عدن تغلي احتجاجًا على الاستهداف الصاروخي لقبلة المسلمين

مسيرة حاشدة.. والمحافظ: نحن على أتم الاستعداد لحماية مهبط الوحي

يمنيون يحملون أعلام السعودية خلال مسيرة حاشدة في عدن أمس تنديدًا بالاستهداف الحوثي لمكة المكرمة بصاروخ باليستي الخميس الماضي (أ.ف.ب)
يمنيون يحملون أعلام السعودية خلال مسيرة حاشدة في عدن أمس تنديدًا بالاستهداف الحوثي لمكة المكرمة بصاروخ باليستي الخميس الماضي (أ.ف.ب)
TT

عدن تغلي احتجاجًا على الاستهداف الصاروخي لقبلة المسلمين

يمنيون يحملون أعلام السعودية خلال مسيرة حاشدة في عدن أمس تنديدًا بالاستهداف الحوثي لمكة المكرمة بصاروخ باليستي الخميس الماضي (أ.ف.ب)
يمنيون يحملون أعلام السعودية خلال مسيرة حاشدة في عدن أمس تنديدًا بالاستهداف الحوثي لمكة المكرمة بصاروخ باليستي الخميس الماضي (أ.ف.ب)

شهدت عدن العاصمة المؤقتة لليمن أمس مسيرة حاشدة، إضافة إلى وقفة احتجاجية على إطلاق الانقلابيين (الحوثي وصالح) الخميس الماضي صاروخًا باليستيًا باتجاه مكة المكرمة. وطالب اللواء عيدروس الزبيدي محافظ عدن، في كلمة ألقاها أمام المشاركين في الوقفة المنددة باستهداف الميليشيات لمكة المكرمة، وسط شارع المعلا العريق، الجميع بتحمل مسؤوليتهم التاريخية تجاه ما حصل من اعتداء غاشم بالصواريخ الباليستية على أطهر بقاع الأرض (مكة المكرمة)، مؤكدًا أن هذا الإجرام الخبيث لا يمكن أن يحدث ممن في قلبه مثقال ذرة من الإيمان بالله وتعاليم الدين الإسلامي الحنيف.
وأكد الزبيدي في كلمته أن الإقدام على تلك الجريمة ليس سوى محاولة يائسة تهدف لزعزعة الأمن والاستقرار في المنطقة، وبالأخص الأراضي المقدسة ولإجهاض جميع الجهود السياسية المبذولة بالطرق السلمية. وأضاف أننا «نجدد رفضنا وإدانتنا الشديدة لهذا التجاوز الخطير الذي استهدف قلب المسلمين وقبلتهم في صلاتهم. إننا على أتم الاستعداد لحماية أرض الحرمين الشريفين ومهبط الوحي ومدينة الرسل والأنبياء».
وكانت مسيرة راجلة تضم المئات من أهالي عدن يتقدمهم المحافظ الزبيدي، ومدير أمنها اللواء شلال شائع، وقيادات السلطة المحلية ومنظمات المجتمع المدني، قد جابت أمس الشارع الرئيس في مدينة المعلا بالعاصمة المؤقتة بجنوب البلاد للتنديد والاستنكار باستهداف الميليشيات لمكة المكرمة بصاروخ باليستي.
ورفع المشاركون في الوقفة التضامنية أعلام السعودية، وصور خادم الحرمين الشريفين الملك سلمان بن عبد العزيز، إضافة إلى صور قادة دول التحالف العربي، وساروا في مسيرة راجلة مرددين عبارات التنديد والاستنكار لجريمة استهداف الانقلابيين لبيت الله الحرام، كما عبروا عن تضامنهم المطلق مع السعودية ودول التحالف العربي في مواجهة ذلك التعدي الإجرامي الصارخ.
وقال بيان صحافي صادر عن الوقفة التضامنية إنه «في سياق حربها الخبيثة ضد الإسلام ومقدساته، وفي تطور خطير وهستيري، أقدمت ميليشيات الحوثي والمخلوع صالح، على استهداف أقدس بقاع الأرض مدينة مكة حيث بيت الله الحرام، قبلة المسلمين التي تهفو إليها القلوب محبة ويحج إليها أكثر من مليار مسلم». وأكد البيان أن هذا العمل الإجرامي الخطير، الذي لا يقره دين، ولا عقل، ولا أخلاق، ولا منطق، إنما يؤكد أن حرب المشروع الصفوي الذي تنفذه جماعة الحوثي، بدعم من إيران، إنما هو مشروع يستهدف الإسلام والمسلمين ومقدساتهم وفي مقدمتها بيت الله الحرام في استجرار لأسوأ جرائم التاريخ، عندما حاول أبرهة الأشرم هدم الكعبة، فأرسل الله عليه طيرًا أبابيل لتبيده وجنوده». وأضاف البيان أن في هذا التناغم والتشابه في العداء للإسلام ومقدساته بين أبرهة بالأمس، والحوثي والمخلوع صالح اليوم، تأكيد على أن الحرب ضد الإسلام قديمة ولكنها تتجدد، وأن حرب هذه الميليشيات قد انتقلت من محاربة شعبنا المسالم وأشقائنا في العروبة والإسلام، إلى حرب ضد الله جل علاه وتقدست أسماؤه». وجاء في البيان أننا وأهلنا في العاصمة المسالمة والمسلمة عدن ما زلنا نستشعر هول الصدمة من إقدام هذه الميليشيات على هذا العمل الإجرامي الشنيع، ولذلك فإننا ندينه ونستنكره بأشد العبارات، وعليه نؤكد تضامننا مع إخوتنا وأهلنا في الشقيقة الكبرى المملكة العربية السعودية، ملكًا وحكومة وشعبًا، بقيادة خادم الحرمين الشريفين الملك سلمان بن عبد العزيز، كما نمد أيادينا إلى إخوة الإسلام في مشارق الأرض ومغاربها، مبدين استعدادنا للدفاع معهم عن مقدسات الأمة وفي مقدمتها بيت الله الحرام، كما ندعو كل مسلمي المعمورة لإدانة وردع هذا التصرف الفج الذي إن تم التجاوز عنه اليوم فإن غدًا قد يكون أشد وأخطر». وقال البيان أيضًا إن العملية الإجرامية تلك، إنما تؤكد، أن جماعة مجرمة لم تتورع عن استهداف بيت الله الحرام، لا يمكن بأي حال من الأحوال أن تتورع عن ارتكاب جرائمها بحق شعب أعزل مسالم، وهذا ما تجسد في جرائمها ضد شعبنا، لا سيما في مدينة عدن، في حرب ما زالت مستمرة وبأدوات مختلفة رغم طرد هذه الميليشيات بفضل تضحيات الشهداء الأبطال وإخلاص مقاومتنا الجنوبية الباسلة وبدعم سخي من الأشقاء في دول التحالف، بقيادة المملكة العربية ودولة الإمارات العربية المتحدة.
وجدد المحتشدون في بيانهم إدانتهم للجريمة، محذرين جماعة الانقلابيين، من التمادي في جرائمها، التي ستدفع ثمنها غاليا، كما دفعتها أثناء عدوانها على عدن، وباقي المحافظات اليمنية. كما دعوا المجتمع الدولي إلى القيام بواجبه لردع تلك الميليشيات الانقلابية والتي أصبحت مصدر تهديد للأمن والسلام وللدين الإسلامي، مطالبين في الوقت نفسه منظمة المؤتمر الإسلامي باتخاذ موقف عاجل لإدانة هذا الفعل الإجرامي الذي يستهدف مهبط الوحي الإسلامي.
وأكد باسم الشعبي، الناشط السياسي ورئيس مركز مسارات، أن الوقفة التي شهدتها عدن تأتي تضامنًا مع مكة المكرمة التي تعد أشرف بقعة في الأرض ومهبط الوحي، وهي تحمل رسائل كثيرة أولها تجريم السلوك الحوثي وإدانته، ومن ثم مواجهته دفاعًا عن حياض مكة المكرمة، وثانيًا ضرورة التوحد بين المسلمين والتآزر بينهم، دفاعًا عن المقدسات الإسلامية التي تحاول إيران وأتباعها في المنطقة المساس بها. وتابع الشعبي في معرض حديثه لـ«الشرق الأوسط»، أن عدن تنتفض لتؤكد أنها قادرة على المواجهة وحشد النفوس ورص الصفوف لمواجهة هذا العدوان السافر، وليس بغريب عن عدن وهي التي هزمت المشروع الفارسي شر هزيمة، على حد تعبيره.
وبدورها قالت الناشطة نهاد عبد الله إن مشاركتها في الوقفة التضامنية جاء لإيصال رسالتها للمجتمع الدولي والجماعات الإرهابية من ميليشيات الحوثي وصالح المدعومة من إيران بأن استهداف مكة المكرمة مدينة الرسل والأنبياء هو استهداف لمليار ونصف المليار مسلم وأن الاعتداء على قبلة المسلمين خطر أحمر، وأن عدن تدين وتستهجن ذلك الفعل الإجرامي المشين، مؤكدة أن بقاء ميليشيات الحوثي وصالح دون نزع سلاحهم وتصنيفهم كجماعة إرهابية، يعد خطرًا على الأمة والمنطقة والإقليم.



اللاجئون الفلسطينيون يعودون إلى مخيم «اليرموك» في سوريا

اللاجئ الفلسطيني خالد خليفة يدعو لابنه المدفون في مقبرة مخيم اليرموك المدمرة (أ.ف.ب)
اللاجئ الفلسطيني خالد خليفة يدعو لابنه المدفون في مقبرة مخيم اليرموك المدمرة (أ.ف.ب)
TT

اللاجئون الفلسطينيون يعودون إلى مخيم «اليرموك» في سوريا

اللاجئ الفلسطيني خالد خليفة يدعو لابنه المدفون في مقبرة مخيم اليرموك المدمرة (أ.ف.ب)
اللاجئ الفلسطيني خالد خليفة يدعو لابنه المدفون في مقبرة مخيم اليرموك المدمرة (أ.ف.ب)

كان مخيم اليرموك للاجئين في سوريا، الذي يقع خارج دمشق، يُعدّ عاصمة الشتات الفلسطيني قبل أن تؤدي الحرب إلى تقليصه لمجموعة من المباني المدمرة.

سيطر على المخيم، وفقاً لوكالة «أسوشييتد برس»، مجموعة من الجماعات المسلحة ثم تعرض للقصف من الجو، وأصبح خالياً تقريباً منذ عام 2018، والمباني التي لم تدمرها القنابل هدمت أو نهبها اللصوص.

رويداً رويداً، بدأ سكان المخيم في العودة إليه، وبعد سقوط الرئيس السوري السابق بشار الأسد في 8 ديسمبر (كانون الأول)، يأمل الكثيرون في أن يتمكنوا من العودة.

في الوقت نفسه، لا يزال اللاجئون الفلسطينيون في سوريا، الذين يبلغ عددهم نحو 450 ألف شخص، غير متأكدين من وضعهم في النظام الجديد.

أطفال يلعبون أمام منازل مدمرة بمخيم اليرموك للاجئين في سوريا (أ.ف.ب)

وتساءل السفير الفلسطيني لدى سوريا، سمير الرفاعي: «كيف ستتعامل القيادة السورية الجديدة مع القضية الفلسطينية؟»، وتابع: «ليس لدينا أي فكرة لأننا لم نتواصل مع بعضنا بعضاً حتى الآن».

بعد أيام من انهيار حكومة الأسد، مشت النساء في مجموعات عبر شوارع اليرموك، بينما كان الأطفال يلعبون بين الأنقاض. مرت الدراجات النارية والدراجات الهوائية والسيارات أحياناً بين المباني المدمرة. في إحدى المناطق الأقل تضرراً، كان سوق الفواكه والخضراوات يعمل بكثافة.

عاد بعض الأشخاص لأول مرة منذ سنوات للتحقق من منازلهم. آخرون كانوا قد عادوا سابقاً ولكنهم يفكرون الآن فقط في إعادة البناء والعودة بشكل دائم.

غادر أحمد الحسين المخيم في عام 2011، بعد فترة وجيزة من بداية الانتفاضة ضد الحكومة التي تحولت إلى حرب أهلية، وقبل بضعة أشهر، عاد للإقامة مع أقاربه في جزء غير مدمر من المخيم بسبب ارتفاع الإيجارات في أماكن أخرى، والآن يأمل في إعادة بناء منزله.

هيكل إحدى ألعاب الملاهي في مخيم اليرموك بسوريا (أ.ف.ب)

قال الحسين: «تحت حكم الأسد، لم يكن من السهل الحصول على إذن من الأجهزة الأمنية لدخول المخيم. كان عليك الجلوس على طاولة والإجابة عن أسئلة مثل: مَن هي والدتك؟ مَن هو والدك؟ مَن في عائلتك تم اعتقاله؟ عشرون ألف سؤال للحصول على الموافقة».

وأشار إلى إن الناس الذين كانوا مترددين يرغبون في العودة الآن، ومن بينهم ابنه الذي هرب إلى ألمانيا.

جاءت تغريد حلاوي مع امرأتين أخريين، يوم الخميس، للتحقق من منازلهن. وتحدثن بحسرة عن الأيام التي كانت فيها شوارع المخيم تعج بالحياة حتى الساعة الثالثة أو الرابعة صباحاً.

قالت تغريد: «أشعر بأن فلسطين هنا، حتى لو كنت بعيدة عنها»، مضيفة: «حتى مع كل هذا الدمار، أشعر وكأنها الجنة. آمل أن يعود الجميع، جميع الذين غادروا البلاد أو يعيشون في مناطق أخرى».

بني مخيم اليرموك في عام 1957 للاجئين الفلسطينيين، لكنه تطور ليصبح ضاحية نابضة بالحياة حيث استقر العديد من السوريين من الطبقة العاملة به. قبل الحرب، كان يعيش فيه نحو 1.2 مليون شخص، بما في ذلك 160 ألف فلسطيني، وفقاً لوكالة الأمم المتحدة للاجئين الفلسطينيين (الأونروا). اليوم، يضم المخيم نحو 8 آلاف لاجئ فلسطيني ممن بقوا أو عادوا.

لا يحصل اللاجئون الفلسطينيون في سوريا على الجنسية، للحفاظ على حقهم في العودة إلى مدنهم وقراهم التي أُجبروا على مغادرتها في فلسطين عام 1948.

لكن، على عكس لبنان المجاورة، حيث يُمنع الفلسطينيون من التملك أو العمل في العديد من المهن، كان للفلسطينيين في سوريا تاريخياً جميع حقوق المواطنين باستثناء حق التصويت والترشح للمناصب.

في الوقت نفسه، كانت للفصائل الفلسطينية علاقة معقدة مع السلطات السورية. كان الرئيس السوري الأسبق حافظ الأسد وزعيم «منظمة التحرير الفلسطينية»، ياسر عرفات، خصمين. وسُجن العديد من الفلسطينيين بسبب انتمائهم لحركة «فتح» التابعة لعرفات.

قال محمود دخنوس، معلم متقاعد عاد إلى «اليرموك» للتحقق من منزله، إنه كان يُستدعى كثيراً للاستجواب من قبل أجهزة الاستخبارات السورية.

وأضاف متحدثاً عن عائلة الأسد: «على الرغم من ادعاءاتهم بأنهم مع (المقاومة) الفلسطينية، في الإعلام كانوا كذلك، لكن على الأرض كانت الحقيقة شيئاً آخر».

وبالنسبة لحكام البلاد الجدد، قال: «نحتاج إلى مزيد من الوقت للحكم على موقفهم تجاه الفلسطينيين في سوريا. لكن العلامات حتى الآن خلال هذا الأسبوع، المواقف والمقترحات التي يتم طرحها من قبل الحكومة الجديدة جيدة للشعب والمواطنين».

حاولت الفصائل الفلسطينية في اليرموك البقاء محايدة عندما اندلع الصراع في سوريا، ولكن بحلول أواخر 2012، انجر المخيم إلى الصراع ووقفت فصائل مختلفة على جوانب متعارضة.

عرفات في حديث مع حافظ الأسد خلال احتفالات ذكرى الثورة الليبية في طرابلس عام 1989 (أ.ف.ب)

منذ سقوط الأسد، كانت الفصائل تسعى لتوطيد علاقتها مع الحكومة الجديدة. قالت مجموعة من الفصائل الفلسطينية، في بيان يوم الأربعاء، إنها شكلت هيئة برئاسة السفير الفلسطيني لإدارة العلاقات مع السلطات الجديدة في سوريا.

ولم تعلق القيادة الجديدة، التي ترأسها «هيئة تحرير الشام»، رسمياً على وضع اللاجئين الفلسطينيين.

قدمت الحكومة السورية المؤقتة، الجمعة، شكوى إلى مجلس الأمن التابع للأمم المتحدة تدين دخول القوات الإسرائيلية للأراضي السورية في مرتفعات الجولان وقصفها لعدة مناطق في سوريا.

لكن زعيم «هيئة تحرير الشام»، أحمد الشرع، المعروف سابقاً باسم «أبو محمد الجولاني»، قال إن الإدارة الجديدة لا تسعى إلى صراع مع إسرائيل.

وقال الرفاعي إن قوات الأمن الحكومية الجديدة دخلت مكاتب ثلاث فصائل فلسطينية وأزالت الأسلحة الموجودة هناك، لكن لم يتضح ما إذا كان هناك قرار رسمي لنزع سلاح الجماعات الفلسطينية.