ملايين الأميركيين يختارون رئيسهم الجديد اليوم

كلينتون تقترب من الفوز والاستطلاعات تشير إلى تصدرها بفارق أربع نقاط

المرشح الجمهوري دونالد ترامب يحتضن العلم الأميركي خلال تجمع انتخابي بفرجينيا أمس (إ.ب.أ) - المرشحة الديمقراطية هيلاري كلينتون بعد وصولها إلى تجمع انتخابي بكليفلاند مساء أول من أمس (رويترز)
المرشح الجمهوري دونالد ترامب يحتضن العلم الأميركي خلال تجمع انتخابي بفرجينيا أمس (إ.ب.أ) - المرشحة الديمقراطية هيلاري كلينتون بعد وصولها إلى تجمع انتخابي بكليفلاند مساء أول من أمس (رويترز)
TT

ملايين الأميركيين يختارون رئيسهم الجديد اليوم

المرشح الجمهوري دونالد ترامب يحتضن العلم الأميركي خلال تجمع انتخابي بفرجينيا أمس (إ.ب.أ) - المرشحة الديمقراطية هيلاري كلينتون بعد وصولها إلى تجمع انتخابي بكليفلاند مساء أول من أمس (رويترز)
المرشح الجمهوري دونالد ترامب يحتضن العلم الأميركي خلال تجمع انتخابي بفرجينيا أمس (إ.ب.أ) - المرشحة الديمقراطية هيلاري كلينتون بعد وصولها إلى تجمع انتخابي بكليفلاند مساء أول من أمس (رويترز)

يحتشد الناخبون الأميركيون اليوم الثلاثاء أمام مراكز الاقتراع في جميع أنحاء الولايات الخمسين لاختيار الرئيس الأميركي الذي يحمل الرقم 45 في تاريخ الولايات المتحدة، واختيار ثلث أعداد أعضاء مجلس الشيوخ الأميركي، وجميع أعضاء مجلس النواب (435 مقعدا) في انتخابات التجديد النصفي التشريعي. إضافة إلى انتخابات تجرى لاختيار 12 حاكما على المستوى المحلي.
تفتح مراكز الاقتراع أبوابها اليوم في جميع الولايات الخمسين وواشنطن العاصمة في ستة توقيتات متباينة، إذ تبدأ عملية الاقتراع في شرق الولايات المتحدة من الساعة الثامنة صباحا (أي الواحدة ظهرا بتوقيت غرينتش)، وتباعا في ولايات الوسط ثم الساحل الغربي الذي تبدأ فيه عمليات الاقتراع في الثامنة صباحا بتوقيت غرب الولايات المتحدة (أي الرابعة مساء بتوقيت غرينتش)، بفارق ثلاث ساعات بين توقيت الساحل الشرقي والغربي للولايات المتحدة.
وقد أدلى 40 في المائة من الأميركيين بأصواتهم بالفعل خلال مراحل التصويت المبكر، إما عن طريق الذهاب لمراكز الاقتراع في وقت مبكر أو إرسال ورقة الاقتراع عبر البريد كما شارك الأميركيون في الخارج في التصويت عبر السفارات والقنصليات. ومن المتوقع أن يدلي بين 120 و140 مليون أميركي بأصواتهم اليوم. وفور انتهاء الوقت المحدد لإغلاق مراكز الاقتراع، ستخرج المؤشرات الأولية حول النتائج.
وستبدأ أولى مؤشرات النتائج في الخروج في السادسة مساء بتوقيت شرق الولايات المتحدة (الحادية عشر ليلا بتوقيت غرينتش) من ولاية إنديانا، ثم في ولاية كنتاكي، وكلتاهما من الولايات الجمهورية التي يحتمل أن تصدر النتائج بفوز المرشح الجمهوري دونالد ترامب. وفي السابعة مساء بتوقيت شرق الولايات المتحدة (منتصف الليل بتوقيت غرينتش)، تصدر المؤشرات الأولية في فلوريدا وفرجينيا وجورجيا وساوث كارولينا وفيرمونت، تليها ولايات أوهايو ونورث كارولينا ووست فرجينيا.
وفي الثامنة مساء (الواحدة صباح الأربعاء بتوقيت غرينتش)، تبدأ النتائج الأولية في ولايات مثل بنسلفانيا وألاباما وكونتيكيت وديلاوير والعاصمة واشنطن وإلينوي وكنساس ومين وميريلاند وماساتشوستس وميسيسبي وميزوري ونيوجيرسي وأوكلاهوما ورود إيلاند وتنيسي. وتتوالى بعدها النتائج الأولية في ولايات الوسط، حتى إعلان مؤشرات النتائج الأولية في ولايات الساحل الغربي.
وتخرج المؤشرات الأولية من ولايات مثل كاليفورنيا وأوريغين ونورث داكوتا في وقت متأخر من الساعات الأولى من صباح الأربعاء، وآخر الولايات التي ستغلق أبوابها بعد انتهاء الاقتراع ستكون كلا من ألاسكا وهاواي.
ووفقا لإحصاءات عدد الناخبين المؤهلين للمشاركة في الاقتراع (فوق 18 عاما)، فهناك 241 مليون شخص لهم حق التصويت في هذه الانتخابات الرئاسية، إلا أن المؤشرات تشير إلى إقبال 53.6 في المائة فقط من الناخبين للمشاركة في التصويت. ويظهر مركز بيو للأبحاث أن نسبة المشاركة للناخبين الأميركيين في عملية الانتخابات هي واحدة من أدنى المعدلات في العالم، مقارنة بمعدل الإقبال في بلجيكا الذي يصل إلى 89.4 في المائة، وبريطانيا الذي يصل إلى 61 في المائة.
وتؤثر عشر إلى خمس عشرة ولاية أميركية في النتائج النهائية للانتخابات وفي تصويت ممثلي المجمع الانتخابي في هذه الولايات لصالح مرشح دون آخر، وهي ولايات أريزونا التي تمتلك 11 صوتا انتخابيا في المجمع الانتخابي، وكولورادو التي تملك تسعة أصوات في المجمع الانتخابي، وفلوريدا التي تملك 29 صوتا في المجمع الانتخابي، وأيوا التي تملك 6 أصوات، ونيفادا بـ6 أصوات، ونيوهامبشير بـ4 أصوات، ونورث كارولينا بـ15 صوتا، وأوهايو بـ18 صوتا، وبنسلفانيا بـ20 صوتا، وفرجينيا بـ13 صوتا.
وتعد كل من ولايتي فلوريدا وأوهايو أكثر الولايات الأميركية أهمية في ترجيح كفة كلينتون أو ترجيح كفة ترامب، ويتعين على كلينتون الفوز بأصوات بنسلفانيا ونورث كارولينا لتأمين حظوظها.
في المقابل، يتعين على ترامب الفوز بأصوات فلوريدا وأوهايو ونيفادا وأربع إلى خمس ولايات أخرى. وتعد ولايات مثل جورجيا، التي تملك 16 صوتا انتخابيا في المجمع الانتخابي، وميتشيغان ذات 16 صوتا انتخابيا، ووسكنسن بعشرة أصوات، من الولايات التي قد تبرز كولايات مؤثرة في النتائج مع تقارب حظوظ المرشحين. كما تعد كل من جورجيا ويوتا من الولايات التي تصوت تقليديا لصالح الحزب الجمهوري، بينما تلون ميتشغان وجورجيا بالأزرق وتصوت تقليديا للحزب الديمقراطي.
يتطلّب الفوز في الانتخابات الأميركية الحصول على 270 صوتا من أصوات المجمع الانتخابي البالغ مجموعها 538، تمثل عدد أعضاء مجلسي الشيوخ (100 عضو) والنواب (435 نائبا) وثلاثة أصوات تمثل العاصمة واشنطن دي سي.
تشير أحدث استطلاعات الرأي إلى ارتفاع حظوظ المرشحة الديمقراطية هيلاري كلينتون بفارق أربع نقاط عن منافسها الجمهوري دونالد ترامب، فيما أشار عدد من المحللين إلى أن فوز كلينتون بهذا السباق الرئاسي أصبح أقرب إلى التحقق خلال الساعات المقبلة وأن الأمر قد حسم.
وتقول نتائج استطلاع للرأي لشبكة «إن بي سي» إن كلينتون تتصدر الاستطلاعات بفارق ست نقاط، بينما أشار استطلاع لشبكة «فوكس نيوز» إلى أن الفرق لا يتجاوز أربع نقاط. في حين وجد استطلاع للرأي لصحيفة «واشنطن بوست» وشبكة «إيه بي سي» أن كلينتون تتصدر بفارق خمس نقاط. وعلى الرغم من الاختلافات البسيطة بين نتائج الاستطلاعات، فإنها تتفق جميعها على صدارة كلينتون وتراجع ترامب.
ويخشى محللون وخبراء سياسيون من اندلاع أعمال شغب وغضب في أعقاب إعلان نتائج الاقتراع من قبل ناخبين غاضبين قد يشعرون بالإحباط من النتيجة، وانخفاض الثقة في الحكومة مع تزايد التصريحات والادعاءات باحتمالات تزوير الانتخابات. وأشار استطلاع لصحيفة «وول ستريت جورنال» و«إن بي سي نيوز» إلى أن هناك قدرا كبيرا من الغضب الذي لم يتبدد لدى الناخبين. فيما أوضح محللون أن حملات الدعاية الانتخابية لهذه الانتخابات الرئاسية شهدت تراجعا في معدلات الإنفاق لأول مرة في التاريخ السياسي الحديث، إذ بلغ إجمال إنفاق حملتي كلينتون وترامب ما مجموعه 3.2 مليار دولار. ويرجع ذلك وفقا لتحليل صحيفة «وول ستريت» إلى أن حملة كلينتون أنفقت أربعة أضعاف حجم الإنفاق الإعلاني الذي أنفقته حملة ترامب. وأنفقت الحملة الديمقراطية خلال الثلاثة أسابيع الأخيرة 62 مليون دولار، مقابل 16 مليون دولار أنفقتها حملة ترامب وفقا للجنة الانتخابات الاتحادية التي تشرف على هذه الأمور.
ويقول الخبراء إن حملة ترامب استفادت بشكل غير مباشر من تغطيات البرامج الإخبارية، ووسائل التواصل الاجتماعي التي قدمت لترامب دعاية مجانية. كما لعب «ويكيليكس» دورا كبيرا في تسريب آلاف الإيميلات المتعلقة بكلينتون ومدير حملتها جون بوديستا، في جذب اهتمام ناخبين والتأثير على توجهاتهم.
يسعى الحزب الديمقراطي للفوز في هذه الانتخابات الرئاسية، وسيكون فوز المرشحة الديمقراطية هيلاري كلينتون بمثابة فوز كبير للحزب في الحفاظ على البيت الأبيض لولاية ثالثة، بعد ولايتين لمدة 8 سنوات في عهد الرئيس باراك أوباما، وهي المرة الأولى التي يحتفظ بها الحزب الديمقراطي بالبيت الأبيض لثلاث ولايات متتالية، وهو أمر لم يحدث منذ منتصف القرن التاسع عشر.
ويقول الخبراء والمحللون إن فوز كلينتون سيحقق الكثير من السوابق التاريخية، ليس فقط للحزب، بل ستكون هيلاري كلينتون أول سيدة تصل إلى سدة الحكم في تاريخ الولايات المتحدة، وتصبح سيدة البيت الأبيض بعد أن كانت سيدة أولى فيه. كما يشكل ذلك سابقة أخرى، وهي أن يدخل رئيس الولايات المتحدة الأسبق مرة أخرى البيت الأبيض كزوج لرئيسة الولايات المتحدة.
وستكون أيضا سابقة تاريخية أن تكون تشيلسي كلينتون الابنة الأولى في فترة ولاية الرئيس بيل كلينتون من سكان البيت الأبيض سابقا، ثم يصبح أبناؤها (أحفاد كلينتون) أيضا من سكان البيت الأبيض.
وقد شهدت حظوظ المرشحة الديمقراطية هيلاري كلينتون ارتفاعا كبيرا خلال الساعات الماضية مع إعلان جيمس كومي مدير مكتب التحقيقات الفيدرالية انتهاء التحقيق حول إيميلاتها. وأكّد كومي أن المكتب خلص إلى نفس النتيجة التي توصل إليها في يوليو (تموز) الماضي، وهي عدم توجيه أية تهم لكلينتون حول استخدام خام بريد إلكتروني خاص.
وأثار إعلان كومي بغلق التحقيق نفس الزوبعة والجدل التي أثارها في التاسع والعشرين من أكتوبر (تشرين الأول) الماضي، عندما أعلن فتح التحقيق في الإيميلات. فقد شن الديمقراطيون حربا عشواء ضد مدير المباحث الفيدرالية في أعقاب إعلان فتح التحقيق، بينما استقبل الجمهوريون الأمر بارتياح وسعادة. وانقلب الوضع في أعقاب إعلان غلق التحقيق، إذ رحب الديمقراطيون، بينما أثار الجمهوريون انتقادات لاذعة واتهامات بالفساد والمحسوبية، والميل لصالح المرشحة الديمقراطية. والآن، أصبح اسم جيمس كومي اسما بعيدا عن الشعبية داخل الدوائر السياسية الأميركية، فلا أحد سواء من الجانب الديمقراطي أو الجمهوري يقدره.
من جهته، أعرب روبي مووك، مدير الحملة الانتخابية لكلينتون، عن ارتياحه من قرار إغلاق التحقيقات حول إيميلاتها وأشار إلى أن خطاب جيمس كومي بإخطار الكونغرس بالأمر يبدو غريبا، لكنه رحب بالنتيجة. وقال في شبكة «إن بي سي»: «كلنا سعداء أن هذا الوضع تم حله»، فيما أعربت كليان كونواي مدير حملة ترامب أن قرار المباحث الفيدرالية لن يكون له تأثير على مسار التصويت السابق، وقالت «إنني أتعجب من هجوم الديمقراطيين بشراسة على جيمس كومي الأسبوع الماضي، والآن يتحدثون عنه باعتباره بطلا».
بدورهم، لفت محللون إلى أن حظوظ كلينتون ظلت مرتفعة وتتصدر السباق الانتخابي حتى قبل إعلان كومي بانتهاء التحقيقات، مشيرين إلى إقبال كثيف من قبل الأقليات العرقية للتصويت لكلينتون وبصفة خاصة ذوي الأصول اللاتينية والآسيويين في الولايات المتأرجحة التي ستحسم السباق، مثل فلوريدا ونورث كارولينا.
وقبل ساعات من بدء عملية الاقتراع لاختيار الرئيس الأميركي المقبل، كان المرشح الجمهوري دونالد ترامب يعقد تجمعا انتخابيا في مدينة ساراسوتا بولاية فلوريدا، ثم في مدينة ريهام بولاية نورث كارولينا، وتجمعا انتخابيا ثالثا في مدينة مانشستر بولاية نيوهامبشير. بينما يعقد نائبه مايك بنس تجمعا انتخابيا في ميتشيغان، وآخر في نيوهامبشير.
من جانبها، تعقد المرشحة الديمقراطية هيلاري كلينتون تجمعا انتخابيا في مدينة يتسبرغ بولاية بنسلفانيا، وتطير بعدها إلى تجمع انتخابي آخر في ميتشيغان وثالث في فلادلفيا.
أما الرئيس الأميركي باراك أوباما، فيحشد الجماهير المؤيدة للحزب الديمقراطي في مدينة آن آربور بولاية ميتشيغان، ثم في مدينة درهام بولاية نيوهامبشير، ثم ينتقل إلى مدينة فلادلفيا بولاية بنسلفانيا للمشاركة في حملة تأييد كلينتون. بينما يخطب نائب الرئيس الأميركي جو بايدن في ولاية فلوريدا في ثلاثة تجمعات انتخابية بثلاث مدن بالولاية، قبل أن ينتقل إلى مقاطعة فيرفاكس بولاية فرجينيا لعقد تجمع انتخابي مع الشباب ومناصري كلينتون في الولاية، حيث تستضيف جامعة جورج ميسون التجمع الانتخابي.



بولوارتي تضع البيرو في مواجهة مع حكومات المنطقة

رئيسة البيرو الجديدة دينا بولوارتي قبيل مؤتمر صحافي في ليما، في 24 يناير الحالي (أ.ب)
رئيسة البيرو الجديدة دينا بولوارتي قبيل مؤتمر صحافي في ليما، في 24 يناير الحالي (أ.ب)
TT

بولوارتي تضع البيرو في مواجهة مع حكومات المنطقة

رئيسة البيرو الجديدة دينا بولوارتي قبيل مؤتمر صحافي في ليما، في 24 يناير الحالي (أ.ب)
رئيسة البيرو الجديدة دينا بولوارتي قبيل مؤتمر صحافي في ليما، في 24 يناير الحالي (أ.ب)

بعد التدهور الأخير في الأوضاع الأمنية التي تشهدها البيرو، بسبب الأزمة السياسية العميقة التي نشأت عن عزل الرئيس السابق بيدرو كاستيو، وانسداد الأفق أمام انفراج قريب بعد أن تحولت العاصمة ليما إلى ساحة صدامات واسعة بين القوى الأمنية والجيش من جهة، وأنصار الرئيس السابق المدعومين من الطلاب من جهة أخرى، يبدو أن الحكومات اليسارية والتقدمية في المنطقة قررت فتح باب المواجهة السياسية المباشرة مع حكومة رئيسة البيرو الجديدة دينا بولوارتي، التي تصرّ على عدم تقديم موعد الانتخابات العامة، وتوجيه الاتهام للمتظاهرين بأنهم يستهدفون قلب النظام والسيطرة على الحكم بالقوة.
وبدا ذلك واضحاً في الانتقادات الشديدة التي تعرّضت لها البيرو خلال القمة الأخيرة لمجموعة بلدان أميركا اللاتينية والكاريبي، التي انعقدت هذا الأسبوع في العاصمة الأرجنتينية بوينوس آيريس، حيث شنّ رؤساء المكسيك والأرجنتين وكولومبيا وبوليفيا هجوماً مباشراً على حكومة البيرو وإجراءات القمع التي تتخذها منذ أكثر من شهر ضد المتظاهرين السلميين، والتي أدت حتى الآن إلى وقوع ما يزيد عن 50 قتيلاً ومئات الجرحى، خصوصاً في المقاطعات الجنوبية التي تسكنها غالبية من السكان الأصليين المؤيدين للرئيس السابق.
وكان أعنف هذه الانتقادات تلك التي صدرت عن رئيس تشيلي غابرييل بوريتش، البالغ من العمر 36 عاماً، والتي تسببت في أزمة بين البلدين مفتوحة على احتمالات تصعيدية مقلقة، نظراً لما يحفل به التاريخ المشترك بين البلدين المتجاورين من أزمات أدت إلى صراعات دموية وحروب دامت سنوات.
كان بوريتش قد أشار في كلمته أمام القمة إلى «أن دول المنطقة لا يمكن أن تدير وجهها حيال ما يحصل في جمهورية البيرو الشقيقة، تحت رئاسة ديما بولوارتي، حيث يخرج المواطنون في مظاهرات سلمية للمطالبة بما هو حق لهم ويتعرّضون لرصاص القوى التي يفترض أن تؤمن الحماية لهم».
وتوقّف الرئيس التشيلي طويلاً في كلمته عند ما وصفه بالتصرفات الفاضحة وغير المقبولة التي قامت بها الأجهزة الأمنية عندما اقتحمت حرم جامعة سان ماركوس في العاصمة ليما، مذكّراً بالأحداث المماثلة التي شهدتها بلاده إبّان ديكتاتورية الجنرال أوغوستو بينوتشي، التي قضت على آلاف المعارضين السياسيين خلال العقود الثلاثة الأخيرة من القرن الماضي.
وبعد أن عرض بوريتش استعداد بلاده لمواكبة حوار شامل بين أطياف الأزمة في البيرو بهدف التوصل إلى اتفاق يضمن الحكم الديمقراطي واحترام حقوق الإنسان، قال «نطالب اليوم، بالحزم نفسه الذي دعمنا به دائماً العمليات الدستورية في المنطقة، بضرورة تغيير مسار العمل السياسي في البيرو، لأن حصيلة القمع والعنف إلى اليوم لم تعد مقبولة بالنسبة إلى الذين يدافعون عن حقوق الإنسان والديمقراطية، والذين لا شك عندي في أنهم يشكلون الأغلبية الساحقة في هذه القمة».
تجدر الإشارة إلى أن تشيلي في خضمّ عملية واسعة لوضع دستور جديد، بعد أن رفض المواطنون بغالبية 62 في المائة النص الدستوري الذي عرض للاستفتاء مطلع سبتمبر (أيلول) الفائت.
كان رؤساء المكسيك وكولومبيا والأرجنتين وبوليفيا قد وجهوا انتقادات أيضاً لحكومة البيرو على القمع الواسع الذي واجهت به المتظاهرين، وطالبوها بفتح قنوات الحوار سريعاً مع المحتجين وعدم التعرّض لهم بالقوة.
وفي ردّها على الرئيس التشيلي، اتهمت وزيرة خارجية البيرو آنا سيسيليا جيرفاسي «الذين يحرّفون سرديّات الأحداث بشكل لا يتطابق مع الوقائع الموضوعية»، بأنهم يصطادون في الماء العكر. وناشدت المشاركين في القمة احترام مبدأ عدم التدخل في الشؤون الداخلية للبلدان الأخرى، والامتناع عن التحريض الآيديولوجي، وقالت «يؤسفني أن بعض الحكومات، ومنها لبلدان قريبة جداً، لم تقف بجانب البيرو في هذه الأزمة السياسية العصيبة، بل فضّلت تبدية التقارب العقائدي على دعم سيادة القانون والنصوص الدستورية». وأضافت جيرفاسي: «من المهين القول الكاذب إن الحكومة أمرت باستخدام القوة لقمع المتظاهرين»، وأكدت التزام حكومتها بصون القيم والمبادئ الديمقراطية واحترام حقوق الإنسان وسيادة القانون، رافضة أي تدخّل في شؤون بلادها الداخلية، ومؤكدة أن الحكومة ماضية في خطتها لإجراء الانتخابات في الموعد المحدد، ليتمكن المواطنون من اختيار مصيرهم بحرية.
ويرى المراقبون في المنطقة أن هذه التصريحات التي صدرت عن رئيس تشيلي ليست سوى بداية لعملية تطويق إقليمية حول الحكومة الجديدة في البيرو بعد عزل الرئيس السابق، تقوم بها الحكومات اليسارية التي أصبحت تشكّل أغلبية واضحة في منطقة أميركا اللاتينية، والتي تعززت بشكل كبير بعد وصول لويس إينياسيو لولا إلى رئاسة البرازيل، وما تعرّض له في الأيام الأخيرة المنصرمة من هجمات عنيفة قام بها أنصار الرئيس السابق جاير بولسونارو ضد مباني المؤسسات الرئيسية في العاصمة برازيليا.