المسلسل الانتخابي لاختيار الرئيس الـ45 للولايات المتحدة يقترب من نهايته

أطباء أميركيون: لا تتابعوا أخبار الانتخابات حفاظًا على صحتكم

المرشحة الديمقراطية هيلاري كلينتون تجتمع بداعميها في مقهى «ريدز» بفيلادلفيا أول من أمس (رويترز)
المرشحة الديمقراطية هيلاري كلينتون تجتمع بداعميها في مقهى «ريدز» بفيلادلفيا أول من أمس (رويترز)
TT

المسلسل الانتخابي لاختيار الرئيس الـ45 للولايات المتحدة يقترب من نهايته

المرشحة الديمقراطية هيلاري كلينتون تجتمع بداعميها في مقهى «ريدز» بفيلادلفيا أول من أمس (رويترز)
المرشحة الديمقراطية هيلاري كلينتون تجتمع بداعميها في مقهى «ريدز» بفيلادلفيا أول من أمس (رويترز)

قبل يوم من انتخابات رئاسية يتابعها العالم بأسره باهتمام بالغ، تخوض المرشحة الديمقراطية للبيت الأبيض هيلاري كلينتون وخصمها الجمهوري دونالد ترامب سباقا محموما مع الزمن؛ سعيا لاجتذاب ما أمكنهما من الأصوات المتبقية.
وقد أبقت هذه الانتخابات الرئاسية الجميع على حافة مقاعدهم مع كثير من المفاجآت والفضائح التي اتسمت بها كل حملة لكلا المرشحين، وأثارت كثيرا من الحماس والإثارة لدى مؤيدي كل مرشح، وهيمنت لغة عنصرية وكراهية على كثير من محتوى التصريحات مع مخاوف من اشتعال حالات غضب وشغب من جانب المؤيدين والمناصرين لكل مرشح في حال فوز المرشح الآخر.
وفي ظل هذه الأجواء المشحونة، وجه بعض الخبراء والأطباء الناخبين إلى التقليل من شرب القهوة ومشاهدة الأخبار التلفزيونية، والقيام في المقابل بممارسة الرياضة للتخفيف من وطأة وضغط الانتخابات والحفاظ على مستويات ضغط الدم وسلامة عقول الناخبين.
ويضع المحللون رهاناتهم حول من سيكون الفائز في هذه الانتخابات التي تشهد تقاربا في نتائج استطلاعات الرأي بين كل من المرشح الجمهوري دونالد ترامب والمرشحة الديمقراطية هيلاري كلينتون.
ويتطلب الفوز الحصول على الرقم السحري 270 صوتا في المجمع الانتخابي للفوز بالرئاسة من مجموع 538 صوتا في المجمع الانتخابي، تمثل عدد أعضاء مجلسي الشيوخ (100 عضو) والنواب (435 نائبا) وثلاثة أصوات تمثل العاصمة واشنطن دي سي.
وتشير الخريطة الانتخابية للولايات الخمسين، وفقا لشبكة «إن بي سي»، إلى أن كلينتون لديها حتى الآن 182 صوتا انتخابيا في المجمع الانتخابي، مع 92 صوتا انتخابيا في ولايات قد تميل للتصويت لصالح كلينتون ليصبح مجموع عدد الممثلين في المجمع الانتخابي لصالح كلينتون 274 صوتا، أي أكثر من الرقم المطلوب للفوز بالانتخابات.
وتقول شبكة «إن بي سي» إن المرشح الجمهوري دونالد ترامب يملك حتى الآن 71 صوتا انتخابيا في المجمع الانتخابي من الولايات الحمراء التي تصوت تقليديا لصالح المرشح الجمهوري، مع احتمالات أن يكسب 109 أصوات انتخابية أخرى، ليصل مجموع عدد الممثلين في المجمع الانتخابي لصالح ترامب 180 صوتا فقط.
وتجري الرهانات على مفاجآت في تحولات ولايات حمراء تميل للتصويت تقليديا للحزب الجمهوري - لصالح التصويت لمرشحة الحزب الديمقراطي هيلاري كلينتون أو العكس. وتواصل هيلاري كلينتون، التي تأمل أن تخلف باراك أوباما وتصبح أول امرأة رئيسة في تاريخ الولايات المتحدة، جهودها حتى اللحظة الأخيرة، مع عقد مهرجان انتخابي أخير في كارولينا الشمالية في منتصف ليل اليوم، قبل ساعات قليلة من فتح مكاتب الاقتراع على الساحل الشرقي للولايات المتحدة.
ودعت السيدة الأولى السابقة (69 عاما) في فيلادلفيا إلى التعبئة في «الشوط الأخير من السباق»، مبدية ثقتها ومتوقعة أن يوجه الناخبون رسالة واضحة في جميع أنحاء الولايات المتحدة «من الشرق إلى الغرب ومن الشمال إلى الجنوب».
وأظهر آخر استطلاع للرأي أجرته شبكة «إيه بي سي» وصحيفة «واشنطن بوست» تقدما لـ«الديمقراطي» بخمس نقاط على «الجمهوري» على المستوى الوطني (48 في المائة، مقابل 43 في المائة)، غير أن متوسط مختلف معاهد الاستطلاع تشير إلى منافسة أشد بينهما.
وفي مؤشر على التوتر الذي يخيم على نهاية حملة شهدت كثيرا من العدائية والهجمات الشخصية، تم إجلاء دونالد ترامب لفترة وجيزة خلال مهرجان انتخابي في نيفادا مساء السبت؛ بسبب وجود رجل اشتبه بأنه يشكل خطرا؛ مما أثار ردود فعل غاضبة.
وإن لم يتم العثور على أي سلاح في موقع الحادث، بحسب الجهاز السري المكلف أمن المرشحين، إلا أن أحد أولاد رجل الأعمال، دونالد ترامب، جونيور، أعاد إرسال تغريدة تشير إلى «محاولة اغتيال»، دون إعطاء تفسير واضح.
وأوضح الرجل الذي كان يرفع لافتة كتب عليها: «الجمهوريون ضد ترامب» أن الحشد بدأ يضربه وهو مطروح أرضا، قبل أن يصيح واحد وسط الفوضى: «سلاح»؛ ما حمل جهاز الأمن على التدخل. وتم إطلاق سراحه بسرعة.
وبقي المرشح الشعبوي وفيًا لخطه، رافضا استطلاعات الرأي حين لا تكون مواتية له، ومستشهدا بها حين تكون إيجابية، وأكد لمؤيديه مساء السبت الماضي أن النصر في متناول اليد. وأعلن ليل السبت في دينفر: «بعد ثلاثة أيام، سنفوز بكولورادو، وسنفوز بالبيت الأبيض».
وعرض المرشح الجمهوري الذي عقد 5 تجمعات أول من أمس و4 أمس، موضوعاته الرئيسية، مؤكدا في المقابل أنه في حال وصول كلينتون إلى الرئاسة، سيكون الأمر «كارثة منذ اليوم الأول». وقال قبل ذلك ببضع ساعات في شمال كارولينا: «ثلاثة أيام تفصلنا عن التغيير الذي انتظرتموه طوال حياتكم».
وفي مؤشر ربما على بعض التوتر في المعسكر الديمقراطي، أعلن فريق كلينتون عن مهرجان انتخابي اليوم في ميتشغان، الولاية التي حقق فيها أوباما نصرا سهلا في 2008 و2012، وعلق خصمها ساخرا: «أعتقد أنها تهدر وقتها. بدل الذهاب إلى ميتشغان، يجدر بها العودة إلى منزلها والاستراحة».
غير أن التحدي يبدو صعبا في وجه الملياردير؛ إذ يتحتم عليه الفوز بالعدد الأكبر من هذه الولايات الأساسية من خلال جمع أصوات ناخبي المناطق الريفية، إضافة إلى قلب إحدى الولايات التي تصوت تقليديا للديمقراطيين، لتصب لصالحه. واحتدام المعركة على هذه الولايات الأساسية هو ما حمل الخصمين على العودة صباح السبت إلى فلوريدا؛ الولاية التي غالبا ما رجحت ميزان الرئاسة بناخبيها الكبار الـ29، ويعول قطب العقارات فيها على أعداد المتقاعدين المقيمين في «ولاية الشمس»، فيما تسعى كلينتون لنيل أصوات المجموعة الناطقة بالإسبانية، وهي مجموعة ضخمة فيها.
على صعيد متصل، حظيت هيلاري كلينتون بدعم مجموعة كبيرة من النجوم، فقدمت جنيفر لوبيز عرضا السبت الماضي في ميامي، واحتشد عشرة آلاف من محبي موسيقى «الهيب هوب» في قاعة مساء الجمعة الماضي في كليفلاند لحضور حفل موسيقي مجاني للنجمين بيونسي وجاي زي، دعما للمرشحة الديمقراطية. ومساء السبت، صعدت المغنية كيتي بيري على المسرح في فيلادلفيا من أجل «هيلاري»، فغنت لها أغنيتها الرائجة «رور».
وهذه الحفلات الموسيقية الضخمة التي ينظمها ويمولها فريق كلينتون في معاقل الديمقراطيين تهدف إلى اجتذاب الناخبين الذين يترددون في قضاء أمسيات يوم السبت في تجمعات انتخابية. غير أن هيلاري كلينتون لم تبتكر هذه الوسيلة، بل كان أوباما سبّاقا إليها. وقد جمع عام 2008 ثمانين ألف شخص في كليفلاند لحضور حفل قدمه بروس سبرينغستين، قبل أيام من الانتخابات. ورد ترامب مؤكدا: «لست في حاجة إلى بيونسي، لست في حاجة إلى جاي زي»، عادّا هذه الوسيلة «معيبة» للعملية السياسية، مثيرا تصفيقا حادا من الحضور.
وقبل 24 ساعة من موعد الاقتراع، انتقل التوتر حول الرئيس الأميركي الجديد إلى زعماء العالم. وأعرب الرئيس الألماني يواكيم غاوك، الذي يبقى عادة متكتما في تعليقاته، عن قلقه في مقابلة الأحد حيال إمكانية فوز ترامب، ووصفه بأنه «لا يمكن التكهن بما سيفعله»، محذرا من مخاطر تطور نحو نظام متسلط في الولايات المتحدة.
من جانبه، رأى الرئيس الفرنسي السابق نيكولا ساركوزي، أمس، أن بروز دونالد ترامب مرشحا جمهوريا في الانتخابات الرئاسية الأميركية مؤشر على سأم الرأي العام من «الفكر الأحادي».
وقال ساركوزي لشبكة «فرنس 3» التلفزيونية إن «دونالد ترامب في نظري هو مؤشر وليس سببا»، متحدثا عن «قلق حيال الديمقراطية» يظهر في رأيه أيضا في اليونان وإيطاليا وإسبانيا وبريطانيا. وأضاف ساركوزي الذي هزمه الرئيس الاشتراكي فرنسوا هولاند في انتخابات 2012، وهو مرشح للانتخابات التمهيدية اليمينية للانتخابات الرئاسية عام 2017: «هذا القلق ناجم عن وجود نوع من الفكر الأحادي الذي يحظر عرض حلول والتحدث عن المشكلات مثلما يعيشها الناس».
واعتبر أن رجل الأعمال الشعبوي لديه «خطاب يحاكي ما يفكر فيه الأميركيون والأرياف الأميركية التي سئمت الفكر الأحادي. وأعتقد أن ثمة، في جميع ديمقراطياتنا، هذا الجدار من الفكر الأحادي الذي يجعلنا نبدو معادين للمسلمين حين نتحدث عن الإسلام، وعنصريين حين نتحدث عن الهجرة، وقوميين حين نقول إننا نريد الدفاع عن مصالح فرنسا».



2025... عام ملء الفراغات؟

الرئيس الأميركي المنتخب دونالد ترمب (أرشيفية - رويترز)
الرئيس الأميركي المنتخب دونالد ترمب (أرشيفية - رويترز)
TT

2025... عام ملء الفراغات؟

الرئيس الأميركي المنتخب دونالد ترمب (أرشيفية - رويترز)
الرئيس الأميركي المنتخب دونالد ترمب (أرشيفية - رويترز)

لا يوجد فراغ مسموح به في الطبيعة. فالطبيعة لا تغيّر طبيعتها، لأنها تكره الفراغ. في الفراغ لا حياة، لا صراع ولا تاريخ. فالتاريخ يتنقّل بين الفوضى والنظام. يُفرض النظام بالإكراه، فتوضع القوانين لتُفرض بالقوّة والإكراه أيضاً. هكذا كتب ألبير كامو، الفيلسوف الفرنسي في كتابه «الإنسان المتمرّد»، (The Rebel): «في النظام، كما في الفوضى، هناك شيء من العبوديّة». تستهدف الثورة النظام القائم، فتخلق الفوضى. لكنها مُلزمة بإعادة تكوين نظام جديد. وبين الفوضى والنظام، يدفع الإنسان العاديّ الأثمان.

يقول السياسيّ الراحل هنري كيسنجر ما معناه: إن الفراغ يجلب الحرب والهجوم. فهل سيكون عام 2025 عام ملء الفراغات، أو خلق بعضها؟

دخان يتصاعد من شمال قطاع غزة خلال قصف الجيش الإسرائيلي (أرشيفية - أ.ف.ب)

بعد عملية 7 أكتوبر (تشرين الأول) 2023، تغيّرت موازين القوى في المنطقة. سقطت «حماس». سقط «حزب الله». سقط النظام في سوريا... وبذلك انهارت وحدة الساحات، أو ما يُسمّى محور المقاومة. وبسبب ذلك، سقطت منظومات كانت قائمة. وتظهّرت الفراغات القاتلة. ها هي إسرائيل تدمّر قطاع غزّة، لتخلق فراغاً لا توجد فيه حركة «حماس»، ولتؤسّس لحالة معيّنة قد يُطلَق عليها «الاحتلال التغييريّ»، (Transformative). بكلام آخر، فُرض الاحتلال أمراً واقعاً خارج القانون الدوليّ، لكنه طويل، ومُكلف للمُحتلّ، الأمر الذي قد يخلق ثقافة جديدة، ومختلفة عما كانت قبلها، حتى ولو تطلّب الأمر جيلاً من الزمن.

دخلت إسرائيل لبنان خلال الحرب الأخيرة، فخلقت منطقة عازلة. وها هي اليوم تُحصّنها استباقاً للسيناريو السيّئ. خلقت إسرائيل هذا الفراغ على الحدود اللبنانيّة، كما في داخل قطاع غزّة بالقوّة العسكريّة المُفرطة. لكن البقاء في لبنان واحتلال المنطقة العازلة، هو أمر مختلف تماماً عن احتلال قطاع غزّة.

بعد سقوط النظام في سوريا، سارعت إسرائيل إلى احتلال مزيد من الأراضي السوريّة وتوسيع المنطقة العازلة. لكنه احتلال من دون استعمال للقوّة، حتى ولو دمّر الطيران الإسرائيليّ قدرات الجيش السوريّ المستقبليّ. إنه احتلال مؤقّت-طويل. لكن المفارقة هي إعلان إسرائيل أن الجولان لن يعود إلى سوريا، وهو احتلال كأمر واقع (De Facto). ولتحرير الجولان، لا بد من حرب أو تفاوض، وهذان أمران متعذّرَان حالياً لأسباب كثيرة. وعليه قد يمكن حالياً إعلان وفاة مقولة كسينجر: «لا حرب في الشرق الأوسط من دون مصر، ولا سلام من دون سوريا».

صورة نشرها الجيش الإسرائيلي وقال إنها لجولة رئيس الأركان هرتسي هاليفي الميدانية في جنوب لبنان (أرشيفية)

حال العالم

في أوكرانيا يستعين الرئيس بوتين في حربه بالتكنولوجيا الغربيّة لتصميم صواريخه، آخرها الصاروخ الفرط صوتيّ «أوريشنيك». كما يستعين بالمُسيّرات الإيرانيّة، والعسكر الكوري الشمالي لتحرير الأرض الروسية في كورسك. يريد بوتين الاحتلال التغييري للشرق الأوكرانيّ.

في منطقة نفوذ الصين، يسعى التنين إلى استرداد جزيرة تايوان على أنها جزء تاريخيّ من الصين الكبرى. فهي تحضّر البحريّة الصينيّة، كون الحرب، وفي حال حصولها، سيكون أغلبها في البحر. ورداً على ذلك، بدأ تشكُّل كثير من التحالفات ردّاً على السلوك الصينيّ.

وفي مكان آخر من العالم، يُحضّر الرئيس الأميركي المنتخب دونالد ترمب مأسسة الصراع مع التنين الصينيّ. فهو يريد استعادة السيطرة على قناة بنما، نظراً إلى أهمية هذه القناة على الأمن القومي الأميركيّ. فهي الشريان الحيويّ الذي يربط الشرق الأميركي بالغرب. وهي التي أوصى بها المفكّر الاستراتيجيّ الأميركي البحريّ ألفريد ماهان. وهي التي أشرفت على بنائها الولايات المتحدة الأميركيّة، وذلك بعد انفصال بنما عن كولومبيا وبمساعدة البحريّة الأميركيّة آنذاك، خلال فترة حكم الرئيس الأميركي الراحل تيودور روزفلت. وبذلك، تكون القناة قد مرّت بثلاث مراحل هي: 1906 البناء مع الرئيس روزفلت، و1977 مع الرئيس جيمي كارتر الذي أعادها إلى بنما، واليوم مع الرئيس ترمب الذي يريد استردادها.

صور الرئيس الأسبق حافظ الأسد ممزقة للمرة الأولى في تاريخ سوريا (الشرق الأوسط)

يرى البعض أن تصريحات الرئيس ترمب مجرّد كلام عاديّ بسبب شخصيّته الفريدة. لكن الأكيد أن تصريحاته تنمّ عن عمق جيوسياسيّ بعيد المدى. فما معنى طرحه موضوع شراء جزيرة غرينلاند من الدنمارك؟ ما أهميّة هذه الجزيرة؟

إن ثقافة دبلوماسيّة الدولار (Dollar Diplomacy) في التاريخ الأميركي ليست جديدة. فهي قد اشترت لويزيانا من فرنسا عام 1803 بـ15 مليون دولار. كما اشترت من روسيا ولاية ألاسكا الحاليّة بـ7.2 مليون دولار.

شكّلت لويزيانا الربط بين الشرق والغرب الأميركيّ، كما سيطرت على أهمّ مرفأ أميركيّ يطلّ على خليج المكسيك. وبالحدّ الأدنى أخرجت دولة أوروبيّة من الأرض الأميركيّة. أما شراء ألاسكا، فقد أعطى أميركا إطلالة على مضيق بيرينغ الذي يطلّ بدوره على الأرض الروسيّة.

التحّولات الجيوسياسيّة الحاليّ

مع صعود الصين، تبدّلت موازين القوى العالميّة عمَّا كانت عليه خلال الحرب الباردة. فللصين قدرات كونيّة وفي كل الأبعاد، خصوصاً الاقتصاديّة والعسكريّة، وهذه أبعاد افتقر إليها الاتحاد السوفياتيّ. تسعى الصين إلى التموضع في القارة الأميركيّة. يُضاف إلى هذا التحوّل، الكارثة البيئيّة والاحتباس الحراري، الأمر الذي قد يفتح طرقاً بحريّة جديدة، حول الشمال الأميركيّ. خصوصاً أن ذوبان المحيط المتجّمد الشمالي سوف يُغيّر جغرافيّة الصراع الجيوسياسيّ بالكامل. ونتيجة لذلك، ستصبح الولايات المتحدة الأميركيّة تطلّ على ثلاثة محيطات بعد أن كانت تطلّ على محيطين.

وحدة مدفعية أوكرانية في منطقة زابوريجيا تطلق النار باتجاه القوات الروسية على خط المواجهة (أرشيفية - رويترز)

تتميّز غرينلاند بمساحتها الكبيرة، نحو مليوني كيلومتر مربع، مع عديد لا يتجاوز 56 ألف نسمة، وثروات مهمّة قد تجعل أميركا تستغني عن استيراد كثير من الثروات الطبيعيّة من الصين. خلال الحرب الباردة حاول الرئيس هاري ترومان شراء الجزيرة، وهي لا تزال تضمّ قاعدة عسكريّة جويّة أميركيّة.

في الختام، إذا استطاع الرئيس ترمب استعادة السيطرة على قناة بنما، وسيطر بشكل ما على غرينلاند، سيتكوّن مثلثّ جيوسياسيّ دفاعيّ حول الولايات المتحدة الأميركيّة يرتكز على: غرينلاند، وألاسكا، وقناة بنما. كل ذلك، بانتظار الرئيس ترمب في البيت الأبيض، وكيف سيتعامل مع العالم خصوصاً الصين. فهل سيكون انعزاليّاً أم انخراطيّاً أم مزيجاً من المقاربتين؟