الجيش المصري يسعى لاحتواء غضب شعبي متوقع إزاء إجراءات «مؤلمة» وشيكة

بدأ توزيع 8 ملايين عبوة غذائية على المواطنين بأسعار مخفضة

جنود مصريون يجهزون 8 ملايين عبوة لمنتجات غذائية لطرحها بنصف الثمن على المواطنين (صفحة القوات المسلحة المصرية على «الفيسبوك»)
جنود مصريون يجهزون 8 ملايين عبوة لمنتجات غذائية لطرحها بنصف الثمن على المواطنين (صفحة القوات المسلحة المصرية على «الفيسبوك»)
TT

الجيش المصري يسعى لاحتواء غضب شعبي متوقع إزاء إجراءات «مؤلمة» وشيكة

جنود مصريون يجهزون 8 ملايين عبوة لمنتجات غذائية لطرحها بنصف الثمن على المواطنين (صفحة القوات المسلحة المصرية على «الفيسبوك»)
جنود مصريون يجهزون 8 ملايين عبوة لمنتجات غذائية لطرحها بنصف الثمن على المواطنين (صفحة القوات المسلحة المصرية على «الفيسبوك»)

بدأ الجيش المصري أمس توزيع 8 ملايين عبوة غذائية على المواطنين بنصف ثمنها في الأسواق، في مسعى لاحتواء حالة الغضب الشعبي المتنامية جراء الأوضاع الاقتصادية الصعبة التي تعيشها البلاد، والمتوقع أن تتصاعد مع إجراءات اقتصادية «مؤلمة» ينتظر تطبيقها في الأيام القليلة المقبلة.
وتواجه مصر نقصا حادًا في العملة الصعبة نتيجة تراجع إيرادات السياحة والاستثمار الأجنبي والصادرات وتحويلات المصريين في الخارج، الأمر الذي تسبب في موجة غلاء غير مسبوقة شملت معظم السلع والخدمات. ويتوقع مراقبون أن تقدم الحكومة المصرية خلال الأيام القليلة المقبلة على تحرير سعر صرف العملة المحلية، وخفض الدعم على المحروقات، الأمر الذي من المرجح أن يتسبب في موجة غلاء جديدة.
وقبل أيام قال الرئيس السيسي إن «الإجراءات الاقتصادية التي تتخذها الدولة حاليا صعبة ومؤلمة.. لكنها حتمية لإنقاذ الوضع الاقتصادي»، مضيفا أنه «لا بديل عن إجراءات الإصلاح من أجل مستقبل البلد»، داعيا المواطنين للتكاتف مع الدولة لتجاوز تلك العقبات. وتوصلت مصر في أغسطس (آب) الماضي لاتفاق مبدئي مع صندوق النقد الدولي، على مستوى الخبراء للحصول على قرض بقيمة 12 مليار دولار على مدى 3 سنوات، لدعم برنامج الإصلاح الحكومي الهادف إلى سد عجز الميزانية وإعادة التوازن إلى أسواق الصرف. ومن المنتظر أن يقر مجلس الصندوق القرض خلال الأيام المقبلة بعد تحرك مصر بشأن سعر الصرف والدعم.
ومع كل إجراء يمس الدعم في مصر يتبادر إلى الأذهان أحداث انتفاضة شعبية وقعت في يناير (كانون الثاني) عام 1977، أعقبت رفع أسعار سلع أساسية، في عهد الرئيس الراحل أنور السادات، وقد اضطر الرئيس الراحل أنور السادات إلى إلغاء القرار واستعان بالجيش لضبط الأوضاع الأمنية في البلاد.
وقال مصدر أمني لـ«الشرق الأوسط» إن الأجهزة الأمنية رفعت درجات الحذر تحسبا لاستجابة المواطنين لدعوة أطلقها ناشطون على صفحات التواصل الاجتماعي بالإنترنت للتظاهر في الحادي عشر من نوفمبر (تشرين الثاني) الحالي، للتنديد بارتفاع الأسعار والغلاء تحت شعار «ثورة الغلابة».
وتحتوي كل عبوة من العبوات التي طرحها الجيش على المواطنين على (كيلوغرام من السكر والأرز والفول و3 أكياس مكرونة، بالإضافة إلى عبوة من كل من السمن وصلصة الطماطم والشاي). وقال بيان للمتحدث باسم القوات المسلحة إنه «تم تجميعها جميعا داخل عبوات خاصة وطرحها للمواطنين بنصف ثمن التكلفة، وبواقع 25 جنيها للعبوة الواحدة بدلا من 50 جنيها».
وأوضح البيان أن القوات المسلحة انتهت من أعداد وتجهيز أضخم حصة غذائية بلغت 8 ملايين عبوة غذائية لتوزيعها بنصف الثمن على المواطنين بجميع محافظات الجمهورية «تنفيذا لتوجيهات الرئيس السيسي بمشاركة أجهزة الدولة في تخفيف العبء عن كاهل المواطنين، وإيمانًا منها بدورها الحيوي باعتبارها جزءا من نسيج شعب مصر وإحدى مؤسسات الدولة المصرية التي تحرص كل الحرص على توفير الحياة الكريمة للمواطنين».
وأضاف البيان أن الجيوش الميدانية والمناطق العسكرية بدأت في توزيع مليون عبوة غذائية أسبقيةً أولى تم نقلها داخل أسطول من الشاحنات وسيارات النقل المجهزة إلى مناطق ونقاط التوزيع بجميع مدن ومحافظات الجمهورية، حيث يتم طرح 400 ألف عبوة بالمحافظات التي تدخل بنطاق مسؤولية المنطقة المركزية العسكرية ومائتي ألف عبوة بمحافظات المنطقة الجنوبية العسكرية، وطرح 140 ألف عبوة بنطاق مسؤولية الجيش الثاني الميداني، وتوزيع 120 ألف عبوة بمحافظات المنطقة الشمالية العسكرية و40 ألف عبوة بالمنطقة الغربية العسكرية.
في حين يقوم جهاز مشروعات الخدمة الوطنية للقوات المسلحة بتوزيع 40 ألف حصة غذائية داخل 422 منطقة بالقرى والنجوع والمناطق الأكثر احتياجا بمختلف مراكز ومدن الجمهورية. ومنذ وصول الرئيس السيسي للحكم قبل نحو عامين، يلعب الجيش دورا بارز داخل الدولة وفي جميع المجالات، حيث تتولى الهيئة الهندسية به تنفيذ عدد من المشروعات الإسكانية والصناعية إلى جانب بناء الطرق والكباري.
وقال رئيس الوزراء شريف إسماعيل، أمام البرلمان أول من أمس: «تسألون الحكومة لماذا تستعين بالقوات المسلحة.. لأن الجهاز الإداري والقدرة على التنفيذ أعلى من الحكومة، وتعمل الحكومة على إصلاحها». وإزاء انتقادات شعبية متزايدة لاعتماد أجهزة الدولة على تدخل الجيش لحل الأزمات المعيشية، وآخرها «نقص ألبان الأطفال». وعد الرئيس السيسي بتقلص دور الجيش خلال عامين، قائلا أمام مؤتمر للشباب عقد الأسبوع الماضي إن «دور القوات المسلحة في تنفيذ مشروعات التنمية سيتراجع في السنوات المقبلة، بعد أن تكون قطعت وانتهت من خطة إعادة بناء وتأهيل البنية الأساسية للدولة». وأضاف موجها حديثه للمواطنين: «اطمئنوا.. فالقوات المسلحة قادرة ومؤهلة على أن تحمي مصر وتدافع عن البلاد ضد أي تهديدات تؤثر على أمن واستقرار مصر».



اليمن يطالب بتوسيع التدخلات الأممية الإنسانية في مأرب

نقص التمويل أدى إلى خفض المساعدات وحرمان الملايين منها (إعلام حكومي)
نقص التمويل أدى إلى خفض المساعدات وحرمان الملايين منها (إعلام حكومي)
TT

اليمن يطالب بتوسيع التدخلات الأممية الإنسانية في مأرب

نقص التمويل أدى إلى خفض المساعدات وحرمان الملايين منها (إعلام حكومي)
نقص التمويل أدى إلى خفض المساعدات وحرمان الملايين منها (إعلام حكومي)

طالبت السلطة المحلية في محافظة مأرب اليمنية (شرق صنعاء) صندوق الأمم المتحدة للسكان بتوسيع تدخلاته في المحافظة مع استمرار تدهور الوضع الاقتصادي والإنساني للنازحين، وقالت إن المساعدات المقدمة تغطي 30 في المائة فقط من الاحتياجات الأساسية للنازحين والمجتمع المضيف.

وبحسب ما أورده الإعلام الحكومي، استعرض وكيل محافظة مأرب عبد ربه مفتاح، خلال لقائه مدير برنامج الاستجابة الطارئة في صندوق الأمم المتحدة للسكان عدنان عبد السلام، تراجع تدخلات المنظمات الأممية والدولية ونقص التمويل الإنساني.

مسؤول يمني يستقبل في مأرب مسؤولاً أممياً (سبأ)

وطالب مفتاح الصندوق الأممي بتوسيع الاستجابة الطارئة ومضاعفة مستوى تدخلاته لتشمل مجالات التمكين الاقتصادي للمرأة، وبرامج صحة الأم والطفل، وبرامج الصحة النفسية، وغيرها من الاحتياجات الأخرى.

ومع إشادة المسؤول اليمني بالدور الإنساني للصندوق في مأرب خلال الفترة الماضية، وفي مقدمتها استجابته الطارئة لاحتياجات الأسر عقب النزوح، بالإضافة إلى دعم مشاريع المرأة ومشاريع تحسين سبل العيش للفئات الضعيفة والمتضررة، أكد أن هناك احتياجات وتحديات راهنة، وأن تدخلات المنظمات الدولية غالباً ما تصل متأخرة ولا ترقى إلى نسبة 30 في المائة من حجم الاحتياج القائم.

وحمّل وكيل محافظة مأرب هذا النقص المسؤولية عن توسع واستمرار الفجوات الإنسانية، وطالب بمضاعفة المنظمات من تدخلاتها لتفادي وقوع مجاعة محدقة، مع دخول غالبية النازحين والمجتمع المضيف تحت خط الفقر والعوز في ظل انعدام الدخل وانهيار سعر العملة والاقتصاد.

آليات العمل

استعرض مدير برنامج الاستجابة في صندوق الأمم المتحدة للسكان خلال لقائه الوكيل مفتاح آليات عمل البرنامج في حالات الاستجابة الطارئة والسريعة، إلى جانب خطة الأولويات والاحتياجات المرفوعة من القطاعات الوطنية للصندوق للعام المقبل.

وأكد المسؤول الأممي أن الوضع الإنساني الراهن للنازحين في المحافظة يستدعي حشد المزيد من الدعم والمساعدات لانتشال الأسر الأشد ضعفاً وتحسين ظروفهم.

النازحون في مأرب يعيشون في مخيمات تفتقر إلى أبسط مقومات الحياة (إعلام محلي)

وكانت الوحدة الحكومية المعنية بإدارة مخيمات النازحين قد ذكرت أن أكثر من 56 ألف أسرة بحاجة ملحة للغذاء، وأكدت أنها ناقشت مع برنامج الغذاء العالمي احتياجات النازحين وتعزيز الشراكة الإنسانية في مواجهة الفجوة الغذائية المتزايدة بالمحافظة، ومراجعة أسماء المستفيدين الذين تم إسقاط أسمائهم من قوائم البرنامج في دورته الأخيرة، وانتظام دورات توزيع الحصص للمستفيدين.

من جهته، أبدى مكتب برنامج الأغذية العالمي في مأرب تفهمه لطبيعة الضغوط والأعباء التي تتحملها السلطة المحلية جراء الأعداد المتزايدة للنازحين والطلب الكبير على الخدمات، وأكد أنه سيعمل على حشد المزيد من الداعمين والتمويلات الكافية، ما يساعد على انتظام توزيع الحصص الغذائية في حال توفرها.

خطط مستقبلية

بحث وكيل محافظة مأرب، عبد ربه مفتاح، في لقاء آخر، مع الرئيس الجديد لبعثة المنظمة الدولية للهجرة في اليمن، عبد الستار يوسف، الوضع الإنساني في المحافظة، وخطط المنظمة المستقبلية للتدخلات الإنسانية خصوصاً في مجال مشاريع التنمية المستدامة والتعافي المجتمعي والحاجة لتوسيع وزيادة حجم المساعدات والخدمات للنازحين واللاجئين والمجتمع المضيف، وتحسين أوضاع المخيمات وتوفير الخدمات الأساسية.

وكيل محافظة مأرب يستقبل رئيس منظمة الهجرة الدولية في اليمن (سبأ)

وطبقاً للإعلام الحكومي، قدّم الوكيل مفتاح شرحاً عن الوضع الإنساني المتردي بالمحافظة التي استقبلت أكثر من 62 في المائة من النازحين في اليمن، وزيادة انزلاقه إلى وضع أسوأ جراء تراجع المساعدات الإنسانية، والانهيار الاقتصادي، والمتغيرات المناخية، واستمرار النزوح إلى المحافظة.

ودعا الوكيل مفتاح، المجتمع الدولي وشركاء العمل الإنساني إلى تحمل مسؤولياتهم الأخلاقية في استمرار دعمهم وتدخلاتهم الإنسانية لمساندة السلطة المحلية في مأرب لمواجهة الأزمة الإنسانية.

وأكد المسؤول اليمني أن السلطة المحلية في مأرب ستظل تقدم جميع التسهيلات لإنجاح مشاريع وتدخلات جميع المنظمات الإنسانية، معرباً عن تطلعه لدور قوي وفاعل للمنظمة الدولية للهجرة، إلى جانب الشركاء الآخرين في العمل الإنساني في عملية حشد المزيد من الموارد.

حريق في مخيم

على صعيد آخر، التهم حريق في محافظة أبين (جنوب) نصف مساكن مخيم «مكلان»، وألحق بسكانه خسائر مادية جسيمة، وشرد العشرات منهم، وفق ما أفاد به مدير وحدة إدارة المخيمات في المحافظة ناصر المنصري، الذي بين أن الحريق نتج عن سقوط سلك كهربائي على المساكن المصنوعة من مواد قابلة للاشتعال، مثل القش والطرابيل البلاستيكية.

مخيم للنازحين في أبين احترق وأصبح نصف سكانه في العراء (إعلام محلي)

وبحسب المسؤول اليمني، فإن نصف سكان المخيم فقدوا مساكنهم وجميع ممتلكاتهم، بما فيها التموينات الغذائية، وأصبحوا يعيشون في العراء في ظل ظروف إنسانية قاسية. وحذر من تدهور الوضع الصحي مع زيادة انتشار الأوبئة وانعدام الخدمات الأساسية.

وطالب المسؤول السلطات والمنظمات الإنسانية المحلية والدولية بسرعة التدخل لتقديم الدعم اللازم للمتضررين، وفي المقدمة توفير مأوى طارئ ومساعدات غذائية عاجلة، إلى جانب المياه الصالحة للشرب، والأغطية، والأدوية.