شراكات جديدة في «مجلس الأعمال السعودي ـ السوداني»

يبحث آليات تنفيذ «رؤية 2030» و«مبادرة البشير للأمن الغذائي»

شراكات جديدة في «مجلس الأعمال السعودي ـ السوداني»
TT

شراكات جديدة في «مجلس الأعمال السعودي ـ السوداني»

شراكات جديدة في «مجلس الأعمال السعودي ـ السوداني»

تستضيف العاصمة السودانية الخرطوم الشهر المقبل الاجتماع الثالث لمجلس الأعمال السعودي - السوداني، لوضع آلية تنفيذية مشتركة بين القطاع الخاص في البلدين، للسعي قدما نحو تنفيذ بعض البنود في «رؤية المملكة العربية السعودية 2030» بالسودان، و«مبادرة الرئيس السوداني عمر البشير للأمن الغذائي العربي».
وأوضح بكري يوسف، الأمين العام لاتحاد أصحاب العمل السوداني، لـ«الشرق الأوسط» أن الجانب السوداني قد أكمل استعداداته لهذا الاجتماع، الذي يعد أول اجتماع ينعقد في ظل علاقات اقتصادية متميزة ومتقدمة بين البلدين، وتم اختيار وترشيح المشاريع المتنوعة التي ستطرح على الجانب السعودي في كل المجالات الزراعية والصناعية والخدمية، كما تم تحديد الفرص الاستثمارية التي خرجت بها مبادرة الرئيس البشير للأمن الغذائي للعالم العربي.
وأشار يوسف إلى أن الاجتماع سيضع إطارا جديدا للشراكة، قائما على مصلحة الطرفين وتبادل المنافع، مثل الاستفادة من السوق السعودية الواسعة في الترويج للصادرات السودانية، وعلاقاتها الدولية في التسويق واستقطاب رؤوس الأموال الأجنبية، معلنا أن هناك اتجاها من الطرفين لإدخال شريك دولي ثالث في مجلس الأعمال المشترك ليحدث توازنا للمجلس على مستوى العالم.
وأضاف أمين عام أصحاب العمل السوداني أن اجتماع المجلس سيخصص حيزا كبيرا للمشاريع الاستثمارية السعودية في السودان، التي خصصت لها الحكومة مسؤولا رفيعا في وزارة الاستثمار، يتولى شخصيا متابعة هذه الاستثمارات الزراعية والصناعية المتنوعة، التي أظهر تقرير الاستثمار في السودان للعام الماضي أنها تحتل المرتبة الأولى في عدد المشاريع الاستثمارية الأجنبية، وبلغ عددها أكثر من 395 مشروعا، رساميلها تتجاوز 11 مليار دولار.
وحول المعوقات التي حددها وزير المالية السعودي السابق الدكتور إبراهيم العساف في مناخ الاستثمار في السودان، لدى زيارته الخرطوم في فبراير (شباط) الماضي، قال يوسف إن الدولة عدلت في قانون الاستثمار لمعالجة كل المعوقات والتحديات التي كان يواجهها المستثمرون السعوديون وغيرهم، وأجرت إصلاحات في الإجراءات، كما سمحت للمستثمرين بإدخال أموالهم في شكل معدات وآليات، «بجانب أن الاستثمار في السودان حاليا يرتكز على أرض قوية ومعلومات واضحة ودقيقة، حيث حددت الفرص الاستثمارية والمشاريع التي تتماشي مع خطط الدولة الاقتصادية».
من جانب آخر، كشف الأمين العام لاتحاد أصحاب العمل السوداني، عن قرب صدور قانون الشراكة بين الحكومة والقطاع الخاص السوداني، حيث أنهت لجنة فنية مسودة القانون، وسيتم رفعها إلى لجنة عليا مكونة من 11 وزيرا ومسؤولا من الحكومة، يقابلهم العدد نفسه من أصحاب العمل وغرفهم واتحاداتهم التجارية والصناعية والخدمية، مشيرا إلى أن «القانون سيضع حدا لتنافر السياسات وعشوائيتها، وسيؤسس آلية تنسيقية تحكم العلاقة بين الطرفين، وتحقق لهما المصلحة المشتركة، وذلك من خلال توظيف إمكانات القطاع الخاص للإنتاج وخدمات الحكومة، التي ستعمل على حمايته وتوفير الضمانات لكل عملياته داخليا وخارجيا، بجانب خلق بنية قوية للعاملين في هذا القطاع».
ويعد مجلس الأعمال المشترك بين الحكومة والقطاع الخاص السوداني، مشروعا حقيقيا لتقريب الشقة ووجهات النظر بين القطاعين تجاه القضايا الاقتصادية المختلفة، خصوصا المتعلقة بالاستثمار، وسيكون له دور كبير ورائد في المستقبل في حلحلة كثير من المشكلات التي تعترض مسيرة القطاع الخاص التنموية.. كما سيعمل المجلس الجديد على إيجاد حلول ومعالجات لمشكلات القطاع الخاص مع الحكومة، التي تتركز معظمها في التقاطعات في الصلاحيات وتضارب السياسات وغياب الشفافية، وهناك كثير من الأمثلة التي أعاقت صناعات واستثمارات وحرف، كما أن هناك أيضا تقاطعات بين القطاع الخاص نفسه؛ إذ هناك مستوردون يقابلهم منتجون، وكل جهة لديها مفاهيم مختلفة، مما يؤكد أن المجلس المرتقب سيجد معالجات لكل أسباب تعثر قطاعات اقتصادية متعددة تؤثر بشكل مباشر على حياة المواطنين.
يذكر أن مشروع مجلس الأعمال المشترك وخطوات تأسيسه رعاها الدكتور بدر الدين محمود، وزير المالية والاقتصاد، واستضافها في مبنى الوزارة العام الماضي، مما يؤكد أن المشروع سيمنح فرصا كبيرة للقطاع الخاص والحكومة في الجلوس معًا لتحديد الأولويات والسياسات الواجب اتباعها والتي تحقق معالجة المشكلات الحاصلة حاليا، مثل الرسوم التي تفرضها الدولة على المنتجين والمستوردين والمصنعين وغيرهم، وجدوى التصدير لبعض المحاصيل ذات البعد العالمي، كالذرة والسمسم، وكذلك الثروات التي تزخر بها البلاد، كالثروة الحيوانية والأراضي الزراعية، وكيف تتم الاستفادة منها ودور القطاع الخاص فيها.



تهديدات ترمب التجارية تضرب الأسواق العالمية قبل توليه الرئاسة

دونالد ترمب يتحدث خلال مؤتمر صحافي في بالم بيتش بفلوريدا 7 يناير 2025 (أ.ب)
دونالد ترمب يتحدث خلال مؤتمر صحافي في بالم بيتش بفلوريدا 7 يناير 2025 (أ.ب)
TT

تهديدات ترمب التجارية تضرب الأسواق العالمية قبل توليه الرئاسة

دونالد ترمب يتحدث خلال مؤتمر صحافي في بالم بيتش بفلوريدا 7 يناير 2025 (أ.ب)
دونالد ترمب يتحدث خلال مؤتمر صحافي في بالم بيتش بفلوريدا 7 يناير 2025 (أ.ب)

من الصين إلى أوروبا، ومن كندا إلى المكسيك، بدأت الأسواق العالمية بالفعل الشعور بتأثير تهديدات دونالد ترمب بزيادة الرسوم الجمركية بمجرد توليه الرئاسة في أقل من أسبوعين. فقد تعهّد ترمب بفرض رسوم جمركية تصل إلى 10 في المائة على الواردات العالمية، و60 في المائة على السلع الصينية، بالإضافة إلى رسوم استيراد إضافية بنسبة 25 في المائة على المنتجات الكندية والمكسيكية، وهي تدابير يقول خبراء التجارة إنها ستعطّل تدفقات التجارة العالمية، وتؤدي إلى رفع التكاليف، وتستدعي ردود فعل انتقامية.

وعلى الرغم من أن نطاق هذه الرسوم وحجمها لا يزالان غير واضحَيْن، فإن الطريق يبدو شائكاً، وفق «رويترز».

فيما يلي نظرة على بعض الأسواق التي تثير الاهتمام:

1. الصين الهشّة

وفقاً لـ«غولدمان ساكس»، فمن المرجح أن تكون الصين الهدف الرئيسي لحروب ترمب التجارية الثانية. وبدأ المستثمرون بالفعل التحوط؛ مما أجبر البورصات والبنك المركزي في الصين على الدفاع عن اليوان المتراجع والأسواق المحلية. وقد بلغ اليوان أضعف مستوى له منذ 16 شهراً؛ إذ تمّ تداول الدولار فوق مستوى 7.3 يوان، وهو المستوى الذي دافعت عنه السلطات الصينية.

ويتوقع بنك «باركليز» أن يصل اليوان إلى 7.5 للدولار بحلول نهاية 2025، ثم يتراجع إلى 8.4 يوان إذا فرضت الولايات المتحدة رسوماً جمركية بنسبة 60 في المائة. وحتى دون هذه الرسوم، يعاني اليوان من ضعف الاقتصاد الصيني؛ مما دفع عوائد السندات الصينية إلى الانخفاض، وبالتالي اتساع الفجوة بين العوائد الصينية والأميركية. ويتوقع المحللون أن تسمح الصين لليوان بالضعف بشكل تدريجي لمساعدة المصدرين في التكيّف مع تأثير الرسوم الجمركية. إلا أن أي انخفاض مفاجئ قد يُثير مخاوف بشأن تدفقات رأس المال؛ مما قد يُعيد تسليط الضوء على هذه المخاوف ويؤدي إلى اهتزاز الثقة التي تضررت بالفعل، خصوصاً بعد أن شهدت الأسهم أكبر انخفاض أسبوعي لها في عامين. بالإضافة إلى ذلك، يشعر المستثمرون في الدول المصدرة الآسيوية الكبرى الأخرى، مثل: فيتنام وماليزيا، بالتوتر؛ حيث يعكف هؤلاء على تقييم المخاطر المحتملة على اقتصاداتهم نتيجة للتقلّبات الاقتصادية العالمية.

2. مزيج سام لليورو

منذ الانتخابات الأميركية، انخفض اليورو بأكثر من 5 في المائة، ليصل إلى أدنى مستوى له في عامين عند نحو 1.03 دولار. ويعتقد كل من «جيه بي مورغان» و«رابوبنك» أن اليورو قد يتراجع ليصل إلى مستوى الدولار الرئيسي هذا العام، بسبب حالة عدم اليقين المتزايدة بشأن التعريفات الجمركية. وتُعدّ الولايات المتحدة الشريك التجاري الأكبر للاتحاد الأوروبي، مع تجارة تُقدّر بـ1.7 تريليون دولار في السلع والخدمات. وتتوقع الأسواق أن يخفّض البنك المركزي الأوروبي أسعار الفائدة بمقدار 100 نقطة أساس هذا العام لدعم الاقتصاد الأوروبي الضعيف، في حين يتوقع المتداولون تخفيضاً محدوداً بنسبة 40 نقطة أساس من قِبل بنك الاحتياطي الفيدرالي الأميركي، مما يعزّز جاذبية الدولار مقارنة باليورو. كما أن تأثير ضعف الاقتصاد الصيني ينعكس على أوروبا، حيث يُعد فرض التعريفات على الصين والاتحاد الأوروبي معاً مزيجاً سلبياً لليورو.

3. مشكلات قطاع السيارات

في أوروبا، يُعدّ قطاع السيارات من القطاعات الحساسة بشكل خاص لأي تهديدات بفرض تعريفات جمركية. ويوم الاثنين، شهدت سلة من أسهم شركات السيارات ارتفاعاً مفاجئاً بنحو 5 في المائة، بعد تقرير لصحيفة «واشنطن بوست» أفاد بأن مساعدي ترمب كانوا يستكشفون فرض رسوم جمركية على الواردات الحرجة فقط، لكن هذه الأسهم سرعان ما تراجعت بعد أن نفى ترمب ما ورد في التقرير. هذه التقلبات تسلّط الضوء على مدى حساسية المستثمرين تجاه القطاع الذي يعاني بالفعل من خسارة كبيرة في القيمة؛ إذ فقدت أسهمه ربع قيمتها منذ ذروتها في أبريل (نيسان) 2024، بالإضافة إلى تراجع تقييماتها النسبية.

وقال رئيس استراتيجية الأسهم الأوروبية في بنك «باركليز»، إيمانويل كاو، إن قطاع السيارات من بين القطاعات الاستهلاكية الأكثر تأثراً بالتجارة، وتجب مراقبته من كثب. ولفت إلى أن القطاعات الأخرى المعرّضة لهذه المخاطر تشمل السلع الأساسية، والسلع الفاخرة، والصناعات. وفي هذا السياق، انخفضت سلة «باركليز» من الأسهم الأوروبية الأكثر تعرضاً للتعريفات الجمركية بنحو 20 في المائة إلى 25 في المائة، مقارنة بالمؤشرات الرئيسية في الأشهر الستة الماضية. كما أن ضعف الاقتصاد في منطقة اليورو قد يؤدي إلى تمديد ضعف أداء الأسهم الأوروبية، حيث ارتفع مؤشر «ستوكس 600» بنسبة 6 في المائة في عام 2024، في حين سجّل مؤشر «ستاندرد آند بورز 500» ارتفاعاً بنسبة 23 في المائة في العام نفسه.

4. ارتفاع الدولار الكندي

يقترب الدولار الكندي من أضعف مستوياته منذ أكثر من أربع سنوات، بعد تراجع حاد إثر تهديد ترمب في نوفمبر (تشرين الثاني) بفرض رسوم جمركية بنسبة 25 في المائة على كندا والمكسيك؛ حتى تتخذا إجراءات صارمة ضد المخدرات والمهاجرين. ومن المرجح أن يواصل الدولار الكندي انخفاضه؛ حيث يعتقد محللو «غولدمان» أن الأسواق لا تُسعّر سوى فرصة بنسبة 5 في المائة لفرض هذه الرسوم، ولكن المحادثات التجارية المطولة قد تُبقي المخاطر قائمة. وفي حال نشوب حرب تجارية شاملة، قد يضطر بنك «كندا» إلى تخفيض أسعار الفائدة أكثر، مما قد يدفع الدولار الكندي إلى مستوى 1.50 مقابل الدولار الأميركي، أي انخفاضاً إضافياً بنسبة 5 في المائة من نحو 1.44 الآن. وتزيد استقالة رئيس الوزراء الكندي جاستن ترودو من تعقيد التوقعات.

5. البيزو المكسيكي المتقلّب

كان البيزو المكسيكي قد شهد بالفعل انخفاضاً بنسبة 16 في المائة مقابل الدولار في عام 2024 عقب انتخاب ترمب، مما جعل الكثير من الأخبار المتعلقة بالعملة قد تمّ تسعيرها بالفعل، سواء كانت تصب في مصلحة الدولار أو تضر بالبيزو. وكان أداء البيزو في 2024 هو الأضعف منذ عام 2008؛ حيث تراجع بنسبة 18.6 في المائة، وذلك في وقت كان يشهد فيه تهديدات من الولايات المتحدة بفرض رسوم جمركية، خصوصاً أن المكسيك تُعد الوجهة التي تذهب إليها 80 في المائة من صادراتها. بالإضافة إلى ذلك، أثر الإصلاح القضائي المثير للجدل في المكسيك أيضاً على العملة.

وبعد إعلان الرسوم الجمركية يوم الاثنين، التي نفى ترمب صحتها لاحقاً، ارتفع البيزو بنسبة 2 في المائة قبل أن يقلّص مكاسبه. ويسلّط هذا التقلب الضوء على احتمالية استمرار التقلبات في السوق، خصوصاً مع استمرار التجارة على طول الحدود الجنوبية للولايات المتحدة بصفتها هدفاً رئيسياً للرئيس المنتخب.