تعقب أنقرة لأتباع غولن يفجر خلافات مع الأوروبيين

تحركات دبلوماسية وتصريحات حادة وتحذيرات من الأثر السلبي

الرئيس التركي رجب  طيب إردغان يلقي كلمته في مؤتمر الأسواق المالية في إسطنبول (أ.ب)
الرئيس التركي رجب طيب إردغان يلقي كلمته في مؤتمر الأسواق المالية في إسطنبول (أ.ب)
TT

تعقب أنقرة لأتباع غولن يفجر خلافات مع الأوروبيين

الرئيس التركي رجب  طيب إردغان يلقي كلمته في مؤتمر الأسواق المالية في إسطنبول (أ.ب)
الرئيس التركي رجب طيب إردغان يلقي كلمته في مؤتمر الأسواق المالية في إسطنبول (أ.ب)

باتت ملاحقات أنقرة لعناصر حركة «الخدمة» التابعة للداعية فتح الله غولن الذي تتهمه السلطات التركية بالوقوف وراء محاولة الانقلاب الفاشلة التي شهدتها البلاد في منتصف يوليو (تموز) الماضي، عاملاً من عوامل التوتر مع الدول الأوروبية التي تتمسك بتقديم الأدلة القانونية اللازمة لتسليمهم. وفي أحدث تماس من هذا النوع، حذرت تركيا جارتها اليونان من وجود عناصر تابعة لحركة «الخدمة» التي تسميها السلطات التركية «منظمة فتح الله غولن»، في تراقيا الغربية.
وقال وزير شؤون الاتحاد الأوروبي التركي عمر جيليك، في تصريحات خلال زيارته لأثينا أمس (الجمعة): «نحن نعلم أنهم يقومون بنشاط لتقسيم المجتمع التركي في تراقيا الغربية. وقد قام بعض منهم بأنشطة هناك بطرق مختلفة. أبلغت بذلك، وسنصر على حساسيتنا بشأن هذه المسألة».
وقررت النيابة العامة في اليونان، الخميس، تمديد توقيف العسكريين الأتراك الفارين إلى اليونان إثر المحاولة الانقلابية الفاشلة، في إطار إجراءات المحاكمة حول إعادتهم إلى تركيا.
ومددت النيابة العامة توقيف العسكريين إلى حين جلسة المرافعة، وطلبت من تركيا معلومات إضافية بحقهم. ومع مثولهم أمام المدعي العام اليوناني، الخميس، تكون الخطوة الأولى في إجراءات المحاكمة حول إعادة العسكريين إلى تركيا قد اتخذت.
كانت مروحية عسكرية تركية قد هبطت في 16 يوليو الماضي، في مدينة «أليكساندروبولي» اليونانية المحاذية لحدود تركيا، وعلى متنها 8 أشخاص من المشاركين في محاولة الانقلاب الفاشلة، وقدمت تركيا طلبا لليونان من أجل تسليمهم. وقررت اليونان من قبل إعادة 3 من هؤلاء العسكريين، فيما تستمر إجراءات التحقيق والمحاكمة مع الخمسة الباقين.
وأشعل الملف نفسه فتيل التوتر من جديد بين تركيا وألمانيا التي تشهد العلاقات بينهما باستمرار نوبات من الصعود والهبوط، على خلفية رفض تسليم عدد من أتباع غولن. واتهم الرئيس التركي رجب طيب إردوغان ألمانيا بأنها أصبحت ملاذا للإرهابيين، على خلفية رفضها تسليم بعض أنصار الداعية التركي المقيم في أميركا فتح الله غولن الذي يتهمه بالوقوف وراء محاولة الانقلاب الفاشلة.
وقال إردوغان، في كلمة باحتفال عام في القصر الجمهوري في أنقرة، الخميس: «ألمانيا تؤوي منذ فترة طويلة مقاتلين من حزب العمال الكردستاني (الذي تعتبره تركيا تنظيمًا إرهابيًا)، كما تؤوي يساريين من جبهة حزب التحرير الشعبي الثورية اليسارية التي نفذت هجمات مسلحة كثيرة في تركيا».
وكان وزير العدل الألماني هايكو ماس قد قال، الثلاثاء، إن بلاده لن تسمح بإعادة أشخاص إلى تركيا في حال كانت طلبات إعادتهم لأسباب سياسية، وإنهم بحثوا جميع الطلبات القضائية الآتية من تركيا بخصوص إعادة مجرمين، وإن بلاده تحتفظ بحقها في عدم اتخاذ الإجراءات بخصوص طلبات الإعادة لأسباب سياسية.
ولفت الوزير الألماني إلى أنهم أدرجوا على أجندتهم الطلبات المتعلقة بالجرائم الجنائية، لكنه ألمح إلى أنه لو طبقت تركيا عقوبة الإعدام «فإن مسألة إعادة المجرمين ستكون أصعب في المستقبل»، ونفى علمه بوجود تحقيقات بخصوص نشاطات ما يسمى بمنظمة «فتح الله غولن» في ألمانيا، وهو الاسم الذي تستخدمه السلطات التركية في إشارة إلى حركة «الخدمة».
وقال ماس في لقاء مع جمعية الصحافيين الأجانب: «لا توجد معلومات كافية حول وجود أنصار لغولن هنا كمنظمة»، ممتنعا عن تقديم أي معلومات حول إمكانية إجراء تحقيق بخصوص منظمة «غولن» من عدمه في المستقبل.
وقال إردوغان، في كلمته أمس: «ليس لدينا أي توقعات من ألمانيا، لكن التاريخ سيحاكمها على التحريض على الإرهاب. ألمانيا أصبحت ملاذا آمنا مهما للإرهابيين.. نحن قلقون من أن تكون ألمانيا التي حمت حزب العمال الكردستاني وجبهة حزب التحرير الشعبي الثورية على مدى سنوات هي الساحة الخلفية لـ(منظمة غولن)».
وتزامنا مع تصاعد الحديث عن إعادة العمل بعقوبة الإعدام، وإعلان نائب رئيس الوزراء بن علي يلدريم أن حكومته قد تطرح قريبا مقترحا بشأن تطبيق العقوبة في حدود معينة على البرلمان، بتأييد من حزب الحركة القومية المعارض، قالت مصادر قضائية، الخميس، إنه من المتوقع أن تبدأ إحالة المتهمين بالمشاركة في محاولة الانقلاب إلى المحاكمات في بداية عام 2017.
من جانبه، قال وزير العمل والضمان الاجتماعي التركي محمد مؤذن أوغلو، أمس، إن 70 ألفًا و784 موظفًا حكوميًا تم فصلهم من العمل منذ محاولة الانقلاب، للاشتباه في انتمائهم إلى حركة غولن. كما أوقفت الحكومة 56 ألفًا و575 موظفًا عن العمل إلى أن يتم التحقيق بشأن وجود صلة بينهم وحركة غولن، ولفت إلى أن غالبية الموظفين الذين تم فصلهم، أكثر من 29 ألفًا، تابعين لوزارة التعليم.
وبجانب المعلمين وأساتذة الجامعات، طال هذا القرار أيضًا الآلاف من أفراد الشرطة والجيش والقضاء، وحتى حراس المباني الحكومية. وأعلنت وزارة الداخلية التركية، أمس، فصل ألف و218 عنصرًا من قوات الدرك، فضلاً عن اعتقال 40 أستاذا جامعيًا في مدينة إسطنبول، بتهمة الانتماء إلى حركة غولن. وفاق عدد المعتقلين والموقوفين عن العمل 127 ألفًا منذ محاولة الانقلاب حتى الآن.
وقد شارك مئات الأساتذة والطلاب وأعضاء النقابات، أمس، في مظاهرة أمام جامعة إسطنبول في حراسة من قوات مكافحة الشغب احتجاجا على إجراءات التطهير ضد آلاف العاملين بالجامعات منذ محاولة الانقلاب.
وهناك قرابة 50 ألف أستاذ جامعي ومدرس، وغيرهم من أعضاء هيئات التدريس، بين من أوقفوا عن العمل، أو أقيلوا بموجب عمليات التطهير. وخلال التحقيق في محاولة الانقلاب صدرت الأوامر بحبس 37 ألف شخص آخرين في انتظار المحاكمة.
وأثارت الحملة قلق جماعات معنية بالحقوق وحلفاء تركيا في الغرب.
ويقول مسؤولون أتراك إن عمليات التطهير لها ما يبررها في ضوء خطورة محاولة الانقلاب التي راح ضحيتها أكثر من 240 شخصا، عندما قاد جنود دبابات وطائرات حربية، وفتحوا النار على مبنى البرلمان وعدد من المباني الأخرى المهمة.
وانتقد وزير العدل التركي بكير بوزداغ، أمس (الجمعة)، الموقف الألماني، قائلا: «ميركل ووزير العدل الألماني ومسؤولون ألمان آخرون يعطون أنفسهم الحق في إبداء الرأي حول جميع الدعاوى التي ينظر فيها القضاء في تركيا. عليهم أن يعوا أن القضاء التركي مستقل ومحايد مثل القضاء الألماني، ولا يمكنهم التدخل في شؤون تركيا الداخلية».
وأضاف بوزداغ: «ليس من شأن وزير العدل الألماني، ولا من حق ميركل، ولا وزراء آخرين، ولا دول أخرى التدخل في شؤوننا».
وفي السياق نفسه، قال وزير الخارجية التركي مولود جاويش أوغلو إن بلاده طلبت من سويسرا اتخاذ تدابير ضد عناصر حزب العمال الكردستاني ومنظمة حزب جبهة التحرير الشعبي الثوري المدرجتين على القوائم الإرهابية، وإعادتهم إلى تركيا وفقًا للقوانين الدولية.
وذكر جاويش، في مؤتمر صحافي مع نظيره السويسري ديديي بوركالتر في العاصمة السويسرية برن، الخميس، أنه قال للجانب السويسري إما أن يتم تسليم الإرهابيين إلى تركيا، أو إنزال العقوبات الضرورية بحقهم. وأشار إلى أن ثمة أشخاص ومؤسسات مرتبطة بما يسمى منظمة «فتح الله غولن» موجودين في سويسرا. وأكد الوزير التركي على حق بلاده في أن تطلب من الجانب السويسري اتخاذ تدابير بحق عناصر منظمة «غولن».
ولفت جاويش أوغلو إلى أنه التقى ممثلين عن الجالية التركية في سويسرا، حيث أكدوا له أنهم يتعرضون لضغوط كبيرة بسبب استنكارهم عمليات العمال الكردستاني، وبياناتهم ضد منظمة غولن.
وأشار جاويش أوغلو إلى أن عناصر العمال الكردستاني يهاجون المتظاهرين الأتراك والسويسريين خلال تنظيمهم مسيرات ضد الحزب.
وقال الوزير التركي إنه دعا نظيره بوركالتر إلى أن يحث المسؤولين السويسرين على عقد لقاء مع ممثلي الجالية التركية للاستماع إلى شكاواهم.



كيف غيّر وصول ترمب لسدة الرئاسة بأميركا العالم؟

TT

كيف غيّر وصول ترمب لسدة الرئاسة بأميركا العالم؟

الرئيس الأميركي دونالد ترمب يتحدث مع رئيس الوزراء الكندي جاستن ترودو خلال الجلسة العامة لقمة حلف شمال الأطلسي شمال شرقي لندن يوم 4 ديسمبر 2019 (أ.ف.ب)
الرئيس الأميركي دونالد ترمب يتحدث مع رئيس الوزراء الكندي جاستن ترودو خلال الجلسة العامة لقمة حلف شمال الأطلسي شمال شرقي لندن يوم 4 ديسمبر 2019 (أ.ف.ب)

يؤدي الرئيس المنتخب دونالد ترمب، اليوم (الاثنين)، اليمين الدستورية بصفته الرئيس السابع والأربعين للولايات المتحدة. أما التأثير العالمي لولايته الثانية فقد بدأ يُشعر به بالفعل قبل انطلاق العهد الجديد. فمن القدس إلى كييف إلى لندن إلى أوتاوا، غيّر فوز ترمب الانتخابي وتوقع أجندة ترمب الجديدة حسابات زعماء العالم، حسبما أفادت شبكة «بي بي سي» البريطانية.

رئيس الوزراء الإسرائيلي بنيامين نتنياهو والرئيس الأميركي دونالد ترمب خلال إلقائهما كلمة مشتركة بالبيت الأبيض في واشنطن بالولايات المتحدة يوم 28 يناير 2020 (رويترز)

اتفاق وقف النار في غزة

لقد أحدث دونالد ترمب تأثيراً على الشرق الأوسط حتى قبل أن يجلس في المكتب البيضاوي لبدء ولايته الثانية بصفته رئيساً. قطع الطريق على تكتيكات المماطلة التي استخدمها رئيس الوزراء الإسرائيلي بنيامين نتنياهو، بالتحالف مع شركائه في الائتلاف القومي المتطرف، لتجنب قبول اتفاق وقف إطلاق النار الذي وضعه سلف ترمب جو بايدن على طاولة المفاوضات في مايو (أيار) الماضي. ويبدأ ترمب ولايته الثانية مدعياً الفضل، مع مبرر معقول، في التوصل إلى اتفاق وقف إطلاق النار في غزة، وفق «بي بي سي».

رئيس الوزراء البريطاني كير ستارمر خلال لقاء في الأمم المتحدة في نيويورك يوم 25 سبتمبر 2024 (رويترز)

قلق الحكومة البريطانية

ترمب وفريقه مختلفان هذه المرة، وأكثر استعداداً، وربما بأجندة أكثر عدوانية، لكن سعادة ترمب بإبقاء العالم في حيرة واضحة. فهذا الغموض المصاحب لترمب هو ما تجده المؤسسة السياسية البريطانية صادماً للغاية.

حصلت سلسلة من الاجتماعات السرية «للحكومة المصغرة» البريطانية، حيث حاول رئيس الوزراء كير ستارمر، والمستشارة راشيل ريفز، ووزير الخارجية ديفيد لامي، ووزير الأعمال جوناثان رينولدز «التخطيط لما قد يحدث»، وفقاً لأحد المصادر.

قال أحد المطلعين إنه لم يكن هناك الكثير من التحضير لسيناريوهات محددة متعددة للتعامل مع ترمب؛ لأن «محاولة تخمين الخطوات التالية لترمب ستجعلك مجنوناً». لكن مصدراً آخر يقول إنه تم إعداد أوراق مختلفة لتقديمها إلى مجلس الوزراء الموسع.

قال المصدر إن التركيز كان على «البحث عن الفرص» بدلاً من الذعر بشأن ما إذا كان ترمب سيتابع العمل المرتبط ببعض تصريحاته الأكثر غرابة، مثل ضم كندا.

الرئيس الأميركي دونالد ترمب والرئيس الروسي فلاديمير بوتين يعقدان اجتماعاً ثنائياً في قمة زعماء مجموعة العشرين في أوساكا باليابان يوم 28 يونيو 2019 (رويترز)

صفقة محتملة

في الميدان الأوكراني، يواصل الروس التقدم ببطء، وستمارس رئاسة ترمب الضغط من أجل التوصل إلى اتفاق بين روسيا وأوكرانيا. وهناك حقيقة صعبة أخرى هنا: إذا حدث ذلك، فمن غير المرجح أن يكون بشروط أوكرانيا، حسب «بي بي سي».

الرئيس الأميركي دونالد ترمب (حينها مرشحاً رئاسياً) يصعد إلى المنصة لإلقاء كلمة حول التعليم أثناء عقده تجمعاً انتخابياً مع أنصاره في دافنبورت بولاية أيوا بالولايات المتحدة يوم 13 مارس 2023 (رويترز)

سقوط ترودو في كندا

يأتي عدم الاستقرار السياسي في أوتاوا في الوقت الذي تواجه فيه كندا عدداً من التحديات، وليس أقلها تعهد ترمب بفرض رسوم جمركية بنسبة 25 في المائة على السلع الكندية.

حتى وقت قريب، بدا جاستن ترودو عازماً على التمسك برئاسته للوزراء، مشيراً إلى رغبته في مواجهة بيير بواليفير - نقيضه الآيديولوجي - في استطلاعات الرأي. لكن الاستقالة المفاجئة لنائبة ترودو الرئيسية، وزيرة المالية السابقة كريستيا فريلاند، في منتصف ديسمبر (كانون الأول) - عندما استشهدت بفشل ترودو الملحوظ في عدم أخذ تهديدات ترمب على محمل الجد - أثبتت أنها القشة الأخيرة التي دفعت ترودو للاستقالة. فقد بدأ أعضاء حزب ترودو أنفسهم في التوضيح علناً بأنهم لم يعودوا يدعمون زعامته. وبهذا، سقطت آخر قطعة دومينو. أعلن ترودو استقالته من منصب رئيس الوزراء في وقت سابق من هذا الشهر.

الرئيس الأميركي دونالد ترمب خلال لقائه الرئيس الصيني شي جينبينغ في قمة زعماء مجموعة العشرين في أوساكا باليابان يوم 29 يونيو 2019 (رويترز)

تهديد الصين بالرسوم الجمركية

أعلنت بكين، الجمعة، أن اقتصاد الصين انتعش في الأشهر الثلاثة الأخيرة من العام الماضي، مما سمح للحكومة بتحقيق هدفها للنمو بنسبة 5 في المائة في عام 2024.

لكن العام الماضي هو واحد من السنوات التي سجلت أبطأ معدلات النمو منذ عقود، حيث يكافح ثاني أكبر اقتصاد في العالم للتخلص من أزمة العقارات المطولة والديون الحكومية المحلية المرتفعة والبطالة بين الشباب.

قال رئيس مكتب الإحصاء في البلاد إن الإنجازات الاقتصادية التي حققتها الصين في عام 2024 كانت «صعبة المنال»، بعد أن أطلقت الحكومة سلسلة من تدابير التحفيز في أواخر العام الماضي.

وفي حين أنه نادراً ما فشلت بكين في تحقيق أهدافها المتعلقة بالنمو في الماضي، يلوح في الأفق تهديد جديد على الاقتصاد الصيني، وهو تهديد الرئيس المنتخب دونالد ترمب بفرض رسوم جمركية على سلع صينية بقيمة 500 مليار دولار.