلاً من السخرية منه. كما طالبه آخرون، كونه إعلامياً بارزاً وصوتاً للمواطن في البرلمان، بفتح النقاش عن الحد الأدنى للرواتب والمعاشات.

بينما سخر طرف ثالث من المهاوشة الافتراضية، لافتين إلى أن طرفيها رجلان يملكان الملايين، ويتنازعان حول أجور ومستحقات البسطاء، في حين أن المحصلة النهائية ستكون غياب أي نتيجة إيجابية من الطرفين.


أزمة تمويل تهدد معيشة اليمنيين خلال العام المقبل

فجوة كبيرة في التمويل الدولي الموجه إلى المساعدات وأعمال الإغاثة في اليمن (إ.ب.أ)
فجوة كبيرة في التمويل الدولي الموجه إلى المساعدات وأعمال الإغاثة في اليمن (إ.ب.أ)
TT

أزمة تمويل تهدد معيشة اليمنيين خلال العام المقبل

فجوة كبيرة في التمويل الدولي الموجه إلى المساعدات وأعمال الإغاثة في اليمن (إ.ب.أ)
فجوة كبيرة في التمويل الدولي الموجه إلى المساعدات وأعمال الإغاثة في اليمن (إ.ب.أ)

على الرغم من أن التدخلات التنموية في اليمن تمكّنت من إحداث فارق ملموس في تحسين سبل العيش، تزداد تحذيرات وكالات الأمم المتحدة من اتساع فجوة تمويل الأعمال الإنسانية في اليمن، مع سعيها إلى الاستجابة الطارئة لحماية الأطفال والفئات الأكثر هشاشة من الوصول إلى مستويات شديدة من نقص الاحتياجات.

نفاد الإمدادات

وأعلنت منظمة الأمم المتحدة للطفولة (يونيسف) عن حاجتها إلى 126.25 مليون دولار، لتنفيذ خطتها الإنسانية في البلاد للعام المقبل، وضمان استمرار خدمات الصحة والتغذية والمياه والتعليم والحماية لملايين الأطفال الذين يعتمد غالبيتهم على المساعدات الإنسانية للبقاء على قيد الحياة، محذرة من أن استمرار التدهور قد يحرم أعداداً متزايدة من الرعاية الأساسية.

وتراجعت حاجة «اليونيسف» إلى تمويل نشاطها في اليمن للعام المقبل بنسبة 40 في المائة عن العام الحالي، الذي طلبت فيه تمويلاً بمبلغ 212 مليون دولار.

ونبهت المنظمة الأممية إلى أن إغلاق أكثر من 3000 مركز تغذية، ونفاد الإمدادات الحيوية بحلول أوائل العام المقبل، يجعلان حياة مئات الآلاف من الأطفال عرضة للخطر.

ملايين الأطفال اليمنيين يواجهون خطر سوء التغذية ونقص الخدمات الصحية (الأمم المتحدة)

بدورها، أطلقت منظمة الأمم المتحدة للأغذية والزراعة (فاو) نداء تمويلياً بقيمة 86.57 مليون دولار، لدعم سُبل العيش الزراعية وتعزيز القدرة على الصمود لنحو 9.15 مليون شخص في اليمن خلال العام نفسه.

تدخلات زراعية

تقدّر «فاو» أن اليمن يُعد ثالث أكبر أزمة غذاء في العالم، حيث يواجه أكثر من نصف السكان مستويات حرجة من انعدام الأمن الغذائي الحاد، بينهم نحو 41 ألف شخص معرضون لخطر المجاعة، بعد عقد من بدء النزاع المسلح، والتطورات الأخيرة التي عطّلت سلاسل التوريد، إلى جانب الانهيار الاقتصادي والتغيرات المناخية القاسية.

ويتوقع المنسق العام للجنة اليمنية العليا للإغاثة، جمال بلفقيه، أن نقل مكتب منسق الشؤون الإنسانية إلى العاصمة المؤقتة عدن سيساعد بشكل كبير على تنفيذ خطط الاستجابة الإنسانية وتغيير مسار العمل الإنساني وبيان أثرها، داعياً إلى الشراكة بين المنظمات الدولية والقطاع الخاص في اليمن، لتوفير السلع الأساسية والشراء من السوق المحلية.

فجوة تمويل الإغاثة في اليمن تهدد بتراجع كبير في القدرة الشرائية للسكان وفق خبراء (أ.ف.ب)

وفي حديثه لـ«الشرق الأوسط» يبدي المسؤول الإغاثي الحكومي قلقه من أن اختطاف الجماعة الحوثية العاملين في الوكالات الأممية، وممارسة الابتزاز باستخدام الورقة الإنسانية سيعوقان أداء المنظمات ويؤثران سلباً على الدعم الخارجي، مبدياً تفاؤله بأن تؤدي الإجراءات الاقتصادية الحكومية إلى تحسين أسعار المواد الأساسية، مما يساعد في تحسين القوة الشرائية.

وتوضح الوكالة الأممية أن 17.68 من التمويل سيُوجّه إلى صالح تدخلات زراعية طارئة لتحقيق تعافي سُبل المعيشة، ويشمل ذلك توزيع البذور، وتطعيم الماشية، وإعادة تأهيل البنى التحتية الزراعية والمائية، في مساعٍ للحد من اعتماد السكان الكامل على المساعدات الغذائية، فيما سيُستخدم المبلغ المتبقي لتعزيز القدرة على الصمود للفئات المستهدفة.

وبسبب مواجهة برنامج الغذاء العالمي عجزاً كبيراً في تمويله، تم تقليص المستفيدين من خدماته إلى النصف، وهو ما سيؤدي إلى انخفاض القدرة الشرائية وسحب ما بين 200 و300 مليون دولار سنوياً من الأسواق المحلية، حسبما أورده المستشار الاقتصادي في مكتب الرئاسة اليمنية، فارس النجار.

تعزيز صمود الريف

وبينما يحتاج البرنامج الأممي إلى أكثر من 300 مليون دولار للستة الأشهر المقبلة، لم يحصل سوى على 106 ملايين دولار فقط.

طفل يتلقى العلاج من سوء التغذية في أحد مستشفيات صنعاء (الأمم المتحدة)

ويقدّر النجار أن سوء التغذية سيؤدي إلى خسارة مستقبلية في إنتاجية الفرد ما بين 10 و15 في المائة، مما يعني اقتصاداً أصغر وناتجاً أقل لعقد كامل إذا لم تجرِ حماية الفئات الأضعف، لافتاً إلى أن عدم تمويل خطة الاستجابة الإنسانية سيضع اليمنيين أقرب من أي وقت مضى أمام سيناريوهات المجاعة.

في غضون ذلك، كشف الصندوق الدولي للتنمية الزراعية (إيفاد) عن أن التدخلات التنموية متوسطة المدى يمكن أن تُحدث فرقاً ملموساً حتى في ظل استمرار النزاع، وأن هذه التدخلات عززت من تحسين سبل العيش والأمن الغذائي لعشرات الآلاف من السكان في المناطق الريفية في اليمن، رغم استمرار النزاع وانهيار البنية التحتية والخدمات الأساسية.

جاء ذلك بعد أن أظهر مشروع تنمية سبل العيش الريفية، المنفذ بين عامَي 2021 و2024، أن تحسين الوصول إلى المياه وتحديث أنظمة الري أسهما في خفض استهلاك المياه بنسبة وصلت إلى 80 في المائة، إلى جانب زيادة الإنتاج الزراعي، وتحسين دخل آلاف الأسر في خمس محافظات يمنية.

تنمية سبل العيش الريفية تُسهم في تحسين الإنتاج الزراعي وتحسين دخل آلاف الأسر (إيفاد)

وذكر «إيفاد»، في تقرير حديث، أن إجمالي تمويل المشروع وصل إلى 5.3 مليون دولار، وشمل 5 محافظات و31 مديرية، واستفاد منه أكثر من 84 ألف شخص في نحو 12 ألف أسرة ريفية. وركزت التدخلات على تحسين الوصول إلى المياه، وإعادة تأهيل أنظمة الري، وحماية الأراضي الزراعية من الفيضانات، بالإضافة إلى دعم المزارعين بمدخلات زراعية وتدريب تقني.

ونوه «إيفاد» إلى أن اعتماد نهج التعاقد المجتمعي، بالشراكة مع صندوق التنمية الاجتماعية ومنظمة الأغذية والزراعة (فاو)، مكّن المجتمعات المحلية من قيادة عملية التخطيط والتنفيذ، مما عزّز الحوكمة المحلية والتماسك الاجتماعي في بيئات تعاني هشاشة مؤسسية شديدة.

وبيّن التقرير أن تحديث البنية التحتية المائية أسهم في خفض استهلاك مياه الري بنسبة تتراوح بين 70 و80 في المائة، وتحسين إنتاجية المزارعين، إلى جانب حماية 131 هكتاراً من الأراضي الزراعية. كما استفاد أكثر من 3300 مزارع من المدارس الحقلية والأعمال الزراعية، فيما تلقت 4000 امرأة ورجل تدريبات في مجالات التغذية والزراعة المنزلية.