زوجة البرغوثي: أبو مازن أكد أن إطلاقه أولوية

قالت لـ («الشرق الأوسط») إنها تزوره مرتين في الشهر

فدوى البرغوثي («الشرق الأوسط»)
فدوى البرغوثي («الشرق الأوسط»)
TT

زوجة البرغوثي: أبو مازن أكد أن إطلاقه أولوية

فدوى البرغوثي («الشرق الأوسط»)
فدوى البرغوثي («الشرق الأوسط»)

تجري فدوى البرغوثي، زوجة مروان البرغوثي، المعتقل الفلسطيني الأشهر في السجون الإسرائيلية، جولة أوروبية لإطلاق حملة موسعة من أجل الإفراج عن زوجها بعد مرور 12 سنة على اعتقاله، وهو المحكوم خمس مرات بالسجن المؤبد. وبعد باريس انتقلت البرغوثي إلى روما، ومنها إلى دبلن. والتقت البرغوثي في باريس وزير الخارجية لوران فابيوس، الذي أبدى «تفهمه» لما تطالب به وتقديره للبرغوثي ولما يمكن أن يقوم به.
وفي حديثها لـ«الشرق الأوسط» تتناول البرغوثي مطولا الجهود التي تجريها لتعبئة الرأي العام الدولي للضغط على إسرائيل من خلال تشكيل «اللجنة الدولية لحرية مروان البرغوثي وكافة الأسرى»، التي تضم شخصيات دولية بينها خمسة من الحاصلين على جائزة نوبل للسلام، وإطلاق عريضة واسعة لجمع تواقيع من كل أنحاء العالم للضغط في هذا الاتجاه.
وفي هذا الحديث، تؤكد فدوى البرغوثي ثقتها في التزام الرئيس الفلسطيني محمود عباس (أبو مازن) بالسعي لإطلاق سراح زوجها مع التعبير عن «الخيبة» من تخلي حركة حماس عن مطلب الإفراج عنه في صفقة الجندي الإسرائيلي غلعاد شاليط بعد أن كانت وعدتها بذلك. وتروي البرغوثي تفاصيل عن حياة زوجها في السجن، حيث أمضى حتى الآن عقدين من عمره، وعن زياراتها له وحادثة منع زوجها من رؤية حفيدته البالغة من العمر تسعة أشهر بذريعة أنه لا علاقة قربى من الدرجة الأولى بينه وبينها. وفي ما يلي نص الحديث:

> هل يمكن أن تحدثينا عن الحملة الدولية للإفراج عن مروان البرغوثي التي هي سبب وجودك في باريس اليوم؟
- بدأت الحملة منذ اليوم الأول لاعتقاله في مايو (أيار) من عام 2002، وها هو اليوم يدخل العام الـ13 من الاعتقال. في الذكرى الـ12 للاعتقال ومع صفقة الجندي شاليط، كان رأي المتضامنين معنا في الداخل والخارج أن علينا تصعيد الحملة والانتقال بها إلى مستوى أعلى، وهو ما حصل من خلال المؤتمر الدولي الكبير الذي عقد في رام الله تحت عنوان «مؤتمر الحرية والكرامة». هذا المؤتمر حضرته 120 شخصية عالمية، وكان ضيف الشرف فيه أحمد كاترادا، المناضل الجنوب أفريقي ورفيق الزعيم (الراحل) نيلسون مانديلا، والذي أمضى معه في السجن 26 عاما. ونتج عن المؤتمر أمران مهمان: الأول، الربط بين تجربة الشعب الفلسطيني تحت الاحتلال وتجربة جنوب أفريقيا، والثاني إطلاق الحملة الدولية للإفراج عن مروان البرغوثي وكافة الأسرى. وبعد ستة أشهر، أطلقت الحملة فعلا من جزيرة روبن آيلاند (حيث كان مانديلا معتقلا)، ووضعت صورة مروان في زنزانة الزعيم الأفريقي، وأعلن عن تشكيل «اللجنة الدولية لحرية مروان البرغوثي وكافة الأسرى» التي تضم 13 شخصية عالمية، منها خمس شخصيات حاصلة على جائزة نوبل للسلام في خمس قارات، ومنهم سياسيون سابقون أو أسرى سابقون ورموز لشعوب ناضلت ضد العنصرية وضد التمييز. ومن هؤلاء، إلى جانب أحمد كاترادا، مناضلة حقوق الإنسان الأميركية أنجيلا ديفيز، وجون بروتون رئيس وزراء آيرلندا السابق، والفنان والمثقف الأرجنتيني أدولفو بيريز أسكيفيل. وصدر يومها إعلان يدعو من ضمن ما يدعو إليه إلى تحرير مروان البرغوثي باعتباره شخصية فلسطينية رمزية وتمثل وحدة الشعب الفلسطيني وضرورية للنضال الفلسطيني.
عقب ذلك، فتحنا إعلان روبن آيلاند للتوقيع في كل أنحاء العالم، وحصلنا على تواقيع مهمة منها للرئيس الأميركي السابق جيمي كارتر، والرئيس الإيطالي السابق داليما، ورئيس الكنيسة الكاثوليكية في أثينا وعموم اليونان. وتبع ذلك إطلاق الحملة في العديد من الدول، فبدأنا في بريطانيا حيث أطلق الحملة أحمد كاترادا، ثم نحن في باريس لنطلق الحملة من البرلمان الفرنسي، وبعد ذلك في إيطاليا لإطلاق الحملة من روما والإعلان عن تشكيل اللجنة الإيطالية، وبعد ذلك في آيرلندا. ثم هناك الحملة في البلدان العربية مثل لبنان واليمن وغيرهما.
> هل ثمة نية للقيام بشيء مماثل في الولايات المتحدة؟
- لنكن صادقين: حملتنا في أميركا ضعيفة لا بل أضعف مما يجب. لكن ثمة أطرافا بين المؤيدين للحملة تدعو إلى توسيعها لتشمل أميركا.
> ما رأيك بتعاطي القيادة الفلسطينية مع موضوع الإفراج عن مروان البرغوثي؟
- لدي تأكيد من القيادة الفلسطينية على أنها طالبت بالإفراج عنه في واشنطن، والوفد المفاوض مع الجانب الإسرائيلي يشترط تحقيق ذلك لأي تقدم سياسي مقبل. الرئيس أبو مازن أكد لي أن موضوع مروان أولوية قصوى بالنسبة إليه. واسم مروان لم يكن بين الأسماء الـ104 التي كان من المفترض الإفراج عن الدفعة الأخيرة منها مؤخرا، وهو ما لم يحصل. وكل هؤلاء اعتقلوا قبل اتفاق أوسلو وكان يفترض إطلاقهم عشية التوقيع على الاتفاقية لكن ذلك تأخر 20 سنة. نحن كفلسطينيين أخطأنا، ونحن بصدد دفع الثمن الكبير اليوم بسبب عدم الذهاب إلى المؤسسات الدولية.
> ما الذي يعوق الإفراج عنه؟
- أولا، يجب أن نذكر أنه معتقل في دولة احتلال وحكم عليه خمس مرات بالسجن المؤبد و40 سنة، مما يعني المئات من السنين. كما علينا أن نأخذ في الاعتبار أن إسرائيل ترى في اعتقال البرغوثي الانتفاضة الفلسطينية كلها، وكأن إسرائيل تسعى لتجريم النضال الفلسطيني وتجريم مقاومته من خلال تجريمها لمروان البرغوثي. الإفراج عن مروان قضية سياسية كبرى، وإسرائيل تعتقد أنها تحتفظ بورقة كبيرة تريد أن تبتز الفلسطينيين بها. ولكن في المقابل لدينا ما نفرضه على الاحتلال ولا يمكنهم التقدم في الموضوع السياسي ما دام نواب وقادة مثل مروان بما يمثلونه ما زالوا رهينة لدى الإسرائيليين ويحاولون عبرهم أن يملوا شروطا على الشعب الفلسطيني وابتزازه بشكل أكبر.
> هل هناك حسابات سياسية من نوع أن خروج مروان البرغوثي من شأنه أن يكسف قادة سياسيين آخرين؟
- أقول إذا كان المقصود من السؤال التلميح للقيادة الفلسطينية فأنا سمعت من الرئيس أبو مازن أنه يسعى بكل ما يستطيع وبكل ما له من علاقات إلى الضغط على إسرائيل من أجل الإفراج عنه. وهو قال لي: «إذا كنت تحتاجين إليه فأنا أحتاج إليه أيضا». الرئيس محمود عباس يرى أن خروج مروان من السجن يقوي الحالة الفلسطينية خصوصا الحالة الفتحاوية، ويقوي حالة الوحدة الوطنية لدى الشعب الفلسطيني. كذلك أستطيع أن أقول إن القيادة تضع الإفراج عن مروان في سلم أولوياتها.
> هذا ما يؤكده الرئيس أبو مازن، لكن هل هذا ما ترينه أنت.. هل تقوم القيادة بما يلزم لتحقيق هذا الهدف؟
- ما تبلغناه من القيادة أنها تقوم بكل الجهود، وهي تستعين بكل الأصدقاء من أجل الإفراج عن مروان. هذا ما يقولونه. أنا على ثقة من أن الرئيس أبو مازن سيقوم بكل ما يستطيعه لتحقيق هذا الهدف.
> هناك قناعة بأن الإفراج عن مروان لن يتم إلا في إطار صفقة سياسية متكاملة.. ما رأيك في ذلك؟
- حتى هذه اللحظة لم تتقدم المفاوضات خطوة واحدة. إسرائيل تريد فقط الحديث عن المفاوضات. هي لا تريد أن تدخل في التزامات، ولا أن تصنع سلاما، و(بنيامين) نتنياهو (رئيس الوزراء الإسرائيلي) يهمه بالدرجة الأولى ائتلافه الحكومي أكثر مما يهمه مصير المفاوضات. لذلك أقول إنه حتى هذه اللحظة لم تبدأ المفاوضات بمعنى السعي لحل نهائي والاتفاق على الأمور الرئيسة الخاصة به، أي القدس واللاجئين والحدود.
> لكن هل الإفراج عن زوجك سيكون في إطار صفقة متكاملة؟
- نحن نطالب بألا يكون الإفراج عنه مرهونا بالعملية السياسية ولا بالحل النهائي. نحن نعي جيدا أن الحل النهائي بعيد الأمد بسبب الحكومة اليمينية المتشددة وغير المهتمة بالسلام، ولذا لا يجوز ربط موضوع الإفراج بالحل النهائي، بل أن يكون سابقا لأي مفاوضات لا نتيجة لها.
> ما الحجج التي تستخدمينها لإقناع الرأي العام العالمي بالوقوف إلى جانبكم؟
- الحجة الأولى أن الإفراج عن مروان هو استحقاق للشعب الفلسطيني. من يريد التحدث عن عملية سلام حقيقية يجب أن يدرك أن موضوع الأسرى استحقاق يجب أن يسبق المفاوضات من أجل إيجاد مناخ إيجابي للعملية السياسية، وألا يكون موضوع الأسرى والإفراج عن مروان موضوعا للتفاوض والابتزاز، وأن يساعد على إيجاد مناخ جيد للدخول حقيقة في العملية السياسية.
أريد أن أضيف أن الإفراج عن الأسرى والمعتقلين هو معيار لجدية الجانب الإسرائيلي في عملية سلام حقيقية، لأنه لا يمكن أن يترك الأسرى كرهائن تبتزنا إسرائيل بهم في عملية التفاوض، وبصدد حقوق أخرى للشعب الفلسطيني. ومن الطبيعي إذن أن يكون الإفراج عن هؤلاء من أجل خلق مناخ إيجابي. ومنذ اليوم الأول قلنا إن الإفراج عن مروان يمكن أن يجري عبر طريقتين: إما عن طريق تبادل الأسرى أو بالطريقة السياسية. في الموضوع الأول، حماس تجاوزت الإفراج عنه. وفي السياسة، إذا تم تجاوزه فتقديري أن الشعب الفلسطيني ستكون عنده علامة استفهام كبيرة، وسيتساءل كيف أن مروان لم يخرج بالتبادل ولن يخرج في عملية سياسية. لذا موضوع إطلاقه يجب أن يتحول إلى شرط للتعاطي مع الإسرائيليين.
> لماذا تخلت حماس عن المطالبة بمروان، علما بأنه كان على قائمة المطلوب الإفراج عنهم؟
- رغم أن قيادة حماس كانت أبلغتني بأنه لن تحصل صفقة من دون الإفراج عن مروان، فإنها في نهاية المطاف كانت لها ظروفها وحساباتها التي منعتها من التمسك بموضوع مروان.
> هل تلتقين بمروان.. هل ما زال الإسرائيليون يضعون عقبات في وجهك؟
- خلال السنوات الأربع الأولى لم أستطع زيارته أبدا. الزيارة الأولى جاءت بعد أربع سنوات من اعتقاله، لأنه كان موجودا في الحبس الانفرادي. وكان يمنع من لقاء أي كان حتى مع الأسرى الفلسطينيين. بعد ذلك، انتقل إلى القسم الجماعي في سجن هداريم (القريب من نتانيا ويبعد عن رام الله ما يقارب الساعتين)، وهو الآن موجود مع 90 معتقلا فلسطينيا. خلال السنوات الثماني اللاحقة سمح لي بزيارته بفعل الضغوط من جهات عديدة. أزوره مرتين في الشهر، والزيارة عبارة عن 45 دقيقة من خلف الزجاج ومع العائلات الأخرى. نكون عادة نحو عشرين عائلة ندخل معا. أولادي محرومون من زيارة والدهم لأنهم يعتبرونهم من فئة الممنوعين أمنيا، أي من يتراوح عمره بين الـ16 والأربعين عاما. وهؤلاء يحتاجون لتصريح خاص لا يمكن الحصول عليه إلا مرة كل عامين. وحتى الآن لم يستطيعوا زيارة والدهم إلا ثلاث مرات. وزوجي لا يعرف حفيدته الأخيرة التي عمرها تسعة شهور ولم يتمكن من رؤيتها، وحجة السجانين أنه لا صلة قرابة من الدرجة الأولى بين الطفلة ومروان.
البعض يعتقد أن مروان قادر على إصدار بيان صحافي أو إعطاء مقابلة صحافية بسهولة. لكن هذا غير صحيح. هذا كلفه العزل 22 مرة ولأسابيع، كل مرة، عقابا على تصريحاته أو التعبير عن مواقفه السياسية. كلما رغب مروان في أن يعطي رأيه أو يدلي بتصريح، فإنه يعزل انفراديا وتمنع عائلته من زيارته لمدة شهرين، وكذلك يحرم من الوصول إلى مطعم السجن. لذلك، حينما يريد التعبير عن موقف يجهز نفسه سلفا لعقوبات متنوعة ومشددة.
> كيف هي حياته داخل السجن؟
- الآن هو موجود في سجن «العزل الجماعي» الذي يضم 90 معتقلا ويخضع لرقابة مشددة. وهو يعيش في زنزانة مع سجينين آخرين. نهاره يبدأ بساعة يسمح له فيها بممارسة الرياضة، وهو منذ اليوم الأول لاعتقاله وحتى اليوم لم يفوت ساعة واحدة من ساعات الرياضة، ويعتقد أنها الفرصة الحقيقية له لحماية جسمه ولياقته وتغيير نفسيته. ثم هناك ساعة أخرى للفسحة وخلالها يستطيع الالتقاء بالمساجين الآخرين التسعين، وهي تتيح له النقاش في المواضيع السياسية وتبادل الآراء. بعد ذلك يعود للزنزانة ونشاطه الأهم القراءة، إذ يطالعها ما بين ست وثماني ساعات في اليوم، ويلتهم من ستة إلى ثمانية كتب في الشهر. وللعائلة الحق في إدخال كتابين كل شهر، ونحن نتشارك مع العائلات الأخرى لإدخال أكبر كمية من الكتب، كما أن مكتبة السجن غنية بمئات الكتب من كل الأنواع عربية وعالمية. وصدر لمروان كتاب «ألف يوم في زنزانة العزل الانفرادي»، وطبع الكتاب في بيروت في دار الناشر، وحاول من خلاله أن يوثق ما يواجهه الأسير في التحقيق والعزل والبطولات التي يصنعها الأسرى الفلسطينيون في انتصارهم على سجانيهم.
مروان أمضى حتى الآن نحو عقدين من الزمن في سجون الاحتلال. المرة الأولى اعتقل في عام 1978 وبقي في السجن حتى عام 1983، واستفاد من هذه الفترة ليتعلم اللغة العبرية التي يتحدثها الآن بطلاقة، وهو يقرأ كل ما يصدر عن الكتاب الإسرائيليين.



أزمة تمويل تهدد معيشة اليمنيين خلال العام المقبل

فجوة كبيرة في التمويل الدولي الموجه إلى المساعدات وأعمال الإغاثة في اليمن (إ.ب.أ)
فجوة كبيرة في التمويل الدولي الموجه إلى المساعدات وأعمال الإغاثة في اليمن (إ.ب.أ)
TT

أزمة تمويل تهدد معيشة اليمنيين خلال العام المقبل

فجوة كبيرة في التمويل الدولي الموجه إلى المساعدات وأعمال الإغاثة في اليمن (إ.ب.أ)
فجوة كبيرة في التمويل الدولي الموجه إلى المساعدات وأعمال الإغاثة في اليمن (إ.ب.أ)

على الرغم من أن التدخلات التنموية في اليمن تمكّنت من إحداث فارق ملموس في تحسين سبل العيش، تزداد تحذيرات وكالات الأمم المتحدة من اتساع فجوة تمويل الأعمال الإنسانية في اليمن، مع سعيها إلى الاستجابة الطارئة لحماية الأطفال والفئات الأكثر هشاشة من الوصول إلى مستويات شديدة من نقص الاحتياجات.

نفاد الإمدادات

وأعلنت منظمة الأمم المتحدة للطفولة (يونيسف) عن حاجتها إلى 126.25 مليون دولار، لتنفيذ خطتها الإنسانية في البلاد للعام المقبل، وضمان استمرار خدمات الصحة والتغذية والمياه والتعليم والحماية لملايين الأطفال الذين يعتمد غالبيتهم على المساعدات الإنسانية للبقاء على قيد الحياة، محذرة من أن استمرار التدهور قد يحرم أعداداً متزايدة من الرعاية الأساسية.

وتراجعت حاجة «اليونيسف» إلى تمويل نشاطها في اليمن للعام المقبل بنسبة 40 في المائة عن العام الحالي، الذي طلبت فيه تمويلاً بمبلغ 212 مليون دولار.

ونبهت المنظمة الأممية إلى أن إغلاق أكثر من 3000 مركز تغذية، ونفاد الإمدادات الحيوية بحلول أوائل العام المقبل، يجعلان حياة مئات الآلاف من الأطفال عرضة للخطر.

ملايين الأطفال اليمنيين يواجهون خطر سوء التغذية ونقص الخدمات الصحية (الأمم المتحدة)

بدورها، أطلقت منظمة الأمم المتحدة للأغذية والزراعة (فاو) نداء تمويلياً بقيمة 86.57 مليون دولار، لدعم سُبل العيش الزراعية وتعزيز القدرة على الصمود لنحو 9.15 مليون شخص في اليمن خلال العام نفسه.

تدخلات زراعية

تقدّر «فاو» أن اليمن يُعد ثالث أكبر أزمة غذاء في العالم، حيث يواجه أكثر من نصف السكان مستويات حرجة من انعدام الأمن الغذائي الحاد، بينهم نحو 41 ألف شخص معرضون لخطر المجاعة، بعد عقد من بدء النزاع المسلح، والتطورات الأخيرة التي عطّلت سلاسل التوريد، إلى جانب الانهيار الاقتصادي والتغيرات المناخية القاسية.

ويتوقع المنسق العام للجنة اليمنية العليا للإغاثة، جمال بلفقيه، أن نقل مكتب منسق الشؤون الإنسانية إلى العاصمة المؤقتة عدن سيساعد بشكل كبير على تنفيذ خطط الاستجابة الإنسانية وتغيير مسار العمل الإنساني وبيان أثرها، داعياً إلى الشراكة بين المنظمات الدولية والقطاع الخاص في اليمن، لتوفير السلع الأساسية والشراء من السوق المحلية.

فجوة تمويل الإغاثة في اليمن تهدد بتراجع كبير في القدرة الشرائية للسكان وفق خبراء (أ.ف.ب)

وفي حديثه لـ«الشرق الأوسط» يبدي المسؤول الإغاثي الحكومي قلقه من أن اختطاف الجماعة الحوثية العاملين في الوكالات الأممية، وممارسة الابتزاز باستخدام الورقة الإنسانية سيعوقان أداء المنظمات ويؤثران سلباً على الدعم الخارجي، مبدياً تفاؤله بأن تؤدي الإجراءات الاقتصادية الحكومية إلى تحسين أسعار المواد الأساسية، مما يساعد في تحسين القوة الشرائية.

وتوضح الوكالة الأممية أن 17.68 من التمويل سيُوجّه إلى صالح تدخلات زراعية طارئة لتحقيق تعافي سُبل المعيشة، ويشمل ذلك توزيع البذور، وتطعيم الماشية، وإعادة تأهيل البنى التحتية الزراعية والمائية، في مساعٍ للحد من اعتماد السكان الكامل على المساعدات الغذائية، فيما سيُستخدم المبلغ المتبقي لتعزيز القدرة على الصمود للفئات المستهدفة.

وبسبب مواجهة برنامج الغذاء العالمي عجزاً كبيراً في تمويله، تم تقليص المستفيدين من خدماته إلى النصف، وهو ما سيؤدي إلى انخفاض القدرة الشرائية وسحب ما بين 200 و300 مليون دولار سنوياً من الأسواق المحلية، حسبما أورده المستشار الاقتصادي في مكتب الرئاسة اليمنية، فارس النجار.

تعزيز صمود الريف

وبينما يحتاج البرنامج الأممي إلى أكثر من 300 مليون دولار للستة الأشهر المقبلة، لم يحصل سوى على 106 ملايين دولار فقط.

طفل يتلقى العلاج من سوء التغذية في أحد مستشفيات صنعاء (الأمم المتحدة)

ويقدّر النجار أن سوء التغذية سيؤدي إلى خسارة مستقبلية في إنتاجية الفرد ما بين 10 و15 في المائة، مما يعني اقتصاداً أصغر وناتجاً أقل لعقد كامل إذا لم تجرِ حماية الفئات الأضعف، لافتاً إلى أن عدم تمويل خطة الاستجابة الإنسانية سيضع اليمنيين أقرب من أي وقت مضى أمام سيناريوهات المجاعة.

في غضون ذلك، كشف الصندوق الدولي للتنمية الزراعية (إيفاد) عن أن التدخلات التنموية متوسطة المدى يمكن أن تُحدث فرقاً ملموساً حتى في ظل استمرار النزاع، وأن هذه التدخلات عززت من تحسين سبل العيش والأمن الغذائي لعشرات الآلاف من السكان في المناطق الريفية في اليمن، رغم استمرار النزاع وانهيار البنية التحتية والخدمات الأساسية.

جاء ذلك بعد أن أظهر مشروع تنمية سبل العيش الريفية، المنفذ بين عامَي 2021 و2024، أن تحسين الوصول إلى المياه وتحديث أنظمة الري أسهما في خفض استهلاك المياه بنسبة وصلت إلى 80 في المائة، إلى جانب زيادة الإنتاج الزراعي، وتحسين دخل آلاف الأسر في خمس محافظات يمنية.

تنمية سبل العيش الريفية تُسهم في تحسين الإنتاج الزراعي وتحسين دخل آلاف الأسر (إيفاد)

وذكر «إيفاد»، في تقرير حديث، أن إجمالي تمويل المشروع وصل إلى 5.3 مليون دولار، وشمل 5 محافظات و31 مديرية، واستفاد منه أكثر من 84 ألف شخص في نحو 12 ألف أسرة ريفية. وركزت التدخلات على تحسين الوصول إلى المياه، وإعادة تأهيل أنظمة الري، وحماية الأراضي الزراعية من الفيضانات، بالإضافة إلى دعم المزارعين بمدخلات زراعية وتدريب تقني.

ونوه «إيفاد» إلى أن اعتماد نهج التعاقد المجتمعي، بالشراكة مع صندوق التنمية الاجتماعية ومنظمة الأغذية والزراعة (فاو)، مكّن المجتمعات المحلية من قيادة عملية التخطيط والتنفيذ، مما عزّز الحوكمة المحلية والتماسك الاجتماعي في بيئات تعاني هشاشة مؤسسية شديدة.

وبيّن التقرير أن تحديث البنية التحتية المائية أسهم في خفض استهلاك مياه الري بنسبة تتراوح بين 70 و80 في المائة، وتحسين إنتاجية المزارعين، إلى جانب حماية 131 هكتاراً من الأراضي الزراعية. كما استفاد أكثر من 3300 مزارع من المدارس الحقلية والأعمال الزراعية، فيما تلقت 4000 امرأة ورجل تدريبات في مجالات التغذية والزراعة المنزلية.


مصر تستكمل ماراثون الانتخابات البرلمانية وسط جدول مزدحم

المصريون بالأردن يصوتون في المرحلة الثانية لانتخابات مجلس النواب (أ.ش.أ)
المصريون بالأردن يصوتون في المرحلة الثانية لانتخابات مجلس النواب (أ.ش.أ)
TT

مصر تستكمل ماراثون الانتخابات البرلمانية وسط جدول مزدحم

المصريون بالأردن يصوتون في المرحلة الثانية لانتخابات مجلس النواب (أ.ش.أ)
المصريون بالأردن يصوتون في المرحلة الثانية لانتخابات مجلس النواب (أ.ش.أ)

تستكمل مصر ماراثون الانتخابات البرلمانية بانطلاق جولة الإعادة للمغتربين بالمرحلة الثانية من انتخابات مجلس النواب، الاثنين، وسط جدول انتخابي مزدحم، عدّه خبراء «منهكاً» لكل من المرشحين والناخبين، مع استحداث جولات جديدة طرأت على أجندة الانتخابات بسبب إلغاء نتائج انتخابات بعض الدوائر لـ«مخالفات»، والطعن على نتائج دوائر أخرى.

وانطلقت عمليات الاقتراع في جولة الإعادة بالمرحلة الثانية من انتخابات مجلس النواب المصري «الغرفة الأولى للبرلمان» يومي الاثنين والثلاثاء، بينما يجري التصويت بالداخل يومي الأربعاء والخميس المقبلين.

جولات انتخابية جديدة في اقتراع مجلس النواب المصري (حزب الدستور)

وفي سابقة لافتة يصوت المصريون في انتخابات مجلس النواب على مراحل ممتدة، تصل إلى 7 جولات انتخابية، على خلفية إلغاء نتائج عدد من الدوائر، حيث أصدرت «المحكمة الإدارية العليا» بمجلس الدولة، وهي أعلى محكمة إدارية، نهاية نوفمبر (تشرين الثاني) الماضي، أحكاماً ببطلان الانتخابات في نحو 30 دائرة بانتخابات المرحلة الأولى، عقب فحصها طعوناً تقدم بها مرشحون.

وسبق ذلك قرار «الهيئة الوطنية للانتخابات» بإلغاء نتائج الانتخابات في 19 دائرة بالمرحلة الأولى، عقب حديث الرئيس المصري عبد الفتاح السيسي عن «مخالفات»، بالمرحلة الأولى التي انطلقت في 10 نوفمبر الماضي.

وكان مقرراً إعلان النتيجة النهائية لانتخابات مجلس النواب في 25 ديسمبر (كانون الأول) الحالي، بحسب الخريطة الزمنية التي أعلنتها «هيئة الانتخابات» قبل انطلاق الاقتراع، غير أنها أدخلت تعديلات عليها ليكون الإعلان النهائي عن النتيجة في 10 يناير (كانون الثاني) المقبل.

في سابقة استثنائية يصوت المصريون في انتخابات النواب عبر 7 جولات (حزب الدستور)

ويرى نائب مدير مركز «الأهرام للدراسات السياسية والاستراتيجية» بمصر، عمرو هاشم ربيع، أن تعدد وطول جولات التصويت والإعادة يصيب الناخبين بـ«الملل» و«الإحباط»، وقال لـ«الشرق الأوسط» إن «7 جولات مرهقة جداً للناخبين والمرشحين، كما أصيبت الأحزاب المشاركة بالإنهاك والارتباك»، وبحسب ربيع، فإن «طول الجولات لن يؤثر في النتائج النهائية للانتخابات»، لكن تأثيره واضح في «نسبة المشاركة المتدنية».

وتثير انتخابات مجلس النواب المصري جدلاً واسعاً قبل بدايتها؛ إذ طالبت أحزاب عدة بتطبيق نظام «القائمة النسبية» لضمان تمثيل عادل لجميع الأحزاب والقوى السياسية، بديلاً عن النظام المطبَّق حالياً، ويعتمد قانون الانتخابات الحالي نظاماً انتخابياً مختلطاً، بواقع انتخاب نصف المقاعد فردياً، في حين أن النصف الآخر يُنتخب بنظام «القوائم المغلقة المطلقة»؛ ما يعني فوز أعضاء القائمة بالكامل حال تحقيقها أعلى الأصوات.

أحزاب مصرية تحشد قوتها لاستكمال جولات الانتخابات (حزب مستقبل وطن)

وفي رأي خبير النظم والتشريعات البرلمانية عبد الناصر قنديل، فإن تعدد وامتداد جولات الإعادة أفرزا مشهداً انتخابياً «مرتبكاً»، وقال لـ«الشرق الأوسط» إن «وصول مراحل الإعادة إلى 7 جولات ماراثون وعملية استثنائية لم تحدث في تاريخ الحياة البرلمانية المصرية، فهي أطول عملية اقتراع في تاريخ مصر، وهو مشهد سيغير الكثير، ويطيح بثوابت عدة».

وبحسب قنديل: «اضطر كثير من المرشحين إلى تغيير تكتيكاتهم الانتخابية التي كانوا يعتقدون أنها ستضمن لهم الفوز منذ الجولة الأولى».

وتقتصر جولات الإعادة على المقاعد الفردية، التي طالها إلغاء النتائج؛ إذ سبق أن أعلنت «الهيئة الوطنية للانتخابات» فوز «القائمة الوطنية من أجل مصر»، التي تضم 12 حزباً، بمقاعد المرحلة الأولى، وخاضت المنافسة منفردة دون وجود قوائم منافسة.

ويعتقد قنديل أن «المشهد الانتخابي الحالي ضاغط على الأحزاب السياسية، التي لم تتعود أيضاً على هذا التطويل، وهو ما أثر سلباً في قدرتها حشد الناخبين»، وبحسب قنديل، فإن «الهيئة الوطنية للانتخابات تعاملت بكفاءة فنية واضحة مكنتها من وضع جدول زمني استثنائي لجميع المراحل رغم ضيق الوقت».

ويشهد البرلمان المقبل وجود 596 نائباً، بينهم 568 عضواً بالانتخاب، و28 عضواً بنسبة 5 في المائة يعينهم رئيس الجمهورية. ولا يزال يدور التنافس حول 195 مقعداً داخل دوائر الإعادة في المرحلتين الأولى والثانية بجانب الدوائر المُلغاة التي تُعاد انتخاباتها، وفقاً لـ«هيئة الانتخابات».


غزة تكابد لانتشال الجثث من تحت الأنقاض... والعواصف تهدم المباني المتضررة

السلطات في غزة تحذر من احتمال انهيار المزيد من المباني المتضررة من الحرب بسبب الأمطار الغزيرة (أ.ب)
السلطات في غزة تحذر من احتمال انهيار المزيد من المباني المتضررة من الحرب بسبب الأمطار الغزيرة (أ.ب)
TT

غزة تكابد لانتشال الجثث من تحت الأنقاض... والعواصف تهدم المباني المتضررة

السلطات في غزة تحذر من احتمال انهيار المزيد من المباني المتضررة من الحرب بسبب الأمطار الغزيرة (أ.ب)
السلطات في غزة تحذر من احتمال انهيار المزيد من المباني المتضررة من الحرب بسبب الأمطار الغزيرة (أ.ب)

حذرت السلطات في قطاع غزة اليوم (الاثنين) من احتمال انهيار مزيد من المباني المتضررة من الحرب بسبب الأمطار الغزيرة في القطاع الفلسطيني المدمر، وقالت إن الأحوال الجوية تجعل من الصعب انتشال الجثث التي لا تزال تحت الأنقاض.

ووفقاً لـ«رويترز»، ذكرت السلطات الصحية أن انهيار مبنيين في غزة يوم الجمعة أسفر عن مقتل 12 على الأقل، وذلك وسط عاصفة جرفت الخيام وأغرقتها أيضاً، وأدت إلى وفيات بسبب التعرض للبرد.

واتفقت إسرائيل وحركة «حماس» على وقف إطلاق النار في أكتوبر (تشرين الأول) بعد عامين من القصف المكثف والعمليات العسكرية، لكن المنظمات الإنسانية تقول إن المساعدات التي تدخل غزة قليلة للغاية، في حين لا يزال جميع السكان تقريباً بلا مأوى.

ودعا المتحدث باسم الدفاع المدني في غزة محمود بصل، المجتمع الدولي إلى توفير منازل متنقلة وكرفانات للنازحين الفلسطينيين بدلاً من الخيام.

وقال: «إذا لم يتم حماية الناس اليوم سنشهد مزيداً من الضحايا. سنشهد مزيداً من قتل الناس، والأطفال، والنساء، والعوائل بأكملها داخل هذه المباني».

سلطات غزة تواصل الحفر لانتشال نحو تسعة آلاف جثة يقدّر أنها لا تزال مدفونة تحت الأنقاض (أ.ب)

وكان محمد نصار وعائلته يعيشون في مبنى مكون من ستة طوابق تضرر بشدة جراء الغارات الإسرائيلية في وقت سابق من الحرب، ثم انهار يوم الجمعة.

وواجهت أسرته صعوبات في العثور على مسكن بديل، وغمرتهم المياه أثناء إقامتهم في خيمة خلال نوبة سابقة من سوء الأحوال الجوية. وخرج نصار لشراء بعض الاحتياجات يوم الجمعة وعاد ليجد مشهد الحطام وعمال الإنقاذ يحاولون انتشال الجثث من تحت الأنقاض.

وقال نصار: «شفت إيد ابني طالعة من تحت الأرض، يعني أكتر منظر أثّرني، ابني تحت الأرض مش قادرين نطلعه». وتُوفي ابنه (15 عاماً) وابنته (18 عاماً).

وفي غضون ذلك، قال المتحدث إسماعيل الثوابتة إن سلطات غزة تواصل الحفر لانتشال نحو تسعة آلاف جثة يقدّر أنها لا تزال مدفونة تحت الأنقاض جراء القصف الإسرائيلي خلال الحرب، لكنهم يفتقرون إلى المعدات اللازمة لتسريع العمل.

وانتشل عمال الإنقاذ اليوم رفات نحو 20 شخصاً من مبنى متعدد الطوابق تعرض للقصف في ديسمبر (كانون الأول) 2023، حيث يُعتقد أن نحو 60 شخصاً، بينهم 30 طفلاً، كانوا يحتمون فيه.