الحكومة اللبنانية تعقد جلستها الأخيرة.. وموفد سعودي في بيروت للقاء مسؤولين

جنبلاط يحسم موقفه غدًا.. والكتائب: لن ندخل في الصفقة الرئاسية

عامل ينظف مدخل مبنى البرلمان اللبناني في بيروت (رويترز)
عامل ينظف مدخل مبنى البرلمان اللبناني في بيروت (رويترز)
TT

الحكومة اللبنانية تعقد جلستها الأخيرة.. وموفد سعودي في بيروت للقاء مسؤولين

عامل ينظف مدخل مبنى البرلمان اللبناني في بيروت (رويترز)
عامل ينظف مدخل مبنى البرلمان اللبناني في بيروت (رويترز)

عقدت الحكومة اللبنانية، يوم أمس، ما يفترض أنّها آخر جلساتها قبل انتخاب الرئيس يوم الاثنين المقبل وبداية عهد جديد، فيما يستمر «التيار الوطني الحر» في حراكه ولقاءاته مع الأطراف السياسية التي لا تزال رافضة أو تتريّث في إعلان موقفها النهائي من ترشيح النائب ميشال عون، في حين عاد رئيس حزب الكتائب، سامي الجميل، وجدّد رفضه الدخول فيما سماه «الصفقة الرئاسية القائمة».
في غضون ذلك، وصل إلى بيروت بعد ظهر أمس، وزير الدولة السعودي للشؤون الخارجية تامر السبهان، في زيارة خاصة للقاء مسؤولين لبنانيين، وبحث آخر التطورات على الساحة اللبنانية. وقد بدأ لقاءاته مساء أمس مع رئيس الحكومة تمام سلام ورئيسي الجمهورية السابقين أمين الجميل وميشال سليمان. وبحسب «الوكالة الوطنية للإعلام» من المتوقع أن يلتقي اليوم رئيس مجلس النواب نبيه بري ورؤساء الحكومات السابقين: سعد الحريري وفؤاد السنيورة، ونجيب ميقاتي والعماد ميشال عون ورؤساء الطوائف، ورئيس اللقاء الديمقراطي النائب وليد جنبلاط، ورئيس تيار المردة النائب سليمان فرنجية، ورئيس حزب القوات اللبنانية الدكتور سمير جعجع، مشيرة إلى أنه قد يلتقي وزير الداخلية نهاد المشنوق، وقائد الجيش العماد جان قهوجي، على أن يولم على شرفه الرئيس سعد الحريري مساء اليوم.
وبينما كان لافتا حضور وزيري التيار الوطني الحر، التربية إلياس بوصعب، والخارجية جبران باسيل، جلسة الحكومة يوم أمس، بعد مقاطعة الأخير الجلسات السابقة بحجة «تحقيق الميثاقية»، أثنت معظم مواقف الوزراء على التوافق اللبناني الذي سيؤدي إلى انتخاب رئيس.
وقال وزير الصحة العامة، وائل أبو فاعور، ردًا على سؤال ما إذا كانت هذه الجلسة الأخيرة: «ستكون خاتمة الأحزان»، فيما وصفها وزير الشؤون الاجتماعية رشيد بـ«الجلسة العادية والوداعية». وأمل وزير الدولة لشؤون التنمية الإدارية نبيل دو فريج أن «تكون آخر جلسة».
من جهتها، قالت وزيرة المهجرين أليس شبطيني: «حصلنا على ما كنا نطلبه بانتخاب رئيس للجمهورية، وآمل تقارب القلوب وتطبيق الدستور». ورأى وزير البيئة محمد المشنوق «أن انتخاب الرئيس ليس نهاية المطاف بل بدايته».
من جهته، قال وزير الثقافة ريمون عريجي، المحسوب على «تيار المردة» الذي يرأسه المرشّح للرئاسة النائب سليمان فرنجية: «كل الاحتمالات حول جلسة انتخاب الرئيس مفتوحة، واليوم ستكون الجلسة الأخيرة لمجلس الوزراء».
وفي جولته على الأحزاب السياسية، كانت محطة وفد «التيار الوطني الحر» أمس، عند مرشّح «اللقاء الديمقراطي» للرئاسة النائب هنري حلو، الذي من المتوقع أن يسحب ترشيحه بعد إعلان النائب وليد جنبلاط تأييده لعون يوم غد السبت. وفي هذا الإطار، قال حلو: «ننتظر قرار الاجتماع بين عون وجنبلاط ثم اجتماع لـ(اللقاء)، ليصدر بعدها القرار بشأن سحب الترشيح وموقف الكتلة»، مؤكدا أن «مصلحة الوطن أهم من الأشخاص، وإذا لم يكن هناك وطن لا وجود للبنان».
في المقابل، لا يزال كل من رئيس مجلس النواب نبيه بري و«حزب الكتائب» متمسكا بموقفه الرافض لانتخاب عون. وفي هذا الإطار، لفتت مصادر مطّلعة لـ«وكالة الأنباء المركزية» إلى أن اتصالات ما يسمى «حزب الله» بالرئيس بري لم تنقطع طوال فترة وجوده في الخارج، بهدف إقناعه بانتخاب «الجنرال»، وتأمين الإجماع حول شخصه، مشيرة إلى توجهين في هذا الإطار، الأول السير بالخيار العوني وهو ضعيف، والثاني البقاء في موقع المعارضة، ما دامت ستضم مكونات سياسية أساسية من مختلف الاتجاهات الطائفية، ما يؤمن لها قوة وفاعلية، وهذا الخيار هو الأكثر ترجيحًا، لأن من شأن الانضمام إلى المركب العوني وضع العصي في دواليب حكومة الرئيس الحريري الذي يفضّل أن يشكل حكومته بعيدا عن المطالب والشروط التعجيزية خصوصا الثلث المعطّل.
من جهته، أكد رئيس حزب الكتائب النائب سامي الجميل، أن «تصويتنا لانتخاب رئيس للجمهورية سيكون وفق قناعاتنا الراسخة، ولن ندخل في الصفقة الرئاسية القائمة، والورقة الفاصلة التي نعول عليها هي في أداء الرئيس المقبل»، آملا أن تتبدد مخاوف الكتائب، وأن تكون «ممارسة العماد ميشال عون إذا انتخب، بالروحية التي ناضلنا بها سويا منذ سنوات حتى اليوم».
وقال في مؤتمر صحافي: «سنتعاطى مع العهد الجديد بالمحاسبة على الخطأ، ودعم كل خطوة تصب في مصلحة لبنان. وحزب الكتائب كان وسيبقى ضمير لبنان، والرضوخ ليس من شيمنا والاستسلام ليس بقاموسنا».



الحوثيون يواجهون مخاوفهم من مصير الأسد بالقمع والتحشيد

طلاب في جامعة البيضاء أجبرتهم الجماعة الحوثية على المشاركة في فعاليات تعبوية (إعلام حوثي)
طلاب في جامعة البيضاء أجبرتهم الجماعة الحوثية على المشاركة في فعاليات تعبوية (إعلام حوثي)
TT

الحوثيون يواجهون مخاوفهم من مصير الأسد بالقمع والتحشيد

طلاب في جامعة البيضاء أجبرتهم الجماعة الحوثية على المشاركة في فعاليات تعبوية (إعلام حوثي)
طلاب في جامعة البيضاء أجبرتهم الجماعة الحوثية على المشاركة في فعاليات تعبوية (إعلام حوثي)

ضمن مخاوف الجماعة الحوثية من ارتدادات تطورات الأوضاع في سوريا على قوتها وتراجع نفوذ محور إيران في منطقة الشرق الأوسط؛ صعّدت الجماعة من ممارساتها بغرض تطييف المجتمع واستقطاب أتباع جدد ومنع اليمنيين من الاحتفال بسقوط نظام بشار الأسد.

واستهدفت الجماعة، حديثاً، موظفي مؤسسات عمومية وأخرى خاصة وأولياء أمور الطلاب بالأنشطة والفعاليات ضمن حملات التعبئة التي تنفذها لاستقطاب أتباع جدد، واختبار ولاء منتسبي مختلف القطاعات الخاضعة لها، كما أجبرت أعياناً قبليين على الالتزام برفد جبهاتها بالمقاتلين، ولجأت إلى تصعيد عسكري في محافظة تعز.

وكانت قوات الحكومة اليمنية أكدت، الخميس، إحباطها ثلاث محاولات تسلل لمقاتلي الجماعة الحوثية في جبهات محافظة تعز (جنوب غربي)، قتل خلالها اثنان من مسلحي الجماعة، وتزامنت مع قصف مواقع للجيش ومناطق سكنية بالطيران المسير، ورد الجيش على تلك الهجمات باستهداف مواقع مدفعية الجماعة في مختلف الجبهات، وفق ما نقله الإعلام الرسمي.

الجيش اليمني في تعز يتصدى لأعمال تصعيد حوثية متكررة خلال الأسابيع الماضية (الجيش اليمني)

وخلال الأيام الماضية اختطفت الجماعة الحوثية في عدد من المحافظات الخاضعة لسيطرتها ناشطين وشباناً على خلفية احتفالهم بسقوط نظام الأسد في سوريا، وبلغ عدد المختطفين في صنعاء 17 شخصاً، قالت شبكة حقوقية يمنية إنهم اقتيدوا إلى سجون سرية، في حين تم اختطاف آخرين في محافظتي إب وتعز للأسباب نفسها.

وأدانت الشبكة اليمنية للحقوق والحريات حملة الاختطافات التي رصدتها في العاصمة المختطفة صنعاء، مشيرة إلى أنها تعكس قلق الجماعة الحوثية من انعكاسات الوضع في سوريا على سيطرتها في صنعاء، وخوفها من اندلاع انتفاضة شعبية مماثلة تنهي وجودها، ما اضطرها إلى تكثيف انتشار عناصرها الأمنية والعسكرية في شوارع وأحياء المدينة خلال الأيام الماضية.

وطالبت الشبكة في بيان لها المجتمع الدولي والأمم المتحدة والمنظمات الحقوقية بإدانة هذه الممارسات بشكل واضح، بوصفها خطوة أساسية نحو محاسبة مرتكبيها، والضغط على الجماعة الحوثية للإفراج عن جميع المختطفين والمخفيين قسراً في معتقلاتها، والتحرك الفوري لتصنيفها منظمة إرهابية بسبب تهديدها للأمن والسلم الإقليميين والدوليين.

تطييف القطاع الطبي

في محافظة تعز، كشفت مصادر محلية لـ«الشرق الأوسط» عن أن الجماعة الحوثية اختطفت عدداً من الشبان في منطقة الحوبان على خلفية إبداء آرائهم بسقوط نظام الأسد، ولم يعرف عدد من جرى اختطافهم.

تكدس في نقطة تفتيش حوثية في تعز حيث اختطفت الجماعة ناشطين بتهمة الاحتفال بسقوط الأسد (إكس)

وأوقفت الجماعة، بحسب المصادر، عدداً كبيراً من الشبان والناشطين القادمين من مناطق سيطرة الحكومة اليمنية، وأخضعتهم للاستجواب وتفتيش متعلقاتهم الشخصية وجوالاتهم بحثاً عمّا يدل على احتفالهم بتطورات الأحداث في سوريا، أو ربط ما يجري هناك بالوضع في اليمن.

وشهدت محافظة إب (193 كيلومتراً جنوب صنعاء) اختطاف عدد من السكان للأسباب نفسها في عدد من المديريات، مترافقاً مع إجراءات أمنية مشددة في مركز المحافظة ومدنها الأخرى، وتكثيف أعمال التحري في الطرقات ونقاط التفتيش.

إلى ذلك، أجبرت الجماعة عاملين في القطاع الطبي، بشقيه العام والخاص، على حضور فعاليات تعبوية تتضمن محاضرات واستماع لخطابات زعيمها عبد الملك الحوثي، وشروحات لملازم المؤسس حسين الحوثي، وأتبعت ذلك بإجبارهم على المشاركة في تدريبات عسكرية على استخدام مختلف الأسلحة الخفيفة والمتوسطة والقنابل اليدوية وزراعة الألغام والتعامل مع المتفجرات.

وذكرت مصادر طبية في صنعاء أن هذه الإجراءات استهدفت العاملين في المستشفيات الخاصعة لسيطرة الجماعة بشكل مباشر، سواء العمومية منها، أو المستشفيات الخاصة التي استولت عليها الجماعة بواسطة ما يعرف بالحارس القضائي المكلف بالاستحواذ على أموال وممتلكات معارضيها ومناهضي نفوذها من الأحزاب والأفراد.

زيارات إجبارية للموظفين العموميين إلى معارض صور قتلى الجماعة الحوثية ومقابرهم (إعلام حوثي)

وتتزامن هذه الأنشطة مع أنشطة أخرى شبيهة تستهدف منتسبي الجامعات الخاصة من المدرسين والأكاديميين والموظفين، يضاف إليها إجبارهم على زيارة مقابر قتلى الجماعة في الحرب، وأضرحة عدد من قادتها، بما فيها ضريح حسين الحوثي في محافظة صعدة (233 كيلومتراً شمال صنعاء)، وفق ما كانت أوردته «الشرق الأوسط» في وقت سابق.

وكانت الجماعة أخضعت أكثر من 250 من العاملين في الهيئة العليا للأدوية خلال سبتمبر (أيلول) الماضي، وأخضعت قبلهم مدرسي وأكاديميي جامعة صنعاء (أغلبهم تجاوزوا الستين من العمر) في مايو (أيار) الماضي، لتدريبات عسكرية مكثفة، ضمن ما تعلن الجماعة أنه استعداد لمواجهة الغرب وإسرائيل.

استهداف أولياء الأمور

في ضوء المخاوف الحوثية، ألزمت الجماعة المدعومة من إيران أعياناً قبليين في محافظة الضالع (243 كيلومتراً جنوب صنعاء) بتوقيع اتفاقية لجمع الأموال وحشد المقاتلين إلى الجبهات.

موظفون في القطاع الطبي يخضعون لدورات قتالية إجبارية في صنعاء (إعلام حوثي)

وبينما أعلنت الجماعة ما وصفته بالنفير العام في المناطق الخاضعة لسيطرتها من المحافظة، برعاية أسماء «السلطة المحلية» و«جهاز التعبئة العامة» و«مكتب هيئة شؤون القبائل» التابعة لها، أبدت أوساط اجتماعية استياءها من إجبار الأعيان والمشايخ في تلك المناطق على التوقيع على وثيقة لإلزام السكان بدفع إتاوات مالية لصالح المجهود الحربي وتجنيد أبنائهم للقتال خلال الأشهر المقبلة.

في السياق نفسه، أقدمت الجماعة الانقلابية على خصم 10 درجات من طلاب المرحلة الأساسية في عدد من مدارس صنعاء، بحة عدم حضور أولياء الأمور محاضرات زعيمها المسجلة داخل المدارس.

ونقلت المصادر عن عدد من الطلاب وأولياء أمورهم أن المشرفين الحوثيين على تلك المدارس هددوا الطلاب بعواقب مضاعفة في حال استمرار تغيب آبائهم عن حضور تلك المحاضرات، ومن ذلك طردهم من المدارس أو إسقاطهم في عدد من المواد الدراسية.

وأوضح مصدر تربوي في صنعاء لـ«الشرق الأوسط» أن تعميماً صدر من قيادات عليا في الجماعة إلى القادة الحوثيين المشرفين على قطاع التربية والتعليم باتباع جميع الوسائل للتعبئة العامة في أوساط أولياء الأمور.

مقاتلون حوثيون جدد جرى تدريبهم وإعدادهم أخيراً بمزاعم مناصرة قطاع غزة (إعلام حوثي)

ونبه المصدر إلى أن طلب أولياء الأمور للحضور إلى المدارس بشكل أسبوعي للاستماع إلى محاضرات مسجلة لزعيم الجماعة هو أول إجراء لتنفيذ هذه التعبئة، متوقعاً إجراءات أخرى قد تصل إلى إلزامهم بحضور فعاليات تعبوية أخرى تستمر لأيام، وزيارة المقابر والأضرحة والمشاركة في تدريبات قتالية.

وبحسب المصدر؛ فإن الجماعة لا تقبل أي أعذار لتغيب أولياء الأمور، كالسفر أو الانشغال بالعمل، بل إنها تأمر كل طالب يتحجج بعدم قدرة والده على حضور المحاضرات بإقناع أي فرد آخر في العائلة بالحضور نيابة عن ولي الأمر المتغيب.