رئيس إقليم كردستان يخير الحكومة العراقية بين الشراكة والانفصال

ملف الكرد السوريين يتحول إلى موضوع انتخابي

رئيس إقليم كردستان يخير الحكومة  العراقية بين الشراكة والانفصال
TT

رئيس إقليم كردستان يخير الحكومة العراقية بين الشراكة والانفصال

رئيس إقليم كردستان يخير الحكومة  العراقية بين الشراكة والانفصال

خيَّر مسعود بارزاني، رئيس إقليم كردستان العراق، بغداد بين القبول بمبدأ المشاركة الحقيقية بعد الانتخابات النيابية التي من المقرر إجراؤها في الثلاثين من هذا الشهر، و«لجوء الشعب الكردي إلى الاستفتاء لتقرير مصيره».
تصريحات بارزاني جاءت خلال استقباله لعدد من القانونيين من محافظة صلاح الدين. ونقلت شبكة «روداو» الإعلامية أن بارزاني أكد على أن الولايات المتحدة الأميركية أخطأت عندما وقفت عائقا أمام الشعب الكردي في إعلان دولته المستقلة. وأكد بارزاني، زعيم الحزب الديمقراطي الكردستاني، على أن الشراكة «هي المبدأ الأساسي الذي يجب أن يعتمد عليه العراق تنفيذا لمبادئ الدستور، وإلا فلن يستطيع العراق العيش في وحدة واستقرار».
من جهة أخرى، تركز الأحزاب الكردية المشاركة في انتخابات مجلس النواب العراقي (خاصة الديمقراطي الكردستاني والاتحاد الوطني الكردستاني برئاسة الرئيس العراقي جلال طالباني) على المسألة الكردية في سوريا في حملاتها الانتخابية؛ فالحزب الديمقراطي الكردستاني أعلن أمس في بيان «شديد اللهجة» عن اعتراضه على تصريحات لحزب الاتحاد الديمقراطي الكردي السوري ضده اتهمه فيها بحفر خندق يفصل الإقليم عن المنطقة الكردية في سوريا. وبيَّن الحزب في بيان أن إجراءات حفر الخندق «لا تمتُّ للحزب الديمقراطي الكردستاني بأي صلة، بل إنها إجراءات حكومية الهدف منها حماية الإقليم وحدوده من المتسللين والإرهابيين والمهربين»، مشددا على أن أمن الإقليم «خط أحمر لا يمكن المساومة عليه». واتهم حزب الاتحاد الديمقراطي «بافتعال المشكلات للتستر على أخطائه السياسية وفشله في إدارة العملية السياسية في الجزء الكردي من سوريا». كما اتهم الحزب الديمقراطي الكردستاني الاتحاد بشق الصف الكردي في سوريا و«بعقد اتفاقات وتحالفات مع النظام السوري ضد المصلحة الكردية العامة».
بدوره انتقد الاتحاد الوطني الكردستاني السياسة المتبعة من قبل الحزب الديمقراطي الكردستاني حيال المسألة الكردية في سوريا وتعامله معها. وقال أريز عبد الله، رئيس قائمة الاتحاد الوطني الكردستاني في انتخابات مجلس النواب العراقي، في تجمع انتخابي لحزبه في جبال قنديل، حيث مقر حزب العمال الكردستاني التركي القريب من الاتحاد الديمقراطي الكردي السوري، إن حزب بارزاني «لا يتعامل بصورة صحيحة مع الملف الكردي في سوريا»، مبينا أن «الاتحاد الوطني أيد منذ البداية تشكيل الإدارة المحلية الكردية في الكثير من المدن ذات الأغلبية الكردية في سوريا».
وبسؤاله عما إذا كان كلام أريز عبد الله دعاية انتخابية، نفى عضو برلمان الإقليم عن قائمة الاتحاد الوطني الكردستاني، سالار محمود، ذلك، مشيرا إلى أن الحزب لا يحتاج إلى هذا النوع من الدعاية لكسب بعض الأصوات. وبيَّن محمود في تصريح لـ«الشرق الأوسط» أن الاتحاد الوطني الكردستاني أكد أكثر من مرة، حتى قبل البدء بالحملة الانتخابية في الإقليم، أن الإدارة المحلية في المنطقة الكردية في سوريا أمر واقع لا يمكن تجاهله أو عدم التعامل معه. وحذر محمود من أن تجاهل هذه الإدارة «لن يخدم المصلحة الكردية العليا».



نزيف بشري للجماعة الحوثية رغم توقف المعارك

مقبرة أنشأتها الجماعة الحوثية لقتلاها في صنعاء (أ.ف.ب)
مقبرة أنشأتها الجماعة الحوثية لقتلاها في صنعاء (أ.ف.ب)
TT

نزيف بشري للجماعة الحوثية رغم توقف المعارك

مقبرة أنشأتها الجماعة الحوثية لقتلاها في صنعاء (أ.ف.ب)
مقبرة أنشأتها الجماعة الحوثية لقتلاها في صنعاء (أ.ف.ب)

شيّعت الجماعة الحوثية خلال الأسبوع الماضي أكثر من 15 قتيلاً من قيادييها العسكريين والأمنيين من دون إعلان ملابسات سقوطهم. ورغم توقف المعارك العسكرية مع القوات الحكومية اليمنية في مختلف الجبهات؛ فإن النزيف البشري المستمر لقياداتها وعناصرها يثير التساؤلات عن أسبابه، بالتزامن مع مقتل العديد من القادة في خلافات شخصية واعتداءات على السكان.

ولقي قيادي بارز في صفوف الجماعة مصرعه، الأحد، في محافظة الجوف شمال شرقي العاصمة صنعاء في كمين نصبه مسلحون محليون انتقاماً لمقتل أحد أقاربهم، وذلك بعد أيام من مقتل قيادي آخر في صنعاء الخاضعة لسيطرة الجماعة، في خلاف قضائي.

وذكرت مصادر قبلية في محافظة الجوف أن القيادي الحوثي البارز المُكنى أبو كمال الجبلي لقي مصرعه على يد أحد المسلحين القبليين، ثأراً لمقتل أحد أقاربه الذي قُتل في عملية مداهمة على أحد أحياء قبيلة آل نوف، التي ينتمي إليها المسلح، نفذها القيادي الحوثي منذ أشهر، بغرض إجبار الأهالي على دفع إتاوات.

من فعالية تشييع أحد قتلى الجماعة الحوثية في محافظة حجة دون الإعلان عن سبب مقتله (إعلام حوثي)

ويتهم سكان الجوف القيادي القتيل بممارسات خطيرة نتج عنها مقتل عدد من أهالي المحافظة والمسافرين وسائقي الشاحنات في طرقاتها الصحراوية واختطاف وتعذيب العديد منهم، حيث يتهمونه بأنه كان «يقود مسلحين تابعين للجماعة لمزاولة أعمال فرض الجبايات على المركبات المقبلة من المحافظات التي تسيطر عليها الحكومة، وتضمنت ممارساته الاختطاف والتعذيب والابتزاز وطلب الفدية من أقارب المختطفين أو جهات أعمالهم».

وتقول المصادر إن الجبلي كان يعدّ مطلوباً من القوات الحكومية اليمنية نتيجة ممارساته، في حين كانت عدة قبائل تتوعد بالانتقام منه لما تسبب فيه من تضييق عليها.

وشهدت محافظة الجوف مطلع هذا الشهر اغتيال قيادي في الجماعة، يُكنى أبو علي، مع أحد مرافقيه، في سوق شعبي بعد هجوم مسلحين قبليين عليه، انتقاماً لأحد أقاربهم الذي قُتِل قبل ذلك في حادثة يُتهم أبو علي بالوقوف خلفها.

في الآونة الأخيرة تتجنب الجماعة الحوثية نشر صور فعاليات تشييع قتلاها في العاصمة صنعاء (إعلام حوثي)

وتلفت مصادر محلية في المحافظة إلى أن المسلحين الذين اغتالوا أبو علي يوالون الجماعة الحوثية التي لم تتخذ إجراءات بحقهم، مرجحة أن تكون عملية الاغتيال جزءاً من أعمال تصفية الحسابات داخلياً.

قتل داخل السجن

وفي العاصمة صنعاء التي تسيطر عليها الجماعة الحوثية منذ أكثر من 10 سنوات، كشفت مصادر محلية مطلعة عن مقتل القيادي الحوثي البارز عبد الله الحسني، داخل أحد السجون التابعة للجماعة على يد أحد السكان المسلحين الذي اقتحم السجن الذي يديره الحسني بعد خلاف معه.

وتشير المصادر إلى أن الحسني استغل نفوذه للإفراج عن سجين كان محتجزاً على ذمة خلاف ينظره قضاة حوثيون، مع المتهم بقتل الحسني بعد مشادة بينهما إثر الإفراج عن السجين.

وكان الحسني يشغل منصب مساعد قائد ما يسمى بـ«الأمن المركزي» التابع للجماعة الحوثية التي ألقت القبض على قاتله، ويرجح أن تجري معاقبته قريباً.

وأعلنت الجماعة، السبت الماضي، تشييع سبعة من قياداتها دفعة واحدة، إلى جانب ثمانية آخرين جرى تشييعهم في أيام متفرقة خلال أسبوع، وقالت إنهم جميعاً قتلوا خلال اشتباكات مسلحة مع القوات الحكومية، دون الإشارة إلى أماكن مقتلهم، وتجنبت نشر صور لفعاليات التشييع الجماعية.

جانب من سور أكبر المستشفيات في العاصمة صنعاء وقد حولته الجماعة الحوثية معرضاً لصور قتلاها (الشرق الأوسط)

ويزيد عدد القادة الذين أعلنت الجماعة الحوثية عن تشييعهم خلال الشهر الجاري عن 25 قيادياً، في الوقت الذي تشهد مختلف جبهات المواجهة بينها وبين القوات الحكومية هدوءاً مستمراً منذ أكثر من عامين ونصف.

ورعت الأمم المتحدة هدنة بين الطرفين في أبريل (نيسان) من العام قبل الماضي، ورغم أنها انتهت بعد ستة أشهر بسبب رفض الجماعة الحوثية تمديدها؛ فإن الهدوء استمر في مختلف مناطق التماس طوال الأشهر الماضية، سوى بعض الاشتباكات المحدودة على فترات متقطعة دون حدوث أي تقدم لطرف على حساب الآخر.

قتلى بلا حرب

وأقدمت الجماعة الحوثية، أخيراً، على تحويل جدران سور مستشفى الثورة العام بصنعاء، وهو أكبر مستشفيات البلاد، إلى معرض لصور قتلاها في الحرب، ومنعت المرور من جوار السور للحفاظ على الصور من الطمس، في إجراء أثار حفيظة وتذمر السكان.

وتسبب المعرض في التضييق على مرور المشاة والسيارات، وحدوث زحام غير معتاد بجوار المستشفى، ويشكو المرضى من صعوبة وصولهم إلى المستشفى منذ افتتاح المعرض.

ويتوقع مراقبون لأحوال الجماعة الحوثية أن يكون هذا العدد الكبير من القيادات التي يجري تشييعها راجعاً إلى عدة عوامل، منها مقتل عدد منهم في أعمال الجباية وفرض النفوذ داخل مناطق سيطرة الجماعة، حيث يضطر العديد من السكان إلى مواجهة تلك الأعمال بالسلاح، ولا يكاد يمرّ أسبوع دون حدوث مثل هذه المواجهات.

ترجيحات سقوط عدد كبير من القادة الحوثيين بغارات الطيران الأميركي والبريطاني (رويترز)

ويرجح أن يكون عدد من هؤلاء القادة سقطوا بقصف الطيران الحربي للولايات المتحدة الأميركية وبريطانيا اللتين شكلتا منذ قرابة عام تحالفاً عسكرياً للرد على استهداف الجماعة الحوثية للسفن التجارية وطرق الملاحة في البحر الأحمر، وتنفذان منذ ذلك الحين غارات جوية متقطعة على مواقع الجماعة.

كما تذهب بعض الترجيحات إلى تصاعد أعمال تصفية الحسابات ضمن صراع وتنافس الأجنحة الحوثية على النفوذ والثروات المنهوبة والفساد، خصوصاً مع توقف المعارك العسكرية، ما يغري عدداً كبيراً من القيادات العسكرية الميدانية بالالتفات إلى ممارسات نظيرتها داخل مناطق السيطرة والمكاسب الشخصية التي تحققها من خلال سيطرتها على أجهزة ومؤسسات الدولة.

وبدأت الجماعة الحوثية خلال الأسابيع الماضية إجراءات دمج وتقليص عدد من مؤسسات وأجهزة الدولة الخاضعة لسيطرتها، في مساعِ لمزيد من النفوذ والسيطرة عليها، والتخفيف من التزاماتها تجاه السكان بحسب المراقبين.