450 سينمائيًا في تونس.. و«زهرة حلب» يفتتح أيام قرطاج خارج المنافسة الرسمية

مخرج الفيلم: أرفض أن أتنافس مع أبنائي من المخرجين على أي جائزة

من حفل افتتاح أيام قرطاج السينمائية (رويترز) ... دخول ضيوف المهرجان
من حفل افتتاح أيام قرطاج السينمائية (رويترز) ... دخول ضيوف المهرجان
TT

450 سينمائيًا في تونس.. و«زهرة حلب» يفتتح أيام قرطاج خارج المنافسة الرسمية

من حفل افتتاح أيام قرطاج السينمائية (رويترز) ... دخول ضيوف المهرجان
من حفل افتتاح أيام قرطاج السينمائية (رويترز) ... دخول ضيوف المهرجان

بسطت الدورة 27 لمهرجان أيام قرطاج السينمائية التي انطلقت ليلة يوم الجمعة الماضي بالعاصمة التونسية، السجاد الأحمر تحت أقدام نحو 450 سينمائيا عربيا وأجنبيا.
وحضرت حفل الافتتاح الذي احتضنه قصر المؤتمرات، مجموعة هامة من نجوم السينما العربية والأفريقية خاصة من مصر وكان في مقدمة المحتفى بهم الممثل القدير عزت العلايلي وجميل راتب علاوة على مجموعة من الممثلين الذين عملوا مع المخرج المصري يوسف شاهين من بينهم محمود حميدة وخالد النبوي والمخرج خالد يوسف ويسرى ولبلبة وباسل خياط.
كما شهد حفل الافتتاح حضور مجموعة من جميلات السينما العربية من بينهن الممثلات التونسيات هند صبري وفريال قراجة ودرة زروق وكلهن مقيمات في العاصمة المصرية القاهرة.
ومن طرائف حفل الافتتاح سقوط بعض النجوم على السجاد الأحمر نتيجة وجود حفرة صغيرة تحته. وفي تعليقه على هذا السقوط العفوي، قال إبراهيم اللطيف مدير الدورة إنه شاهد سقوط ثلاث ممثلات وإن الأمر على حد تعبيره عادي وقد أضحكه ولم يقلقه، وهو يحدث في أعرق التظاهرات السينمائية الدولية.
وخلال حفل الافتتاح، أشار إبراهيم اللطيف مدير هذه التظاهرة السينمائية الدولية كذلك إلى رؤساء لجان التحكيم المختلفة وأكد على أن عبد الرحمن سيساكو من موريتانيا سيرأس لجنة التحكيم الكبرى (الأفلام الطويلة).
أما لجنة الأفلام القصيرة وقرطاج السينما الواعدة، فسترأسها ميمونة اندياي من بوركينا فاسو. وأسندت رئاسة لجنة العمل الأول (الطاهر شريعة) للمخرج التونسي سفيان الفاني.
وتقترح أيام قرطاج السينمائية التي تحتفل بالذكرى الخمسين لتأسيسها نحو ألف عرض سينمائي على عشاق الفن السابع وجهزت دور السينما في معظم المدن شاشاتها لاستقبال نحو 322 فيلما وهي قادمة إليها من عشرين دولة.
وتشهد هذه الدورة تكريم عدد من الوجوه السينمائية التي مرت بأيام قرطاج السينمائية كيوسف شاهين وجبريل ديوب مامبيتي وعباس كيروستامي.
وعرض فيلم «زهرة حلب» للمخرج التونسي رضا الباهي في الافتتاح، وهو فيلم روائي طويل من إنتاج مشترك تونسي لبناني. وتوزعت مختلف المشاهد بين تونس ولبنان وجسدت أدواره مجموعة من الممثلين حيث أسندت الشخصية الأساسية للممثلة التونسية هند صبري، ويشاركها من تونس هشام رستم وفاطمة ناصر ومحمد علي بن جمعة وباديس الباهي. كما تمت الاستعانة بعدد من الممثلين السوريين من بينهم جهاد الزغبي وباسم لطفي ومحمد آل راشي.
إلا أن المفاجأة أن هذا الفيلم الذي يفتتح أيام قرطاج السينمائية لن يكون ضمن الأفلام المشاركة في المنافسة على إحدى جوائز المهرجان. وفي تفسيره لهذا القرار، قال رضا الباهي المخرج التونسي لهذا العمل السينمائي: «أرفض أن أتنافس مع أبنائي من المخرجين على أي جائزة ويكفي العمل البرمجة في الافتتاح وأترك التنافس للشباب والأجيال الصاعدة» على حد تعبيره.
ورجح سينمائيون تونسيون على علاقة برضا الباهي أن المخرج التونسي يعد فيلمه الجديد لإحدى المشاركات الدولية الهامة، وهو يرفض أن يدخل في منافسة ضمن أيام قرطاج السينمائية حتى لا يفقد فيلم «زهرة حلب» بريقه الفني.
أما الممثلة التونسية هند صبري بطلة هذا الفيلم، فقد اعتبرت فيلم «زهرة حلب» «تكريما للمرأة التونسية التي تناضل على مختلف الواجهات» على حد قولها. وأضافت: «لو لم أكن أما لما نجحت في أداء دور الأم في هذا الفيلم الجديد».
ويتطرق هذا العمل إلى فكرة انضمام الشباب التونسي إلى تنظيم داعش الإرهابي ويسعى إلى تعرية مجتمع «داعش» المظلم كما يتطرق إلى ممارساته اللاإنسانية.
وتؤدي هند صبري دور أم تونسية تقرر السفر إلى بؤر التوتر في سوريا في رحلة شاقة بحثا عن ابنها الذي انضم إلى التنظيمات الإرهابية.
قدّم المخرج التونسي رضا الباهي على امتداد ما يقارب الساعتين صورة جميلة تقنيا حيث اختار مواقع تصوير بكل من مدينتي زغوان ونابل (شمال شرقي تونس) لتصوير بؤر التوتر والنزاع بسوريا كما اعتمد على الخدع السينمائية التي كانت قليلة، ولا تعكس في معظمها بشاعة الدمار في سوريا. ومع ذلك تميز الفيلم بتقديم مشاهد قصيرة ومختزلة من الصعب أن تدخل الملل على المتفرج. فالقصة بسيطة في ظاهرها، لكنها عميقة من حيث المضمون فهي تعكس الوجع الساكن في قلب كل أم اختطف ابنها فتحول إلى حطب للتنظيمات الإرهابية.



ستيف بركات لـ«الشرق الأوسط»: أصولي اللبنانية تتردّد أبداً في صدى موسيقاي

عازف البيانو ستيف بركات ينسج موسيقاه من جذوره اللبنانية     -   ستيف بركات يؤمن بالموسيقى لغة عالمية توحّد الشعوب (الشرق الأوسط)
عازف البيانو ستيف بركات ينسج موسيقاه من جذوره اللبنانية - ستيف بركات يؤمن بالموسيقى لغة عالمية توحّد الشعوب (الشرق الأوسط)
TT

ستيف بركات لـ«الشرق الأوسط»: أصولي اللبنانية تتردّد أبداً في صدى موسيقاي

عازف البيانو ستيف بركات ينسج موسيقاه من جذوره اللبنانية     -   ستيف بركات يؤمن بالموسيقى لغة عالمية توحّد الشعوب (الشرق الأوسط)
عازف البيانو ستيف بركات ينسج موسيقاه من جذوره اللبنانية - ستيف بركات يؤمن بالموسيقى لغة عالمية توحّد الشعوب (الشرق الأوسط)

ستيف بركات عازف بيانو كندي من أصل لبناني، ينتج ويغنّي ويلحّن. لفحه حنين للجذور جرّه إلى إصدار مقطوعة «أرض الأجداد» (Motherland) أخيراً. فهو اكتشف لبنان في وقت لاحق من حياته، وينسب حبّه له إلى «خيارات مدروسة وواعية» متجذرة في رحلته. من اكتسابه فهماً متيناً لهويته وتعبيره عن الامتنان لما منحه إياه الإرث من عمق يتردّد صداه كل يوم، تحاوره «الشرق الأوسط» في أصله الإنساني المنساب على النوتة، وما أضفاه إحساسه الدفين بالصلة مع أسلافه من فرادة فنية.
غرست عائلته في داخله مجموعة قيم غنية استقتها من جذورها، رغم أنه مولود في كندا: «شكلت هذه القيم جزءاً من حياتي منذ الطفولة، ولو لم أدركها بوعي في سنّ مبكرة. خلال زيارتي الأولى إلى لبنان في عام 2008. شعرتُ بلهفة الانتماء وبمدى ارتباطي بجذوري. عندها أدركتُ تماماً أنّ جوانب عدة من شخصيتي تأثرت بأصولي اللبنانية».
بين كوبنهاغن وسيول وبلغراد، وصولاً إلى قاعة «كارنيغي» الشهيرة في نيويورك التي قدّم فيها حفلاً للمرة الأولى، يخوض ستيف بركات جولة عالمية طوال العام الحالي، تشمل أيضاً إسبانيا والصين والبرتغال وكوريا الجنوبية واليابان... يتحدث عن «طبيعة الأداء الفردي (Solo) التي تتيح حرية التكيّف مع كل حفل موسيقي وتشكيله بخصوصية. فالجولات تفسح المجال للتواصل مع أشخاص من ثقافات متنوعة والغوص في حضارة البلدان المضيفة وتعلّم إدراك جوهرها، مما يؤثر في المقاربة الموسيقية والفلسفية لكل أمسية».
يتوقف عند ما يمثله العزف على آلات البيانو المختلفة في قاعات العالم من تحدٍ مثير: «أكرّس اهتماماً كبيراً لأن تلائم طريقة عزفي ضمانَ أفضل تجربة فنية ممكنة للجمهور. للقدرة على التكيّف والاستجابة ضمن البيئات المتنوّعة دور حيوي في إنشاء تجربة موسيقية خاصة لا تُنسى. إنني ممتنّ لخيار الجمهور حضور حفلاتي، وهذا امتياز حقيقي لكل فنان. فهم يمنحونني بعضاً من وقتهم الثمين رغم تعدّد ملاهي الحياة».
كيف يستعد ستيف بركات لحفلاته؟ هل يقسو عليه القلق ويصيبه التوتر بإرباك؟ يجيب: «أولويتي هي أن يشعر الحاضر باحتضان دافئ ضمن العالم الموسيقي الذي أقدّمه. أسعى إلى خلق جو تفاعلي بحيث لا يكون مجرد متفرج بل ضيف عزيز. بالإضافة إلى الجانب الموسيقي، أعمل بحرص على تنمية الشعور بالصداقة الحميمة بين الفنان والمتلقي. يستحق الناس أن يلمسوا إحساساً حقيقياً بالضيافة والاستقبال». ويعلّق أهمية على إدارة مستويات التوتّر لديه وضمان الحصول على قسط كافٍ من الراحة: «أراعي ضرورة أن أكون مستعداً تماماً ولائقاً بدنياً من أجل المسرح. في النهاية، الحفلات الموسيقية هي تجارب تتطلب مجهوداً جسدياً وعاطفياً لا تكتمل من دونه».
عزف أناشيد نالت مكانة، منها نشيد «اليونيسف» الذي أُطلق من محطة الفضاء الدولية عام 2009 ونال جائزة. ولأنه ملحّن، يتمسّك بالقوة الهائلة للموسيقى لغة عالمية تنقل الرسائل والقيم. لذا حظيت مسيرته بفرص إنشاء مشروعات موسيقية لعلامات تجارية ومؤسسات ومدن؛ ومعاينة تأثير الموسيقى في محاكاة الجمهور على مستوى عاطفي عميق. يصف تأليف نشيد «اليونيسف» بـ«النقطة البارزة في رحلتي»، ويتابع: «التجربة عزّزت رغبتي في التفاني والاستفادة من الموسيقى وسيلة للتواصل ومتابعة الطريق».
تبلغ شراكته مع «يونيفرسال ميوزيك مينا» أوجها بنجاحات وأرقام مشاهدة عالية. هل يؤمن بركات بأن النجاح وليد تربة صالحة مكوّنة من جميع عناصرها، وأنّ الفنان لا يحلّق وحده؟ برأيه: «يمتد جوهر الموسيقى إلى ما وراء الألحان والتناغم، ليكمن في القدرة على تكوين روابط. فالنغمات تمتلك طاقة مذهلة تقرّب الثقافات وتوحّد البشر». ويدرك أيضاً أنّ تنفيذ المشاريع والمشاركة فيها قد يكونان بمثابة وسيلة قوية لتعزيز الروابط السلمية بين الأفراد والدول: «فالثقة والاهتمام الحقيقي بمصالح الآخرين يشكلان أسس العلاقات الدائمة، كما يوفر الانخراط في مشاريع تعاونية خطوات نحو عالم أفضل يسود فيه الانسجام والتفاهم».
بحماسة أطفال عشية الأعياد، يكشف عن حضوره إلى المنطقة العربية خلال نوفمبر (تشرين الثاني) المقبل: «يسعدني الوجود في منطقة الشرق الأوسط وشمال أفريقيا كجزء من جولة (Néoréalité) العالمية. إنني في مرحلة وضع اللمسات الأخيرة على التفاصيل والتواريخ لنعلن عنها قريباً. تملؤني غبطة تقديم موسيقاي في هذا الحيّز النابض بالحياة والغني ثقافياً، وأتحرّق شوقاً لمشاركة شغفي وفني مع ناسه وإقامة روابط قوامها لغة الموسيقى العالمية».
منذ إطلاق ألبومه «أرض الأجداد»، وهو يراقب جمهوراً متنوعاً من الشرق الأوسط يتفاعل مع فنه. ومن ملاحظته تزايُد الاهتمام العربي بالبيانو وتعلّق المواهب به في رحلاتهم الموسيقية، يُراكم بركات إلهاماً يقوده نحو الامتنان لـ«إتاحة الفرصة لي للمساهمة في المشهد الموسيقي المزدهر في الشرق الأوسط وخارجه».
تشغله هالة الثقافات والتجارب، وهو يجلس أمام 88 مفتاحاً بالأبيض والأسود على المسارح: «إنها تولّد إحساساً بالعودة إلى الوطن، مما يوفر ألفة مريحة تسمح لي بتكثيف مشاعري والتواصل بعمق مع الموسيقى التي أهديها إلى العالم».