لبنان: الحكومة العتيدة تواجه الملفات الشائكة وقانون الانتخاب امتحانها الأصعب

الوقت الضاغط يجعلها أمام حتمية قانون الـ60 أو التمديد التقني لسنة

ملصق ضخم يحمل صورة الرئيس اللبناني الجديد ميشال عون مرفوعاً على أحد الأبنية في ضاحية الدكوانة ذات الغالبية المسيحية بشرق العاصمة اللبنانية بيروت (أ.ف.ب)
ملصق ضخم يحمل صورة الرئيس اللبناني الجديد ميشال عون مرفوعاً على أحد الأبنية في ضاحية الدكوانة ذات الغالبية المسيحية بشرق العاصمة اللبنانية بيروت (أ.ف.ب)
TT

لبنان: الحكومة العتيدة تواجه الملفات الشائكة وقانون الانتخاب امتحانها الأصعب

ملصق ضخم يحمل صورة الرئيس اللبناني الجديد ميشال عون مرفوعاً على أحد الأبنية في ضاحية الدكوانة ذات الغالبية المسيحية بشرق العاصمة اللبنانية بيروت (أ.ف.ب)
ملصق ضخم يحمل صورة الرئيس اللبناني الجديد ميشال عون مرفوعاً على أحد الأبنية في ضاحية الدكوانة ذات الغالبية المسيحية بشرق العاصمة اللبنانية بيروت (أ.ف.ب)

تواجه الحكومة اللبنانية العتيدة كثيرًا من الملفات الشائكة، المفترض أن تتصدّى لها من الآن حتى موعد استحقاق الانتخابات البرلمانية في شهر مايو (أيار) المقبل. وتتراوح هذه الملفات بين ضخّ الحياة في شرايين المؤسسات الدستورية المعطلة من سنتين وأكثر، إلى النهوض بالوضع الاقتصادي، ومعالجة أزمة اللجوء السوري، وصولاً إلى مواجهة المخاطر الأمنية المحدقة بالبلد سواء في الداخل، أم على الحدود. إلا أن الامتحان السياسي الأصعب لحكومة العهد الأولى المرشّح أن يرأسها زعيم تيار «المستقبل» سعد الحريري - بحسب الاستشارات القائمة حاليًا - هو قانون الانتخابات البرلمانية، الذي تُجمع القوى السياسية على ضرورة إنجاز قانون عصري يراعي صحة التمثيل لكل المكونات والطوائف، وتتضارب التوقعات حول قدرة الحكومة والبرلمان على هكذا قانون خلال فترة وجيزة.
وما دام أن كل القوانين التي أجريت على أساسها الانتخابات منذ إقرار «وثيقة الوفاق الوطني» التي أقرها «اتفاق الطائف»، جاءت من خارج ما نصّ عليه هذا الاتفاق، فإن راعي «الطائف» رئيس مجلس النواب السابق حسين الحسيني، يرى أن «الوقت متاح لإنجاز قانون جديد خلال فترة وجيزة، إذا توافرت الإرادة لذلك». لكن الحسيني أشار في تصريح له لـ«الشرق الأوسط» إلى أن «كل طرف سياسي يحاول الآن فرض قانون على قياسه ويتجاهل إرادة الشعب الذي يبقى مصدر كل السلطات». واعتبر الحسيني أن «الطبقة السياسية الموجودة حاليًا في السلطة، سواءً في المجلس النيابي أو في الحكومة غير دستورية، لأنها مدّدت لنفسها خلافًا للدستور، وخلافًا لرأي رئيس الجمهورية (السابق ميشال سليمان) الذي طعن أمام المجلس الدستوري بقرار التمديد للبرلمان، إلا أن هذه الطبقة قائمة بحكم الواقع».
من جانبه، أوضح وزير الداخلية السابق مروان شربل، الذي سبق له أن قدّم مشروع قانون للانتخابات في عام 2011 أن «الوقت لم يعد يسمح بإجراء انتخابات في شهر أيار (مايو) المقبل على أساس قانون نسبي». وأكد شربل في تصريح لـ«الشرق الأوسط» أن «أي قانون يقوم على النسبية، يحتاج إلى سنة كاملة للتحضير له قانونيًا ولوجيستيًا». ثم أوضح «لا خيار أمام اللبنانيين الآن سوى إجراء الانتخابات على أساس قانون الـ60. أو إقرار قانون النسبية، وتأجيل الانتخابات لسنة جديدة، لأن هذا القانون يحتاج إلى شرح مفصل للناخب وللمرشح، ويحتاج لتدريب رؤساء الأقلام ولجان القيد عليه، وكيف يحتسب رئيس القلم المرشح الفائز». وأبدى الوزير السابق اعتقاده بأن «الطبقة السياسية الحالية، لا تتوافر لديها النية لإنجاز قانون عصري يراعي صحة التمثيل، وإلا لكانت أقرت هكذا قانون منذ سنتين». ثم تساءل «كيف نستطيع إقرار هكذا قانون في غضون أشهر قليلة، ونحن مقبلون على الانتخابات في أيار (مايو) المقبل؟».
وعلى قاعدة التمسّك بثوابت «الطائف»، قال الحسيني: «لا شيء يؤمن تطبيق اتفاق الطائف بكامل بنوده، إلا قانون انتخابي قائم على النسبية مع الصوت التفضيلي، الذي تقدّم به الوزير السابق مروان شربل، وهذا المشروع دستوري مائة في المائة». وشدّد رئيس مجلس النواب السابق على «ضرورة أن تخضع السلطة للدستور، لا أن يخضع الدستور لإرادة السلطة، خلافًا لما هو سائد منذ عام 1992 وحتى الآن، وهو ما حملهم على اعتماد قانون عام 1960 في الانتخابات السابقة». ورأى أن «الفريق السياسي الآن أمام امتحان الخضوع للدستور، أو الانقلاب عليه»، قبل أن يتابع: «لو لم يأتوا بقانون وفق الدستور، فسوف يكونون قد تخطوا الدستور، وخالفوا خطاب القسم الذي ألقاه رئيس الجمهورية العماد ميشال عون، الذي شدد على تطبيق وثيقة الوفاق الوطني التي أقرت في الطائف من دون انتقائية».
ولا يجد رئيس البرلمان اللبناني السابق، خروجًا من الأزمة في قانون المختلط الذي يجري بحثه اليوم، قائلا: «القانون المختلط الذي يوازن بين النسبي والأكثري، يجوز اعتماده في الدول ذات النظام الفيدرالي، أما في دولة موحدة لا يجوز أن يكون نائبا بسمنة وآخر بزيت». ويؤكد الحسيني أن هذا الطرح «يضرب مبدأ المساواة، والمجلس الدستوري أصدر قرارًا في عام 1997 أبطل فيه قانونًا مماثلاً لم يحفظ مبدأ المساواة». وباعتقاده فإن «الفترة التي تفصلنا عن موعد الانتخابات كافية للتوصل إلى قانون انتخابي عصري ودستوري، ويراعي حق تمثيل جميع الفئات في البرلمان، وإذا توفرت الإرادة نستطيع إنجاز هذا القانون خلال يومين».
من جهته، قدم الوزير السابق شربل اقتراحًا جديدًا لقانون الانتخابات قد يكون أفضل تمثيلاً من القانون الحالي، معتبرًا أنه «يمكن أن تنتخب كل طائفة ممثليها على مستوى القضاء في دورة أولى، وكل من ينال أكثر 30 في المائة من الأصوات، يترشّح للدورة الثانية على مستوى المحافظة، من ضمن لائحة وينتخب من كل الطوائف، وعندها يكون ممثلاً لطائفته ولكل المواطنين».
مما يذكر أن البرلمان اللبناني مدد لنفسه مرتين، وكل مرّة كان يجد أسبابا موجبة، وهي عدم توفر الظروف الأمنية لإجراء الانتخابات، وتعذر الاتفاق على قانون جديد للانتخابات، وهو ما حمل أكثر من طرف على الطعن بالتمديد للانتخابات، غير أن المجلس الدستوري لم يبت بهذه الطعون، بسبب التعطيل السياسي للمجلس الدستوري.



إسرائيل تعترض صاروخاً حوثياً عشية «هدنة غزة»

عنصر حوثي يحمل مجسم صاروخ وهمي خلال تجمع في جامعة صنعاء (أ.ف.ب)
عنصر حوثي يحمل مجسم صاروخ وهمي خلال تجمع في جامعة صنعاء (أ.ف.ب)
TT

إسرائيل تعترض صاروخاً حوثياً عشية «هدنة غزة»

عنصر حوثي يحمل مجسم صاروخ وهمي خلال تجمع في جامعة صنعاء (أ.ف.ب)
عنصر حوثي يحمل مجسم صاروخ وهمي خلال تجمع في جامعة صنعاء (أ.ف.ب)

اعترضت إسرائيل صاروخين باليستيين أطلقتهما الجماعة الحوثية في سياق مزاعمها مناصرة الفلسطينيين في غزة، السبت، قبل يوم واحد من بدء سريان الهدنة بين تل أبيب وحركة «حماس» التي ادّعت الجماعة أنها تنسق معها لمواصلة الهجمات في أثناء مراحل تنفيذ الاتفاق في حال حدوث خروق إسرائيلية.

ومنذ نوفمبر (تشرين الثاني) 2023، تشن الجماعة المدعومة من إيران هجمات ضد السفن في البحرين الأحمر والعربي، وتطلق الصواريخ والمسيرات باتجاه إسرائيل، وتهاجم السفن الحربية الأميركية، ضمن مزاعمها لنصرة الفلسطينيين.

وقال المتحدث العسكري باسم الجماعة الحوثية، يحيى سريع، في بيان متلفز، عصر السبت، بتوقيت صنعاء، إن جماعته نفذت عملية عسكرية نوعية استهدفت وزارة الدفاع الإسرائيلية في تل أبيب بصاروخ باليستي من نوع «ذو الفقار»، وإن الصاروخ وصل إلى هدفه «بدقة عالية وفشلت المنظومات الاعتراضية في التصدي له»، وهي مزاعم لم يؤكدها الجيش الإسرائيلي.

وأضاف المتحدث الحوثي أن قوات جماعته تنسق مع «حماس» للتعامل العسكري المناسب مع أي خروق أو تصعيد عسكري إسرائيلي.

من جهته، أفاد الجيش الإسرائيلي باعتراض الصاروخ الحوثي، ونقلت «وكالة الصحافة الفرنسية» أن صافرات الإنذار والانفجارات سُمعت فوق القدس قرابة الساعة 10.20 (الساعة 08.20 ت غ). وقبيل ذلك دوّت صافرات الإنذار في وسط إسرائيل رداً على إطلاق مقذوف من اليمن.

وبعد نحو ست ساعات، تحدث الجيش الإسرائيلي عن اعتراض صاروخ آخر قبل دخوله الأجواء، قال إنه أُطلق من اليمن، في حين لم يتبنّ الحوثيون إطلاقه على الفور.

ومع توقع بدء الهدنة وتنفيذ الاتفاق بين إسرائيل و«حماس»، من غير المعروف إن كان الحوثيون سيتوقفون عن مهاجمة السفن المرتبطة بإسرائيل والولايات المتحدة وبريطانيا في البحر الأحمر، وخليج عدن؛ إذ لم تحدد الجماعة موقفاً واضحاً كما هو الحال بخصوص شن الهجمات باتجاه إسرائيل، والتي رهنت استمرارها بالخروق التي تحدث للاتفاق.

1255 صاروخاً ومسيّرة

زعيم الجماعة عبد الملك الحوثي استعرض، الخميس، في خطبته الأسبوعية إنجازات جماعته و«حزب الله» اللبناني والفصائل العراقية خلال الـ15 شهراً من الحرب في غزة.

وقال الحوثي إنه بعد بدء سريان اتفاق الهدنة، الأحد المقبل، في غزة ستبقى جماعته في حال «مواكبة ورصد لمجريات الوضع ومراحل تنفيذ الاتفاق»، مهدداً باستمرار الهجمات في حال عودة إسرائيل إلى التصعيد العسكري.

جزء من حطام صاروخ حوثي وقع فوق سقف منزل في إسرائيل (أ.ف.ب)

وتوعّد زعيم الجماعة المدعومة من إيران بالاستمرار في تطوير القدرات العسكرية، وقال إن جماعته منذ بدء تصعيدها أطلقت 1255 صاروخاً وطائرة مسيرة، بالإضافة إلى العمليات البحرية، والزوارق الحربية.

وأقر الحوثي بمقتل 106 أشخاص وإصابة 328 آخرين في مناطق سيطرة جماعته، جراء الضربات الغربية والإسرائيلية، منذ بدء التصعيد.

وفي وقت سابق من يوم الجمعة، أعلن المتحدث الحوثي خلال حشد في أكبر ميادين صنعاء، تنفيذ ثلاث عمليات ضد إسرائيل، وعملية رابعة ضد حاملة الطائرات «يو إس إس ترومان» شمال البحر الأحمر، دون حديث إسرائيلي عن هذه المزاعم.

وادعى المتحدث سريع أن قوات جماعته قصفت أهدافاً حيوية إسرائيلية في إيلات بـ4 صواريخ مجنحة، كما قصفت بـ3 مسيرات أهدافاً في تل أبيب، وبمسيرة واحدة هدفاً حيوياً في منطقة عسقلان، مدعياً أن العمليات الثلاث حقّقت أهدافها.

كما زعم أن جماعته استهدفت حاملة الطائرات الأميركية «ترومان» شمال البحر الأحمر، بعدد من الطائرات المسيرة، وهو الاستهداف السابع منذ قدومها إلى البحر الأحمر.

5 ضربات انتقامية

تلقت الجماعة الحوثية، في 10 يناير (كانون الثاني) 2025، أعنف الضربات الإسرائيلية للمرة الخامسة، بالتزامن مع ضربات أميركية - بريطانية استهدفت مواقع عسكرية في صنعاء وعمران ومحطة كهرباء جنوب صنعاء وميناءين في الحديدة على البحر الأحمر غرباً.

وجاءت الضربات الإسرائيلية الانتقامية على الرغم من التأثير المحدود للمئات من الهجمات الحوثية، حيث قتل شخص واحد فقط في تل أبيب جراء انفجار مسيّرة في شقته يوم 19 يوليو (تموز) 2024.

مطار صنعاء الخاضع للحوثيين تعرض لضربة إسرائيلية انتقامية (أ.ف.ب)

وإلى جانب حالات الذعر المتكررة بسبب صفارات الإنذار وحوادث التدافع في أثناء الهروب للملاجئ، تضررت مدرسة إسرائيلية بشكل كبير، جراء انفجار رأس صاروخ حوثي، في 19 ديسمبر (كانون الأول) الماضي، كما أصيب نحو 20 شخصاً جراء صاروخ آخر انفجر في الـ21 من الشهر نفسه.

واستدعت الهجمات الحوثية أول رد من إسرائيل، في 20 يوليو الماضي، مستهدفة مستودعات للوقود في ميناء الحديدة، ما أدى إلى مقتل 6 أشخاص، وإصابة نحو 80 آخرين.

وفي 29 سبتمبر (أيلول) الماضي، قصفت إسرائيل مستودعات للوقود في كل من الحديدة وميناء رأس عيسى، كما استهدفت محطتَي توليد كهرباء في الحديدة، إضافة إلى مطار المدينة الخارج عن الخدمة منذ سنوات، وأسفرت هذه الغارات عن مقتل 4 أشخاص، وإصابة نحو 30 شخصاً.

دخان يتصاعد في صنعاء الخاضعة للحوثيين إثر ضربات غربية وإسرائيلية (أ.ف.ب)

وتكررت الضربات، في 19 ديسمبر الماضي؛ إذ شنّ الطيران الإسرائيلي نحو 14 غارة على مواني الحديدة الثلاثة، الخاضعة للحوثيين غرب اليمن، وعلى محطتين لتوليد الكهرباء في صنعاء، ما أدى إلى مقتل 9 أشخاص، وإصابة 3 آخرين.

وفي المرة الرابعة من الضربات الانتقامية في 26 ديسمبر 2024، استهدفت تل أبيب، لأول مرة، مطار صنعاء، وضربت في المدينة محطة كهرباء للمرة الثانية، كما استهدفت محطة كهرباء في الحديدة وميناء رأس عيسى النفطي، وهي الضربات التي أدت إلى مقتل 6 أشخاص، وإصابة أكثر من 40، وفق ما اعترفت به السلطات الصحية الخاضعة للجماعة.