في الصومال.. رسوم الترشح لغرفتي البرلمان تتراوح بين 5 و10 آلاف دولار

الانتخابات البرلمانية والرئاسية تتزامن مع التوتر الأمني

جانب من تفجير إرهابي استهدف قاعدة عسكرية للاتحاد الأفريقي في صوماليا الثلاثاء الماضي (أ.ف.ب)
جانب من تفجير إرهابي استهدف قاعدة عسكرية للاتحاد الأفريقي في صوماليا الثلاثاء الماضي (أ.ف.ب)
TT

في الصومال.. رسوم الترشح لغرفتي البرلمان تتراوح بين 5 و10 آلاف دولار

جانب من تفجير إرهابي استهدف قاعدة عسكرية للاتحاد الأفريقي في صوماليا الثلاثاء الماضي (أ.ف.ب)
جانب من تفجير إرهابي استهدف قاعدة عسكرية للاتحاد الأفريقي في صوماليا الثلاثاء الماضي (أ.ف.ب)

مع انتهاء شهر أكتوبر (تشرين الأول)، يبدأ العد التنازلي للانتخابات الرئاسية والبرلمانية في الصومال، حيث من المقرر أن يتم استكمال انتخاب الغرفة الأولى للبرلمان الصومالي (مجلس الأعيان) التي تتكون من 54 عضوا يمثلون الأقاليم الفيدرالية الصومالية، تليها انتخابات الغرفة الثانية (مجلس الشعب)، على أن يتم الانتهاء من انتخاب المجلسين في العاشر من نوفمبر (تشرين الثاني)، لتبدأ بعدها الاستعدادات للانتخابات الرئاسية المزمع عقدها في الـ30 من الشهر نفسه.
وقد بدأت انتخابات مجلس الأعيان منتصف الشهر الحالي، وحسمت حتى الآن انتخابات أعضاء مجلس الأعيان الممثلين لأربعة أقاليم هي بونت لاند، وجوبا لاند، وجلمدغ، وإقليم جنوب غرب، فيما يتوقع أن يتم انتخاب الأعضاء الباقين الذين يمثلون إقليم هيرشبيلي وإقليم أرض الصومال الرافض للعملية الانتخابية، لكن يتم تمثيله في مجلس الأعيان بالتساوي مع الأقاليم الفيدرالية الأخرى.
في هذه الأثناء، تجري الاستعدادات لانتخاب أعضاء الغرفة الثانية من البرلمان (مجلس الشعب) المكونة من 275 عضوا تم تقسيمهم على أساس المحاصصة القبلية التي تصنف القبائل الصومالية إلى خمس مجموعات رئيسية، تتفرّع عنها مئات العشائر. ويجري انتخاب مجلس الشعب الصومالي في خمس من عواصم الأقاليم الفيدرالية إلى جانب العاصمة مقديشو، إذ يختار ممثلون يبلغ عددهم 14029 أعضاء مجلس الشعب البالغ عددهم 275 عضوا، بواقع 51 منتخبا لكل نائب في المجلس.
ويدفع المرشحون لمجلس الشعب رسوم الترشح التي تبلغ خمسة آلاف دولار، وعشرة آلاف دولار للترشح لمجلس الأعيان. وتم تخفيض هذه الرسوم إلى النصف بالنسبة للنساء المترشحات لعضوية المجلسين.
وقد تم الاتفاق مسبقا على هذه الانتخابات غير المباشرة بسبب تعذر إجراء انتخابات مباشرة لأعضاء البرلمان بسبب الأوضاع الأمنية والتكاليف اللوجيستية الباهظة، إضافة إلى عدم وجود إحصاء لتعداد السكان.
وتشرف لجنتان وطنيتان على عملية الانتخابات، الأولى هي «اللجنة الوطنية للانتخابات غير المباشرة» التي شكلت باتفاق بين الحكومة المركزية ورؤساء الأقاليم الفيدرالية، والثانية هي «اللجنة الوطنية لحل الخلافات بشأن الانتخابات» ومهمتها البت في الشكاوى والخلافات التي تنشب بين المرشحين أثناء عملية الانتخابات.
وتضم لجنة حل الخلافات مجموعة من الشخصيات الاعتبارية ذات خلفيات مختلفة، وتحظى باحترام الأطراف الصومالية، ولا علاقة لها بالتنافس السياسي. وقال رئيسها، عبد الرزاق جامع بري، في مؤتمر صحافي بالعاصمة مقديشو إن «اللجنة تلقت حتى الآن نحو 1200 شكوى تتعلق بالعملية الانتخابية وتدرسها اللجنة لفرزها والبت فيها». وأضاف بري أن هذا عدد كبير وبعضه خارج عن اختصاص لجنة حل الخلافات، منوها: «اختصاصنا يتعلق بالانتخابات، ولا شأن لنا بالخلافات بين القبائل نفسها».
وأضاف رئيس لجنة حل الخلافات بشأن الانتخابات الصومالية أن اللجنة تدرس كل حالة شكوى بشكل منفصل: «ويحق فقط لكل مرشح لعضوية مجلسي البرلمان ومسجل في القوائم الانتخابية التقدم بشكواه إلى لجنة حل الخلافات بعد أن يدفع رسوما غير مسترجعة قيمتها ألف دولار أميركي، ويتم نشر نتائج الشكوى بشكل علني».
وتتزامن عملية الانتخابات البرلمانية والرئاسية في الصومال مع أوضاع أمنية متقلبة نسبيا، إذ تقوم قوات الاتحاد الأفريقي وقوات الحكومة الصومالية على حماية الأمن أثناء سير الانتخابات، للحيلولة دون هجمات حركة الشباب الموالية لـ«القاعدة» التي تسعى إلى عرقلة الانتخابات.
لكن القوات الإثيوبية التي تدعم قوات الحكومة الصومالية انسحبت مؤخرا بشكل مفاجئ من عدد من المدن الصومالية المهمة في وسط وجنوب الصومال، الأمر الذي أحدث فراغا أمنيا في هذه المناطق. وقد استولى مقاتلو حركة الشباب على معظم المناطق التي انسحبت منها القوات الإثيوبية خلال الأيام الماضية، مما قد يخلق حالة أمنية جديدة من شأنها أن تخلط الأوراق من جديد.
وقد التزمت الحكومتان الإثيوبية والصومالية بالصمت حول أسباب وتوقيت هذا الانسحاب، في الوقت الذي تجري فيه الانتخابات الرئاسية والبرلمانية.
في هذه الأثناء، تستمر الاشتباكات القبلية في مدينة جالكعيو، عاصمة إقليم جلمدغ بوسط الصومال (نحو 700كم إلى شمال مقديشو)، بين ميليشيات تابعة لإقليم بونت لاند وأخرى تابعة لإقليم جلمدغ في هذه المدينة التي يخضع شطراها لإدارتين مختلفتين من الإقليمين.
وتتبادل حكومتا الإقليمين الاتهامات بأن الطرف الآخر هو الذي تسبب في نشوب المعارك الدائرة، ولم تسفر المحاولات التي تبذلها الحكومة المركزية ووسطاء محليون آخرون في وقف هذه الاشتباكات.
وتقدر بعض منظمات الإغاثة نزوح نحو 90 في المائة من سكان مدنية جالكعيو، البالغ عددهم نحو 140 ألف نسمة، إلى خارج المدينة سواء إلى القرى المجاورة أو الضواحي البعيدة عن القتال. وهناك مخاوف من تفاقم الأزمة الإنسانية في المدينة والمناطق القريبة منها إذا استمرت الاشتباكات.



المدارس الأهلية في صنعاء تحت وطأة الاستقطاب والتجنيد

الحوثيون يجبرون طلاب المدارس على المشاركة في أنشطة تعبوية (إعلام حوثي)

جانب من استهداف حوثي لطلبة المدارس في ضواحي صنعاء (فيسبوك)
الحوثيون يجبرون طلاب المدارس على المشاركة في أنشطة تعبوية (إعلام حوثي) جانب من استهداف حوثي لطلبة المدارس في ضواحي صنعاء (فيسبوك)
TT

المدارس الأهلية في صنعاء تحت وطأة الاستقطاب والتجنيد

الحوثيون يجبرون طلاب المدارس على المشاركة في أنشطة تعبوية (إعلام حوثي)

جانب من استهداف حوثي لطلبة المدارس في ضواحي صنعاء (فيسبوك)
الحوثيون يجبرون طلاب المدارس على المشاركة في أنشطة تعبوية (إعلام حوثي) جانب من استهداف حوثي لطلبة المدارس في ضواحي صنعاء (فيسبوك)

كثفت الجماعة الحوثية من استهداف قطاع التعليم الأهلي ومنتسبيه في العاصمة اليمنية المختطفة صنعاء، من خلال إجبار الطلبة والمعلمين في عدد من المدارس الأهلية على المشاركة فيما تسميه الجماعة «تطبيقات عسكرية ميدانية»؛ بغية تجنيدهم للدفاع عن أجندتها ذات البعد الطائفي.

وبحسب مصادر تربوية يمنية تحدثت لـ«الشرق الأوسط»، دشنت الجماعة الحوثية خلال الأيام القليلة الماضية حملات تجنيد للطلاب والكادر التربوي من أجل استقطاب مقاتلين جدد إلى صفوفها.

الانقلابيون أخضعوا طلاباً وتربويين في صنعاء للتعبئة الفكرية والعسكرية (إكس)

ويفرض الانقلابيون الحوثيون على مديري المدارس الخاصة في صنعاء اختيار 15 طالباً و10 تربويين من كل مدرسة في صنعاء؛ لإلحاقهم بدورات تعبوية وعسكرية. كما تتوعد الجماعة - طبقاً للمصادر - الرافضين لتلك التوجيهات بعقوبات مشددة تصل إلى حد الإغلاق وفرض غرامات مالية تأديبية.

وأثار الاستهداف الحوثي الأخير للمدارس موجة غضب ورفض في أوساط الطلبة والمعلمين وأولياء الأمور، فيما اتهم التربويون الجماعة بالمضي في استغلال مؤسسات التعليم بعد تجريفها للحشد والتجنيد.

واشتكى أولياء الأمور في صنعاء لـ«الشرق الأوسط»، من استهداف أطفالهم بعد أخذهم عنوة من فصول الدراسة دون معرفتهم إلى أماكن مجهولة لتدريبهم على القتال وغسل أدمغتهم بالأفكار المتطرفة، تمهيداً للزج بهم إلى الجبهات.

ونتيجة لذلك الاستهداف، شهد عدد من المدارس الأهلية في صنعاء غياباً ملحوظاً للطلبة والمعلمين الذي رفضوا استمرار الحضور، جراء ما يقوم به الانقلابيون من إجبار على الالتحاق بالدورات القتالية.

وأفادت مصادر تربوية في صنعاء بأن عدداً كبيراً من أولياء الأمور منعوا أبناءهم من الذهاب للمدارس، خصوصاً تلك المستهدفة حالياً من قبل الجماعة، وذلك خوفاً عليهم من الخضوع القسري للتجنيد.

تعبئة مستمرة

أجبر الانقلابيون الحوثيون مديري مدارس «التواصل» و«منارات» و«النهضة» «ورواد»، وهي مدارس أهلية في صنعاء، على إيقاف الدراسة ليوم واحد بحجة عقد اجتماعات معهم. كما ألزمت الجماعة من خلال تلك الاجتماعات المدارس بتوفير ما لا يقل عن 25 طالباً وتربوياً من كل مدرسة للمشاركة فيما تسميه الجماعة «تطبيقات عسكرية ميدانية».

وشهدت إحدى المناطق في ضواحي صنعاء قبل يومين تدريبات عسكرية ختامية لدفعة جديدة تضم أكثر من 250 طالباً ومعلماً، جرى اختيارهم من 25 مدرسة في مديرية الحيمة الداخلية بصنعاء، وإخضاعهم على مدى أسابيع لدورات قتالية ضمن ما تسميه الجماعة «المرحلة الخامسة من دورات (طوفان الأقصى)».

اتهامات لجماعة الحوثي بإجبار مدارس على تقديم مقاتلين جدد (إعلام حوثي)

ونقلت وسائل إعلام حوثية عن قيادات في الجماعة تأكيدها أن الدورة ركزت على الجانب التعبوي والقتالي، استجابةً لتوجيهات زعيم الجماعة عبد الملك الحوثي؛ استعداداً لما يسميه «مواجهة الأعداء وتحرير الأقصى».

يتزامن هذا التحرك الانقلابي مع استمرار معاناة عشرات الآلاف من المعلمين والتربويين في كافة المناطق تحت سيطرة الجماعة؛ بسبب انقطاع رواتبهم منذ عدة سنوات، مضافاً إليها ارتكاب الجماعة سلسلة لا حصر لها من الانتهاكات التي أدت إلى تعطيل العملية التعليمة بعموم مناطق سيطرتها.

وكانت الجماعة الحوثية أخضعت في أواخر أغسطس (آب) الماضي، أكثر من 80 معلماً وتربوياً في مديرية الصافية في صنعاء لدورات تعبوية وقتالية، كما أرغمت المدارس الأهلية في صنعاء، في حينها، على إحياء مناسبات ذات منحى طائفي، تُضاف إلى أنشطة تعبوية سابقة تستهدف أدمغة وعقول الطلبة بهدف تحشيدهم إلى الجبهات.

وتتهم عدة تقارير محلية وأخرى دولية جماعة الحوثي بأنها لم تكتفِ بتدمير قطاع التعليم في مناطق سيطرتها، من خلال نهب مرتبات المعلمين واستهداف وتفجير المدارس وإغلاق بعضها وتحويل أخرى لثكنات عسكرية، بل سعت بكل طاقتها لإحلال تعليم طائفي بديل يحرض على العنف والقتل والكراهية.