تورط «قارئ» خامنئي في اغتصاب مراهقين

المرشد أمر بإغلاق القضية.. والقضاء يهدد الضحايا بملاحقة قانونية

المتهم باغتصاب المراهقین سعيد طوسي في افتتاح البرلمان الإيراني الجديد مايو الماضي
المتهم باغتصاب المراهقین سعيد طوسي في افتتاح البرلمان الإيراني الجديد مايو الماضي
TT

تورط «قارئ» خامنئي في اغتصاب مراهقين

المتهم باغتصاب المراهقین سعيد طوسي في افتتاح البرلمان الإيراني الجديد مايو الماضي
المتهم باغتصاب المراهقین سعيد طوسي في افتتاح البرلمان الإيراني الجديد مايو الماضي

يواجه «القارئ» المقرب من المرشد الإيراني علي خامنئي تهما بارتكاب أعمال مخلة بالآداب العامة والتشجيع على الفساد الأخلاقي، بعد تورطه في قضية تحرش واغتصاب مراهقين، الأمر الذي أثار جدلا واسعا في إيران على مدى الأيام القليلة الماضية.
وكشف ضحايا الاعتداء الجنسي في تصريحات منفصلة تعرضهم للاغتصاب قبل سنوات عندما كانوا في سنوات المراهقة على يد شخص يعرف بعلاقاته الوثيقة مع علي خامنئي. ووفق ما ذكر المتقدمون بالشكوى، فإن سعيد طوسي اعتدى جنسيا عليهم عندما كانوا دون الثالثة عشرة خلال رحلات للمشاركة في مناسبات دينية «مستغلا ثقة الأسر الملتزمة دينيا في إرسال أبنائهم إلى مراكز دينية».
وبحسب الضحايا، فإن قرار الكشف عن تفاصيل القضية لوسائل الإعلام يأتي بعد سنوات من محاولات فشلت في المحاكم الإيرانية لملاحقة المتهم بالاعتداء الجنسي سعيد طوسي، لكن تدخل شخص خامنئي وأوامر مباشرة منه لرئيس القضاء، عرقل مسار القضية. ووفق المقابلات الصوتية التي بثتها وسائل إعلام ناطقة بالفارسية، فإن الضحايا شرحوا ملابسات تقديم الشكوى وتعامل الجهات المعنية مع الملف، خصوصا خلال السنوات الأربع الماضية.
وتشير المصادر الإيرانية إلى أن محاولات الضحايا لنشر تفاصيل القضية بدأت في مايو (أيار) الماضي، لكن منذ نهاية الأسبوع الماضي، اتخذت القضية مسارات جديدة بعدما أصبحت حديث الشارع الإيراني، وتوزعت عبر مواقع التواصل الاجتماعي. وفي السياق نفسه، قال أحد الضحايا الأربعة، من دون الكشف عن هويته، لإذاعة «صوت أميركا» إن مكتب خامنئي مارس ضغوطا على ذويهم من أجل سحب الشكوى وإغلاق الملف بشكل نهائي.
وقال أحد الضحايا إن «المرشد نفسه مطلع على القضية، لكن من كثرة ما يعاني جهازنا القضائي من مشكلات بهذا القضية، لم تحل منذ ثلاث سنوات، وبسبب ذلك أمر المرشد رئيس القضاء بإغلاق القضية». وعلى الصعيد ذاته، نقل موقع «إيران واير» عن مساعد العلاقات العامة في مكتب المرشد الإيراني علي مقدم، قوله إن خامنئي أمر رئيس القضاء صادق لاريجاني بـ«لملمة القضية».
وخرج القضاء الإيراني عن صمته على لسان المتحدث باسمه محسن أجئي، مؤكدا وجود ملف قضائي ضد سعيد طوسي بعد شكوى تقدم بها أربعة الأشخاص. وبحسب المسؤول الإيراني، فإن الملف «يتابع مساره، وما زال التحقيق مستمرا»، لكنه ذكر أن القضاء أصدر قرار منع ملاحقته في تهمة «ارتكاب أعمال مخلة بالآداب العامة»، فيما يواصل القضاء التحقيق في «التشجيع على الفساد»؛ التهمة الثانية الموجهة إلى طوسي، وفق ما أورد موقع «فرارو».
ورغم ذلك، فإن تصريحات أجئي أرسلت إشارات واضحة للإيرانيين بإغلاق الملف من دون متابعة التفاصيل، عندما قال: «يصعب إثبات بعض التهم، ومن الممكن أن يكون المتقدم بالشكوى محقا، لكن يصعب إثباته».
بدوره، لم يعلق مكتب خامنئي حتى الآن على ما تناقلته وسائل إعلام داخلية وأجنبية حول تورط أحد المقربين منه في اغتصاب مراهقين.
في هذا السياق، كانت وكالة «إيكنا» المعنية بالشؤون الدينية، حذفت السبت الماضي تقارير ذكرت فيها أن ثلاثة من المقرئين المعروفين في إيران قدموا شكوى إلى رئيس القضاء صادق لاريجاني في قضية مخلة بالآداب العامة.
قبل ذلك، عدّ مساعد الشؤون الدينية في وزارة الثقافة الإيرانية محمد رضا حشمتي اهتمام وسائل الإعلام الإيرانية، «إشاعة فحشا»، لكنه طالب رئيس القضاء الإيراني بمتابعة الملف، وهو ما عدته صحف إيرانية تأكيدا لما تردد عن وجود ملف قضائي ضد سعيد طوسي.
من جانبها، حاولت وسائل الإعلام المتشددة في إيران أن تقلل من حجم القضية بتوجيه أصابع الاتهام إلى وسائل إعلام معارضة للنظام، معتبرة أن القضية مفبركة ولا أساس لها من الصحة، لكن رد الفعل هذا لم يتمكن من السيطرة على تداول القضية، خصوصا في ظل تباين المواقف بين المسؤولين الإيرانيين. بدوره، نشر طوسي بيانا الخميس الماضي للرد على التهم الموجهة إليه، وقال إنها «كاذبة ومفبركة»، كما عد التهم ضده «محاولة للنيل من شخص خامنئي».
في غضون ذلك، شدد رئيس القضاء الإيراني صادق لاريجاني أول من أمس على ضرورة «ملاحقة المتعاونين من داخل إيران مع وسائل الإعلام الأجنبية» ومحاكمتهم بتهمة «التعاون في ارتكاب الجريمة»، وهو ما عده ناشطون «تهديدا صريحا ضد ضحايا تحدثوا لوسائل إعلام أجنبية».
وقال لاريجاني تعليقا على ما تسرب من القضية، إنه «سمع أكاذيب غريبة وعجيبة عن بعض الملفات»، وأضاف: «يسربون تفاصيل قضية لوسائل الإعلام وينسبون أكاذيب للمرشد ورئيس القضاء والجهاز القضائي، ويقولون إن رئيس القضاء أغلق الملف». وعد أن ما تم تناقله عن تدخله لإغلاق القضية، يأتي في سياق الهجوم على القضاء الإيراني، قائلا إن «رئيس القضاء، وفق القانون، لا يحق له التدخل وإغلاق قضية». وفي حين تركت القضية صدمة كبيرة في الشارع الإيراني، فإن تهديد لاريجاني تسبب في خيبة أمل بين الناشطين، لاعتباره القضية من «الهجمات الثقيلة الأخيرة ضد النظام والجهاز القضائي».
يذكر أن تهمة «ارتكاب أعمال مخلة بالآداب العامة» تنص في القانون الإيراني على الزنا واللواط، وتواجه بعقوبات قاسية قد يكون ضمنها الإعدام.



قائد «الحرس الثوري»: يجب استخلاص العبر... وسوريا ليست مكاناً للتدخل الأجنبي

سلامي متحدثاً خلال مراسم في طهران أمس (دانشجو)
سلامي متحدثاً خلال مراسم في طهران أمس (دانشجو)
TT

قائد «الحرس الثوري»: يجب استخلاص العبر... وسوريا ليست مكاناً للتدخل الأجنبي

سلامي متحدثاً خلال مراسم في طهران أمس (دانشجو)
سلامي متحدثاً خلال مراسم في طهران أمس (دانشجو)

قال قائد قوات «الحرس الثوري» الإيراني حسين سلامي إن سوريا تمثل «درساً مريراً لإيران» و«ليست مكاناً للتدخل الأجنبي»، متوعداً إسرائيل بـ«دفع ثمن باهظ»، وذلك في ثالث خطاب له منذ سقوط بشار الأسد وانسحاب قواته من سوريا.

ودعا سلامي إلى استخلاص العبر مما حدث في سوريا؛ في إشارة إلى الإطاحة بنظام الأسد على يد قوى المعارضة، وكذلك القصف الإسرائيلي الذي تعرضت له سوريا، وقال: «سوريا درس مرير لنا، ويجب أن نأخذ العبرة».

وأنفقت إيران مليارات الدولارات لدعم بشار الأسد خلال الحرب، ونشرت قوات «الحرس الثوري» في سوريا لإبقاء حليفها في السلطة منذ اندلاع الحرب الأهلية في عام 2011.

ودافع سلامي مرة أخرى، عن تدخل قواته في سوريا. ونقلت وكالة «فارس» التابعة لـ«الحرس الثوري» عن سلامي قوله، في هذا الصدد، «رأى الجميع أنه عندما كنا هناك، كان الشعب السوري يعيش بكرامة؛ لأننا كنا نسعى لرفع عزتهم».

وصرح سلامي في مراسم تقديم جائزة قاسم سليماني: «لم نذهب لضم جزء من أراضي سوريا إلى أراضينا، ولم نذهب لنجعلها ميداناً لتحقيق مصالحنا الطموحة».

وتطرق إلى الهجمات الإسرائيلية التي طالت مواقع الجيش السوري في الأيام الأخيرة بعد سقوط نظام بشار الأسد، وقال: «حين سقط النظام السوري، رأينا ما يحدث من أحداث مؤسفة. الصهاينة أصبحوا قادرين على رؤية ما بداخل بيوت أهل دمشق من دون الحاجة إلى أسلحة؛ وهذا أمر لا يمكن تحمله».

وقال: «الآن ندرك أنه إذا لم يصمد الجيش ولم تقاوم القوات المسلحة، فإن البلاد بأكملها قد تُحتل في لحظة»، وأعرب عن اعتقاده بأن «الناس في دمشق يفهمون قيمة رجال المقاومة، ويدركون كم هم أعزاء عندما يكونون موجودين، وكيف ستكون الكارثة إذا غابوا».

وأشار سلامي إلى تصريحات المرشد علي خامنئي بشأن سوريا قبل أيام، وقال: «كما قال قائدنا، فإن سوريا ستحرر على يد شبابها الأبطال، وستدفع إسرائيل ثمناً باهظاً، وستدفن في هذه الأرض».

ورأى أن هذا الأمر «يتطلب وقتاً وصموداً عظيماً وعزماً راسخاً وإيماناً جميلاً»، عاداً ذلك من صفات من وصفهم بـ«الشباب المجاهدين في العالم الإسلامي».

وقال سلامي: «نحن ندافع بحزم عن أمننا واستقلالنا ونظامنا ومصالحنا وتاريخنا وديننا. هذه الأرض ليست أرضاً يمكن للغرباء أن ينظروا إليها بنظرة غير لائقة».

وتحدث سلامي الأسبوع الماضي مرتين إلى نواب البرلمان وقادة قواته. وكان أول ظهور لسلامي الثلاثاء أمام المشرعين الإيرانيين في جلسة مغلقة، لم يحضرها إسماعيل قاآني، مسؤول العمليات الخارجية في «الحرس الثوري»، ونقل نواب إيرانيون قوله إن إيران «لم تضعف» إقليمياً.

أما الخميس، فقد تحدث سلامي أمام مجموعة من قادة قواته، وقال: «البعض يّروج لفكرة أنَّ النظام الإيراني قد فقد أذرعه الإقليمية، لكن هذا غير صحيح، النظام لم يفقد أذرعه». وأضاف: «الآن أيضاً، الطرق لدعم (جبهة المقاومة) مفتوحة. الدعم لا يقتصر على سوريا وحدها، وقد تأخذ الأوضاع هناك شكلاً جديداً تدريجياً».

وتباينت رواية سلامي مع رئيس البرلمان، محمد باقر قاليباف، الذي تحدث بدوره الخميس، عن «الاختلال في العمق الاستراتيجي للقوى المرتبطة بالجمهورية الإسلامية»، رغم أنه توقع أن يتمكن «حزب الله» من التكيف مع الظروف الجديدة.

جاءت تصريحات سلامي، الأحد، في وقت ركزت وسائل إعلام «الحرس الثوري» على حملتها في تبرير الوجود الإيراني خلال الحرب الداخلية السورية، وكذلك سقوط نظام بشار الأسد وتداعياته على إيران وأذرعها الإقليمية.

بعد صمت دام أكثر من 48 ساعة من قبل الإعلام الإيراني إزاء الاحتفالات التي عمت سوريا، وخصوصاً دمشق، بسقوط النظام، كما لم تنشر أي من الصحف الإيرانية صوراً على صفحاتها الأولى من الاحتفالات، أبرزت عدد من الصحف في المقابل آثار القصف الإسرائيلي على مواقع عسكرية سورية، وصوراً من كبار المسؤولين في تركيا، والمعارضة السورية.

على المستوى الرسمي ألقت إيران منذ أولى لحظات سقوط الأسد، اللوم على الجيش السوري، وتركيا والولايات المتحدة وإسرائيل في سقوط حليفها.

قاآني خلال تشييع الجنرال عباس نيلفروشان في طهران 15 أكتوبر 2024 (أ.ب)

خالي الوفاض

قال النائب إسماعيل كوثري، مسؤول الملف العسكري في لجنة الأمن القومي، إن «بشار الأسد كان خالي الوفاض ولم يتمكن من كسب رضا الجيش».

وصرح كوثري، وهو قيادي في «الحرس الثوري»، بأن بشار الأسد «فشل في كسب دعم الجيش بسبب افتقاره للموارد وضعف الدعم، ما أدى إلى انهيار الجيش». وأكد أن الاتصال مع إيران استمر حتى اللحظة الأخيرة، لكن بعض المحيطين بالأسد، مثل رئيس الوزراء وبعض قادة الجيش، عرقلوا هذا التواصل.

وأوضح كوثري أن سوريا كانت نقطة عبور وطريقاً مهماً لدعم «حزب الله»، ولكن بعد رفض الحكومة السورية السماح بالدخول، لم تتمكن إيران من التدخل بالقوة. وأضاف أنه خلال فترة «داعش»، دخلت إيران سوريا بناءً على طلب رسمي وساهمت في القضاء على التنظيم، ما حال دون تمدده نحو الحدود الإيرانية.

وتحدث عن الوضع الحالي، مشيراً إلى أن سوريا ما زالت تحت سيطرة «الكيان الصهيوني وأميركا وعملائهم». وبشأن المستقبل، توقع ظهور خلافات «بين القوى التي اجتمعت بأموال أميركية»، مما سيدفع الشعب السوري إلى إدراك الخداع والبحث عن جهات قادرة على تحقيق الأمن وتحسين الاقتصاد.

ملصقات تحمل صورة زاهدي ونائبه محمد هادي حاجي رحيمي خلال مجلس عزاء في السفارة الإيرانية بدمشق أبريل الماضي (أ.ف.ب)

خسائر «الحرس الثوري»

في سياق متصل، قال الجنرال مهدي فرجي، الذي شارك في الحرب السورية، في حديث لوكالة «فارس»، إن إيران بدأت في إرسال القوات «الاستشارية» منذ 2011، مشدداً على ضرورة «تفسير الأوضاع التي كانت في سوريا حينذاك».

وبرر فرجي وجود إيران بظهور تنظيم «داعش» ومنع وصولها إلى حدود إيران. وأشار إلى دور مسؤول العمليات الخارجية السابق قاسم سليماني، الذي قضى في ضربة أميركية مطلع 2020، وقال: «تنسيق الجيش السوري كان عملاً ذا قيمة كبيرة، حينها لم يكن الجيش السوري ملوثاً إلى هذا الحد، ولكن خلال هذه السنوات العشر، أصبح تأثير العدو على الجيش السوري كاملاً».

كما أشار فرجي إلى الدعم الذي قدمه الرئيس السوري السابق، حافظ الأسد إلى طهران، في الحرب الإيرانية - العراقية في الثمانينات قرن الماضي. وقال: «لقد أرسلت ذخائر بناء على أمر حافظ الأسد»، ونقل عن بشار الأسد قوله: «حافظ الأسد أوصى ابنه بشار قائلاً: طالما أنكم مع إيران، فأنتم موجودون».

وقال فرجي إن الشباب تحت الـ30 شكلوا 90 في المائة من القوات الإيرانية، ونحو 10 في المائة من المحاربين القدامى في حرب الثمانينات؛ في إشارة إلى قادة «الحرس».

وقال إن «الشباب شكلوا أكثر من 90 في المائة من 540 قتيلاً في الدفاع عن الأضرحة».

وهذه أول مرة قيادي من «الحرس الثوري» يشير إلى مقتل أكثر 500 إيراني في الحرب السورية. وهي نسبة أقل بكثير مما أعلنه نائب إيراني الأسبوع الماضي عن مقتل أكثر من ستة آلاف.

وقال النائب محمد منان رئيسي، وهو مندوب مدينة قم، إن إيران خسرت 6000 من قواتها في الحرب الداخلية السورية. وهي أعلى إحصائية يكشف عنها مسؤول إيراني لعدد قتلى القوات التي أطلق عليها مسؤولون إيرانيون اسم «المدافعين عن الأضرحة».

وتعود أعلى إحصائية إلى 2017، عندما أعلن رئيس منظمة «الشهيد» الإيرانية محمد علي شهيدي، مقتل 2100 عنصر من القوات الإيرانية في سوريا والعراق.

ويرفض «الحرس الثوري» تقديم إحصائيات واضحة عن خسائره البشرية والمادية.