هناك في أقصى شمال مدينة جدة الممتدة على ساحل البحر الأحمر، تقطن إحدى أجمل أيقونات كرة القدم على مستوى العالم، حيث ملعب مدينة الملك عبد الله والشهير بـ«الجوهرة»، وذلك قرب مطار الملك عبد العزيز الدولي، حيث يربط بينهما طريق المدينة المنورة، وعلى بعد كيلو مترات لا تزيد كثيرًا، إذ حاول تنظيم داعش الإرهابي، أن يفسد فرحة المنظمين حينما قاموا بترتيب الإفطار يوم عاشوراء للآلاف من الجماهير الذين جاءوا مبكرًا للملعب، وسط مشهد إيماني مهيب لحضور مباراة المنتخب السعودي ونظيره الإماراتي، دون أن يلحظوا أن رجال الأمن السعودي في الوقت ذاته أحبطوا عملية إرهابية تستهدف مكانهم الذين يوجدون فيه.
«الجوهرة المشعة» هو الاسم الذي ارتبط ارتباطًا وثيقًا بالملعب المبهر منذ افتتاحه قبل عامين من الآن بحضور الملك الراحل عبد الله بن عبد العزيز، وذلك في المباراة النهائية لكأس الملك التي جمعت الأهلي والشباب وكسبها الأخير بثلاثة أهداف دون رد ليحقق الانتصار الأول في سجلات الملعب.
في الأول من مايو (أيار) 2014 استبشر الرياضيون في السعودية بافتتاح ملعب الملك عبد الله بعد أعمال إنشاء لم تتجاوز عاما واحدا، وقد تصنف أنها الأسرع لمشاريع عملاقة كما هي المدينة الرياضية في جدة التي خطف منها الملعب الرئيسي الأنظار بجمال تصميمه وبدقة تفاصيله عالية الجودة.
ملعب جدة الجديد أضاف قيمة كبيرة لمنافسات الكرة السعودية وذلك بعدما بدأ في استضافة الكثير من المباريات البارزة كما هي المباريات النهائية للنسخ الثلاث الماضية لبطولة كأس الملك التي جمعت بين الأهلي والشباب، ثم الغريمين الهلال والنصر، وأخيرًا الأهلي ونظيره النصر في الموسم الماضي.
إضافة لاحتضانه لمباريات الغريمين التقليدين الأهلي والاتحاد في منافسات الدوري، والتي منحت جماهير الفريقين فرصة أكبر بالحضور لسعته الكبيرة، والتي تتجاوز حاجز الستين ألف متفرج، ليمنح هذا الملعب أهالي مدينة جدة فرصة بالحضور الكبير بعد سنوات كان فيها العدد محدودًا، لسعة ملعب الأمير عبد الله الفيصل الذي يخضع لأعمال صيانة حتى الآن.
كما أصبح ملعب الملك عبد الله مكانًا مفضلاً للمنتخب السعودي الأول لإقامة مبارياته هناك، حيث استضاف الكثير من المباريات يبرز منها مواجهة أوروغواي الودية الدولية التي انتهت بالتعادل الإيجابي بهدف لكل منهما، إضافة إلى خمس مباريات في التصفيات الآسيوية المؤهلة للمونديال أشهرها مواجهتا أستراليا والإمارات.
ملعب الملك عبد الله استوحى تصميمه من «المشربية» الطراز المعماري القديم في منطقة الحجاز، وهي الأخشاب المستخدمة قديمًا للنوافذ والشبابيك والتي من شأنها توفير الظل المتناثر على الرواق الداخلي للملعب، إضافة إلى هيئة الملعب الخارجية التي تشير إلى الجوهرة القادمة من باطن الأرض إلى سطحها مع لمسات إضائية زادت من جمالها ومنحتها إشعاعا جاذبا للأنظار.
درة ملاعب الشرق الأوسط كما وصفها أحد مهندسي المشروع من شركة النفط الوطنية «أرامكو» زاد من قيمة التنافس الرياضي الكروي في السعودية، وبات هدفًا يبحث الرياضيون عن زيارته من مدينة عروس البحر الأحمر، أو حتى من بقية مناطق السعودية، لرؤية جمال التصميم ومعايشة أساليب الرفاهية التي يتميز بها عن غيره من الملاعب في السعودية في أوقات المباريات.
وإضافة إلى جمال التفاصيل الدقيقة في الملعب، فإن الاستاد الرياضي يحيط به من الخارج 20400 موقف مخصص لسيارات الجماهير ومربوطة بنظام ذكي لبيع التذاكر، حيث توزع كل مقاعد على بوابة خاصة ومواقف قريبة منها تسهم في سرعة الوصول دون التأخر والحاجة لقضاء مزيد من الوقت حتى الوصول للمقعد. ستة طوابق رئيسية للجماهير في ملعب الجوهرة المشعة تحضر إلى جوارها الطوابق المخصصة لثمانية عشر مقصورة خاصة أو ما يطلق عليها كبائن خاصة تتراوح سعتها بين عشرة أشخاص إلى ما يزيد على عشرين شخص لكل مقصورة، إضافة إلى المقصورة الرئيسية «الملكية» والتي تبلغ سعتها 200 شخص.
كما تمت مراعاة ذوي الاحتياجات الخاصة في الملعب، حيث خُصصت لهم مقاعد خاصة بمصاعدها المنفصلة عن الآخرين، إضافة إلى وجود 311 موقفًا من مواقف السيارات تم تخصصيها لهذه الفئة التي ترغب في الحضور للملعب ومشاهدة المباريات بطريقة لائقة ومناسبة. ويعيش الجمهور الرياضي الحاضر في ملعب «الجوهرة المشعة» حالة كبيرة من الرفاهية، حيث تنتشر العشرات من المراكز المتخصصة لبيع الأغذية والمشروبات والتي تحمل علامة تجارية شهيرة من شأنها أن توفر كل المتطلبات لقضاء وقت جميل في مرافق هذا الملعب حتى انقضاء وقت المباراة.
وعلى الصعيد الأمني فقد تمت مراعاة هذا الجانب بصورة كبيرة، حيث خصصت 250 كاميرا أمنية لحماية الجماهير والمنشأة وذلك من البوابات الخارجية وحتى المقاعد، إضافة إلى التجهيزات الكبيرة لشركات ومؤسسات النقل التلفزيوني حيث خصصت لهم تسعة مواقع ثابتة للتصوير إضافة 15 موقعًا متحركًا.
وبعيدًا عن جماليات الملعب التي يشاهدها الجمهور الرياضي، فإن ملعب الجوهرة المشعة يحتوى على مميزات كبيرة لا تتوفر إلا في الملاعب العالمية الشهيرة مثل وجود صالات إحماء للاعبين إضافة إلى غرف الاجتماعات الداخلية للمدرب ولاعبيه، وكذلك غرف اللاعبين التي صممت على أفضل المواصفات الحديثة، حيث تحتوى كل خزانة ملابس على صناديق الأمانة والتي تعرف بـ«السفيتي بوكس» لحماية الأغراض الشخصية للاعبين أثناء وجودهم بالملعب.
وأضاف ملعب الجوهرة المشعة الكثير من الفوائد التسويقية من خلال ارتفاع رقم الحضور الجماهيري لفريقي الاتحاد والأهلي، حيث تقام مبارياتهم هناك إضافة إلى المنتخب السعودي، حيث بلغ عدد الجماهير الحاضرة في الملعب منذ افتتاحه في 2014 وحتى الآن أكثر من مليوني متفرج، وذلك على صعيد مباريات دوري المحترفين السعودي، إضافة إلى مواجهات المنتخب السعودي السبعة التي أقيمت على الملعب، وذلك استنادًا لأرقام موقع إحصائيات رابطة دوري المحترفين السعودي وموقع المنتخب السعودي.
ملعب «الجوهرة المشعة» كان في يوم 11 أكتوبر (تشرين الأول) الماضي يشهد يومًا مختلفًا واستثنائيًا بالنسبة للسعوديين، إذ توافدوا مع أشقائهم الإماراتيين لمشاهدة أحد أجمل الديربيات الخليجية التي تجمع عادة منتخبي السعودية والإمارات في الجولة الرابعة من تصفيات كأس العالم 2018.
ولم تكتف هذه الجماهير بالحضور لأجل التشجيع فقط، بل كان أغلبها على موعد قبل أذان المغرب للإفطار في المواقف الخارجية والممرات المؤدية للملعب، إذ كان يصادف ذاك يوم «عاشوراء» الشهير إذ قام المنظمون بترتيب الإفطار للآلاف من الجماهير الذين جاءوا مبكرا للملعب وسط مشهد إيماني مهيب والجماهير السعودية – الإماراتية تفطر مع موعد الأذان لصلاة المغرب، دون أن تفكر لحظة واحدة في أن رجال الأمن السعوديين في الوقت ذاته يحبطون عملية من أبشع الجرائم الإرهابية التي تستهدف صغارًا وشبابًا يافعين جاءوا لمساندة منتخب بلادهم.
ووسط ذلك ذهبت الجماهير إلى المدرجات وآزرت منتخب بلادها الذي حقق انتصارًا مثيرًا على شقيقه الإماراتي في مشواره نحو مونديال 2018.
الإرهابيون ترصدوا عشرات آلاف الصائمين في ساحات «الجوهرة»
250 كاميرا تراقب جميع الساحات والمدرجات لضمان أفضل تغطية أمنية
الإرهابيون ترصدوا عشرات آلاف الصائمين في ساحات «الجوهرة»
لم تشترك بعد
انشئ حساباً خاصاً بك لتحصل على أخبار مخصصة لك ولتتمتع بخاصية حفظ المقالات وتتلقى نشراتنا البريدية المتنوعة