الحرس الثوري: حضورنا في سوريا يعيد التوازن للقوى العالمية

مقتل لواءين وعدد من ضباط الحرس الثوري في معركة فك الحصار عن حلب

الحرس الثوري: حضورنا في سوريا يعيد التوازن للقوى العالمية
TT

الحرس الثوري: حضورنا في سوريا يعيد التوازن للقوى العالمية

الحرس الثوري: حضورنا في سوريا يعيد التوازن للقوى العالمية

غداة مشاورات جرت بين الاتحاد الأوروبي وإيران، بحثا عن حلول سياسية يمكن لطهران أن تشارك بها في الأزمة السورية، قال مساعد قائد الحرس الثوري حسين سلامي، إن بلاده «مقبلة على حرب بمظهر جديد في منطقة غرب آسيا»، مؤكدا أن «حصيلة الحرب ستحدد مستقبل اللاعبين فيها».
وعاد سلامي مرة أخرى إلى حديث قادة الحرس الثوري عن خوض «حرب بالوكالة» في المنطقة، وقال إن بلاده «ستواصل مواقفها حتى تحقق أهدافها في المنطقة»، مضيفا أن الولايات المتحدة «فقدت القدرة على الحضور المباشر في المنطقة»، مشيرا إلى أن دور إيران العسكري «رفع رصيد الحراك الدبلوماسي الإيراني».
وفي إشارة إلى تدخل إيران، قال سلامي إن الحرب «سترافق تغييرات كبيرة وقوية على مستوى الجغرافيا السياسية، وإنها ستؤدي إلى استقرار وتوازن في العالم» حسب زعمه.
في شأن متصل، كشفت وسائل إعلام إيرانية عن مقتل اللواء في الحرس الثوري الإيراني، محمد علي حسيني، قائد لواء القوات الخاصة «كازرون» في شيراز في سوريا. لكن بيان الحرس الثوري ذكر أنه قضى بجلطة قلبية لدى عودته من سوريا. وفي التزامن مع ذلك، تناقلت مواقع «تليغرام» مقربة من الحرس الثوري الإيراني، مقتل اللواء محمد علي رافعي ومرافقيه، قرب مطار النيرب خلال معركة فك الحصار عن حلب.
وأعلنت وكالة «تسنيم» الإيرانية، أمس، عن مقتل الضابط في الحرس الثوري محمد كياني من مدينة إنديمشك شرق الأحواز، خلال معارك في سوريا أمس، من دون تحديد الموقع.
من جهتها، ذكرت وكالة «مهر» الإيرانية أن قادة الحرس الثوري يستقبلون دفعة جديدة من قتلى القوات الإيرانية في سوريا، الأربعاء المقبل في قم، مؤكدة تشييع 4 من قتلى فيلق «فاطميون».
وأوضح سلامي أن «ميزان القوى العالمية في طور التغيير باتجاه صعود بُعد جديد»، مشددا على أن «أي تدخل ومشاركة في كل مستوى في الهندسة الجديدة، من شأنه أن يساعد على صعود حلف جديد من القوى، ما يعني أن مشاركة إيران في تكوينه أمر ضروري». وكان سلامي يتحدث في مؤتمر الممثلين العسكريين لبلاده في الدول الأخرى.
وحذر سلامي من أي تراجع لإيران عن مواقفها الحالية في المنطقة. وفي جزء آخر من خطابه ذكر أن إيران «تتقدم في مسار اتخاذ القرار الإقليمي والدولي».
ويأتي كلام سلامي وسط تباين المواقف في الصحافة الإيرانية من الاجتماع الثلاثي الأخير بين إيران وروسيا والنظام السوري في موسكو، من جهة، والمشاورات التي أجرتها منسقة السياسة الخارجية في الاتحاد الأوروبي فيديريكا موغيريني من جهة أخرى. وبينما اعتبرت صحيفة «كيهان» الرسمية زيارة موغيريني «انتصارا لإيران»، سبقتها صحيفة «اعتماد» أول من أمس، بمخاوف حول مستقبل التحالف الروسي الإيراني، وبخاصة أن رفض الرئيس الروسي فلاديمير بوتين لقاء وزير الخارجية الإيراني، تزامن مع أوامره باستمرار توقف القصف الجوي على حلب.
وقالت صحيفة «اعتماد» في افتتاحيتها السبت الماضي، إن الاجتماع الوزاري جاء نتيجة مخاوف من انهيار التحالف الثلاثي الروسي الإيراني وقوات بشار الأسد. كما وصفت الصحيفة وضع التحالف الثلاثي في سوريا بـ«المعقد»، مرجحة أن يزداد الوضع الميداني تعقيدا في الأيام المقبلة. وأوضحت الصحيفة أن الوفد الإيراني برئاسة وزير الخارجية بحث خلال اجتماع موسكو «الانسجام والتنسيق أكثر من السابق على الصعيدين الميداني والسياسي».
ومن جملة ما بينته افتتاحية «اعتماد»، خشية إيرانية عميقة من معركة الرقة والتمهيد الأميركي والتركي والائتلاف الدولي لمحاربة «داعش»، وتأثير كل ذلك على مسار الوجود الإيراني في سوريا. وقالت إن تلك المعركة «ستكون مشهدا جديدا من المواجهات والصدامات في سوريا، وبخاصة أن تركيا تصر على المشاركة في تلك المعارك».
في هذا الصدد توقعت الصحيفة أن تتجه الأوضاع في المستقبل القريب إلى مواجهات بين اللاعبين الأساسيين في سوريا، أكثر من أي وقت مضى، وهو ما يستوجب على طهران تقاربا أكثر مع موسكو والنظام السوري في المرحلة المقبلة. وفي الوقت نفسه، تساءلت الصحيفة إذا ما كانت طهران ستقدم خدمات أكبر على أراضيها للروس، في تلميح واضح إلى دخول الروس ومغادرتهم من «قاعدة نوجة الجوية».
في المقابل قالت صحيفة «سياست روز» المتشددة، إن الاتحاد الأوروبي يريد اتباع طريقة التحفيز والضغط حتى يحصل على تراجع في الموقف الإيراني بسوريا.
صحيفة «كيهان» الرسمية عزفت على وتر التشاؤم من الحراك الدبلوماسي الأوروبي في المنطقة، واعتبرت توجه الاتحاد الأوروبي ووضعه الملف السوري ضمن أولوياته، نتيجة للتقدم الميداني لحلفاء إيران في سوريا.
وتظهر مواقف الصحف المقربة من المرشد الإيراني والحرس الثوري أن القرار في سوريا خارج عن صلاحية الجهاز الدبلوماسي، على الرغم من ترحيب وزير الخارجية محمد جواد ظريف بدور أوروبي فاعل في الأزمة السورية والتطورات الإقليمية. واعتبرت صحيفة «كيهان» دخول إيران في اتفاق دولي جديد لوضع مخرج سياسي للأزمة السورية «توقعا مضحكا وخارج السياق».



الحوثيون يكثّفون حملة الاعتقالات في معقلهم الرئيسي

جنود حوثيون يركبون شاحنة في أثناء قيامهم بدورية في مطار صنعاء (إ.ب.أ)
جنود حوثيون يركبون شاحنة في أثناء قيامهم بدورية في مطار صنعاء (إ.ب.أ)
TT

الحوثيون يكثّفون حملة الاعتقالات في معقلهم الرئيسي

جنود حوثيون يركبون شاحنة في أثناء قيامهم بدورية في مطار صنعاء (إ.ب.أ)
جنود حوثيون يركبون شاحنة في أثناء قيامهم بدورية في مطار صنعاء (إ.ب.أ)

أطلقت الجماعة الحوثية سراح خمسة من قيادات جناح حزب «المؤتمر الشعبي» في مناطق سيطرتها، بضمانة عدم المشاركة في أي نشاط احتجاجي أو الاحتفال بالمناسبات الوطنية، وفي المقابل كثّفت في معقلها الرئيسي، حيث محافظة صعدة، حملة الاعتقالات التي تنفّذها منذ انهيار النظام السوري؛ إذ تخشى تكرار هذه التجربة في مناطق سيطرتها.

وذكرت مصادر في جناح حزب «المؤتمر الشعبي» لـ«الشرق الأوسط»، أن الوساطة التي قادها عضو مجلس حكم الانقلاب الحوثي سلطان السامعي، ومحافظ محافظة إب عبد الواحد صلاح، أفضت، وبعد أربعة أشهر من الاعتقال، إلى إطلاق سراح خمسة من أعضاء اللجنة المركزية للحزب، بضمانة من الرجلين بعدم ممارستهم أي نشاط معارض لحكم الجماعة.

وعلى الرغم من الشراكة الصورية بين جناح حزب «المؤتمر» والجماعة الحوثية، أكدت المصادر أن كل المساعي التي بذلها زعيم الجناح صادق أبو راس، وهو عضو أيضاً في مجلس حكم الجماعة، فشلت في تأمين إطلاق سراح القادة الخمسة وغيرهم من الأعضاء؛ لأن قرار الاعتقال والإفراج مرتبط بمكتب عبد الملك الحوثي الذي يشرف بشكل مباشر على تلك الحملة التي طالت المئات من قيادات الحزب وكوادره بتهمة الدعوة إلى الاحتفال بالذكرى السنوية للإطاحة بأسلاف الحوثيين في شمال اليمن عام 1962.

قيادات جناح حزب «المؤتمر الشعبي» في صنعاء يتعرّضون لقمع حوثي رغم شراكتهم الصورية مع الجماعة (إكس)

في غضون ذلك، ذكرت وسائل إعلام محلية أن الجماعة الحوثية واصلت حملة الاعتقالات الواسعة التي تنفّذها منذ أسبوعين في محافظة صعدة، المعقل الرئيسي لها (شمال)، وأكدت أنها طالت المئات من المدنيين؛ حيث داهمت عناصر ما يُسمّى «جهاز الأمن والمخابرات»، الذين يقودهم عبد الرب جرفان منازلهم وأماكن عملهم، واقتادتهم إلى معتقلات سرية ومنعتهم من التواصل مع أسرهم أو محامين.

300 معتقل

مع حالة الاستنفار التي أعلنها الحوثيون وسط مخاوف من استهداف قادتهم من قبل إسرائيل، قدّرت المصادر عدد المعتقلين في الحملة الأخيرة بمحافظة صعدة بنحو 300 شخص، من بينهم 50 امرأة.

وذكرت المصادر أن المعتقلين يواجهون تهمة التجسس لصالح الولايات المتحدة وإسرائيل ودول أخرى؛ حيث تخشى الجماعة من تحديد مواقع زعيمها وقادة الجناح العسكري، على غرار ما حصل مع «حزب الله» اللبناني، الذي أشرف على تشكيل جماعة الحوثي وقاد جناحيها العسكري والمخابراتي.

عناصر من الحوثيين خلال حشد للجماعة في صنعاء (إ.ب.أ)

ونفت المصادر صحة التهم الموجهة إلى المعتقلين المدنيين، وقالت إن الجماعة تسعى لبث حالة من الرعب وسط السكان، خصوصاً في محافظة صعدة، التي تستخدم بصفتها مقراً أساسياً لاختباء زعيم الجماعة وقادة الجناح العسكري والأمني.

وحسب المصادر، تتزايد مخاوف قادة الجماعة من قيام تل أبيب بجمع معلومات عن أماكن اختبائهم في المرتفعات الجبلية بالمحافظة التي شهدت ولادة هذه الجماعة وانطلاق حركة التمرد ضد السلطة المركزية منذ منتصف عام 2004، والتي تحولت إلى مركز لتخزين الصواريخ والطائرات المسيّرة ومقر لقيادة العمليات والتدريب وتخزين الأموال.

ومنذ سقوط نظام الرئيس السوري بشار الأسد وانهيار المحور الإيراني، استنفرت الجماعة الحوثية أمنياً وعسكرياً بشكل غير مسبوق، خشية تكرار التجربة السورية في المناطق التي تسيطر عليها؛ حيث نفّذت حملة تجنيد شاملة وألزمت الموظفين العموميين بحمل السلاح، ودفعت بتعزيزات كبيرة إلى مناطق التماس مع القوات الحكومية خشية هجوم مباغت.

خلق حالة رعب

بالتزامن مع ذلك، شنّ الحوثيون حملة اعتقالات شملت كل من يُشتبه بمعارضته لسلطتهم، وبررت منذ أيام تلك الحملة بالقبض على ثلاثة أفراد قالت إنهم كانوا يعملون لصالح المخابرات البريطانية، وإن مهمتهم كانت مراقبة أماكن وجود قادتها ومواقع تخزين الأسلحة في صنعاء.

وشككت مصادر سياسية وحقوقية في صحة الرواية الحوثية، وقالت إنه ومن خلال تجربة عشرة أعوام تبيّن أن الحوثيين يعلنون مثل هذه العمليات فقط لخلق حالة من الرعب بين السكان، ومنع أي محاولة لرصد تحركات قادتهم أو مواقع تخزين الصواريخ والمسيرات.

انقلاب الحوثيين وحربهم على اليمنيين تسببا في معاناة ملايين السكان (أ.ف.ب)

ووفق هذه المصادر، فإن قادة الحوثيين اعتادوا توجيه مثل هذه التهم إلى أشخاص يعارضون سلطتهم وممارساتهم، أو أشخاص لديهم ممتلكات يسعى قادة الجماعة للاستيلاء عليها، ولهذا يعمدون إلى ترويج مثل هذه التهم التي تصل عقوبتها إلى الإعدام لمساومة هؤلاء على السكوت والتنازل عن ممتلكاتهم مقابل إسقاط تلك التهم.

وبيّنت المصادر أن المئات من المعارضين أو الناشطين قد وُجهت إليهم مثل هذه التهم منذ بداية الحرب التي أشعلتها الجماعة الحوثية بانقلابها على السلطة الشرعية في 21 سبتمبر (أيلول) عام 2014، وهي تهم ثبت زيفها، ولم تتمكن مخابرات الجماعة من تقديم أدلة تؤيد تلك الاتهامات.

وكان آخرهم المعتقلون على ذمة الاحتفال بذكرى الإطاحة بنظام حكم أسلافهم في شمال اليمن، وكذلك مالك شركة «برودجي» التي كانت تعمل لصالح الأمم المتحدة، للتأكد من هوية المستفيدين من المساعدات الإغاثية ومتابعة تسلمهم تلك المساعدات؛ حيث حُكم على مدير الشركة بالإعدام بتهمة التخابر؛ لأنه استخدم نظام تحديد المواقع في عملية المسح، التي تمت بموافقة سلطة الحوثيين أنفسهم