التطريز.. هوية الفلسطينيين من قبل الانتداب البريطاني إلى ما بعد الانتفاضات

تطور عبر السنين وتغلغل في تفاصيل تتجاوز «الثوب»

حلي ومفارش ومطرزات تجسد التراث الفلسطيني وتطور الحرفة عبر السنين («الشرق الأوسط») - خبيرة التراث مها السقا تستعرض أثوابا مطرزة وتشرح تفاصيلها («الشرق الأوسط») - إيمان السقا ارتدت هذا الثوب المطرز يوم زفافها بدلا من الأبيض التقليدي («الشرق الأوسط»)
حلي ومفارش ومطرزات تجسد التراث الفلسطيني وتطور الحرفة عبر السنين («الشرق الأوسط») - خبيرة التراث مها السقا تستعرض أثوابا مطرزة وتشرح تفاصيلها («الشرق الأوسط») - إيمان السقا ارتدت هذا الثوب المطرز يوم زفافها بدلا من الأبيض التقليدي («الشرق الأوسط»)
TT

التطريز.. هوية الفلسطينيين من قبل الانتداب البريطاني إلى ما بعد الانتفاضات

حلي ومفارش ومطرزات تجسد التراث الفلسطيني وتطور الحرفة عبر السنين («الشرق الأوسط») - خبيرة التراث مها السقا تستعرض أثوابا مطرزة وتشرح تفاصيلها («الشرق الأوسط») - إيمان السقا ارتدت هذا الثوب المطرز يوم زفافها بدلا من الأبيض التقليدي («الشرق الأوسط»)
حلي ومفارش ومطرزات تجسد التراث الفلسطيني وتطور الحرفة عبر السنين («الشرق الأوسط») - خبيرة التراث مها السقا تستعرض أثوابا مطرزة وتشرح تفاصيلها («الشرق الأوسط») - إيمان السقا ارتدت هذا الثوب المطرز يوم زفافها بدلا من الأبيض التقليدي («الشرق الأوسط»)

تضع خبيرة التراث الفلسطيني مها السقا لمساتها الأخيرة على نماذج جديدة لمطرزات حديثة في مركزها الضخم على مدخل مدينة بيت لحم، الذي حولته إلى ما يشبه متحفا يختصر تاريخ التراث الفلسطيني. وتنهمك السقا في إخراج أثواب جديدة إلى العلن، ضمن مفهومها الخاص بتحديث التراث القديم إلى جديد، مع الحفاظ على أصالة الزخرف واللون.
وقالت السقا وهي تستعرض مجموعة من الأثواب الأصيلة، وعمر بعضها أكثر من 120 عاما، وأخرى حديثة جدا: «هذا الثوب هو هوية ووثيقة حضارية، ومهمتي كانت وما زالت، منذ 20 عاما، الحفاظ على هذه الهوية وتعليمها للأجيال، وتناقلها ونقلها من الخاص إلى العام».
وتتفاخر السقا بإنجازات كبيرة حققتها منذ أعوام طويلة، تبدأ بحصاد جوائز عالمية، ولا تنتهي بتعميم التراث في الحياة الخاصة، قائلة: «الإنجاز الأعظم أننا أصبحنا نمارس التراث».
وأوضحت في مقابلة مع «الشرق الأوسط» أن «التطريز يدخل إلى الأثواب الحديثة، وفي فساتين الأعراس والخطبة، وفي المفارش والمعلقات في المهرجانات والمناسبات، وفي لباس الفتيات اليومي، وفي الهدايا». وتعرض السقا في زوايا متعددة في مركزها الكبير مطرزات متنوعة وحليًّا وأدوات قديمة وحديثة متعددة الاستخدامات، مشيرة إلى أهمية التطور الذي طرأ على المطرزات.
* حرفة حيوية متأصلة بالتراث الفلسطيني
وهذا التطور الذي تعد السقا واحدة من السباقين إليه، كان مثار نقاش مستفيض في بيروت ورام الله، ضمن فعاليات «قلنديا الدولي» الملهم للفنون المعاصرة.
وافتتحت قيمّة معرض «أطراف الخيوط: التطريز الفلسطيني في سياقه السياسيّ» الذي نظم في بيروت، في مايو (أيار) الماضي، ريتشل ديدمان، التي قضت سنتين في بحثها حول تاريخ التطريز الفلسطيني، ندوة نقاش في مقر المتحف في رام الله، شرحت فيها كيف أن «التطريز يكتسب جانبًا عاطفيًا، ويحمل بعدًا إنسانيًا في جوهره، ويمكن أن نسافر من خلاله عبر الجانب الشخصي والعام». وقالت ديدمان إن «الهدف من المعرض هو إظهار تاريخ التطريز قبل الأربعينات، وكيف أسهمت الحداثة في تغيير شكل الملابس والتعامل مع التطريز بوصفه عملا حيويا، إضافة إلى أن التطريز وبصفته أحد أشكال التاريخ المادي، يعكس بحساسية شديدة المشهد الاجتماعي والسياسي الذي أنتج ضمنه. كما يتقصى المعرض الطرق التي يمكن بواسطتها فهم التطريز على أنه عمل سياسي ضمني - بموجب كونه ينتج بواسطة أشخاص لترتديه الأجساد - بالإضافة إلى الطرق الصريحة والعلنية التي تقاطع فيها التطريز مع الأحداث السياسية بصورتها الأكبر خلال الأعوام المائة الماضية.
* أنسجة وتصاميم بطابع وطني
واستعرضت ديدمان، في مداخلتها، أمثلة على المستويات التي كان يحاول المعرض أن يتحدث عنها، بدءًا من الثياب اليومية، وما يمكن أن يقرأ من خلالها حول الحياة اليومية، إضافة إلى الحديث عن النسيج والصناعة وتأثر التطريز بالحياة الاقتصادية إبان الانتداب البريطاني، ودخول الأنسجة ونقل التصاميم الأوروبية إليه، ثم تأثير النكبة وانعكاس صعوبة الحال في المخيمات على التطريز، إذ انتشر التطريز الآلي، إضافة إلى انتشاره كحرفة ليكون مصدر دخل لكثير من النساء. أما في سبعينات القرن الماضي، فبدأ التطريز يظهر كرمز للهوية والتراث الفلسطيني، لتتجلى رمزية الثوب الوطنية في الثمانينات، حين بدأت النساء مع اندلاع انتفاضة عام 1987 بتطريز رموز ذات طابع وطني صريح على أثوابهن، كالعلم الفلسطيني وغيره، لا سيما في ظل حظر الإسرائيليين أي تمثيلِ فني لألوان العلم الفلسطيني، وهكذا صار إنتاج الأثواب وارتداؤها فعل ممانعة، وصولاً إلى التطريز في الوقت الحاضر واستخداماته التجارية المختلفة، وظهور جيل من المصممين والفنانين يطورون التطريز بما يتجاوز «الثوب».
وهذا التطور يمكن فهمه أكثر في معرض السقا الكبير.
وقد استعرضت السقا مجموعة من أثوابها التي يرمز كل واحد منها إلى مدينة فلسطينية، مؤكدة أن الإقبال على ارتداء الأثواب المطرزة شهد خلال الأعوام الماضية ارتفاعا كبيرا. وعرضت السقا مجموعة من الأثواب الأصلية والنادرة التي يجري الاستنساخ عنها بشكل دقيق، من بينها ثوب القدس، وهو مصنوع من قماش حريري، موشح بخيوط من القصب، وتعرفه النساء باسم ثوب جنة ونار، والسبب أنه مصنوع من اللونين الأحمر والأخضر. ويدل لون كل ثوب على أي مدينة يتبع، حسب قول السقا: «كل ثوب هو وثيقة وهوية لكل قرية ومدينة فلسطينية: ثوب يافا يزخر بزهر البرتقال الذي تشتهر به المدينة محاطا بشجر السرو، وثوب بيت لحم يشتهر بأنه من قماش الحرير ومطرز بخيط القصب». وشرحت السقا أكثر عن ثوب بيت دجن المليء بالتطريز الدقيق، وكيف تستعمل في هذا الثوب غرزة معروفة «بالفلاحي»، بالإضافة إلى قطبة التحرير والقصب، المعمولة من خيوط القصب المطلية بالذهب التي كانت حكرا فقط على منطقة بيت لحم، وتمتاز هذه القطبة بأنها تطرز فوق القماش، وليس فيه.
وتشرح السقا: «عندما تزوجت فتاة من بيت لحم إلى يافا، أدخلت قطبة التحرير والقصب على ثوب بيت دجن، فصار خليطا من قطبة الصليب والتحرير». كما استعرضت السقا مجموعة جديدة من الأثواب الحديثة: «أريد أن يبقى التراث ملكا لنا، ولذلك وضعناه على الأثواب العصرية: على الشال والفستان والبلوز والكوفية وفساتين السهرة».
* أغلى ممتلكات المرأة الفلسطينية
وفي زوايا أخرى، بدت براويز ومعلقات وحلّي ومفارش متنوعة الألوان ومطرزة بالكامل أو أدخل التطريز إليها. وقالت السقا: «نحن نوثق ونحيي هذا التراث».
وتعمل لدى السقا 40 سيدة في تطريز الأثواب التي كانت أغلى ما تملكه المرأة الفلسطينية يوما ما.
وتقول السقا إن الثوب المطرز كان الأغلى لأن المرأة الفلسطينية كانت تطرزه بيدها، وترتديه في عرسها، وقد تشردت من أرضها وهي ترتديه كذلك. وهذا الثوب الذي ألهم السقا وغيرها من أجل إعادة إحيائه، كان ملهما لكثير من الفنانين كذلك.
فقد قال الفنان سليمان منصور إن التطريز كان أكبر ملهم للفنانين الفلسطينيين، خصوصا في فترة السبعينات والثمانينات، للتعبير عن الهوية الفلسطينية، وكان يمثل عنصرًا أساسيًا في الأعمال الفنية في تلك الفترة، حيث رسم التطريز بالأدوات الفنية المختلفة، كما كان حاضرًا حينما قررت مجموعة من الفنانين الفلسطينيين مقاطعة إسرائيل، والاعتماد في الرسم على مواد من البيئة المحلية الفلسطينية، حيث استعمل التطريز مع الخشب والجلد وغيرها، كما استخدم كعمل فني في إنتاجات كثير من الفنانين.



رحيل إيلي شويري عاشق لبنان و«أبو الأناشيد الوطنية»

عرف الراحل إيلي شويري بـ«أبو الأناشيد الوطنية»
عرف الراحل إيلي شويري بـ«أبو الأناشيد الوطنية»
TT

رحيل إيلي شويري عاشق لبنان و«أبو الأناشيد الوطنية»

عرف الراحل إيلي شويري بـ«أبو الأناشيد الوطنية»
عرف الراحل إيلي شويري بـ«أبو الأناشيد الوطنية»

إنه «فضلو» في «بياع الخواتم»، و«أبو الأناشيد الوطنية» في مشواره الفني، وأحد عباقرة لبنان الموسيقيين، الذي رحل أول من أمس (الأربعاء) عن عمر ناهز 84 عاماً.
فبعد تعرضه لأزمة صحية نقل على إثرها إلى المستشفى، ودّع الموسيقي إيلي شويري الحياة. وفي حديث لـ«الشرق الأوسط» أكدت ابنته كارول أنها تفاجأت بانتشار الخبر عبر وسائل التواصل الاجتماعي قبل أن تعلم به عائلته. وتتابع: «كنت في المستشفى معه عندما وافاه الأجل. وتوجهت إلى منزلي في ساعة متأخرة لأبدأ بالتدابير اللازمة ومراسم وداعه. وكان الخبر قد ذاع قبل أن أصدر بياناً رسمياً أعلن فيه وفاته».
آخر تكريم رسمي حظي به شويري كان في عام 2017، حين قلده رئيس الجمهورية يومها ميشال عون وسام الأرز الوطني. وكانت له كلمة بالمناسبة أكد فيها أن حياته وعطاءاته ومواهبه الفنية بأجمعها هي كرمى لهذا الوطن.
ولد إيلي شويري عام 1939 في بيروت، وبالتحديد في أحد أحياء منطقة الأشرفية. والده نقولا كان يحضنه وهو يدندن أغنية لمحمد عبد الوهاب. ووالدته تلبسه ثياب المدرسة على صوت الفونوغراف الذي تنساب منه أغاني أم كلثوم مع بزوغ الفجر. أما أقرباؤه وأبناء الجيران والحي الذي يعيش فيه، فكانوا من متذوقي الفن الأصيل، ولذلك اكتمل المشوار، حتى قبل أن تطأ خطواته أول طريق الفن.
- عاشق لبنان
غرق إيلي شويري منذ نعومة أظافره في حبه لوطنه وترجم عشقه لأرضه بأناشيد وطنية نثرها على جبين لبنان، ونبتت في نفوس مواطنيه الذين رددوها في كل زمان ومكان، فصارت لسان حالهم في أيام الحرب والسلم. «بكتب اسمك يا بلادي»، و«صف العسكر» و«تعلا وتتعمر يا دار» و«يا أهل الأرض»... جميعها أغنيات شكلت علامة فارقة في مسيرة شويري الفنية، فميزته عن سواه من أبناء جيله، وذاع صيته في لبنان والعالم العربي وصار مرجعاً معتمداً في قاموس الأغاني الوطنية. اختاره ملك المغرب وأمير قطر ورئيس جمهورية تونس وغيرهم من مختلف أقطار العالم العربي ليضع لهم أجمل معاني الوطن في قالب ملحن لا مثيل له. فإيلي شويري الذي عُرف بـ«أبي الأناشيد الوطنية» كان الفن بالنسبة إليه منذ صغره هَوَساً يعيشه وإحساساً يتلمسه في شكل غير مباشر.
عمل شويري مع الرحابنة لفترة من الزمن حصد منها صداقة وطيدة مع الراحل منصور الرحباني. فكان يسميه «أستاذي» ويستشيره في أي عمل يرغب في القيام به كي يدله على الصح من الخطأ.
حبه للوطن استحوذ على مجمل كتاباته الشعرية حتى لو تناول فيها العشق، «حتى لو رغبت في الكتابة عن أعز الناس عندي، أنطلق من وطني لبنان»، هكذا كان يقول. وإلى هذا الحد كان إيلي شويري عاشقاً للبنان، وهو الذي اعتبر حسه الوطني «قدري وجبلة التراب التي امتزج بها دمي منذ ولادتي».
تعاون مع إيلي شويري أهم نجوم الفن في لبنان، بدءاً بفيروز وسميرة توفيق والراحلين وديع الصافي وصباح، وصولاً إلى ماجدة الرومي. فكان يعدّها من الفنانين اللبنانيين القلائل الملتزمين بالفن الحقيقي. فكتب ولحن لها 9 أغنيات، من بينها «مين إلنا غيرك» و«قوم تحدى» و«كل يغني على ليلاه» و«سقط القناع» و«أنت وأنا» وغيرها. كما غنى له كل من نجوى كرم وراغب علامة وداليدا رحمة.
مشواره مع الأخوين الرحباني بدأ في عام 1962 في مهرجانات بعلبك. وكانت أول أدواره معهم صامتة بحيث يجلس على الدرج ولا ينطق إلا بكلمة واحدة. بعدها انتسب إلى كورس «إذاعة الشرق الأدنى» و«الإذاعة اللبنانية» وتعرّف إلى إلياس الرحباني الذي كان يعمل في الإذاعة، فعرّفه على أخوَيه عاصي ومنصور.

مع أفراد عائلته عند تقلده وسام الأرز الوطني عام 2017

ويروي عن هذه المرحلة: «الدخول على عاصي ومنصور الرحباني يختلف عن كلّ الاختبارات التي يمكن أن تعيشها في حياتك. أذكر أن منصور جلس خلف البيانو وسألني ماذا تحفظ. فغنيت موالاً بيزنطياً. قال لي عاصي حينها؛ من اليوم ممنوع عليك الخروج من هنا. وهكذا كان».
أسندا إليه دور «فضلو» في مسرحية «بياع الخواتم» عام 1964. وفي الشريط السينمائي الذي وقّعه يوسف شاهين في العام التالي. وكرّت السبحة، فعمل في كلّ المسرحيات التي وقعها الرحابنة، من «دواليب الهوا» إلى «أيام فخر الدين»، و«هالة والملك»، و«الشخص»، وصولاً إلى «ميس الريم».
أغنية «بكتب اسمك يا بلادي» التي ألفها ولحنها تعد أنشودة الأناشيد الوطنية. ويقول شويري إنه كتب هذه الأغنية عندما كان في رحلة سفر مع الراحل نصري شمس الدين. «كانت الساعة تقارب الخامسة والنصف بعد الظهر فلفتني منظر الشمس التي بقيت ساطعة في عز وقت الغروب. وعرفت أن الشمس لا تغيب في السماء ولكننا نعتقد ذلك نحن الذين نراها على الأرض. فولدت كلمات الأغنية (بكتب اسمك يا بلادي عالشمس الما بتغيب)».
- مع جوزيف عازار
غنى «بكتب اسمك يا بلادي» المطرب المخضرم جوزيف عازار. ويخبر «الشرق الأوسط» عنها: «ولدت هذه الأغنية في عام 1974 وعند انتهائنا من تسجيلها توجهت وإيلي إلى وزارة الدفاع، وسلمناها كأمانة لمكتب التوجيه والتعاون»، وتابع: «وفوراً اتصلوا بنا من قناة 11 في تلفزيون لبنان، وتولى هذا الاتصال الراحل رياض شرارة، وسلمناه شريط الأغنية فحضروا لها كليباً مصوراً عن الجيش ومعداته، وعرضت في مناسبة عيد الاستقلال من العام نفسه».
يؤكد عازار أنه لا يستطيع اختصار سيرة حياة إيلي شويري ومشواره الفني معه بكلمات قليلة. ويتابع لـ«الشرق الأوسط»: «لقد خسر لبنان برحيله مبدعاً من بلادي كان رفيق درب وعمر بالنسبة لي. أتذكره بشوشاً وطريفاً ومحباً للناس وشفافاً، صادقاً إلى أبعد حدود. آخر مرة التقيته كان في حفل تكريم عبد الحليم كركلا في الجامعة العربية، بعدها انقطعنا عن الاتصال، إذ تدهورت صحته، وأجرى عملية قلب مفتوح. كما فقد نعمة البصر في إحدى عينيه من جراء ضربة تلقاها بالغلط من أحد أحفاده. فضعف نظره وتراجعت صحته، وما عاد يمارس عمله بالشكل الديناميكي المعروف به».
ويتذكر عازار الشهرة الواسعة التي حققتها أغنية «بكتب اسمك يا بلادي»: «كنت أقفل معها أي حفل أنظّمه في لبنان وخارجه. ذاع صيت هذه الأغنية، في بقاع الأرض، وترجمها البرازيليون إلى البرتغالية تحت عنوان (أومينا تيرا)، وأحتفظ بنصّها هذا عندي في المنزل».
- مع غسان صليبا
مع الفنان غسان صليبا أبدع شويري مرة جديدة على الساحة الفنية العربية. وكانت «يا أهل الأرض» واحدة من الأغاني الوطنية التي لا تزال تردد حتى الساعة. ويروي صليبا لـ«الشرق الأوسط»: «كان يعد هذه الأغنية لتصبح شارة لمسلسل فأصررت عليه أن آخذها. وهكذا صار، وحققت نجاحاً منقطع النظير. تعاونت معه في أكثر من عمل. من بينها (كل شيء تغير) و(من يوم ما حبيتك)». ويختم صليبا: «العمالقة كإيلي شويري يغادرونا فقط بالجسد. ولكن بصمتهم الفنية تبقى أبداً ودائماً. لقد كانت تجتمع عنده مواهب مختلفة كملحن وكاتب ومغنٍ وممثل. نادراً ما نشاهدها تحضر عند شخص واحد. مع رحيله خسر لبنان واحداً من عمالقة الفن ومبدعيه. إننا نخسرهم على التوالي، ولكننا واثقون من وجودهم بيننا بأعمالهم الفذة».
لكل أغنية كتبها ولحنها إيلي شويري قصة، إذ كان يستمد موضوعاتها من مواقف ومشاهد حقيقية يعيشها كما كان يردد. لاقت أعماله الانتقادية التي برزت في مسرحية «قاووش الأفراح» و«سهرة شرعية» وغيرهما نجاحاً كبيراً. وفي المقابل، كان يعدها من الأعمال التي ينفذها بقلق. «كنت أخاف أن تخدش الذوق العام بشكل أو بآخر. فكنت ألجأ إلى أستاذي ومعلمي منصور الرحباني كي يرشدني إلى الصح والخطأ فيها».
أما حلم شويري فكان تمنيه أن تحمل له السنوات الباقية من عمره الفرح. فهو كما كان يقول أمضى القسم الأول منها مليئة بالأحزان والدموع. «وبالقليل الذي تبقى لي من سنوات عمري أتمنى أن تحمل لي الابتسامة».