مقتل قيادي حوثي في مواجهات بشقب تعز

قلق دولي إزاء تدهور الأمن الغذائي في اليمن

عنصر من الجيش اليمني أثناء الاشتباكات في تعز («الشرق الأوسط»)
عنصر من الجيش اليمني أثناء الاشتباكات في تعز («الشرق الأوسط»)
TT

مقتل قيادي حوثي في مواجهات بشقب تعز

عنصر من الجيش اليمني أثناء الاشتباكات في تعز («الشرق الأوسط»)
عنصر من الجيش اليمني أثناء الاشتباكات في تعز («الشرق الأوسط»)

أعلنت قوات الجيش اليمني في تعز، مقتل القيادي الحوثي المدعو أبو ماجد، وعدد من مرافقيه خلال مواجهات عنيفة شهدتها الجبهة الغربية.
وأكدت مصادر ميدانية لـ«الشرق الأوسط»، أن «ميليشيات الحوثي والمخلوع صالح الانقلابية شنت هجومها المباغت على مواقع الجيش الوطني والمقاومة الشعبية في محيط جبل هان الاستراتيجي، الجبهة الغربية، في محاولة منها استعادت الجبل وعدد من المواقع، غير أن القوات تمكنت من التصدي وتكبيدهم الخسائر البشرية والمادية بما فيهم مقتل القيادي العسكري في ميليشيات الحوثي، الذي يشغل منصبا عسكريا في قيادة قوات الحرس الجمهوري (قوات الاحتياط حاليا) وعدد من مرافقيه».
وأضافت المصادر، أن «المدعو أبو ماجد، ينحدر أصله من منطقة مران في محافظة صعدة، المعقل الرئيسي لميليشيات الحوثي، وشغل منصبا في قيادات أركان حرب قوات الاحتياط، ومسؤولا عن المجموعات المسلحة في تعز»، في حين قالت مصادر إعلامية، إن «أبو ماجد عمل مسؤولا عن المربع الأمني للميليشيات الانقلابية في منطقة حزيز، جنوب العاصمة صنعاء، قبل أن تجري ترقيته من قبل ميليشيات الحوثي في صنعاء من ضمن سلسلة قرارات غير معلنة اتخذتها الميليشيات في مطلع العام الحالي، وشملت تعيينات لأفراد حوثيين في قيادة الحرس الجمهوري الموالي للرئيس المخلوع صالح».
على صعيد متصل، تواصل ميليشيات الحوثي والمخلوع صالح الانقلابية قصفها العنيف على أحياء تعز السكنية، وتركز القصف الأعنف في الجبهة الشرقية، وقرية الصيار في مديرية الصلو، جنوب المدينة، التي شهدت مواجهات جراء محاولة الميليشيات التقدم إلى مواقع المقاومة الشعبية، حيث تمكنت هذه الأخيرة من التصدي لهم وأجبرتهم على الفرار.
كما تجددت المواجهات العنيفة في جبهة الشقب بصبر الموادم، جنوب تعز، على إثر محاولة الميليشيات التقدم إلى مواقع الجيش والمقاومة، ورافقها الغطاء الناري الكثيف من الميليشيات على منازل المواطنين، وسقط فيها قتلى وجرحى من المدنيين، بما فيهم مقتل عبد الملك أحمد إبراهيم (60 عاما)، وإصابة سبعة من أفراد أسرته، بينهم أطفال.
وقالت مصادر طبية لـ«الشرق الأوسط»، إن «الميليشيات تسببت في سقوط عدد من القتلى والجرحى في منطقة ثعبات، شرق المدينة، ومن بين الجرحى طفلان الأول: عبد الله صدام (عامان ونصف العام) إثر شظية دبابة في رأسه في حي ثعبات، والآخر عبد الله محمد حسن (ثلاثة أعوام) أصيب في رجله إثر تعرضه لرصاصة أطلقها قناص حوثي في منطقة الدمينة، غرب المدينة».
وفي جبهة حيفان ريف تعز، جنوب المدينة، قصفت الميليشيات الانقلابية بقذائفها وصاروخ الكاتيوشا من مواقعها في منطقة حارات بالاعبوس إلى منطقة الجمعة في طور الباحة، في حين لم ترد أي معلومات عن إصابات أو عدد القتلى إلى حين كتابة التقرير.
وأكد سكان محليون من حيفان لـ«الشرق الأوسط»، أن «الميليشيات الانقلابية تواصل تدميرها منازل المواطنين في بعض القرى، وبخاصة الاعبوس، إضافة إلى تدميرها المرافق الحكومية، وبشكل خاص الصحية، في تدمير ممنهج منها تدمير ما تم إنجازه في الجانب الصحي، وبدعم من قبل مدير مكتب الصحة الموالي للانقلابيين». وأضافوا، أن «الميليشيات قامت منذ دخولها مديرية حيفان، بنهب معدات مستوصف السويداء في الأعروق وتحويله إلى ثكنة عسكرية، إضافة إلى نهب مستوصف في منطقة ظبي بالاعبوس، غير أنه بعد وساطات لدى الميليشيات الانقلابية أعادت بعض ما تم نهبه في ظبي الاعبوس».
من جهته، شن طيران التحالف العربي، الذي تقوده السعودية، غاراته المركزة والمباشرة على مواقع وتجمعات الميليشيات الانقلابية في مديرية حيفان، جنوب المدينة، استهدفت فيها مواقع للميليشيات بالقرب من المركز الصحي في المديرية، وسقط فيها قتلى وجرحى من الميليشيات.
إنسانيا، أعرب برنامج الأغذية العالمي التابع للأمم المتحدة، عن قلقه المتزايد إزاء تدهور وضع الأمن الغذائي وتزايد معدلات سوء التغذية لدى الأطفال في اليمن، ولا سيما في المناطق التي يصعب الوصول إليها.
وقال في بيان حصلت «الشرق الأوسط» على نسخة منه، إن «انعدام الأمن يجعل الوصول إلى بعض المناطق الأشد معاناة من سوء التغذية في اليمن تحديًا، وأنه لا يزال توزيع المواد الغذائية في بعض المناطق جاريًا، وسوف يغطي البرنامج أيضًا 189 ألف شخص آخرين في ثلاثة مواقع أخرى كان من الصعب الوصول إليها في الأسابيع القليلة الماضية. ويحتاج البرنامج إلى الوصول المستدام إلى المحافظات الأشد فقرًا، ولا سيما مأرب والجوف وتعز». وقال مهند هادي، المدير الإقليمي لبرنامج الأغذية العالمي لمنطقة الشرق الأوسط وشمال أفريقيا ووسط آسيا وشرق أوروبا، إن «النزاع في اليمن يسبب خسائر فادحة، وبخاصة للأشخاص الأكثر احتياجًا، ولا سيما النساء والأطفال». وأضاف: «يزداد الجوع كل يوم وقد استنفد الناس كل ما لديهم من استراتيجيات للبقاء. وهناك الملايين من الناس لا يمكنهم البقاء على قيد الحياة دون الحصول على مساعدات خارجية».
وقال توربين دو، المدير القطري لبرنامج الأغذية العالمي في اليمن، إن «هناك جيلا كاملا يمكن أن يصاب بالعجز بسبب الجوع، ونحن في حاجة إللى رفع مستوى مساعداتنا المنقذة للحياة للوصول بالمساعدات الغذائية والعلاج الوقائي إلى عدد أكبر من الناس في الوقت المناسب»، مضيفا: «نحن في حاجة إلى توفير حصة كاملة لكل أسرة محتاجة، ولكننا للأسف نضطر في الوقت الحالي إلى الحد من حجم السلة الغذائية، وإلى تقسيم المساعدات بين الأسر الفقيرة لتلبية الاحتياجات المتزايدة». وناشد «المجتمع الدولي لدعم الشعب اليمني».
وأشار برنامج الأغذية العالمي، إلى احتياجه إلى ما يزيد على 257 مليون دولار لتوفير المساعدات الغذائية الملحة حتى مارس (آذار) 2017، حيث يستغرق الأمر 4 أشهر من وقت تلقي البرنامج الأموال حتى يمكن شحن الغذاء إلى البلاد، ووصوله إلى أيدي الأسر التي تحتاج إليه. وأعرب عن امتنانه للجهات المانحة الرئيسية التي ساهمت أو تعهدت بتقديم الدعم لشعب اليمن، بما فيها: الولايات المتحدة وألمانيا واليابان والاتحاد الأوروبي.



الحوثيون يكثّفون حملة الاعتقالات في معقلهم الرئيسي

جنود حوثيون يركبون شاحنة في أثناء قيامهم بدورية في مطار صنعاء (إ.ب.أ)
جنود حوثيون يركبون شاحنة في أثناء قيامهم بدورية في مطار صنعاء (إ.ب.أ)
TT

الحوثيون يكثّفون حملة الاعتقالات في معقلهم الرئيسي

جنود حوثيون يركبون شاحنة في أثناء قيامهم بدورية في مطار صنعاء (إ.ب.أ)
جنود حوثيون يركبون شاحنة في أثناء قيامهم بدورية في مطار صنعاء (إ.ب.أ)

أطلقت الجماعة الحوثية سراح خمسة من قيادات جناح حزب «المؤتمر الشعبي» في مناطق سيطرتها، بضمانة عدم المشاركة في أي نشاط احتجاجي أو الاحتفال بالمناسبات الوطنية، وفي المقابل كثّفت في معقلها الرئيسي، حيث محافظة صعدة، حملة الاعتقالات التي تنفّذها منذ انهيار النظام السوري؛ إذ تخشى تكرار هذه التجربة في مناطق سيطرتها.

وذكرت مصادر في جناح حزب «المؤتمر الشعبي» لـ«الشرق الأوسط»، أن الوساطة التي قادها عضو مجلس حكم الانقلاب الحوثي سلطان السامعي، ومحافظ محافظة إب عبد الواحد صلاح، أفضت، وبعد أربعة أشهر من الاعتقال، إلى إطلاق سراح خمسة من أعضاء اللجنة المركزية للحزب، بضمانة من الرجلين بعدم ممارستهم أي نشاط معارض لحكم الجماعة.

وعلى الرغم من الشراكة الصورية بين جناح حزب «المؤتمر» والجماعة الحوثية، أكدت المصادر أن كل المساعي التي بذلها زعيم الجناح صادق أبو راس، وهو عضو أيضاً في مجلس حكم الجماعة، فشلت في تأمين إطلاق سراح القادة الخمسة وغيرهم من الأعضاء؛ لأن قرار الاعتقال والإفراج مرتبط بمكتب عبد الملك الحوثي الذي يشرف بشكل مباشر على تلك الحملة التي طالت المئات من قيادات الحزب وكوادره بتهمة الدعوة إلى الاحتفال بالذكرى السنوية للإطاحة بأسلاف الحوثيين في شمال اليمن عام 1962.

قيادات جناح حزب «المؤتمر الشعبي» في صنعاء يتعرّضون لقمع حوثي رغم شراكتهم الصورية مع الجماعة (إكس)

في غضون ذلك، ذكرت وسائل إعلام محلية أن الجماعة الحوثية واصلت حملة الاعتقالات الواسعة التي تنفّذها منذ أسبوعين في محافظة صعدة، المعقل الرئيسي لها (شمال)، وأكدت أنها طالت المئات من المدنيين؛ حيث داهمت عناصر ما يُسمّى «جهاز الأمن والمخابرات»، الذين يقودهم عبد الرب جرفان منازلهم وأماكن عملهم، واقتادتهم إلى معتقلات سرية ومنعتهم من التواصل مع أسرهم أو محامين.

300 معتقل

مع حالة الاستنفار التي أعلنها الحوثيون وسط مخاوف من استهداف قادتهم من قبل إسرائيل، قدّرت المصادر عدد المعتقلين في الحملة الأخيرة بمحافظة صعدة بنحو 300 شخص، من بينهم 50 امرأة.

وذكرت المصادر أن المعتقلين يواجهون تهمة التجسس لصالح الولايات المتحدة وإسرائيل ودول أخرى؛ حيث تخشى الجماعة من تحديد مواقع زعيمها وقادة الجناح العسكري، على غرار ما حصل مع «حزب الله» اللبناني، الذي أشرف على تشكيل جماعة الحوثي وقاد جناحيها العسكري والمخابراتي.

عناصر من الحوثيين خلال حشد للجماعة في صنعاء (إ.ب.أ)

ونفت المصادر صحة التهم الموجهة إلى المعتقلين المدنيين، وقالت إن الجماعة تسعى لبث حالة من الرعب وسط السكان، خصوصاً في محافظة صعدة، التي تستخدم بصفتها مقراً أساسياً لاختباء زعيم الجماعة وقادة الجناح العسكري والأمني.

وحسب المصادر، تتزايد مخاوف قادة الجماعة من قيام تل أبيب بجمع معلومات عن أماكن اختبائهم في المرتفعات الجبلية بالمحافظة التي شهدت ولادة هذه الجماعة وانطلاق حركة التمرد ضد السلطة المركزية منذ منتصف عام 2004، والتي تحولت إلى مركز لتخزين الصواريخ والطائرات المسيّرة ومقر لقيادة العمليات والتدريب وتخزين الأموال.

ومنذ سقوط نظام الرئيس السوري بشار الأسد وانهيار المحور الإيراني، استنفرت الجماعة الحوثية أمنياً وعسكرياً بشكل غير مسبوق، خشية تكرار التجربة السورية في المناطق التي تسيطر عليها؛ حيث نفّذت حملة تجنيد شاملة وألزمت الموظفين العموميين بحمل السلاح، ودفعت بتعزيزات كبيرة إلى مناطق التماس مع القوات الحكومية خشية هجوم مباغت.

خلق حالة رعب

بالتزامن مع ذلك، شنّ الحوثيون حملة اعتقالات شملت كل من يُشتبه بمعارضته لسلطتهم، وبررت منذ أيام تلك الحملة بالقبض على ثلاثة أفراد قالت إنهم كانوا يعملون لصالح المخابرات البريطانية، وإن مهمتهم كانت مراقبة أماكن وجود قادتها ومواقع تخزين الأسلحة في صنعاء.

وشككت مصادر سياسية وحقوقية في صحة الرواية الحوثية، وقالت إنه ومن خلال تجربة عشرة أعوام تبيّن أن الحوثيين يعلنون مثل هذه العمليات فقط لخلق حالة من الرعب بين السكان، ومنع أي محاولة لرصد تحركات قادتهم أو مواقع تخزين الصواريخ والمسيرات.

انقلاب الحوثيين وحربهم على اليمنيين تسببا في معاناة ملايين السكان (أ.ف.ب)

ووفق هذه المصادر، فإن قادة الحوثيين اعتادوا توجيه مثل هذه التهم إلى أشخاص يعارضون سلطتهم وممارساتهم، أو أشخاص لديهم ممتلكات يسعى قادة الجماعة للاستيلاء عليها، ولهذا يعمدون إلى ترويج مثل هذه التهم التي تصل عقوبتها إلى الإعدام لمساومة هؤلاء على السكوت والتنازل عن ممتلكاتهم مقابل إسقاط تلك التهم.

وبيّنت المصادر أن المئات من المعارضين أو الناشطين قد وُجهت إليهم مثل هذه التهم منذ بداية الحرب التي أشعلتها الجماعة الحوثية بانقلابها على السلطة الشرعية في 21 سبتمبر (أيلول) عام 2014، وهي تهم ثبت زيفها، ولم تتمكن مخابرات الجماعة من تقديم أدلة تؤيد تلك الاتهامات.

وكان آخرهم المعتقلون على ذمة الاحتفال بذكرى الإطاحة بنظام حكم أسلافهم في شمال اليمن، وكذلك مالك شركة «برودجي» التي كانت تعمل لصالح الأمم المتحدة، للتأكد من هوية المستفيدين من المساعدات الإغاثية ومتابعة تسلمهم تلك المساعدات؛ حيث حُكم على مدير الشركة بالإعدام بتهمة التخابر؛ لأنه استخدم نظام تحديد المواقع في عملية المسح، التي تمت بموافقة سلطة الحوثيين أنفسهم