لبنان: الاستعدادات العملية بدأت لاستقبال رئيس الجمهورية الاثنين

تيار عون مستمر بجهوده لتأمين أكبر إجماع.. وبري يحسم الجدل: الجلسة بدورتين

قوات إسرائيلية مرابضة عند المكان الذي شهد تعرض جندي لعملية طعن بالقرب من بلدة ميتولا شمال إسرائيل (رويترز)
قوات إسرائيلية مرابضة عند المكان الذي شهد تعرض جندي لعملية طعن بالقرب من بلدة ميتولا شمال إسرائيل (رويترز)
TT

لبنان: الاستعدادات العملية بدأت لاستقبال رئيس الجمهورية الاثنين

قوات إسرائيلية مرابضة عند المكان الذي شهد تعرض جندي لعملية طعن بالقرب من بلدة ميتولا شمال إسرائيل (رويترز)
قوات إسرائيلية مرابضة عند المكان الذي شهد تعرض جندي لعملية طعن بالقرب من بلدة ميتولا شمال إسرائيل (رويترز)

بدأت الاستعدادات العملية في لبنان لاستقبال رئيس الجمهورية وانطلاق عهد جديد برئاسة النائب ميشال عون، الذي بات انتخابه شبه محسوم في الجلسة المقبلة يوم الاثنين المقبل، بعد فراغ دام سنتين ونصف السنة، فيما حسم رئيس مجلس النواب، نبيه بري، الجدل الدستوري حول اعتبار الجلسة المقبلة جولة جديدة، أي دورة أولى أو مكمّلة للجلسة السابقة أي دورة ثانية، بعد مرور أكثر من سنتين على انعقاد الجلسة الأولى، مؤكدا أنها ستكون بدورتين.
وأوضح بري «نصاب جلسة الانتخاب محسوم، فنحن أمام جلسة بدورتين إذا لم يفز مرشح بالدورة الأولى»، لافتًا إلى أن «نصاب جلسة انتخاب رئيس الجمهورية معروف ومحسوم، (أي الثلثين)، فما دام قد تلي محضر الجلسة السابقة وصدّق، نحن أمام جلسة بدورتين إذا لم يفز مرشح بالدورة الأولى، ولا حاجة للإثارة واللغط»، مجددًا تأكيده أنه «سيحضر جلسة الاثنين هو وكتلته، وأن (الجهاد الأكبر) بعد انتخاب الرئيس، والعنصر الأساسي فيه قانون جديد للانتخابات النيابية».
وبعد غياب نحو سنتين ونصف السنة، صدر يوم أمس البيان الأول من مكتب رئاسة الجمهورية، متضمنا توجيهات للإعلاميين والمؤسسات الإعلامية لتغطية حدث تسلّم الرئيس سلطاته الدستورية في قصر بعبدا، حيث أصبحت الاستعدادات لاستقبال الرئيس العتيد جاهزة، بعدما كان قد دعا بري رسميا إلى جلسة تعقد في الثانية عشرة من ظهر الاثنين المقبل لانتخاب الرئيس.
بدورها باتت تحضيرات «التيار الوطني الحر» اللوجيستية للاحتفال بانتخاب عون شبه منتهية، فيما يضع عون مع مستشاريه اللمسات الأخيرة على خطاب القسم، بعدما باتت على ما يبدو الصورة التقليدية لرئيس الجمهورية جاهزة بدورها، بحيث انتشرت يوم أمس صور عدّة لعون إلى جانب العلم اللبناني، التي يفترض أن ترفع في الدوائر الرسمية.
ويؤكد القيادي في «التيار الوطني الحر»، النائب السابق ماريو عون، أن التحضيرات اليوم باتت تتركز على مرحلة ما بعد الانتخاب، مشيرا في تصريح لـ«الشرق الأوسط» إلى أن الاحتفالات بفوز عون ستشمل كل الأقضية في كل المناطق اللبنانية يوم الاثنين المقبل، على أن يكون الاحتفال المركزي في وسط بيروت أو منطقة ضبية، شرق العاصمة، لافتا إلى أن اللمسات الأخيرة توضع لتفاصيل هذا الحفل الذي سيشارك فيه فنانون. ويشير إلى أنّه في يوم الأحد المقبل الذي يلي يوم الانتخاب، ستنظم مسيرة شعبية نحو قصر الشعب للتهنئة، مؤكدا أن هذا الأمر ليس مقتصرا على مناصري التيار بل الدعوة مفتوحة للجميع، لأن رئيس الجمهورية هو لكل اللبنانيين وليس لفئة دون أخرى.
ويؤكد القيادي في «التيار» أن الجهود السياسية مستمرة لتأمين أكبر إجماع ممكن حول عون عشية يوم الانتخاب، في وقت لا يزال فيه بعض الأفرقاء يتمسكون بموقفهم الرافض لانتخابه وتأييد منافسه وحليفه السابق رئيس «تيار المردة» النائب سليمان فرنجية الذي أعلن يوم أمس بعد لقائه البطريرك بشارة الراعي أنه مستمر بترشيحه.
وقال عون: «انفتاحنا على الجميع، الحلفاء منهم والخصوم، لا حدود له، لكن إذا قرّر الطرف الآخر أن يبقى بعيدا ويحيّد نفسه فهذا الأمر يتعلّق به». وشدّد على أن عون سيبذل جميع الجهود لتأليف حكومة وطنية جامعة تضم مختلف الأطراف اللبنانيين، لا سيما الرئيس بري، قائلا: «عون لن يؤلف حكومة ما لن يكون بري ممثلا فيها».
وفي حين لا يبدو أن هناك أي تعديل في موقف رئيس مجلس النواب نبيه بري الرافض لعون والداعم لفرنجية على غرار حزبي «البعث» و«القومي السوري»، من المتوقع أن يعلن رئيس اللقاء الديمقراطي النائب وليد جنبلاط موقفه النهائي من ترشيح عون بعد لقائه الأخير في الساعات القليلة المقبلة، والمرجّح أن يكون بتصويت النواب الحزبيين لصالحه. وكان لافتا يوم أمس أنه وبعدما أعلن النائب في اللقاء الديمقراطي أنطوان سعد أمس، أن «النائب في الكتلة نفسها، والمرشح للرئاسة، هنري حلو سيعلن سحب ترشحه قبل الاثنين المقبل، لأن الاتجاه العام هو بتبني جنبلاط ترشيح العماد عون»، عاد حلو وأكّد في بيان له «أن ترشيحه للرئاسة يستمر ما دام مفيدًا لمصلحة الوطن، ويصل أو يقف إذا ما اقتضت مصلحة الوطن، وأن هذا القرار يعلن في حينه».
كذلك، لم يعلن حزب الكتائب موقفه النهائي من ترشيح عون، وإن كان قد أكّد مرات عدة رفضه التصويت لأي مرشّح من فريق «8 آذار»، وهو ما أشارت إليه مصادر كتائبية لـ«وكالة الأنباء المركزية»، لافتة إلى أن رئيس الحزب النائب سامي الجميل سيعقد مؤتمرا صحافيا غدا (اليوم)، يتوقع أن يعلن فيه الموقف النهائي. وأشارت إلى أن الجميل لم يتوان عن التلميح أمام الوفد العوني الذي زاره مؤخرا في بكفيا، بأنه وأعضاء كتلته النيابية قد يصوتون لمصلحة مرشح ثالث، انسجاما مع رفضهم رئيسا من «8 آذار»، «قد يسلم البلد إلى محور إقليمي معين»، وأكدت أن رئيس الحزب كرر موقفه هذا أمام الرئيس سعد الحريري في لقائهما الأخير في بيت الوسط.



اللاجئون الفلسطينيون يعودون إلى مخيم «اليرموك» في سوريا

اللاجئ الفلسطيني خالد خليفة يدعو لابنه المدفون في مقبرة مخيم اليرموك المدمرة (أ.ف.ب)
اللاجئ الفلسطيني خالد خليفة يدعو لابنه المدفون في مقبرة مخيم اليرموك المدمرة (أ.ف.ب)
TT

اللاجئون الفلسطينيون يعودون إلى مخيم «اليرموك» في سوريا

اللاجئ الفلسطيني خالد خليفة يدعو لابنه المدفون في مقبرة مخيم اليرموك المدمرة (أ.ف.ب)
اللاجئ الفلسطيني خالد خليفة يدعو لابنه المدفون في مقبرة مخيم اليرموك المدمرة (أ.ف.ب)

كان مخيم اليرموك للاجئين في سوريا، الذي يقع خارج دمشق، يُعدّ عاصمة الشتات الفلسطيني قبل أن تؤدي الحرب إلى تقليصه لمجموعة من المباني المدمرة.

سيطر على المخيم، وفقاً لوكالة «أسوشييتد برس»، مجموعة من الجماعات المسلحة ثم تعرض للقصف من الجو، وأصبح خالياً تقريباً منذ عام 2018، والمباني التي لم تدمرها القنابل هدمت أو نهبها اللصوص.

رويداً رويداً، بدأ سكان المخيم في العودة إليه، وبعد سقوط الرئيس السوري السابق بشار الأسد في 8 ديسمبر (كانون الأول)، يأمل الكثيرون في أن يتمكنوا من العودة.

في الوقت نفسه، لا يزال اللاجئون الفلسطينيون في سوريا، الذين يبلغ عددهم نحو 450 ألف شخص، غير متأكدين من وضعهم في النظام الجديد.

أطفال يلعبون أمام منازل مدمرة بمخيم اليرموك للاجئين في سوريا (أ.ف.ب)

وتساءل السفير الفلسطيني لدى سوريا، سمير الرفاعي: «كيف ستتعامل القيادة السورية الجديدة مع القضية الفلسطينية؟»، وتابع: «ليس لدينا أي فكرة لأننا لم نتواصل مع بعضنا بعضاً حتى الآن».

بعد أيام من انهيار حكومة الأسد، مشت النساء في مجموعات عبر شوارع اليرموك، بينما كان الأطفال يلعبون بين الأنقاض. مرت الدراجات النارية والدراجات الهوائية والسيارات أحياناً بين المباني المدمرة. في إحدى المناطق الأقل تضرراً، كان سوق الفواكه والخضراوات يعمل بكثافة.

عاد بعض الأشخاص لأول مرة منذ سنوات للتحقق من منازلهم. آخرون كانوا قد عادوا سابقاً ولكنهم يفكرون الآن فقط في إعادة البناء والعودة بشكل دائم.

غادر أحمد الحسين المخيم في عام 2011، بعد فترة وجيزة من بداية الانتفاضة ضد الحكومة التي تحولت إلى حرب أهلية، وقبل بضعة أشهر، عاد للإقامة مع أقاربه في جزء غير مدمر من المخيم بسبب ارتفاع الإيجارات في أماكن أخرى، والآن يأمل في إعادة بناء منزله.

هيكل إحدى ألعاب الملاهي في مخيم اليرموك بسوريا (أ.ف.ب)

قال الحسين: «تحت حكم الأسد، لم يكن من السهل الحصول على إذن من الأجهزة الأمنية لدخول المخيم. كان عليك الجلوس على طاولة والإجابة عن أسئلة مثل: مَن هي والدتك؟ مَن هو والدك؟ مَن في عائلتك تم اعتقاله؟ عشرون ألف سؤال للحصول على الموافقة».

وأشار إلى إن الناس الذين كانوا مترددين يرغبون في العودة الآن، ومن بينهم ابنه الذي هرب إلى ألمانيا.

جاءت تغريد حلاوي مع امرأتين أخريين، يوم الخميس، للتحقق من منازلهن. وتحدثن بحسرة عن الأيام التي كانت فيها شوارع المخيم تعج بالحياة حتى الساعة الثالثة أو الرابعة صباحاً.

قالت تغريد: «أشعر بأن فلسطين هنا، حتى لو كنت بعيدة عنها»، مضيفة: «حتى مع كل هذا الدمار، أشعر وكأنها الجنة. آمل أن يعود الجميع، جميع الذين غادروا البلاد أو يعيشون في مناطق أخرى».

بني مخيم اليرموك في عام 1957 للاجئين الفلسطينيين، لكنه تطور ليصبح ضاحية نابضة بالحياة حيث استقر العديد من السوريين من الطبقة العاملة به. قبل الحرب، كان يعيش فيه نحو 1.2 مليون شخص، بما في ذلك 160 ألف فلسطيني، وفقاً لوكالة الأمم المتحدة للاجئين الفلسطينيين (الأونروا). اليوم، يضم المخيم نحو 8 آلاف لاجئ فلسطيني ممن بقوا أو عادوا.

لا يحصل اللاجئون الفلسطينيون في سوريا على الجنسية، للحفاظ على حقهم في العودة إلى مدنهم وقراهم التي أُجبروا على مغادرتها في فلسطين عام 1948.

لكن، على عكس لبنان المجاورة، حيث يُمنع الفلسطينيون من التملك أو العمل في العديد من المهن، كان للفلسطينيين في سوريا تاريخياً جميع حقوق المواطنين باستثناء حق التصويت والترشح للمناصب.

في الوقت نفسه، كانت للفصائل الفلسطينية علاقة معقدة مع السلطات السورية. كان الرئيس السوري الأسبق حافظ الأسد وزعيم «منظمة التحرير الفلسطينية»، ياسر عرفات، خصمين. وسُجن العديد من الفلسطينيين بسبب انتمائهم لحركة «فتح» التابعة لعرفات.

قال محمود دخنوس، معلم متقاعد عاد إلى «اليرموك» للتحقق من منزله، إنه كان يُستدعى كثيراً للاستجواب من قبل أجهزة الاستخبارات السورية.

وأضاف متحدثاً عن عائلة الأسد: «على الرغم من ادعاءاتهم بأنهم مع (المقاومة) الفلسطينية، في الإعلام كانوا كذلك، لكن على الأرض كانت الحقيقة شيئاً آخر».

وبالنسبة لحكام البلاد الجدد، قال: «نحتاج إلى مزيد من الوقت للحكم على موقفهم تجاه الفلسطينيين في سوريا. لكن العلامات حتى الآن خلال هذا الأسبوع، المواقف والمقترحات التي يتم طرحها من قبل الحكومة الجديدة جيدة للشعب والمواطنين».

حاولت الفصائل الفلسطينية في اليرموك البقاء محايدة عندما اندلع الصراع في سوريا، ولكن بحلول أواخر 2012، انجر المخيم إلى الصراع ووقفت فصائل مختلفة على جوانب متعارضة.

عرفات في حديث مع حافظ الأسد خلال احتفالات ذكرى الثورة الليبية في طرابلس عام 1989 (أ.ف.ب)

منذ سقوط الأسد، كانت الفصائل تسعى لتوطيد علاقتها مع الحكومة الجديدة. قالت مجموعة من الفصائل الفلسطينية، في بيان يوم الأربعاء، إنها شكلت هيئة برئاسة السفير الفلسطيني لإدارة العلاقات مع السلطات الجديدة في سوريا.

ولم تعلق القيادة الجديدة، التي ترأسها «هيئة تحرير الشام»، رسمياً على وضع اللاجئين الفلسطينيين.

قدمت الحكومة السورية المؤقتة، الجمعة، شكوى إلى مجلس الأمن التابع للأمم المتحدة تدين دخول القوات الإسرائيلية للأراضي السورية في مرتفعات الجولان وقصفها لعدة مناطق في سوريا.

لكن زعيم «هيئة تحرير الشام»، أحمد الشرع، المعروف سابقاً باسم «أبو محمد الجولاني»، قال إن الإدارة الجديدة لا تسعى إلى صراع مع إسرائيل.

وقال الرفاعي إن قوات الأمن الحكومية الجديدة دخلت مكاتب ثلاث فصائل فلسطينية وأزالت الأسلحة الموجودة هناك، لكن لم يتضح ما إذا كان هناك قرار رسمي لنزع سلاح الجماعات الفلسطينية.