معارضو عون يؤخرون فوزه لـ«جولة رابعة».. وبري: «ما حصل ليس فخرًا للبنان»

في جلسة حضرتها عائلته وأكثر من 185 شخصية سياسية ودبلوماسية

معارضو عون يؤخرون فوزه لـ«جولة رابعة».. وبري: «ما حصل ليس فخرًا للبنان»
TT

معارضو عون يؤخرون فوزه لـ«جولة رابعة».. وبري: «ما حصل ليس فخرًا للبنان»

معارضو عون يؤخرون فوزه لـ«جولة رابعة».. وبري: «ما حصل ليس فخرًا للبنان»

قد تكون بعض التوقعات أشارت إلى احتمال أن لا تحسم نتيجة انتخاب الرئيس ميشال عون في الدورة الأولى، لكن لم يكن في الحسبان أن تمتد الجلسة إلى «الجولة الرابعة» بفعل «مشاغبة» أحد النواب، ما أدى إلى إعادة التصويت أربع مرات متتالية لتنتهي بحصول عون على 83 صوتا مقابل 36 صوتا للورقة البيضاء التي صوّت بها معارضوه، أبرزهم كتلة رئيس مجلس النواب نبيه بري، وكتلة تيار المردة النائب سليمان فرنجية. وقد يكون تعليق أحد الصحافيين المخضرمين على جلسة الأمس كافيا لوصف أجوائها بقوله «كنت حاضرا في جلسات انتخاب 4 رؤساء سابقين لكن ما شهدته هذه الجلسة لم ولن يحصل»، فيما قال رئيس اللقاء الديمقراطي النائب وليد جنبلاط لـ«الشرق الأوسط» إنّ «الجلسة عكست قواعد اللعبة الديمقراطية وعلينا القبول بها».
ابتسامة بري عند دخوله قاعة المجلس واستقباله بالتصفيق سائلا: «شو في؟» قد تعكس «غرابة» المشهد بالنسبة إليه وإلى كل اللبنانيين بعد انقطاع المجلس عن انعقاد جلساته لأشهر طويلة إضافة إلى اكتمال النصاب، على غير العادة، بحضور جميع النواب الـ127 بعد استقالة النائب روبير فاضل.
هذا الحضور النيابي إلى جانب حضور أكثر من 185 شخصية سياسية ودبلوماسية، كان كفيلا بإعلان رئيس المجلس بدء الجلسة وبالتالي تمرير الصندوق على النواب للتصويت، لتكون نتيجة الدورة الأولى حصول عون على 84 صوتا أي أقل بصوتين من الثلثين، العدد المطلوب للفوز، مقابل 36 ورقة بيضاء، و6 أوراق ملغاة إضافة إلى ورقة باسم النائب جيلبرت زوين. وهي النتيجة التي شكّلت مفاجأة بالنسبة إلى معظم الحضور وعلى رأسهم عون وكتلته وعائلته التي كانت حاضرة بأكملها، بناته وأزواجهن وأحفاده، ليعلن بري بعدها الانتقال إلى الدورة الثانية التي يتطلب الفوز بها حصول عون على نصف عدد أصوات النواب زائد واحد. وتوزّعت الأوراق الملغاة على 5 حملت عبارة «ثورة الأرز في خدمة لبنان» من المرجّح أنها تعود لنواب «حزب الكتائب»، وواحدة حملت اسم عارضة الأزياء اللبنانية ميريام كلينك المعروفة بتأييدها عون للرئاسة، فطالب عندها رئيس حزب الكتائب النائب سامي الجميل باحتساب الورقة التي تحمل اسم كلينك، ليردّ بري بقوله: «إنها أرثوذكسية» في إشارة إلى أن الرئيس يجب أن يكون من الطائفة المارونية.
وإذا كانت الفترة الفاصلة بين جولات الانتخاب فرصة للحوارات الجانبية بين بعض النواب، فقد حرص خلالها رئيس تيار المستقبل، رئيس الحكومة السابق سعد الحريري، على إلقاء التحية على الرئيس المنتخب، فيما كانت مناسبة لـ«لقاء الأضداد» جمعت بين النائب جنبلاط والنائب عن حزب البعث عاصم قانصوه، بينما كان رئيس التيار الوطني الحر وزير الخارجية جبران باسيل قد استبق انطلاق الجلسة، ليصعد إلى الطابق الأعلى، ويدخل بين الصحافيين ليلتقط صورة لابنته الجالسة ضمن الحضور في الصفوف التي خصّصت لعائلة الرئيس المنتخب.
الانطلاق في الدورة الثانية لم يكن بدوره سهلا على الرئيس الذي كان يتابع بدقة عملية احتساب الأصوات التي كان يتولاها إلى جانبه النائب في كتلته آلان عون ويقوم بتصويره عند الإدلاء بصوته. فكوب من الماء وحبّة حلوى تساعد في تمرير هذه اللحظات الدقيقة قبل البدء بعملية احتساب الجولة الثانية التي عادت وألغيت بدورها لوجود 128 ورقة في صندوق الاقتراع بدل 127، وهو الأمر الذي تكرّر في الجولة الثالثة، في حين رفض النائب سامي الجميل اقتراح بري بفرز الأصوات واعتماد النتيجة إذا كان الفارق أكثر من صوت وإلغائها إذا كان صوتا واحدا، ما أدى إلى تكرار التصويت للمرة الرابعة على التوالي إنما وبدل تمرير الصندوق على النواب هذه المرة تم وضعه في وسط القاعة ليقوم كل منهم ويضع ورقته بنفسه، ليقول عندها بري «مرّ وقت طويل ولم ننتخب خلاله فلنتعلم..»..
هذا الحلّ أتاح لبري الترحيب المباشر بالنائب في كتلة المستقبل، عقاب صقر عند الإدلاء بصوته، قائلا له «اقترب لم نرك منذ وقت»، تعليقا على عودة صقر إلى لبنان لحضور جلسة انتخاب الرئيس بعد غياب قسري دام سنوات لأسباب سياسية مرتبطة بشكل أساسي بالأزمة في سوريا ومواقفه الداعمة للمعارضة.
الأجواء هذه وما نتج عنها من بلبلة واستياء عدد كبير من الحضور في قاعة مجلس النواب جعلت رئيس المجلس يذكّر النواب بأن الجلسة تنقل مباشرة على الهواء وبحضور عدد كبير من الدبلوماسيين الأجانب والعرب قائلا «يا عيب الشوم... لا أظن أن ما يحصل فخر للبنان»، فيما كان عدد كبير من النواب منشغلين بهواتفهم والتقاط صور، بينما كان النائب جنبلاط يعلم متابعيه بمستجدات الجلسة عبر حسابه على «تويتر».
الجولة الرابعة كانت حاسمة بفوز عون رئيسا للجمهورية اللبنانية، بحصوله على 83 صوتا و36 ورقة بيضاء و6 أوراق ملغاة، 5 لحزب الكتائب كتبت عليها عبارة «ثورة الأرز مستمرة» وواحدة كتب عليها اسم الرواية اليوناني «زوربا» وأخرى كتب عليها عبارة «مجلس شرعي أم غير شرعي» في إشارة إلى ما كان عون يتّهم به المجلس النيابي بأنه مجلس غير شرعي بعد التمديد له، إضافة إلى ورقة حملت اسم النائب ستريدا جعجع.
لكن وبما أن الدورة الثانية تتطلب حصول المرشّح على نصف الأصوات زائد واحد، أي 65 صوتا، فإن الوصول إلى هذا الرقم عند احتساب الأصوات كان بمثابة إعلان الفوز، بحيث علا حينها التصفيق والصراخ في القاعة وبكت بنات الرئيس الحاضرات في الجلسة، من الفرحة التي انتظرنها أكثر من 26 عاما، وتزدحم عندها صور «السيلفي» وفي خلفها الرئيس المنتخب وهو يتلو «خطاب القسم» من على المنبر، ولا سيّما من قبل المسؤولين في التيار وعائلة الرئيس المنتخب.



الحوثيون يكثفون انتهاكاتهم بحق الأكاديميين في الجامعات

فعالية حوثية داخل جامعة صنعاء تضامناً مع «حزب الله» (إعلام حوثي)
فعالية حوثية داخل جامعة صنعاء تضامناً مع «حزب الله» (إعلام حوثي)
TT

الحوثيون يكثفون انتهاكاتهم بحق الأكاديميين في الجامعات

فعالية حوثية داخل جامعة صنعاء تضامناً مع «حزب الله» (إعلام حوثي)
فعالية حوثية داخل جامعة صنعاء تضامناً مع «حزب الله» (إعلام حوثي)

كثّفت الجماعة الحوثية استهدافها مدرسي الجامعات والأكاديميين المقيمين في مناطق سيطرتها بحملات جديدة، وألزمتهم بحضور دورات تعبوية وزيارات أضرحة القتلى من قادتها، والمشاركة في وقفات تنظمها ضد الغرب وإسرائيل، بالتزامن مع الكشف عن انتهاكات خطيرة طالتهم خلال فترة الانقلاب والحرب، ومساعٍ حثيثة لكثير منهم إلى الهجرة.

وذكرت مصادر أكاديمية في العاصمة اليمنية المختطفة صنعاء لـ«الشرق الأوسط» أن مدرسي الجامعات العامة والخاصة والموظفين في تلك الجامعات يخضعون خلال الأسابيع الماضية لممارسات متنوعة؛ يُجبرون خلالها على المشاركة في أنشطة خاصة بالجماعة على حساب مهامهم الأكاديمية والتدريس، وتحت مبرر مواجهة ما تسميه «العدوان الغربي والإسرائيلي»، ومناصرة فلسطينيي غزة.

وتُلوّح الجماعة بمعاقبة مَن يتهرّب أو يتخلّف من الأكاديميين في الجامعات العمومية، عن المشاركة في تلك الفعاليات بالفصل من وظائفهم، وإيقاف مستحقاتهم المالية، في حين يتم تهديد الجامعات الخاصة بإجراءات عقابية مختلفة، منها الغرامات والإغلاق، في حال عدم مشاركة مدرسيها وموظفيها في تلك الفعاليات.

أكاديميون في جامعة صنعاء يشاركون في تدريبات عسكرية أخضعهم لها الحوثيون (إعلام حوثي)

وتأتي هذه الإجراءات متزامنة مع إجراءات شبيهة يتعرّض لها الطلاب الذين يجبرون على حضور دورات تدريبية قتالية، والمشاركة في عروض عسكرية ضمن مساعي الجماعة لاستغلال الحرب الإسرائيلية على غزة لتجنيد مقاتلين تابعين لها.

انتهاكات مروّعة

وكان تقرير حقوقي قد كشف عن «انتهاكات خطيرة» طالت عشرات الأكاديميين والمعلمين اليمنيين خلال الأعوام العشرة الماضية.

وأوضح التقرير الذي أصدرته «بوابة التقاضي الاستراتيجي»، التابعة للمجلس العربي، بالتعاون مع الهيئة الوطنية للأسرى والمختطفين، قبل أسبوع تقريباً، وغطّي الفترة من مايو (أيار) 2015، وحتى أغسطس (آب) الماضي، أن 1304 وقائع انتهاك طالت الأكاديميين والمعلمين في مناطق سيطرة الجماعة الحوثية التي اتهمها باختطافهم وتعقبهم، ضمن ما سمّاها بـ«سياسة تستهدف القضاء على الفئات المؤثرة في المجتمع اليمني وتعطيل العملية التعليمية».

أنشطة الجماعة الحوثية في الجامعات طغت على الأنشطة الأكاديمية والعلمية (إكس)

ووثّق التقرير حالتي وفاة تحت التعذيب في سجون الجماعة، وأكثر من 20 حالة إخفاء قسري، منوهاً بأن من بين المستهدفين وزراء ومستشارين حكوميين ونقابيين ورؤساء جامعات، ومرجعيات علمية وثقافية ذات تأثير كبير في المجتمع اليمني.

وتضمن التقرير تحليلاً قانونياً لمجموعة من الوثائق، بما في ذلك تفاصيل جلسات التحقيق ووقائع التعذيب.

ووفق تصنيف التقرير للانتهاكات، فإن الجماعة الحوثية نفّذت 1046 حالة اختطاف بحق مؤثرين، وعرضت 124 منهم للتعذيب، وأخضعت اثنين من الأكاديميين و26 من المعلمين لمحاكمات سياسية.

وتشمل الانتهاكات التي رصدها التقرير، الاعتقال التعسفي والإخفاء القسري والتعذيب الجسدي والنفسي والمحاكمات الصورية وأحكام الإعدام.

عشرات الأكاديميين لجأوا إلى طلب الهجرة بسبب سياسات الإقصاء الحوثية وقطع الرواتب (إكس)

وسبق أن كشف تقرير تحليلي لأوضاع الأكاديميين اليمنيين عن زيادة في طلبات العلماء والباحثين الجامعيين للهجرة خارج البلاد، بعد تدهور الظروف المعيشية، واستمرار توقف رواتبهم، والانتهاكات التي تطال الحرية الأكاديمية.

وطبقاً للتقرير الصادر عن معهد التعليم الدولي، ارتفعت أعداد الطلبات المقدمة من باحثين وأكاديميين يمنيين لصندوق إنقاذ العلماء، في حين تجري محاولات لاستكشاف الطرق التي يمكن لقطاع التعليم الدولي من خلالها مساعدة وتغيير حياة من تبقى منهم في البلاد إلى الأفضل.

إقبال على الهجرة

يؤكد المعهد الدولي أن اليمن كان مصدر غالبية الطلبات التي تلقّاها صندوق إنقاذ العلماء في السنوات الخمس الماضية، وتم دعم أكثر من ثلثي العلماء اليمنيين داخل المنطقة العربية وفي الدول المجاورة، بمنحة قدرها 25 ألف دولار لتسهيل وظائف مؤقتة.

قادة حوثيون يتجولون في جامعة صنعاء (إعلام حوثي)

لكن تحديات التنقل المتعلقة بالتأشيرات وتكلفة المعيشة والاختلافات اللغوية الأكاديمية والثقافية تحد من منح الفرص للأكاديميين اليمنيين في أميركا الشمالية وأوروبا، مقابل توفر هذه الفرص في مصر والأردن وشمال العراق، وهو ما يفضله كثير منهم؛ لأن ذلك يسمح لهم بالبقاء قريباً من عائلاتهم وأقاربهم.

وخلص التقرير إلى أن العمل الأكاديمي والبحثي داخل البلاد «يواجه عراقيل سياسية وتقييداً للحريات ونقصاً في الوصول إلى الإنترنت، ما يجعلهم يعيشون فيما يُشبه العزلة».

وأبدى أكاديمي في جامعة صنعاء رغبته في البحث عن منافذ أخرى قائمة ومستمرة، خصوصاً مع انقطاع الرواتب وضآلة ما يتلقاه الأستاذ الجامعي من مبالغ، منها أجور ساعات تدريس محاضرات لا تفي بالاحتياجات الأساسية، فضلاً عن ارتفاع الإيجارات.

إجبار الأكاديميين اليمنيين على المشاركة في الأنشطة الحوثية تسبب في تراجع العملية التعليمية (إكس)

وقال الأكاديمي الذي طلب من «الشرق الأوسط» التحفظ على بياناته خوفاً على سلامته، إن الهجرة ليست غاية بقدر ما هي بحث عن وظيفة أكاديمية بديلة للوضع المأساوي المعاش.

ويقدر الأكاديمي أن تأثير هذه الأوضاع أدّى إلى تدهور العملية التعليمية في الجامعات اليمنية بنسبة تتجاوز نصف الأداء في بعض الأقسام العلمية، وثلثه في أقسام أخرى، ما أتاح المجال لإحلال كوادر غير مؤهلة تأهيلاً عالياً، وتتبع الجماعة الحوثية التي لم تتوقف مساعيها الحثيثة للهيمنة على الجامعات ومصادرة قرارها، وصياغة محتوى مناهجها وفقاً لرؤية أحادية، خصوصاً في العلوم الاجتماعية والإنسانية.

وفي حين فقدت جامعة صنعاء -على سبيل المثال- دورها التنويري في المجتمع، ومكانتها بصفتها مؤسسة تعليمية، تُشجع على النقد والتفكير العقلاني، تحسّر الأكاديمي اليمني لغياب مساعي المنظمات الدولية في تبني حلول لأعضاء هيئة التدريس، سواء في استيعابهم في مجالات أو مشروعات علمية، متمنياً ألا يكون تخصيص المساعدات لمواجهة المتطلبات الحياتية للأكاديميين غير مشروط أو مجاني، وبما لا يمس كرامتهم.