مستبشرين بوعود فصائل المعارضة بفك الحصار عنهم، يتفاعل أهالي الأحياء الشرقية في حلب مع أحداث المعركة التي تدور رحاها على أطراف مدينتهم. ورغم أن معركة الاستنزاف مع الحصار الذي دخل شهره الثالث لم تترك لهم الكثير ليقدموه، فإنهم يدركون جيدًا مفصلية هذه المعركة وتداعياتها عليهم.
وقد أصبح حرق الإطارات في أحياء حلب الشرقية المظهر الأبرز لتفاعل الأهالي مع المعارك التي تدور غير بعيد عن أحيائهم، حيث يتسبب الدخان المنبعث من حرق الإطارات في تشكيل سحابة سوداء تغطي سماء المدينة، فتحجب رؤية الطيران الحربي الذي لا يغادر السماء. ورغم أن هذه العملية تتم لأهداف عسكرية، فإنها أصبحت تأخذ شكل الاحتفالية في معظم أحياء المدينة، فيجتمع الأهالي في الساحات لإضرام النار في أكوام الإطارات وما جمعوه من منازلهم، ويتبادلون بحماس وتفاؤل آخر الأخبار عن المعركة، وغالبًا ما تتحول هذه التجمعات إلى مظاهرات تردد هتافات تطالب بالحرية وكسر الحصار.
يشعل أبو محمود كومة من الإطارات على مقربة من منزله في حي الميسر، وسط تجمهر بعض أهالي الحي، ويتحدث لـ«لشرق الأوسط» متفائلاً بنتائج المعركة: «الثوار وضعوا كل إمكاناتهم لفك الحصار عنّا، ونحن سنضع كل إمكاناتنا لمساعدتهم»، متابعًا: «هذه معركتنا الفاصلة، وسننتصر بإذن الله».
ولا تغيب عن المشهد مجموعات الأطفال الذين أصبح يطلق عليه محليًا «كتائب الدفاع الجوي»؛ تجوب أحياء المدينة بحثًا عن الإطارات المستعملة وكل ما يمكن إحراقه، لجلبها وإلقائها في النار بهدف إبقائها مشتعلة أطول فترة ممكنة. وخلال هذه العملية، يجد الأطفال متسعًا للعب والركض في شوارع المدينة غير مبالين بصوت المدافع وهدير الطائرات المحلقة فوقهم.
يتشارك الطفل أيمن (7 سنوات) وبعض أقرانه في دحرجة إطار وإلقائه في كومة من الإطارات المشتعلة، ويشرح سبب إشعال تلك الإطارات بقوله: «نشعل هذه الدواليب كي نمنع الطائرات من رؤيتنا»، مستطردا: «نحن نتدفّأ عليها أيضًا لأن الطقس بات باردًا».
بالونات الهيدروجين أيضًا كانت إحدى الطرق الجديدة التي ابتكرها أهالي الأحياء الشرقية لدعم فصائل المعارضة، وعرقلة حركة الطائرات في الجو.
وتقوم الفكرة على ملء بالونات مطاطية بغاز الهيدروجين، وربط قطعة معدنية بها، ثم إطلاقها في الجو. ويعتقد الأهالي أن هذه العملية قد تؤدي إلى تعطيل محرك الطائرة، إذا تم سحب هذه البالونات عبر محركات الطائرات النفاثة التي تحلق في سماء المدينة.
غير أن إبراهيم، فني الإشارة في قوات المعارضة، علق لـ«الشرق الأوسط» على فاعلية هذه الفكرة بقوله: «لم نسجل أي حالة تسببت فيها هذه البالونات بأضرار في الطائرات التي تنفذ طلعاتها الجوية فوق المدينة، لكننا رصدنا بالأمس مكالمة لاسلكية بين أحد الطيارين وبرج المراقبة في المطار (مطار النيرب)، ينبههم إلى وجود أجسام غريبة في الجو، مما تسبب بمنع الطائرة من الانخفاض وقصف أهدافها».
ومع اشتداد المعارك، وتتابع أخبار التقدم الذي تحرزه فصائل المعارضة على الجبهات الغربية لليوم الثالث على التوالي، يتناسى أهالي الأحياء الشرقية في حلب حصارهم، ليغلب عليهم الأمل والتفاؤل بانتهاء قريب لمحنتهم، فهذه المعركة أصبحت تمثل أملهم الوحيد والأخير للبقاء في مدينتهم، بعد إحكام الحصار عليها من قبل قوات النظام وحلفائه منذ أكثر من شهرين، ووضع أكثر من 300 ألف شخص بين خيار الموت أو التهجير القسري، وسط فشل الجهود الدبلوماسية الدولية في التوصل إلى حل لأكبر أزمة عرفتها سوريا منذ بدء الحرب.
أهالي حلب متفائلون بفك الحصار.. والمعركة أملهم للبقاء في المدينة
بالونات الهيدروجين والإطارات المشتعلة وسيلة مقاومة تشوش على قصف الطيران
أهالي حلب متفائلون بفك الحصار.. والمعركة أملهم للبقاء في المدينة
لم تشترك بعد
انشئ حساباً خاصاً بك لتحصل على أخبار مخصصة لك ولتتمتع بخاصية حفظ المقالات وتتلقى نشراتنا البريدية المتنوعة