المعارضة توسّع عملياتها غرب حلب.. وتأسر عناصر من النظام والقوات الموالية

أعلنت أنها بدأت «المرحلة الثانية» لفك الحصار عن المدينة

مدنيون فارون من جنوب غربي حلب بعد احتدام المعارك بين فصائل المعارضة وقوات النظام (أ.ف.ب)
مدنيون فارون من جنوب غربي حلب بعد احتدام المعارك بين فصائل المعارضة وقوات النظام (أ.ف.ب)
TT

المعارضة توسّع عملياتها غرب حلب.. وتأسر عناصر من النظام والقوات الموالية

مدنيون فارون من جنوب غربي حلب بعد احتدام المعارك بين فصائل المعارضة وقوات النظام (أ.ف.ب)
مدنيون فارون من جنوب غربي حلب بعد احتدام المعارك بين فصائل المعارضة وقوات النظام (أ.ف.ب)

فتحت فصائل المعارضة جبهة جديدة في حلب مع تمدد عملياتها العسكرية، الهادفة لكسر حصار النظام على المناطق الخاضعة لسيطرتها، وسط تبادل الاتهامات بين الطرفين باستخدام الغازات السامة. وأعلنت المعارضة أن «فك الحصار عن حلب الشرقية بات قريبًا، لتبدأ بعدها مرحلة تحرير كامل المدينة من النظام وميليشياته».
ويسعى مقاتلو الفصائل المعارضة والجيش السوري الحر إلى كسر الحصار عبر السيطرة على المناطق الخاضعة لسلطة النظام في حلب، بهدف ربط المناطق الشرقية التي يسيطرون عليها بالريف الغربي للمدينة.
ونفت المعارضة السورية اتهامات بثتها وسائل إعلام رسمية سوريا عن أن مقاتلي المعارضة «أطلقوا قذائف تحتوي على غاز الكلور على منطقة الحمدانية السكنية في غرب المدينة الخاضع لسيطرة الحكومة يوم الأحد». واتهم معارضون قوات الأسد بـ«إطلاق غازات سامة على جبهة أخرى». وأعلن الناطق العسكري باسم تجمع «فاستقم» عمّار سقار في تصريح لـ«الشرق الأوسط»، أن «اتهامات النظام عارية عن الصحة، ولا دليل لها»، مؤكدًا أن «النظام هو من قصف ضاحية الأسد المحررة حديثًا ومنطقة الراشدين بالغازات السامة، أدت إلى إصابة العشرات بحالات اختناق تمّ إسعافها، لكن لم تحصل حالات وفاة».
بدوره نفى القيادي في الجيش السوري الحرّ أبو أحمد العاصمي، مزاعم روسيا بتوقف قصف طائراتها على حلب، وقال لـ«الشرق الأوسط»، إن الروس يروجون إعلاميًا لمزاعم وقف طلعات طيرانهم فوق حلب، وهذه المزاعم كاذبة»، مؤكدًا أن «الطائرات الروسية لم تغب ساعة واحدة عن سماء حلب، اليوم (أمس) قصفت حيي المنصورة والراشدين».
وقال جيش الفتح الذي يضم مجموعات مقاتلة إسلامية في بيان إنه «انتقل حاليا إلى المرحلة الثانية من العملية العسكرية، بعد سيطرتهم على عدد من الأحياء بهدف فك الحصار بشكل كامل». وأضاف: «نطلب من أهالينا ضرورة التزام بيوتهم، وفي حال وجود أقبية فيفضل اللجوء إلى الأقبية، ونقول لأهلنا في حلب، أهلكم قادمون إليكم لتحرير أرضكم». وحث جيش الفتح مقاتليه على «الرفق والحلم بأهلهم، فعدوّنا في هذه المعركة هو من يجمل علينا السلاح».
بدوره، أعلن عمّار سقّار، أن «المعارك تزداد ضراوة على محاور الـ3000 شقة وحلب الجديدة ومحيط الأكاديمية العسكرية وجمعية الزهراء». وقال: «بتنا قريبين جدًا من فكّ الحصار عن حلب الشرقية، وتحرير كامل مدينة حلب من عصابات الأسد والميليشيات الطائفية». وأكد الناطق العسكري باسم تجمع «فاستقم» أن النظام «يلجأ إلى استخدام الأسلحة المحرمة دوليًا، عندما يعجز عن التصدي لهجمات الثوار، مستفيدًا من الصمت الدولي على جرائمه ومجازره».
من جهته، أكد مصدر عسكري في المعارضة من داخل حلب، أن «المعركة الأهم تدور الآن في أكاديمية الأسد العسكرية». وأوضح لـ«الشرق الأوسط»، أنه «بعد تحرير الأكاديمية يبقى أمامنا الانتهاء من برجية الدراسات المائية وبرجية الروس في الحي الثالث للحمدانية، ما يجعلنا على أتوستراد الراموسة ومن ثم أرض الصباغ وصلاح الدين، وحينها نقول إننا كسرنا الطوق عن حلب».
وكشف المصدر العسكري أن «الثوار صعّدوا هجومهم باتجاه حلب الجديدة، حتى لا يتركوا للنظام وحلفائه إمكانية المناورة والالتفاف، وقد حققنا تقدمًا ملموسًا، وبتنا أمام حرب شوارع»، مشيرًا إلى أن «الثوار يتحضرون لتنفيذ هجوم آخر من داخل المناطق المحاصرة، حتى تتشتت قوة العدو على جبهتين». مؤكدًا أن «معنويات النظام وحلفائه تراجعت، بعد أسر عناصر من النظام والميليشيات الطائفية، وأغلبهم من مقاتلي حزب الله اللبناني».
وتضاربت التقارير بشأن نتيجة القتال، وسط إعلان فصائل المعارضة سيطرتها على عدد من المباني في المنطقة السكنية في إطار سعيهم لاختراق هذه المنطقة المكتظة بالسكان والخاضعة لسيطرة النظام.
ومع تعدد الروايات التي تبرر تمكن المعارضة من شنّ هجوم واسع على مواقع النظام الأكثر تحصينًا، وقدرتها على فتح جبهات جديدة، أوضح الخبير العسكري والاستراتيجي العميد فايز أسمر، أن «التكتيك العسكري الذي اعتمد في معركة كسر الطوق هذه، مختلف عمّا اعتمد في المعركة التي خاضها الثوار على جبهة الكليات والراموسة قبل شهرين». وأكد لـ«الشرق الأوسط»، أن «منطقة الكليات كانت مكشوفة ومحصنة، ورغم سيطرة الثوار عليها فإنها كانت عرضة لقصف الطيران، عدا عن أن الثوار لم يوسعوا الطوق في تلك المرحلة». وقال أسمر: «هذه المرّة جاء الخرق من المنطقة التي لم يتوقعها النظام، أي من جهة ضاحية الأسد، ومشروع الـ3000 شقة»، مشيرًا إلى أن «أي تسليح جديد لم يصل إلى الثوار، لكن ما تغيّر، هو تشكيل غرفة عمليات واحدة، وقد تمكن مقاتلو الفصائل من الاستفادة من تغيّر الأحوال الجوية وتنفيذ هجوم مباغت».
وأفاد ناشطون، أن مقاتلي المعارضة «نشروا منذ بدء الهجوم يوم الجمعة عددا كبيرا من السيارات المفخخة، فضلا عن قيامهم بالقصف العنيف لزاوية المدينة الغربية من قواعدهم في ريف حلب». بينما أعلن المرصد السوري أن «انتحاريين انتشروا على مشارف المنطقة السكنية». وقال: «هذا التكتيك استخدم يوم الجمعة عندما سيطر مقاتلو المعارضة على منطقة ضاحية الأسد التي تضم عددا من القصور التي كان يسكنها كبار ضباط الجيش وتمتد لكيلومتر واحد في الزاوية الجنوبية الغربية من المدينة».
ورأى الخبير العسكري والاستراتيجي فايز مطر، أن «المطلوب من المعارضة، أن تعزز المواقع التي حررتها، وأخذ الحذر من عملية التفاف محتملة من ناحية الشيخ سعيد». وشدد على ضرورة «عدم التوقف عن شنّ الهجمات، كي لا تعطي النظام فرصة التقاط أنفسه وشنّ هجمات مضادة»، معتبرًا أن «العوامل الطبيعية وتغيير الطقس يصب في مصلحة المعارضة وليس النظام».
واعترفت وسائل إعلام إيرانية بمقتل العميد في الحرس الثوري الإيراني «ذاكر حيدر» مع مجموعة من عناصره خلال معارك حلب. كما نعت القائد في الباسيج الإيراني محمد اتابه مع 15 عنصرا إثر استهداف تجمعهم بالأكاديمية البارحة.



الإرياني يتهم الحوثي بالعيش في «غيبوبة سياسية» غداة تهديده المنادين بسيناريو سوريا

زعيم الحوثيين ظهر في أحدث خطبه متشنجاً وحاول طمأنة أتباعه (إ.ب.أ)
زعيم الحوثيين ظهر في أحدث خطبه متشنجاً وحاول طمأنة أتباعه (إ.ب.أ)
TT

الإرياني يتهم الحوثي بالعيش في «غيبوبة سياسية» غداة تهديده المنادين بسيناريو سوريا

زعيم الحوثيين ظهر في أحدث خطبه متشنجاً وحاول طمأنة أتباعه (إ.ب.أ)
زعيم الحوثيين ظهر في أحدث خطبه متشنجاً وحاول طمأنة أتباعه (إ.ب.أ)

تعليقاً على الخطبة الأخيرة لزعيم الحوثيين عبد الملك الحوثي، والتي حاول فيها ترهيب اليمنيين من الانتفاضة ضد انقلاب جماعته على غرار ما حدث في سوريا، بشّر وزير الإعلام اليمني معمر الإرياني باقتراب ساعة الخلاص من طغيان الانقلابيين في بلاده، وقال إن تلك الخطبة تؤكد أن الرجل «يعيش حالة من الغيبوبة السياسية، ولا يرى ما يحدث حوله».

وكان الحوثي حاول في أحدث خطبه، الخميس الماضي، أن يطمئن جماعته بأن الوضع في اليمن يختلف عن الوضع السوري، مراهناً على التسليح الإيراني، وعلى عدد المجندين الذين استقطبتهم جماعته خلال الأشهر الماضية تحت مزاعم محاربة أميركا وإسرائيل ومناصرة الفلسطينيين في غزة.

معمر الإرياني وزير الإعلام والثقافة والسياحة في الحكومة اليمنية (سبأ)

وقال الإرياني في تصريح رسمي: «إن المدعو عبد الملك الحوثي خرج من كهفه بخطاب باهت، مرتبك ومتشنج، في محاولة بائسة لترهيب اليمنيين، وتصوير ميليشياته الإيرانية كقوة لا تُقهر».

وأضاف أن تلك الخطبة «تؤكد مرة أخرى أن زعيم الميليشيا الحوثية يعيش حالة من الغيبوبة السياسية، لا يرى ما يحدث من حوله، ولا يدرك حجم الزلزال الذي ضرب المنطقة وأدى إلى سقوط المشروع التوسعي الإيراني، الذي سُخرت له على مدار أربعة عقود الإمكانات البشرية والسياسية والإعلامية والاقتصادية والعسكرية والدينية، وارتداداته القادمة على اليمن بكل تأكيد».

وأشار وزير الإعلام اليمني إلى أن الحوثي بدلاً من الاعتراف بأخطائه وخطاياه، والاعتذار والبحث عن مخرج له ولعصاباته، خرج ليهدد اليمنيين مجدداً بسفك دمائهم، مُكرراً مفردات التهديد والتخويف التي سبق أن استخدمها حسن نصر الله زعيم «حزب الله» ضد اللبنانيين والقوى السياسية اللبنانية.

وتساءل الإرياني بالقول: «ألم يردد حسن نصر الله، زعيم ميليشيا (حزب الله)، نفس الكلمات والوعيد؟ أين هو اليوم؟ وأين تلك (القوة العظيمة) التي وعد بها؟».

خطاب بائس

تحدث وزير الإعلام اليمني عن اقتراب ساعة الخلاص من الانقلاب، ووصف الخطاب الحوثي بـ«البائس»، وقال إنه يعكس واقعاً متجذراً في عقلية التطرف والعنف التي يُروج لها محور طهران، ويُظهر مدى تماهي الحوثي مع المشروع الإيراني المزعزع للأمن والاستقرار في المنطقة، وأضاف: «إن ما يمر به الحوثي اليوم هو مجرد صدى لما مر به نصر الله وغيره من زعماء الميليشيات المدعومة من إيران».

مسلح حوثي خلال تجمع في صنعاء (إ.ب.أ)

ونوّه الإرياني إلى أن البعض كان ينتظر من زعيم الميليشيا الحوثية، بعد سقوط المحور الفارسي والهزيمة المُذلة لإيران في سوريا، التي كانت تمثل العمود الفقري لمشروعها التوسعي في المنطقة، و«حزب الله» خط دفاعها الأول، أن يخرج بخطاب عقلاني يعتذر فيه لليمنيين عن الانقلاب الذي أشعل نار الحرب، وعن نهر الدماء والدمار والخراب الذي خلّفه، وعن الجرائم والانتهاكات التي ارتكبها بحقهم على مدى السنوات الماضية.

وتابع الوزير اليمني بالقول: «على عبد الملك الحوثي أن يعلم أن ساعة الخلاص قد اقتربت، فقد بات اليمنيون الذين عانوا الويلات منذ عقد من الزمان، وسُفكت دماؤهم ونهبت أموالهم، وهُتكت أعراضهم، وشهدوا بأم أعينهم أسوأ أنواع التعذيب والانتهاكات في المعتقلات السرية، أكثر إصراراً من أي وقت مضى على تحرير وطنهم من قبضة ميليشياته الفاشية، ولن يفوتوا هذه اللحظة التاريخية، وسيبذلون الغالي والنفيس لتحرير وطنهم والحفاظ على هويتهم الوطنية والعربية».

مفاجآت سارة

أكد الإرياني أن المستقبل يحمل النصر لليمنيين، وأن الأيام «حبلى بالمفاجآت السارة» - وفق تعبيره - وأن مصير الميليشيات الحوثية لن يكون مختلفاً عن باقي الميليشيات الإيرانية في المنطقة. وشدد الوزير على أن اليمن لن يكون إلا جزءاً من محيطه العربي، وسيظل يقاوم ويواجه الظلم والطغيان والتسلط حتى يستعيد حريته وسيادته، مهما كلف ذلك من تضحيات.

اليمنيون يأملون سقوطاً قريباً لانقلاب الجماعة الحوثية المدعومة من إيران (إ.ب.أ)

وأضاف الوزير بالقول: «الشعب اليمني، الذي دفع ولا يزال أثماناً باهظة في معركة البقاء، لن يتوانى عن دفع المزيد من التضحيات لإعادة وطنه حراً مستقلاً خالياً من النفوذ الإيراني التخريبي، وتحقيق النصر والتحرر والكرامة».

يشار إلى أن الأحداث المتسارعة في سوريا التي قادت إلى سقوط نظام بشار الأسد فتحت باب التطلّعات في اليمن نحو سيناريو مشابه يقود إلى إنهاء انقلاب الجماعة الحوثية المدعومة من إيران بأقل التكاليف، خصوصاً بعد الضربات التي تلقتها طهران في لبنان، وصولاً إلى طي صفحة هيمنتها على دمشق.